ألغت قاضية أميركية، الإثنين 19 سبتمبر (أيلول)، إدانة رجل مسجون منذ 23 سنة لاتهامه بارتكاب جريمة كان ينفي باستمرار مسؤوليته عنها، في قضية طرحها بودكاست "سيريال" الذي حقق نجاحاً عالمياً.
وحكم على عدنان السيد (42 سنة) عام 2000 بالسجن المؤبد لقتله حبيبته السابقة هاي مين لي في بالتيمور على الساحل الشرقي للولايات المتحدة.
وكانت مدعية المدينة العامة مارلين موسبي طلبت الأسبوع الماضي في خطوة غير متوقعة إلغاء الحكم، متطرقة إلى شكوكها في شأن ذنب السيد بالقضية، وطلبت الإفراج عنه.
وأوضحت موسبي أنها اكتشفت وجود "مشتبهين فيهما آخرين"، وهي معلومات مهمة جرى استخدامها بصورة سيئة آنذاك، ولم يبلغ بها وكلاء الدفاع عن السيد قبل محاكمته.
ووافقت الإثنين إحدى القاضيات على طلب المدعية العامة، في جلسة انعقدت داخل قاعة محكمة في بالتيمور كانت تعج بالحاضرين. وقالت القاضية ميليسا فين "خدمة للعدالة والمساواة، جرت الموافقة على الطلب وسيطلق سراح المتهم" بعد تزويده بسوار إلكتروني.
وبعد أن أزال شرطيون القيود من يدي السيد صفق عدد من الأشخاص الذين كانوا موجودين داخل قاعة المحكمة، قبل أن يعاد تذكيرهم بضرورة التزام النظام. ولم يقم السيد الذي ظهر بلحية طويلة واضعاً قبعة على رأسه بأي رد فعل.
وقالت محاميته إيريكا سوتر من أمام المحكمة فيما صعد هو إلى إحدى السيارات من دون الإدلاء بأي تصريح "يصعب عليه تصديق القرار ويرغب في تمضية بعض الوقت مع عائلته".
وشددت المدعية العامة مارلين موسبي على فكرة أن القضاء "لم يعلن بعد براءة السيد"، مشيرة إلى أنها ستنتظر نتائج تحليل الحمض النووي الذي أجري بشكل إضافي قبل أن تقرر ما إذا كانت ستسقط التهم الموجهة إليه أو تعقد محاكمة جديدة.
وأمام موسبي مهلة 30 يوماً لتصدر قرارها. وأياً يكن القرار فقد وعدت بمواصلة التحقيق "لضمان معرفة عائلة هاي مين لي هوية قاتل ابنتها".
وشهدت الجلسة كلمة لشقيق الضحية يونغ لي أدلى بها عبر الهاتف وتطرق خلالها إلى التشويش الذي يعانيه. وقال "إننا نعيش كابوساً لا ينتهي مطلقاً"، مشيراً إلى أنه يشعر وكأنه خدع من مدعين عامين ظلوا لسنوات يحاسبون متهماً لم يرتكب الجريمة، قبل أن يغيروا رأيهم في النهاية.
وبدأت القضية في فبراير (شباط) عام 1999 عندما عثرت الشرطة على جثة هاي مين لي التي كانت تبلغ آنذاك 18 سنة ونصف السنة مدفونة في غابة بالتيمور. وبعد سنة اعتقل عدنان السيد الذي كان يبلغ حينها 17 سنة وحكم عليه بالسجن المؤبد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأفاد الادعاء آنذاك بأن السيد لم يتحمل فكرة انفصال هاي مين لي عنه من أجل رجل آخر فخنقها. ونفى السيد باستمرار هذه التهمة، مؤكداً أنه ضحية للأفكار المسبقة المناهضة للمسلمين.
وأجرى فريق من الصحافيين عام 2014 تحقيقاً مقابلاً ضمن اثنتي عشرة حلقة في موسم أول من سلسلة "سيريال" الإذاعية. وأشار منتجو هذا العمل إلى أنه حمل أكثر من 300 مليون مرة، واستند إليه وثائقي عرض على قناة "أتش بي أو".
وأظهر التحقيق الذي أجراه الصحافيون أن محامية عدنان السيد أهملت معطيات من هاتف محمول كانت لصالح المتهم وكذلك شهادة شابة كانت لتعطيه عذراً محتملاً.
وأدى عمل الصحافيين إلى إعادة فتح القضية، ففي مارس (آذار) 2018 أمرت محكمة استئناف في ماريلاند بإجراء محاكمة جديدة، مشيرة إلى أن المحامية وفرت "مساعدة غير كافية" لموكلها.
وفي مارس 2019 توصلت محكمة ولاية ماريلاند العليا إلى أن المحامية أخطأت في عدم تطرقها إلى عناصر معينة، لكنها أشارت إلى أن "الحكم ما كان ليكون مختلفاً لو قدمت الأدلة كافة"، ورفضت تالياً عقد محاكمة جديدة.
ولجأ فريق الدفاع عن عدنان السيد إلى المحكمة العليا التي رفضت عام 2019 التدخل في القضية مما بدد آمال السيد في الإفراج عنه.
إلا أن مدعية بالتيمور العامة المتخصصة في تصحيح الأخطاء القضائية أعادت فتح القضية مرة جديدة، مما أدى إلى القرار الذي صدر أخيراً.
وكان حساب بودكاست "سيريال" في "تويتر" أعلن الإثنين أن حلقة جديدة من التدوين الصوتي ستذاع صباح الثلاثاء.