Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ترسيم الحدود البحرية لن يجعل لبنان منتجاً للغاز

لا يملك دلائل على احتياطات مؤكدة وإن وجدت فستحتاج إلى سنوات لاستخراجها

تترافق الأزمة مع شلل سياسي يحول دون تشكيل حكومة منذ أشهر وينذر بدخول لبنان مرحلة من الفراغ الرئاسي (أ ف ب)

لا يزال لبنان الغارق في انهيار اقتصادي مزمن بعيداً من استخراج موارد النفط والغاز إن وجدت، حتى إذا تم التوصل إلى اتفاق على ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، وفق ما يقول خبراء.

وبعد أن سادت أجواء إيجابية اقتراب الإعلان عن اتفاق، أعلنت إسرائيل الخميس، 10 أكتوبر (تشرين الأول)، رفضها ملاحظات بيروت على عرض أميركي لترسيم الحدود.

وفي بلد يستشري الفساد في مؤسساته ويتهم مسؤولوه بنهب المال العام، يتساءل كثر عما إذا كان استخراج تلك الموارد سيعود على الدولة بأرباح تساعد اقتصادها في النهوض.

يقول الباحث في معهد "عصام فارس" في الجامعة الأميركية ببيروت مارك أيوب، "سيشكل التوصل إلى اتفاق خطوة إلى الأمام، لكنه لا يعني أن لبنان أصبح دولة منتجة للغاز أو النفط".

هاجس الأمل البعيد

ويوضح أيوب، "نتحدث عن إطار زمني من خمس إلى ست سنوات قبل أول استخراج للغاز" في حال تم العثور على مكامن تجارية صالحة، واصفاً التقدير الزمني بأنه "متفائل".

ومع ارتفاع الطلب عالمياً على الغاز على وقع أزمة الطاقة التي أثارتها الحرب الروسية على أوكرانيا، يأمل لبنان في أن يسهم أي اكتشاف بحري في التخفيف من حدة الانهيار الاقتصادي، لكن بعد أكثر من عقد على إعلان حدوده البحرية ومنطقته الاقتصادية الخالصة، لا يملك لبنان اليوم دلائل على احتياطات مؤكدة من الغاز الطبيعي.

ووجدت عملية تنقيب أجراها ائتلاف شركات "توتال" الفرنسية و"إيني" الإيطالية و"نوفاتيك" الروسية عام 2020 في أحد الآبار آثار غاز فقط، من دون العثور على مكامن تجارية.

ويحول النزاع الحدودي البحري بين لبنان وإسرائيل، اللذين يعدان في حال حرب، دون مباشرة أعمال التنقيب في إحدى الرقع البحرية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبعد عامين من وساطة أميركية أرسل لبنان، الثلاثاء، إلى الوسيط الأميركي آموس هوكستين ملاحظاته على عرض قدمه الأخير، لكن الأجواء الإيجابية اللبنانية حول التوصل إلى اتفاق قريباً لم تقابلها إسرائيل بالمثل.

وقال مسؤول إسرائيلي، الخميس، إن رئيس الحكومة يائير لبيد "اطلع على تفاصيل التغييرات الجوهرية التي يسعى لبنان إلى إجرائها وأصدر تعليماته إلى فريق التفاوض برفضها".

ويشرح أيوب أن الاتفاق إن حصل "يسمح باستمرار أنشطة التنقيب البحرية، لكنه لا يعني أن لبنان أصبح ثرياً أو أن أزمته تم حلها".

وقدر مسح زلزالي أجرته شركة "سبكتروم" البريطانية لمنطقة بحرية محدودة عام 2012 احتياطات الغاز القابلة للاستخراج في لبنان بـ 25.4 تريليون قدم مكعبة، وأعلنت السلطات اللبنانية بدورها تقديرات أعلى.

وستشكل الرقعة رقم (9) حيث يقع حقل قانا منطقة رئيسة للتنقيب من قبل شركتي "توتال" و"إيني" اللتين حصلتا عام 2018 مع شركة روسية على عقود للتنقيب عن النفط والغاز، قبل أن تنسحب الأخيرة العام الحالي.

وبعد أن كانت إسرائيل أعلنت أن جزءاً من حقل قانا يقع في مياهها الإقليمية، أكد مسؤولون لبنانيون خلال الأيام الأخيرة أن الاتفاق الذي يجري التفاوض عليه سيضمن للبنان الحقل كاملاً.

ويوضح أيوب أنه في حال تم التوصل إلى اتفاق فإنه "في مثل هذا الوقت من العام المقبل يجب أن نكون قد علمنا ما إذا كان هناك اكتشاف تجاري في قانا أم لا".

ويضيف، "إذا كان لدينا اكتشاف فسيستغرق الأمر بعده ليس أقل من ثلاث إلى خمس سنوات"، قبل أن يبدأ الإنتاج.

ويفترض هذا التقدير الزمني، وفق أيوب، عدم وجود أية عرقلة أو تأخير من جانب السلطات اللبنانية المتهمة على نطاق واسع بالفساد والفشل في إدارة أزمات البلاد المتلاحقة، وصولاً إلى الانهيار الاقتصادي الذي صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850.

لبنان المأزوم كلياً

بعد تأسيس هيئة إدارة قطاع البترول نهاية عام 2012، استغرق الأمر أشهراً عدة لتسمية أعضاء مجلس إدارتها جراء الخلافات السياسية على ترشيح الأعضاء، وتأخرت مراراً جولات منح تراخيص التنقيب عن النفط والغاز منذ انطلاقها عام 2013.

ويبدو لبنان متأخراً جداً عن جهود إسرائيل التي تستثمر منذ سنوات في حقل "كاريش" وتتوقع بدء استخراج الغاز في غضون أسابيع، كما بدأت قبرص ومصر كذلك في استكشاف حقول رئيسة.

وفي حال العثور على مكامن تجارية يمكن للبنان أن يبدأ بإنتاج النفط أو الغاز، وفق ما يشرح المستشار في مجال الطاقة رودي بارودي، في غضون ثلاث سنوات.

ولكن من أجل جذب شركات الطاقة والاستفادة من استكشافات محتملة، فإن لبنان في حاجة ماسة إلى تنفيذ إصلاحات.

ويقول بارودي، "لا يعد لبنان استثماراً جيداً ما لم تنفذ الحكومة إصلاحات من شأنها أن توفر الضمانات الأساس التي تحتاج إليها الشركات الدولية لكي تعمل مع أخطار أقل".

ويشترط المجتمع الدولي وصندوق النقد الدولي من أجل دعم لبنان مالياً، تطبيق إصلاحات ملحة في قطاعات عدة، ضمن خطة تعاف شاملة لم يتم الوصول إلى التوافق عليها منذ ثلاث سنوات.

وتترافق الأزمة مع شلل سياسي يحول دون تشكيل حكومة منذ أشهر وينذر بدخول لبنان مرحلة من الفراغ الرئاسي، ما لم يتم التوصل إلى تسوية تقود إلى انتخاب رئيس خلفاً للرئيس ميشال عون الذي تنتهي ولايته بنهاية الشهر الحالي.

ويحول هذا الجمود دون اتخاذ تدابير تحد من التدهور، إذ باتت مرافق رئيسة عاجزة عن تقديم الخدمات خصوصاً الكهرباء، التي بالكاد تتوافر لساعة أو اثنتين يومياً.

ولا يستبعد بارودي أن تختار شركات الطاقة التي ستستثمر في لبنان قبرص مقراً لها، مضيفاً أنه "من دون سيادة القانون فلبنان أشبه بغابة".

ويزيد، "إنها فوضى مطلقة، قضائياً أو مالياً، أو لناحية الجهات الرقابية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير