Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الزواج في غزة بالقروض

تراجع معدلات العقود المسجلة بنسبة تتجاوز 20 في المئة

تقدم المؤسسات الحكومية قروضاً لمساعدة الشباب في الزواج (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

يواجه الشباب في قطاع غزة ظروفاً اقتصادية قاسية تحول دون زواج كثيرين منهم، إزاء هذا انتشرت مؤسسات تيسير الزواج. وإذ تشكل حلاً لبعض الفئات، يواجه كثيرون ممن يضطرون إلى اللجوء نحو قروضها صعوبات، لا سيما إذا ما باتوا عاجزين عن السداد.

تفرض العادات والتقاليد على الشاب في قطاع غزة أن يدفع مهراً، جرت العادة أن يتراوح ما بين أربعة آلاف وسبعة آلاف دولار. كذلك يتوجب عليه توفير منزل ومستلزماته، فضلاً عن تكاليف حفل الزفاف التي تبلغ نحو 20 ألف دولار.

جميع هذه التكاليف لا يستطيع أي شاب في غزة توفيرها، لذلك يلجأ المقبلون على الزواج إلى مؤسسات تيسير الزواج التي توفر مستلزمات الفرح في مقابل الدفع بالتقسيط لمن يرغب. وهي تستند إلى توقيع الزوج على "كمبيالة" (ورقة دفع مالية تلزم الطرف الثاني بالوفاء بمبلغ من المال في تاريخ معين).

لكن هذه الخطوة تشوبها مخاوف كبيرة، إذ في حال لم يستطع الزوج الالتزام بسداد المبالغ الشهرية في مواعيدها تتراكم عليه الديون، وربما يتعرض للسجن. وهذا ما حصل مع خليل المتزوج منذ حوالى أربع سنوات.

وانتشرت جمعيات الإقراض للزواج في القطاع خلال السنوات العشر الماضية، بعد سيطرة حركة "حماس" على غزة عقب فوزها في الانتخابات التشريعية عام 2006. وعلى إثر ذلك فرضت إسرائيل حصاراً على القطاع، مما أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي، خصوصاً على فئة الشباب.

يقول خليل "بعدما تجاوز عمري 32 سنة قررت الزواج، لكن لم يكن لدي المال الكافي، فقررت التوجه إلى إحدى مؤسسات تيسير الزواج، وحينها وقعت على سندات بقيمة ثمانية آلاف دولار، على أن أسدد شهرياً 120 دولاراً، وبعد خمسة أشهر توقفت عن العمل كما هي حال العمال في غزة".

عزوف الشباب

وفقاً لجهاز الإحصاء الفلسطيني فإن الشباب من الفئة العمرية بين 15 و29 سنة يشكلون نحو 30 في المئة من المجتمع، ويعزف نحو 75 في المئة منهم عن الزواج، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع تكاليف المهر. فيما يشكل الشباب من الفئة العمرية العمرية بين 30 و45 سنة نحو 21 في المئة من المجتمع، من بينهم 46 ألف شخص غير متزوج، في مقابل 41 ألف متزوج.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بعد فقدان خليل عمله لم يستطع سداد التزاماته المالية لمؤسسة تيسير الزواج التي حولت ملفه إلى المحكمة، وبعد جلسة واحدة أمر القاضي بسجنه في حال لم يلتزم بدفع الأقساط الشهرية. ويقول خليل إن حلمه بالزواج تحول إلى كابوس، وبدأت الشرطة ملاحقته.

خلال السنوات الأربع التي مرت على زواج خليل سجن نحو سبع مرات، وفي كل مرة كان يمضي 91 يوماً في العام. هذا الأمر جعل حياة الشاب كارثية. ويشير إلى أنه كان يمهد لتمضية أجمل الأيام في عش الزوجية، لكن مخططاته تحولت إلى واقع بائس مليء بالمتاعب، ما بين هرب من الشرطة وتمضية أيام في السجن.

حاول خليل الاستدانة مجدداً لحل أزمته، لكنه لم ينجح في ذلك، إذ إن واقع السكان الذين يعيش نحو 30 في المئة منهم تحت خط الفقر يجعل فرص الاستدانة صعبة، وربما يورط نفسه في التزامات يستحيل الوفاء بها.

مؤسسات ربحية

من وجهة نظر مؤسسات تسهيل الزواج يقول خالد الكاشف مسؤول إحدى الجمعيات، "نحن مؤسسات ربحية، لكن لا نرغب في ذلك فحسب، بل نسهم في إنهاء أزمة تعثر الزواج في غزة، وفي حال تخلف الأزواج عن الدفع لا يكون لدينا حل سوى التبليغ عنهم للشرطة لإجبارهم على الدفع، وإذا ما تساهلنا أكثر من مرة يعرضنا ذلك لخسارة كبيرة، ونتيجة تعثر كثيرين عن السداد تعرضوا للملاحقة القانونية وتم حبس مئات منهم".

وبحسب المتحدث باسم الشرطة في غزة أيمن البطنيجي، فإن "بعض حالات التعثر نجمت عنها مشكلات معقدة، وذهبت أطرافها إلى الحل الودي أو من خلال العرف العشائري، وكثيرون لجؤوا إلى القضاء".

أسباب العزوف

في غزة تراجعت نسبة الزواج خلال السنوات الثلاث الماضية، ففي عام 2021 انخفضت عقود الزواج المسجلة في المحاكم الشرعية والكنائس بنحو 23.6 في المئة عن عام 2020 الذي سجل أيضاً انخفاضاً في عقود الزواج عن عام 2019 بنسبة 22.9 في المئة.

وبحسب استطلاع أجراه مركز "الثريا" (مختص في القضايا الاجتماعية) بشأن أسباب العزوف عن الزواج، فإن 72 في المئة من الشباب يرون أن عدم القدرة على تحمل النفقات والتكاليف هي السبب، بينما يرى 18 في المئة أن السبب هو عدم قدرة الشاب على إيجاد زوجة تقبل بالوضع المالي الصعب، في حين أن 10 في المئة يرون أن عدم وجود مسكن مناسب للشاب يدفعه إلى العزوف عن الزواج.

منح الحكومة قروضاً

وفي غزة أيضاً تقدم الحكومة منحاً للشباب بهدف الزواج، وأخيراً أعلن صندوق دعم الشباب الفلسطيني دعم زواج 250 شاباً بقيمة 500 ألف دولار، لكن الغريب أن هذه المساعدة هي قروض للخاطبين ويجب سدادها.

يقول المدير العام للصندوق علاء الباز إن مؤسسته تستهدف في كل عام 400 شاب تزيد أعمارهم على 28 سنة، تقدم لهم مساهمة على شكل قروض. وهذا الأمر ينطبق مع المادة 57 من قانون الشباب التي تنص على أن الصندوق يمنح للشباب قروضاً.

يضيف "لا يوجد أي مانح للصندوق، ونحن نعمل على تدوير الأموال، بموجب نظام الإقراض المتبع يمكن استفادة دفعة من الشباب، وعند السداد يمكن استفادة دفعة أخرى غيرهم، لكن عندما تكون منحة مجانية فهذا يعني أن المشروع سيتوقف".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات