Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البراري وجهة عشاق الفضاءات المفتوحة في موريتانيا

موسم الخريف مناسبة لا تعوض للتمتع بالرمال الذهبية الناعمة واحتساء كؤوس الشاي التي تُمرر للأصدقاء على ضوء نار الحطب المشتعل

منحت مشاريع البراري فرصاً لفنانين شباب تجولوا بين الخيم مقدمين مقطوعات موسيقية (اندبندنت عربية)

ينتظر شياخ محمد عالى (27 سنة) عطلة نهاية الأسبوع بفارغ الصبر، فهو التاريخ المرتقب لرحلته ورفاقه إلى براري نواكشوط القريبة من العاصمة. هنالك يستعيد الشاب المولود في البادية ـ كأغلب الموريتانيين ـ جزءاً من ذكرياته التي عاشها وهو صغير، رمال ذهبية ناعمة، وخيمة منصوبة على رأس كثيب، وكؤوس شاي تُمرر للأصدقاء على ضوء نار الحطب المشتعل أمام الخيمة، وغير بعيد رغاء ناقة يستعد راعيها لتقديم حليبها للضيوف القادمين لتوهم.

عودة للأصل

ترتبط ذهنية الموريتانيين بالصحراء ارتباطاً وثيقاً، وتحتفظ ذاكرتهم الجماعية بقصص ومرويات تُظهر مدى تشابك العلاقة وعمقها. وعلى الرغم من مسحة المدنية الواضحة على حياة الموريتاني اليوم، إلا أن موسم الخريف من كل عام يظل مناسبة لا تعوض لعشاق الفضاءات المفتوحة، والحياة البسيطة حيث الطبيعة تكتسي حلة خضراء في بيئة صحراوية قاحلة.

"لا شيء يُضاهي رحابة الصحراء، صمتها وسكونها، سحرها الذي تبثه في نفوس عشاقها"، هكذا عبر شياخ عن علاقته بالصحراء، ويضيف "تمنحنا هذه البراري فرصة لا تعوض للترويح عن النفس، خصوصاً أنها قريبة من المدينة، وبإمكاننا أن نعود للمدينة مع بداية الأسبوع ونستأنف أعمالنا".

ويرى الباحث الاجتماعي محمد حمودي انداه "أن المجتمع الموريتاني مجتمع بدوي بطبعه يُفضل دوماً العيش في الأماكن المفتوحة، وهذه العادة متغلغلة في البنية الذهنية له. وعلى الرغم من موجة التحضر التي شهدها المجتمع، إلا أن الموريتاني ما زال يحلم بالعودة إلى الصحراء باعتبارها مناطق تحقيق الذات والتعبير عنها بعيداً من صخب المدينة".

البسطاء هم الرابحون

منحت مشاريع اقتصادية صغيرة افتتحها رواد أعمال صاعدون، فرص شغل لشباب المدينة العاطلين من العمل، وجذبت الاستثمارات التي قام بها هؤلاء الشباب عشرات العائلات التي تستهويها أجواء البادية الموريتانية.

ويشرح مولود محمد، وهو صاحب إحدى هذه المشاريع "زبائننا من بسطاء المجتمع الذين لا يملكون قدرة للسفر إلى الداخل الموريتاني البعيد، حيث البادية الحقيقية، ويعوضون عن ذلك بالمجيء إلى هذه الأجواء التي تُحاكي ما عهدوه في الماضي".

ويُضيف مولود "نوفر خيماً منصوبة بين الكثبان الرملية، ونُقدم لضيوفنا أنواع المشاوي والوجبات الموريتانية التقليدية، وبالطبع نُحضر الشاي الأصيل على الفحم، وهذا ما يعجب روادنا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الحر يطرد الجميع

تضرب العاصمة نواكشوط موجات حر ورطوبة عاليين في شهري أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول). وبما أن هذا الطقس الصعب يتزامن مع العطلة الصيفية، فإن العديد من الأسر الموريتانية تعود للداخل، إلا أن الظروف الاقتصادية الضاغطة تمنع آلاف الأسر من قضاء العطلة مع ذويهم، فتكون البراري ومشاريع الضواحي الحل الموقت لغالبيتهم. ويقول سفيان أحمد وهو أب لأسرة من ثلاثة أبناء: "عوضتنا خروجات هذه البراري عن سفرنا الموسمي إلى بادية الأهل في الداخل، ولولا هذه المشاريع لقضى علينا حر نواكشوط الذي لا يُطاق".

الموسيقى الجوالة

ومنحت مشاريع البراري ـ التي تحفل عند مداخل العاصمة من الجهات الثلاث ـ فرصاً للفنانين الشباب الذين يبحثون عن جماهيرية متأخرة. ويتجول أصحاب المواهب بين الخيم يعرضون تقديم خدمات موسيقية بمقابل رمزي، وبالفعل استطاع بعضهم جذب اهتمام الأسر التي تقطن الخيم في الصحراء الواسعة.

ودفعت هذه الأجواء الاحتفالية بتزايد أعداد الوافدين الجدد الباحثين عن أجواء تُضاهي حياة الليل في أحياء البادية الموريتانية الأصيلة.

فرص واعدة للشباب

يُقدر حجم السوق الذي تحتويه هذه المشاريع الواعدة في مجال الخدمات المرتبطة بالصحراء أكثر من مليون دولار، بحسب تقديرات الاقتصادي عبد الفتاح محمد، الذي يرى "أنها توفر مئات الفرص للشباب الموريتاني، كما تسهم في المحافظة على نمط عيش اتصل بالموريتانيين عبر القرون".

وعلى الرغم من زيادة الطلب على خدمات هذه المشاريع من قبل المواطنين، إلا أن السلطات الموريتانية سبق أن أغلقتهم مع بداية موسم الخريف الحالي، لما سببته من إزعاج للأحياء السكنية القريبة من المشاريع.

ويطالب مولود محمد السلطات الموريتانية "بتخفيف الضرائب التي يدفعونها للبلديات التي يعملون في مجالها الترابي، كما نتمنى تقوية التيار الكهربائي الذي يساعدنا في عملنا، خصوصاً أن أغلب نشاطنا ليلي".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات