Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سلطوية أحادية في الداخل و"تعددية قطبية ديمقراطية"

لعبة المصالح فرضت لغة مختلفة في البيان المشترك لـ "قمة شنغهاي"

جرى عقد قمة "منظمة شنغهاي للتعاون" في سمرقند الأوزبكية (أ ف ب)

لماذا يكرهوننا؟ سؤال تصدر النقاش في أميركا بعد أحداث الـ 11 من سبتمبر (أيلول) قبل 21 عاماً، وجواب المؤرخ برنارد لويس كان "السؤال ليس لماذا يكرهوننا؟ بل لماذا لا يخافون منا ولا يحترموننا؟".

أما الجواب البسيط المعبر فجاء من السناتور جو بايدن، "لا أحد يحب القوي في المجموعة"، فالأحادية القطبية الأميركية التي فرضت نفسها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي والثنائية القطبية أثارتا كثيراً من العداء للسياسة الأميركية، بمقدار ما فاد تفجير البرجين في نيويورك على أيدي "القاعدة" الإرهابية إلى التعاطف مع أميركا، وليس أسوأ من الأحادية القطبية سوى فرض التعددية القطبية بالغزو، فالغزو الروسي لأوكرانيا قدم نموذجاً صارخاً على تخطيط الرئيس فلاديمير بوتين لاستعادة روسيا دورها الكبير أيام القياصرة ثم أيام السوفيات، وفرض التعددية على القمة والخوف من موسكو واحترامها ولو على سطح الكره.

وعلى العكس فإن ما فعلته الصين بقيادة الرئيس شي جينبينيغ من تطور اقتصادي وتكنولوجي وعسكري وإنفاق على مشروع "الحزام والطريق" للخارج جعل العالم يسلم بدورها كقوة عظمى صاعدة، وإن تأثرت سمعتها بما تقوم به من تهديدات عسكرية في موضوع تايوان.

"شراكة بلا حدود"

ولم تكن قمة "منظمة شنغهاي للتعاون" التي جرى عقدها أخيراً في سمرقند الأوزبكية سوى مرآة لهذه اللعبة القطبية على قمة العالم، فالمنظمة أصلاً هي اختراع صيني للحد من تحركات روسيا في آسيا الوسطى، إذ ضمت أوزبكستان وطاجيكستان وقيرغيزستان وكازاخستان، وكلها كانت ضمن الاتحاد السوفياتي، بحيث انضمت إليها روسيا من "موقع ذليل" بحسب رئيس معهد المستقبل والأمن في أوروبا إيمانويل دوبوي، ولم يكن أمراً قليل الدلالات انضمام الهند والباكستان ثم إيران إلى المنظمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

شيء يوحي أنها لم تعد مجرد ديكور لما تطور إلى "شراكة بلا حدود" بين الصين وروسيا في إطار التنافس مع الغرب، وشيء يؤكد أن الخلافات داخلها تقلل من كونها تشكل 60 في المئة من أوراسيا و50 في المئة من سكان العالم و20 في المئة من الناتج القومي العالمي، لكن توظيفها ليس على موجة واحدة.

بوتين يتحدث عن "بديل حقيقي من الهياكل والآليات الغريبة" ويرى ضرورة "العمل المشترك الروسي - الصيني على تشكيل عالم متعدد الأقطاب عادل وديمقراطي"، وشي يؤكد "أن الوقت حان لإعادة تشكيل النظام العالمي والتخلي عن المعادلات الصفرية والسياسات القائمة على تشكيل كتل"، غير أن لعبة المصالح فرضت لغة مختلفة في البيان المشترك للقمة، والتأكيد أن المنظمة "ليست ضد أحد"، والواقع أن بوتين يبحث عن ثلاثة أمور في واحد، دور لروسيا على القمة وعالم متعدد الأقطاب وعلاقات ديمقراطية بين الدول، وهي عملياً ما يريده شي ولكن من دون الذهاب مع بوتين إلى المواجهة الكاملة مع أميركا وكل الغرب، لأن الصين في حاجة إلى "التبادل الاقتصادي والتكنولوجي" مع أميركا وأوروبا، فضلاً عن أن شي لم يكن يرغب في رؤية حرب على أوكرانيا، ويصر حالياً على ضرورة إنهاء القتال، ولم يكن ما سمعه بوتين من رئيس الوزراء الهندي ناريندارا مودي أقل، "ليس هذا وقت الحرب بل وقت الديمقراطية والدبلوماسية والحوار".

الصراع على الأفضلية

والمفارقات كبيرة، فالأيديولوجيا الشيوعية الواحدة فرقت بين موسكو وبكين أيام ستالين وماوتسي تونغ، والحسابات الاستراتيجية أدت إلى تفاهم صيني - أميركي بين ماو ونيكسون، واليوم فإن الرابط بين الصين وروسيا هو الرؤية الاستراتيجية لا الأيديولوجية، وقمة المفارقات هي محاولة الجمع بين السلطوية والديمقراطية. فكيف؟

السلطوية في الداخل حيث قمع الشعب والديمقراطية في العلاقات بين السلطويين على قمة العالم.

في مقالة نشرتها "فورين أفيرز" بعنوان "ما الذي يجعل القوة عظمى؟" كتب مايكل مازار من "راند كوربورايشين" أنه "في الصراع على الأفضلية بين القوى الكبرى فإن ما يصنع الفارق الحاسم ليس القوة العسكرية والاقتصادية، بل المميزات الأساس للمجتمع، وخصائص الأمة التي تولد الإنتاج الاقتصادي والابتكار التكنولوجي والانسجام الاجتماعي وإرادة الأمة"، وتلك هي المسألة في اللعب على القمة بين أميركا والصين وروسيا.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل