تجددت المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن الإيرانية في مدينة سقز مسقط رأس الشابة مهسا أميني التي قتلت بعد ثلاثة أيام من توقيفها في طهران من قبل "شرطة الأخلاق". وذكرت وسائل إعلام أن قوات الأمن أطلقت النار بشكل مباشر على المحتجين في سنندج عاصمة كردستان إيران.
ودعا نحو ألف من شخصيات الفن السابع في فرنسا، من بينهم نجوم كليا سيدو وإيزابيل أوبير وداني بون ، ومخرجون مشهورون ورئيس مهرجان كان السينمائي تييري فريمو ، في مقال رأي تلقته وكالة فرانس برس أمس، إلى "دعم انتفاضة النساء في إيران".
ووقّع المقال أيضاً عدد من الفائزين بالسعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي، كجوليا دوكورنو وجاك أوديار، وبالأسد الذهبي في مهرجان البندقية كأودري ديوان، إضافة إلى مجموعة متنوعة جداً من الممثلين كماريون كوتيار وكاميّ كوتان ولوي غاريل وأليكس لوتز وسواهم.
وأشار المقال الذي حمل عنوان "المرأة، الحياة، الحرية"، وهو شعار التظاهرات في إيران ، إلى أن السينمائيين الموقعين يودّون "التعبير جماعياً عن دعمهم النساء الإيرانيات اللواتي يناضلن اليوم من أجل حريتهن معرّضات حياتهن للخطر، والشعب الإيراني الذين يدعم انتفاضتهنّ بشجاعة ".
تحقيق في وفاة مراهقة
فتحت السلطات القضائية الإيرانية تحقيقاً لتحديد سبب وفاة مراهقة قد تكون قتلت خلال الاحتجاجات التي تشهدها البلاد في أعقاب وفاة مهسا أميني، على ما أفادت به وكالة الأنباء الرسمية "أرنا".
وتشهد إيران موجة احتجاجات منذ وفاة مهسا أميني الكردية الإيرانية البالغة من العمر 22 سنة، في 16 سبتمبر (أيلول)، وقتل عشرات معظمهم من المتظاهرين، لكن من عناصر قوات الأمن أيضاً، منذ 16 سبتمبر، في تظاهرات وصفتها السلطات بـ"أعمال شغب"، بينما تم اعتقال مئات آخرين.
ونقلت الوكالة عن المدعي العام بالعاصمة علي صالحي قوله مساء الثلاثاء "فتحت محكمة جنايات طهران تحقيقاً لتحديد سبب وفاة نيكا شاكرامي". وأضاف أنه "صدر أمر بالتحقيق وتم اتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا الصدد".
وفي وقت سابق، أعلن الإفراج عن 400 متظاهر من السجن "شرط ألا يكرروا فعلتهم". وشدد المدعي العام على أن "الذين تصرفوا ضد الأمن القومي" سيعاملون "من دون تساهل".
برلمانية سويدية تقص شعرها
قصت السويدية عبير السهلاني، وهي من أعضاء البرلمان الأوروبي، شعرها خلال كلمة أمام مجلس الاتحاد الأوروبي، تضامناً مع التظاهرات المناهضة للحكومة في إيران التي اندلعت احتجاجاً على وفاة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق.
وقالت عبير السهلاني، وهي عراقية المولد، في مقر البرلمان الأوروبي بستراسبورغ بفرنسا مساء الثلاثاء، "إلى أن تتحرر إيران سيكون غضبنا أكبر من الظالمين، وإلى أن تتحرر نساء إيران سنقف معكن".
ثم أمسكت مقصاً وقالت بالكردية "جين، جيان، آزادي"، ومعناها "امرأة، حياة، حرية" بينما تقص شعرها.
كما قصت ممثلات فرنسيات بارزات، بينهن جولييت بينوش وإيزابيل أوبير، خصلات من شعرهن احتجاجاً على وفاة مهسا أميني بعد اعتقالها في طهران يوم 13 سبتمبر بتهمة ارتداء ملابس غير لائقة.
ويواجه حكام إيران من رجال الدين أكبر اضطرابات على مستوى البلاد خلال سنوات منذ وفاة أميني، كما اشتعلت احتجاجات في الخارج، بما في ذلك لندن وباريس وروما ومدريد تضامناً مع المتظاهرين الإيرانيين.
طلاب الجامعات يرفضون القمع
واعتصم طلاب الجامعات الإيرانية، الثلاثاء الرابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وعبروا عن دعمهم الاحتجاجات التي عمت أرجاء البلاد. وأعلن الطلاب رفضهم حملات القمع والاعتقال في الجامعات، بما في ذلك جامعة شريف، وفقاً لما نقله موقع "إيران إنترناشيونال"
وأفاد الموقع عن توسع احتجاج الطالبات في المدارس تزامناً مع إضراب مجموعة من المعلمين في مدينتي سقز وسنندج رافعين لافتات كتب عليها: "المرأة، الحياة، الحرية" و"مهسا أميني" و"يوم المعلم العالمي".
في هذه الأثناء، نددت منظمات حقوق الإنسان بالقمع العنيف ضد الطلاب، خصوصاً خلال الأحداث التي وقعت، ليل الأحد- الإثنين، في جامعة شريف للتكنولوجيا في طهران، التي تعد أهم جامعة علمية في إيران.
ونشرت منظمة "حقوق الإنسان في إيران" (IHR) ومقرها أوسلو، مقطعَي فيديو يُظهر أحدهما عناصر من الشرطة الإيرانية على دراجات نارية يلاحقون الطلبة وهم يركضون في موقف سيارات تحت الأرض، بينما يظهر الآخر عناصر الشرطة على دراجات نارية وهم ينقلون موقوفين غُطيت رؤوسهم بأكياس قماشية سوداء.
وامتدت التظاهرات إلى مدارس، وأظهرت تسجيلات مصورة نشرتها منظمة "هنكاو" الحقوقية الكردية تلميذات يتظاهرن في مدينتين في محافظة كردستان الإيرانية، التي تنحدر منها أميني.
وهتفت المتظاهرات الشابات "امرأة حياة حرية" لدى نزولهن إلى الفاصل الأوسط من طريق سريع مزدحم في ماريفان، ولم تتمكن وكالة الصحافة الفرنسية من التأكد من صحة التسجيل.
الأمن يهدد أسر الطلاب
وفي محاولة لاحتواء التجمعات الطلابية تواصل أمن بعض الجامعات مع أولياء أمور الطلاب "لمنع استمرار الاعتصامات الطلابية".
وأفادت قناة "المجالس" النقابية لطلبة البلاد أنه في الأيام الماضية تم الاتصال بأسر العديد من الطلاب، وتم تحذيرهم لمنع أبنائهم من ممارسة أنشطة "مناهضة للنظام" في الفضاء الإلكتروني.
ارتفاع عدد القتلى
من جانبها، أشارت منظمة "حقوق الإنسان في إيران"، الثلاثاء، إلى مقتل ما لا يقل عن 154 شخصاً في الاحتجاجات التي تشهدها البلاد. وأعلنت المنظمة على "تويتر" مقتل 63 شخصاً على الأقل، الأسبوع الماضي، عندما نفذت قوات الأمن الإيرانية "قمعاً دامياً" لتظاهرة في زاهدان بجنوب شرقي إيران، بحسب ما أعلنت منظمة "إيران هيومن رايتس" الحقوقية ومقرها النرويج، الثلاثاء.
واندلعت المواجهات، بعد صلاة الجمعة الأسبوع الماضي، في زاهدان عاصمة محافظة سيستان بلوشتسان التي تسكنها أقلية البلوش السنية. وجاء ذلك على وقع تظاهرات في أنحاء البلاد اندلعت إثر وفاة الشابة مهسا أميني التي اعتقلتها "شرطة الأخلاق".
لكن مجموعات حقوقية قالت، إن التظاهرة في زاهدان جاءت إثر اتهامات بأن قائد شرطة مدينة شابهار الواقعة أيضاً في سيستان بلوشستان، اغتصب شابة من البلوش عمرها 15 عاماً.
وقالت المنظمة الحقوقية إنه "في الـ30 من سبتمبر (أيلول)، تجمع عدد من الأشخاص بعد صلاة الجمعة في زاهدان للاحتجاج على اغتصاب قائد شرطة شابهار فتاة من البلوش عمرها 15 عاماً، وقمعت قوات الأمن التظاهرة بشكل دام".
وتحدثت تقارير نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي آنذاك عن عشرات القتلى في زاهدان، الجمعة، بينما أظهرت صور مستشفيات تخطت قدرتها وجثث مغطاة بالدماء. ووردت أيضاً تقارير عن وفاة ضحايا في مستشفيات بسبب نقص الأسرة والضمادات الضرورية لوقف النزيف.
وقال نشطاء أيضاً، إن قوات الأمن أطلقت النار على متظاهرين من مروحيات. وقالت "إيران هيومن رايتس"، إن أربعة أشخاص كانوا في سيارة مكشوفة قتلوا بنيران أطلقت من مروحية عسكرية في شمال زاهدان.
ونشرت منظمة "حملة نشطاء البلوش" غير الحكومية على قناتها في "تيليغرام" أسماء 67 شخصاً، الذين تقول إنهم قتلوا، مضيفة أن 300 أصيبوا بجروح.
غير أن وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية قالت، إن خمسة من أفراد الحرس الثوري قتلوا في ما وصفتها بأنها "حادثة إرهابية". وقال قائد شرطة سيستان بلوشستان في تصريحات للتلفزيون الرسمي، إن ثلاثة مراكز للشرطة في المحافظة هوجمت.
ومحافظة سيستان بلوشستان المجاورة لباكستان هي إحدى أفقر المناطق الإيرانية. واشتكى نشطاء منذ الأشهر الماضية من إعدام المدانين البلوش بأعداد غير متكافئة في وقت ارتفعت عمليات الإعدام في البلاد.
وشهدت المنطقة أيضاً اشتباكات متكررة بين قوات الأمن وعصابات تهريب المخدرات، إضافة إلى هجمات تشنها جماعات سنية متطرفة بين الحين والآخر.
طهران تستدعي السفير البريطاني
أفادت وكالة "تسنيم" الإيرانية شبه الرسمية، الأربعاء الخامس من أكتوبر (تشرين الأول)، بأن وزارة الخارجية استدعت السفير البريطاني لدى طهران بعد "تعليقات تنطوي على تدخل" من جانب وزارة الخارجية البريطانية.
وقال المدير العام لشؤون أوروبا الغربية في وزارة الخارجية الإيرانية إن "الجانب البريطاني يظهر بإصداره تصريحات أحادية الجانب أن له دوراً في السيناريوهات العدوانية للإرهابيين الذين ينشطون ضد الجمهورية الإسلامية".
وأضاف، أن تصريحات لندن المتعلقة بشؤون داخلية إيرانية "تستند لتأويلات زائفة واستفزازية".
وأعلنت وزارة الخارجية البريطانية، الإثنين، أنها استدعت القائم بالأعمال الإيراني، وهو أعلى دبلوماسي إيراني في بريطانيا، بشأن قمع الاحتجاجات في أعقاب وفاة الشابة مهسا أميني إثر احتجاز الشرطة لها.
وجرى استدعاء السفير البريطاني في طهران، الثلاثاء.
أضاف الدبلوماسي الإيراني أن طهران ستدرس الخيارات المتاحة رداً على أي تصرفات غير اعتيادية من جانب بريطانيا.
الاتحاد الاوروبي يسعى لفرض عقوبات على إيران
وأعلن الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، أنه ينظر في فرض عقوبات جديدة على إيران بسبب قمع الاحتجاجات التي أشعلها مقتل مهسا أميني، وذلك بعد خطوة مماثلة من الولايات المتحدة.
وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد جوزيب بوريل، إن الاتحاد ينظر في جميع الخيارات المتاحة بما في ذلك إجراءات تقييدية رداً على مقتل مهسا أميني والطريقة التي تعاملت بها قوات الأمن الإيرانية مع التظاهرات"، موضحاً أنه يعني بعبارة "إجراءات تقييدية" فرض عقوبات.
وجاء قراره بعد إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن في بيان، الإثنين، أن "الولايات المتحدة ستفرض هذا الأسبوع أكلافاً إضافية على مرتكبي أعمال العنف ضد المتظاهرين السلميين"، مضيفاً "سنواصل محاسبة المسؤولين الإيرانيين ودعم حقوق الإيرانيين في التظاهر بحرية".
ولم يوضح بايدن ماهية الإجراءات التي سيجري اتخاذها ضد إيران، المستهدفة بالفعل بعقوبات اقتصادية أميركية قاسية يتعلق جزء كبير منها ببرنامجها النووي المثير للجدل.
أميركيان يغادران إيران
على صعيد آخر، صرح متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية اليوم الأربعاء أنه سُمح للأميركي باقر نمازي بمغادرة إيران وأفرج عن ابنه المسجون أيضاً، مؤكداً بذلك معلومات أعلنتها الأمم المتحدة من قبل.
وقال المتحدث "سُمح للمواطن الأميركي المحتجز ظلما باقر نمازي بمغادرة إيران، وسمح لابنه المحتجز ظلماً أيضاً، بالخروج من السجن".
واعلنت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي أنه سُمح لباقر نمازي بمغادرة ايران لتلقي علاج طبي في الخارج، فيما افرج عن ابنه الموقوف في طهران، بعد مناشدة من أمينها العام انطونيو غوتيريش.
واعتقل باقر نمازي المسؤول السابق في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في فبراير (شباط) 2016 حين توجه الى ايران سعياً للافراج عن ابنه سياماك نمازي، رجل الاعمال الايراني الاميركي الذي اوقف في تشرين أكتوبر (تشرين الأول) 2015.
وتمارس الولايات المتحدة ضغوطاً من أجل إطلاق سراح الرجلين وأميركيين آخرين في إطار جهود إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والقوى الغربية.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن "باقر نمازي اعتقل ظلماً في إيران ولم يُسمح له بمغادرة البلاد بعد أن قضى عقوبته رغم طلبه المتكرر للحصول على رعاية طبية عاجلة".
وأضاف "نعلم أن رفع حظر السفر والإفراج عن ابنه مرتبطان بمتطلباته الطبية".
وحكِم على الأب وابنه بالسجن عشرة أعوام في أكتوبر 2016 بتهمة التجسّس. وأعفي الأب البالغ 85 عاماً من إتمام تنفيذ عقوبته في العام 2020، لكنّه لم يتمكّن من مغادرة إيران رغم مشاكله الصحّية.
وهناك مواطنان أميركيان آخران محتجزان في إيران: عماد شرقي وهو مستثمر حُكم عليه بالسجن عشر سنوات بتهمة التجسس، ومراد طهباز الذي يحمل الجنسية البريطانية أيضاً وأُفرِج عنه بصورة مؤقتة.
نفت الولايات المتحدة الأحد تقارير إيرانية تفيد بأن إطلاق طهران سراح أميركيَين محتجزين سيؤدي إلى الإفراج عن أموال إيرانية في الخارج.
إيران تندد بـ"رياء" بايدن
وردت طهران، الثلاثاء، منددة بـ"رياء" الرئيس الأميركي.
وكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني "كان أجدر بالسيد جو بايدن أن يفكر قليلاً بشأن سجل بلاده في مجال حقوق الإنسان قبل القيام بمبادرات إنسانية، على رغم أن الرياء لا يتطلب تفكيراً"، وذلك في منشور على "إنستغرام" أوردته وكالات محلية.
وكان المرشد الأعلى علي خامنئي قد هاجم واشنطن، الإثنين، متهماً الولايات المتحدة وإسرائيل بالوقوف وراء الحركة الاحتجاجية الأكبر في البلاد منذ احتجاجات عام 2019 على ارتفاع أسعار البنزين.
وقال خامنئي (83 عاماً) في أول رد فعل له على الاحتجاجات، "أقول بوضوح إن أعمال الشغب هذه والاضطرابات تم التخطيط لها من الولايات المتحدة والنظام الصهيوني الغاصب والمزيف، ومأجوريهم وبعض الإيرانيين الخائنين في الخارج ساعدوهما".
وأرخت الاضطرابات بظلالها على الجهود الدبلوماسية لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والدول الكبرى، التي كادت تحقق اختراقاً في الاشهر الأخيرة قبل أن تتوقف مجدداً.
لكن الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار اعتبرت أن "المشكلات المتعلقة بسلوك إيران" منفصلة عن جهود إحياء الاتفاق النووي الذي ستسعى إليه واشنطن "طالما أننا نعتقد" أنه يصب في مصلحة الأمن القومي الأميركي.