Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

في المغرب والجزائر وتونس... الناس شركاء في "شح المياه"

نتيجة لتأثيرات تغير المناخ فمن المتوقع حدوث العديد من الكوارث المناخية الحادة في شمال أفريقيا

من المتوقع حدوث كوارث مناخية حادة في شمال أفريقيا خصوصاً العواصف الترابية والرملية وستكون لديها آثار صحية خطيرة (أ ف ب)

لا يتشارك المغاربة والجزائريون الشغف بوجبة "الكسكس" المتصارع حول أصلها بل أيضاً لديهم موارد طبيعية مشتركة تشح يوماً بعد يوم وتدفع البلدين إلى مصير بيئي مشترك قد يجعل من إعداد "الكسكس" في المستقبل صعباً بسبب قلة الماء والغذاء. ويواجه البلدان تحديات بيئية وكوارث طبيعية مشتركة في المستقبل، لكن على الرغم من ذلك لا يوجد تعاون بيئي بين الجارين بسبب الخلاف السياسي.

الجفاف ونقص المياه

في دراسة "تغير المناخ في شمال أفريقيا، التركيز على المغرب والجزائر وتونس"، تشير رئيسة قسم السلام والأمن المتخصصة في العلاقات الدولية وتغير المناخ الباحثة صوفي دي سميدت، "إلى أنه يواجه المغرب والجزائر وتونس مستويات عالية من التهديد البيئي، لا سيما الإجهاد المائي، كما أن دول المنطقة معرضة بالفعل للجفاف المتكرر ونقص في المياه في المستقبل بسبب استنزاف المياه الجوفية."

ومن المتوقع أن يزداد الأمر تدهوراً في هذه الدول، وأن تصبح المنطقة أكثر سخونة وجفافاً نتيجة تغير المناخ، بحسب تقرير لعام 2018 لمنظمة التعاون والتنمية في القطاع الاقتصادي ومنظمة الأغذية والزراعة.

وبحسب دي سميدت، "نتيجة لتأثيرات تغير المناخ، فمن المتوقع حدوث العديد من الكوارث المناخية الحادة في شمال أفريقيا، لا سيما العواصف الترابية والرملية وستكون لديها آثار صحية خطيرة، ومن المرتقب ارتفاع مستوى سطح البحر والفيضانات وموجات الحر"، وتضيف الدراسة "استنزاف المياه له تأثير فوري على الدخل وسبل العيش في المنطقة، بالتالي فهو غالباً من المواضيع الحساسة للغاية ومرتبط بالسلطة السياسية".

غياب التعاون المشترك

وترى الباحثة صوفي دي سميدت، أنه "في تونس من المتوقع أن يؤثر الجفاف على الصادرات والواردات الزراعية مع خطر زيادة انعدام الأمن الغذائي مثل القمح والشعير والثروة الحيوانية، وكذلك منتجات الألبان بينما سيرتفع الطلب على هذه المواد بسبب تزايد عدد السكان والتحضر". وتؤكد الباحثة، "عدم وجود تعاون رسمي وغير رسمي بين المغرب والجزائر وتونس والافتقار إلى التعاون الدبلوماسي الرسمي، لا سيما بين المغرب والجزائر، كما تلتزم بعض الدول بالاتفاقيات الأمنية، على سبيل المثال، لدى تونس والجزائر تعاون متعدد المستويات في مجال الأمن ومراقبة الحدود، وبحسب الخبراء فإن دول شمال أفريقيا تشتهر بالثنائية المفرطة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشير الدارسة أيضاً إلى "أن التحديات التي تواجه المنطقة نتيجة لتغير المناخ والمخاطر الأمنية لم يتم تناولها على نطاق واسع بين هذه الحكومات على المستوى الإقليمي، كما أن التعاون الإقليمي مفقود في شمال أفريقيا ما يقوض القدرة على إيجاد طرق مشتركة لتبادل تحليلات بخصوص التغيرات المناخية".

"مصير بيئي مشترك"

ويقول أستاذ كلية العلوم والتقنيات الرشيدية في جامعة "مولاي إسماعيل" والخبير في التغيرات المناخية كبيري لحسن، "للأسف يغيب في الدول المغاربية الوعي البيئي ولا يوجد إلمام بخطورة أزمة الماء والتربة والتنوع البيولوجي"، مضيفاً أن "تدبير أزمات البيئة هو تدبير مشترك بين مختلف الدول، لأننا في الدول المغاربية لدينا مصير بيئي مشترك، فالموارد المائية والكائنات الحية أو المنظومة البيئية مشتركة بين المغرب والجزائر ولا حدود لها". ويضيف الخبير البيئي، "المشكلات السياسية تشكل حاجزاً أما التعاون المشترك البيئي بين البلدان المغاربية لا سيما بين المغرب والجزائر، فلدينا الجيولوجيا نفسها لكن السياسة تتحكم في البحث العلمي، وتوجه الناس في الوقت الذي تفرض علينا التغيرات المناخية أن نعمل معاً، أعتقد أنه لا حلول بيئية من دون التعاون المشترك، فمثلاً هناك مياه جوفية مشتركة بين الجزائر وتونس وليبيا ومياه مشتركة بين الجزائر والمغرب هذا يعني ضرورة التعامل المشترك لتدبير المياه، لكي لا نعاني معاً من أزمة العطش، وهنا لا بد من تحكيم العقل والمصلحة العامة وهي الحفاظ على الطبيعة والإنسان".

"بحاجة لبعضنا البعض"

ويتابع كبيري لحسن "عندما نرى اليوم طائراً يموت من العطش في إحدى المناطق بالمغرب، فهذه إشارة إلى أن هذا الطائر لم يجد الماء في الدول المجاورة وما يقع له يمكن أن نعيشه في المستقبل، نحن نعيش في ظرفية كونية تفرض علينا التعاون لنضمن استمرارية الحياة علينا ترك المشكلات السياسية جانباً والتركيز على إيجاد حلول لتحديات البيئية، وإلا سنخسر الطبيعة والحياة".

ويمضي قائلاً "الدول المغاربية يجمعها تاريخ وهوية ودين وأصل واحد، ولا شيء يبرر فرض حدود على الطبيعة وعدم تدبير الأزمات البيئية بشكل مشترك، لأننا بحاجة لبعضنا البعض لمواجهة الكوارث البيئية معاً". ويضيف الخبير البيئي، "السياسة تؤثر على البحث الأكاديمي، وهنا للأسف الخلط لدى البعض بين العمل الأكاديمي والسياسي، كما أن السياسة تخلق حاجزاً لإيجاد الحلول البيئية، فلماذا لا نتعاون فالعلم ليست لديه حدود، الشعوب المغاربية بحاجة لأبحاث بيئية مشتركة لأن الأزمات البيئية الموجودة في المغرب توجد في باقي الدول المغاربية، يمكن لدراسة أنجزها باحث مغربي في جامعة مغربية أن يستفيد منها باحث جزائري أو العكس صحيح. وأعتبر أن أهمية البحث العلمي تكمن في أن يظل بمنأى عن الخلافات السياسية لنحصل على نتائج موضوعية ونسهم في تطوير بلداننا".

ويختم كبيري لحسن قائلاً "الأزمات البيئية تتفاقم يوماً بعد يوم والخلافات السياسية تعيدنا إلى خلف، فمثلاً الخلاف بين المغرب والجزائر سياسي ويمكن أن يحل من خلال متخصصين في المجال لكن لماذا يتم تضخيم المشكل وجعله أولوية لدى الشعوب المشكل الأكبر هو أزمة الماء والأمن الغذائي والأمراض والفقر، هذه المشكلات ينبغي حلها بتعاون مشترك إذا شحت الموارد المائية فلا يمكن للجزائريين أو المغاربة إعداد الكسكس المتصارع حول ملكيته بينما هو تراث عالمي".

المزيد من بيئة