Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بوتين الجريح أخطر من القوي

ليست الهزيمة الحالية نهاية المطاف في القارة الأوروبية، ويبدو أن لسان حال روسيا  اليوم هو "خسرنا المعركة ولم نخسر الحرب"، وعمليات الانتقام بدأت بقصف البنى التحتية الأوكرانية

الانتقام الروسي بدأ والبنى التحتية الأوكرانية في مرمى غضب موسكو (رويترز)

تثير الخسائر العسكرية الأخيرة في شمال شرقي أوكرانيا قلق المراقبين. وعلى رغم أن الأوكرانيين بدأوا بالاحتفال في كييف إلا أن فلاديمير بوتين هو اليوم جريح على ما وصفته صحيفة "ذي تايمز" البريطانية. ولذا، هو مصدر خطر أكثر من أي وقت مضى، على حد قولها.

وكانت "فورين أفيرز" تناولت احتمالات مآل الحرب في أوكرانيا إلى هزيمة روسية أو نصر روسي. وفي مقالة عنوانها "ماذا لو انتصرت أوكرانيا؟" خلص الباحثان ليانا فيكس ومايكل كيماج إلى أن النصر في الحرب لن يطوي صفحة الصراع مع روسيا حتى لو كسبت كييف الحرب. وينبه الكاتبان إلى أن الفوز "الصغير" أو المتواضع قد يكون مقبولاً على المدى القصير وقد يسع موسكو التكيف معه ولكن لا شيء قد يثنيها عن الانتقام. ومثل هذا الفوز الأقل خطراً يقتصر على  "طرد أوكرانيا القوات الروسية من الجانب الغربي لنهر "دنيبر"، وإنشاء محيط دفاع حول المناطق التي تسيطر عليها روسيا في شرق أوكرانيا وجنوبها، وتأمين وصولها إلى البحر الأسود. ومع مرور الوقت، يمكن للقوات الأوكرانية التقدم، وكسر الجسر البري الروسي المؤدي إلى شبه جزيرة القرم التي تقع في جنوب شرقي أوكرانيا وقد احتلتها روسيا وضمتها في 2014". وهذا ما بدأت أوكرانيا القيام به في الأشهر الماضية.

أما عن التراجع الروسي فهو كان سريعاً في شمال شرقي أوكرانيا وواسع النطاق. فالهجوم المضاد الأوكراني كان خاطفاً ونجح في حمل القوات الروسية على مغادرة بلدات بارزة مثل إيزيوم وكوبيانسك في منطقة خاركيف. ووقع في قبضة أوكرانيا عدد من المركبات الروسية والدبابات والعتاد الروسي بعد أن استعادت السيطرة على أكثر من 6 آلاف  متر مربع من الأراضي في شمال شرق أوكرانيا.. ونقلت "ذي تايمز" عن مسؤول أوكراني على رأس مجلس الأمن القومي الأوكراني أن جيش بلاده قد يسعى إلى تقويض آلة حرب الكرملين، ولو اقتضى ذلك مطاردة قوات بوتين إلى داخل الأراضي الروسية حين تعود أدراجها.

وعزت الصحيفة البريطانية هذا الكلام إلى نشوة النصر. والجدير بالذكر أن مدينة بلغورود الروسية تبعد 25 ميلاً فحسب عن خاركيف، وكانت في مرمى هجمات صاروخية منذ بدء الحرب. ونشر أوليسيكي اريستفيتش، وهو مستشار رفيع المستوى للرئيس الأوكراني، صورة على "تويتر" ساخرة تظهر جنوداً أوكرانيين على حدود هذه المدينة الروسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولكن التصريحات عن اللحاق بالقوات الروسية إلى عقر دارها بالغة الخطورة على ما تنبه "ذي تايمز". فالرئيس الروسي لوّح العام الماضي بأن تلجأ بلاده إلى السلاح النووي. وبعد أيام على تصريحه هذا في فبراير (شباط) الماضي، وضع القوات النووية المسلحة في أهبة الاستعداد والجاهزية. وذهبت مديرة تلفزيون "روسيا اليوم"، مارغيريتا سيمونيان، إلى أن بلادها لن تتوانى عن استخدام السلاح النووي إذا شارفت على هزيمة في أوكرانيا. وإلى الخيار النووي، يملك بوتين شن وابل هجمات صاروخية على كييف، وهذا ما دعاه إليه الصقور في روسيا طوال أشهر.

وفي وقت سعت موسكو إلى تصوير التقهقر السريع لقواتها في أوكرانيا على أنه "إعادة تموضع"، خسارتها أجزاء كبيرة من خاركيف تؤجج النزاعات الداخلية الروسية. وتسري إشاعات في روسيا مفادها بأن سيرغي شويغو، وزير الدفاع، سيقال من منصبه، على ما تقول "ذي تايمز".

 

 

التلويح بالنووي

وعن سبل مواجهة الخطر النووي الروسي واحتمال أمر بوتين باستعدادات تقنية لاستخدام محتمل للأسلحة النووية، يدعو الباحثان في "فورين أفيرز" ليانا فيكس ومايكل كيماج، اللذان تقدم ذكرهما، الغرب إلى الرد بالردع على مثل تلك التهديدات، والإشارة بوضوح إلى أن بوتين لن يحرز مكاسب تذكر من استخدام الأسلحة النووية. إذا لم ينجح ذلك، ونفذ بوتين تهديداته، فعلى حلف الناتو أن يعد العدة لرد تقليدي محدود، إما ضد القوات الروسية في أوكرانيا أو داخل روسيا نفسها. في غضون ذلك، يحتاج الغرب إلى بناء تحالف واسع لإدانة قرع طبول الحرب النووية وردعها من خلال الجمع بين العقوبات والتهديدات بالرد  على سياسة المجازفة النووية التي يعتمدها بوتين من جهة أخرى. قد لا تشارك الصين في ذلك، بيد أنها قد توافق على الفكرة، خوفاً من عدم الاستقرار النووي.

 

 

 

وحري بكييف وشركائها الاستعداد لسنوات من الصراع المتواصل الفصول حتى لو انتصرت أوكرانيا على نطاق صغير، على نحو ما ينبه الكاتبان في خلاصة مقالة "فورين أفيرز" الآنفة الذكر. وهذا ما لم يخف الرئيس الأوكراني الذي أشار إلى غياب الاستقرار في بلاده بالقول إن أوكرانيا ما بعد الحرب ستشبه إسرائيل في سعيها الدائم نحو الدفاع عن النفس، في وقت يواصل بوتين استكشاف نقاط الضعف الغربية واستغلالها. فهو رد على سبيل المثال على عقوبات الغرب في عام 2014 من طريق التدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية في عام 2016. بالتالي، فمن المرجح أن يعد مزيجاً من الهجمات الإلكترونية والمعلومات المضللة وغيرها من محاولات زعزعة الاستقرار الداخلي في الدول "المعادية لروسيا"، وتقويض وحدة حلف شمال الأطلسي والتحالفات المماثلة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. إذاً، سيضطر الغرب إلى احتواء روسيا في المستقبل المنظور. في نهاية المطاف، لا يستطيع الغرب التأثير في روسيا ولا يسعه غير أن يعقد الأمل على ظهور قيادة روسية أقل عدوانية.

وليست الهزيمة الحالية نهاية المطاف في القارة الأوروبية، ويبدو أن لسان حال روسيا  اليوم هو "خسرنا المعركة ولم نخسر الحرب"، وعمليات الانتقام بدأت بقصف البنى التحتية الأوكرانية وتكر سبحتها اليوم على وقع وابل من القصف الجوي والمدفعي، ولا يسعنا سوى تمني استبعاد أمضى الأسلحة، الخيار النووي.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل