Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انفراج في "قمة العشرين"... اتفاق أميركي صيني على معاودة المفاوضات التجارية

ترمب: لا رسوم جديدة على صادرات بكين مع استئناف المحادثات     

بدا أن مفتاح نجاح "قمة العشرين" في أوساكا كما خلال القمة السابقة لكبار قادة العالم في الأرجنتين في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، هو في يد الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والصيني شي جين بينغ، اللذين التقيا اليوم لنحو 80 دقيقة بهدف تجنب حرب تجارية تطال بآثارها العالم كله. وقد اتفقا بعد أكثر من شهر من المواجهات العنيفة بينهما، على العودة إلى المفاوضات التجارية. وأكد ترمب خلال مؤتمر صحافي بعد اللقاء أن بلاده "لن تفرض أي رسوم جديدة على الصادرات الصينية، مع استئناف المحادثات مع الجانب الصيني، ولن ترفع الرسوم التي فرضتها من قبل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إيجابية صينية

الرئيس الصيني رأى وفقاً لصحيفة "بيبولز ديلي" الناطقة باسم "الحزب الشيوعي" الحاكم، أن "مصالح الجانبين متكاملة للغاية ومجالات التعاون واسعة". واعتبر أن "على الجانبين ألا يقعا في فخ ما يُسمى الصراع والمواجهة، بل يجب أن يشجّعا بعضهما البعض ويتطورا معا". وفي المقابل، ذكرت وكالة "شينخوا" التابعة للسلطات الصيني، أن ترامب وافق على تأخير فرض أي رسوم جديدة على البضائع الصينية. معلوم أن ترامب كان قد هدد بفرض تعريفات جمركية بنسبة 25% على واردات صينية قيمتها أكثر من 300 مليار دولار. وفرض فعلاً رسوماً على واردات صينية بقيمة 250 مليار دولار، وهو إجراء رأى قادة العالم الآخر أنه يضر بالاقتصاد العالمي. ووعد كذلك بتخفيف حملته الأخيرة على شركة "هواوي" الصينية العملاقة، من خلال السماح لشركات التكنولوجيا الأميركية ببيعها رقائق متطورة، وذلك كجزء من المحادثات.

جيّد للغاية

وقال الرئيس الأميركي عقب الاجتماع مع نظيره الصيني الذي حضره عدد من كبار مسؤولي البيت الأبيض، بمن فيهم الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتيزر، ووزير الخارجية مايك بومبيو، ووزير الخزانة ستيفن منوشين، وكبير مستشاري التجارة بيتر نافارو: "ناقشنا أموراً كثيرة، ونحن على الطريق الصحيح. سنرى ماذا سيحدث". وأضاف: "عقدنا اجتماعاً جيداً للغاية مع الصينين، وأود أن أقول ربما أفضل مما كان متوقعاً. والمفاوضات مستمرة". اللقاء كان موضع متابعة من القادة السياسيين ومن مجتمع الأعمال في كلا البلدين وفي العالم، خصوصاً أن المواجهة الطويلة بين أقوى اقتصادين أدت إلى إلحاق الضرر بالاقتصاد العالمي. وقبل اللقاء، أعرب ترمب عن استغرابه لتلاشي جهودهما السابقة قبل نحو شهر، التي كانت تستهدف بلورة صفقة تجارية. وقال مخاطباً نظيره الصيني: "أعتقد أننا كنا قريبين للغاية، ثم حدث شيء أدى إلى انزلاق بسيط، لكن الآن أصبح أقرب قليلا".

عواقب الفشل

ويمكن أن تكون لمستقبل هذه المحادثات عواقب اقتصادية كبيرة بالنسبة إلى كلا البلدين، وعواقب سياسية على ترمب. وكان على الرئيس الأميركي تقديم أكثر من 20 مليار دولار على شكل دفعات للمزارعين الأميركيين من أجل تهدئة غضب كثيرين منهم اعتبروا أنهم وقعوا ضحية الحرب التجارية. وقد عوّل بعض مسؤولي البيت الأبيض على أن ينجح اجتماع أوساكا في إحياء المفاوضات التي بدأت بجدية العام الماضي، لكنها توقفت قبل أكثر من شهر عندما اتهمت واشنطن الصينيين بالتراجع عن بعض الالتزامات. وردّت بكين بأنها لم توافق على "المزاعم الأميركية".

 

الشركات الأميركية

قرار ترمب إرجاء الرسوم موقتاً على واردات صينية، يساعد في تقديم إعفاءات قصيرة الأجل لمئات الشركات الأميركية، التي كانت قد طالبت البيت الأبيض بهذه الخطوة من أجل تفادي تكاليف ضخمة عليها. فالرسوم بمثابة ضرائب تدفعها الشركات التي تستورد المنتجات. وقد ناشد عدد كبير منها وزارة التجارة إعفاءها، لأنها لا تستطيع استيراد المنتجات من مكان آخر. وأكد ترمب أن هذه السياسة المتشددة مع الصين هي الطريقة الوحيدة لإجبارها على تغيير ممارساتها التجارية. واعتبر أن مليارات الدولارات من إيرادات التعريفات الجمركية التي جنتها الولايات المتحدة في العام الماضي تؤكد صحة مقاربته.

وليس من الواضح إلى أين ستذهب المحادثات التجارية بعد اليوم. فقد أبدى الزعيمان استعدادهما لمواصلتها، على رغم أن ترمب قد يواجه ضغوطاً سياسية لإنهاء هذه الأزمة قريبا، نظراً إلى المخاوف على قوة الاقتصاد الأميركي التي يمكن أن تؤثر على إعادة انتخابه السنة المقبلة. وكان قد لجأ إلى الأسلوب نفسه العام الماضي عندما فرض رسوماً جمركية على سلع صينية، وعندما التقى نظيره الصيني خلال قمة "مجموعة العشرين" في الأرجنتين، قرّرا التفاوض لحل الخلافات التجارية. وفيما كان ممثلو الجانبين يجرون محادثاتهم، وافق ترمب على تأجيل فرض مزيد من التعريفات. لكن المحادثات عادت وانهارت في السنة الحالية. وانتقل ترمب بسرعة إلى تشديد الرسوم واقتراح قوانين جديدة.

وتغطي تعريفاته الراهنة على البضائع الصينية مجموعة من المنتجات التجارية والمعدات الصناعية والكثير من السلع الاستهلاكية. أما الرسوم الأخرى التي يلوح بها فستشمل كل شيء آخر، بما في ذلك الإلكترونيات والمنتجات الاستهلاكية. وقد حذرت الشركات من أن التكاليف سيتم تحويلها في النهاية إلى المستهلكين الأميركيين. وكان ترمب أعلن الأسبوع الماضي أنه يفكر في فرض تعريفة بنسبة 10% على المجموعة النهائية من المنتجات، التي تغطي أكثر من 300 مليار دولار من البضائع.

 

 

مطالب واشنطن

وخلال المفاوضات على الاتفاق التجاري في وقت سابق من هذه السنة، ركز مسؤولو البيت الأبيض على وثيقة من 150 صفحة تتعلق بتغييرات ضرورية يريدون من الحكومة الصينية أن تقوم بها لإعادة التوازن إلى العلاقة الاقتصادية. وتتناول الوثيقة سياسة العملة الصينية، والدعم الحكومي للشركات الخاصة، وإصرار بكين على نقل الشركات الأميركية التكنولوجيا إلى الصينيين، وسرقة الملكية الفكرية. ودفع البيت الأبيض الصين إلى التوقف عن إغراق السوق العالمية بالمنتجات منخفضة الكلفة، مثل الصلب والألومنيوم، بشكل يخفض الأسعار. وأراد ترمب أن تشتري الصين الكثير من المنتجات الأميركية، ولا سيما منها الزراعية، لتقليل ما يعتبره اختلالاً مالياً بين البلدين. وبعد أيام قليلة من انهيار المحادثات هذه السنة، اتخذت وزارة التجارة الأميركية إجراءات صارمة ضد شركة "هواوي" بطريقة جعلت من الصعب عليها القيام بأعمال تجارية. لكن ترمب وعد علناً بتخفيف الضغط عن الشركة كجزء من المحادثات التجارية. وقال إنه ناقش مسألة "هواوي" مع الرئيس شي خلال اجتماعهما.

مقاربتان متناقضتان

المراقبون لمسار التطورات يرون أن وراء تحدي العودة إلى المفاضات، توجد مقاربتان أميركيتان مختلفتان في التعاطي مع بكين، يتعين على الأميركيين حسم موقفهم حيالهما. الأولى، عبر اتهام الصين بالفشل في التزام القواعد منذ انضمامها إلى "منظمة التجارة العالمية" في العام 2001، ودفعها إلى العودة إليها والرضوخ إليها. أما الثانية، فهي العمل على منع الصين من أن تصبح القوة المهيمنة في القرن الـ 21 بدلاً من الولايات المتحدة. وينفذ هذا الخطاب صقور الإدارة الأميركية. ويشمل ذلك منع بكين من الاستفادة من التكنولوجيا الأميركية، أو حتى التسلل إلى الولايات المتحدة من خلال شركة "هواوي" وتكنولوجيا 5G، التي ستكون حاسمة لأنها ستسيطر على مستشفيات الغد ومحطات الطاقة النووية والاتصالات والمواصلات، إلخ... ويظل الهدف النهائي، منع الصين من الظهور ودفعها إلى الخلف.

وينتقد كثيرون هذا "التناقض،" ويقولون إن "الطريقة الأولى الأول تحاول دمج الصين في عولمة عادلة. أما الثانية، فتعمل على عزلها وإنشاء نظامين مستقلين، الأول يتمحور حول الولايات المتحدة، والثاني حول الصين التي ستحاربها واشنطن باستمرار لإضعافها. والمفاوضات التجارية الناجحة تعني، من الناحية النظرية، المزيد من التكامل الصيني، بينما الفشل يعني مزيداً من العزلة".

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد