Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل أدارت القاهرة ظهرها لحكومة الدبيبة بلا رجعة؟

انسحاب الوفد المصري مع بدء كلمة المنقوش أمام الجامعة العربية يثير المخاوف من عودة الانقسام الإقليمي

مقعد ممثل مصر شاغرا أثناء إلقاء وزيرة الخارجية في حكومة الدبيبة بطرابلس نجلاء المنقوش كلمتها في افتتاحية جلسات الجامعة العربية (أ ف ب)

للمرة الثانية خلال العام الحالي تقف العلاقة بين مصر وحكومة الوحدة الليبية على أبواب أزمة دبلوماسية بسبب خلافات اندلعت بين الطرفين على هامش اجتماع جامعة الدول العربية في القاهرة الذي ترأست جلساته وزيرة خارجية طرابلس نجلاء المنقوش.

وبعيداً من التفاصيل التي دفعت وفد مصر إلى الانسحاب من القاعة أثناء إلقاء المنقوش كلمتها في افتتاح جلسات الجامعة العربية، فإن هذا الحدث حمل كثيراً من الدلالات عن وصول العلاقات بين الطرفين إلى طريق مسدود وأعطى صورةً واضحة عن موقف مصر من الصراع الحالي في ليبيا بين قطبيه البارزين فتحي باشاغا وعبدالحميد الدبيبة.

كما أثار الموقف المصري مخاوف من عودة الانقسام الإقليمي في شأن الملف الليبي إلى المربع الأول الذي ربما يزيد من حدة النزاع المحلي بعدما بدأت تتضح شيئاً فشيئاً مواقف أبرز العواصم من التطورات الأخيرة في البلاد، خصوصاً القاهرة وأنقرة والجزائر.

الانسحاب المصري

وانسحب وفد مصر الرسمي من اجتماع وزراء الخارجية العرب برئاسة وزير الخارجية سامح شكري احتجاجاً على تولي وزيرة الخارجية والتعاون الدولي في حكومة عبدالحميد الدبيبة المنتهية ولايتها رئاسة الدورة الجديدة للمجلس (158) خلفاً للبنان أثناء إلقاء المنقوش كلمتها في افتتاح الجلسة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد حافظ إن "الوفد المصري غادر اجتماع مجلس وزراء خارجية جامعة الدول العربية مع تولي وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة نجلاء المنقوش رئاسته تحفظاً من القاهرة على تولي الرئاسة من جانب ممثل حكومة منتهية ولايتها".

وقالت مصادر مقربة من الحكومة الليبية إن مصر طلبت قبل الجلسة من المنقوش الاعتذار عن تولي رئاسة مجلس الجامعة العربية في دورتها الحالية لكنها رفضت، مما أغضب القاهرة وحمل وفدها على الانسحاب من الجلسة.

احتجاج المنقوش

وأبدت المنقوش احتجاجها على تصرف الوفد المصري موضحة "حضوري اليوم لاجتماعات جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب مدعوم بمواثيق دولية تقول إن حكومة الوحدة هي الحكومة الانتقالية الأخيرة لليبيا وصولاً إلى الانتخابات"، وعلقت على مغادرة وفد القاهرة بقولها "نحن نحترم الموقف المصري، لكن ليس بالضرورة أن نتوافق معه لأنه مخالف للمادة الثامنة من ميثاق الجامعة العربية" وأضافت "نحن نعتبر أن هذا لا يمثل وجهة نظر بعض الزملاء الآخرين ونتمنى أن نصل إلى اتفاق قريب ويكون هناك حوار حول هذه المسألة".

وصف غير دقيق

وتعليقاً منها على وصف الحكومة المصرية لحكومتها بـ"منتهية الولاية" قالت الوزيرة الليبية إن "الواقع الليبي يشهد عملية تهويل في بعض وسائل الإعلام مثل استخدام لفظ حكومة منتهية وأخرى شرعية وهو وصف غير دقيق للواقع"، وأضافت في المؤتمر الصحافي الذي عقد في ختام جلسة مجلس وزراء الخارجية العرب أن "حكومة الوحدة الوطنية من أول يوم لها حاولت جاهدة أن تكون توافقية تمثل جميع أطياف الدولة الليبية"، مشيرة إلى أنه "كان من المفترض إجراء الانتخابات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لكن كان ذلك صعباً لظروف أمنية ولوجستية ولعدم وجود قاعدة دستورية".

ورأت أن "تسميات مثل حكومة شرعية وغير شرعية ومنتهية الولاية مفردات غير دقيقة وهي التي تساعد على توسع الأزمة والانقسام".

ترحيب حكومة باشاغا

من جهتها، رحبت وزارة الخارجية في الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا بالموقف المصري من ترأس المنقوش للدورة الحالية للجامعة العربية ودعت "كل الدول العربية إلى اتخاذ موقف مماثل لموقف القاهرة الرافض لشرعية حكومة الوحدة برئاسة عبدالحميد الدبيبة."

وأعربت الخارجية في بيان عن تقديرها لموقف وزارة الخارجية المصرية وقالت إنه "بين احتراماً للشرعية الوطنية والتزاماً بخيارات الأجسام المنتخبة ومناصرة لحق الليبيين في استرداد وامتلاك العملية السياسية".

ودعت حكومة باشاغا "جامعة الدول العربية وأمانتها إلى فك الارتباط نهائياً بحكومة الوحدة كونها منتهية الولاية ومسحوبة منها ثقة مجلس النواب وأن يقتصر حصراً التعامل مع الحكومة الليبية الشرعية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


رفض مسبق

وترأست المنقوش الدورة 158 لمجلس جامعة الدول العربية على الرغم من رفض حكومة باشاغا، الإثنين، تولي الحكومة المنتهية الولاية رئاسة الدورة على المستوى الوزاري، واعتبرت أن "الجامعة بهذا الإجراء تخالف دورها المعهود في التضامن الكامل مع دولة ليبيا في أزمتها والاعتراف بالحكومة الليبية الجديدة ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الليبي". 

وأوضحت أن "مثل هذه الإجراءات تهدد الاستقرار ووحدة البلاد وتمثل انحيازاً إلى طرف سياسي منتهي الولاية وفاقد الشرعية القانونية".

دلالات لا لبس فيها

في ليبيا، اتفقت معظم الآراء على اعتبار الموقف المصري تأييداً صريحاً للبرلمان في طبرق حليفها التقليدي والحكومة الجديدة التي شكلها برئاسة باشاغا، وهو موقف سيكون له تأثيره الكبير في مسار الأحداث بالنسبة إلى الجارة الغربية لمصر، نظراً إلى دور القاهرة الفاعل بالملف الليبي.

وكان مجلس النواب الليبي اعتبر تسلم المنقوش رئاسة اجتماع الجامعة العربية "أمراً غير قانوني"، وعد ما أقدمت عليه المنقوش "مخالفة صريحة للمعايير الدولية والعربية وسابقة خطيرة تؤثر في العلاقات المستقبلية بين الدول العربية بالنظر إلى أن حكومة الدبيبة مغتصبة للسلطة وتم سحب الثقة منها، بالتالي هي فاقدة للشرعية".

أزمة ثانية

وهذه هي المرة الثانية التي تندلع فيها أزمة دبلوماسية حادة بين القاهرة وطرابلس خلال العام الحالي، تحديداً منذ تشكيل البرلمان لحكومة باشاغا في مارس (آذار) الماضي.

وكانت الأزمة الأولى بين الطرفين وقعت في يونيو (حزيران) الماضي مع نشر وزارة الخارجية في حكومة الوحدة الليبية بياناً عن استقبال وكيل الوزارة للشؤون السياسية محمد خليل عيسى القائم بالأعمال بالسفارة المصرية لدى ليبيا تامر مصطفى.

وقالت وزارة الخارجية في بيان إن "عيسى أبلغ المندوب المصري باستياء وزارة الخارجية من الطريقة السيئة لمعاملة المواطنين الليبيين خلال دخولهم وخروجهم من الأراضي المصرية عبر منفذ السلوم البري والإشكالات الأخرى الموجودة داخل المعبر".

ونقل بيان الخارجية الليبية عن القائم بالأعمال المصري رفضه لهذه الأفعال المشينة وأنها غير مقبولة بالمرة ومستهجنة وسيعمل بشكل جدي على نقل هذه المشكلات إلى السلطات المصرية المتخصصة وموافاة وزارة الخارجية الليبية بالرد.

وردت القاهرة على البيان الليبي رداً أغضب كثيراً حكومة الدبيبة، قالت فيه "ليس من المستغرب أن تحاول بعض الأطراف تناول بيانات غير دقيقة في محاولة لتشتيت الانتباه، لا سيما مع حلول تاريخ 22 يونيو موعد انتهاء خريطة طريق ملتقى الحوار السياسي وولاية حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنبثقة منه"، في إشارة إلى افتعال حكومة الدبيبة الأزمة للتغطية على موعد انتهاء ولايتها.

المزيد من العالم العربي