Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العراق يحاول احتواء العلاقة مع البحرين… ورسالة الميليشيات في بغداد

اقتحم عناصر مبنى السفارة البحرينية في العاصمة ورفعوا العلم الفلسطيني

في تطور يعكس حقائق القوة على الأرض في العراق، اقتحم عناصر، يعتقد أنهم ينتمون إلى ميليشيات محلية موالية لإيران، مبنى السفارة البحرينية في بغداد، وقاموا بإنزال العلم البحريني، ورفع العلم الفلسطيني بدلاً منه.

وسوّقت وسائل الإعلام العراقية الموالية لإيران الخبر على أنه حراك شعبي احتجاجي عفوي، ضد ما يعرف بـ"صفقة القرن"، التي استضافت البحرين أخيراً ورشة نقاشية بشأنها. لكن مراقبين في بغداد يعتقدون أن الحادثة مدبرة، وجرى تنفيذها من قبل أطراف اعتادت التخطيط لتحركاتها جيداً.

عشاء المعتدين

وفي التفاصيل، اقتحم عشرات الأشخاص، مساء الخميس، مبنى السفارة البحرينية، الواقع في حي المنصور في وسط بغداد، فيما هرب عناصر الأمن المكلفين حماية السفارة، بعدما تلقوا تهديدات علنية بالقتل، إذا قرروا التصدي للمحتجين المفترضين.

وتوقف المقتحمون عند مدخل السفارة، ثم تسلق عدد منهم الجدران، لإنزال العلم البحريني، ورفع الفلسطيني مكانه.

وعلى الرغم من أن هذه العملية تمت على مرأى ومسمع العشرات من عناصر الأمن، الذي يمثلون أجهزة مختلفة، إلا أن أحداً منهم لم يتدخل، ما يفسر السطوة الكبيرة التي تملكها الميليشيات العراقية الموالية لإيران على المؤسسة الأمنية الرسمية.

وقال شهود عيان لـ "اندبندنت عربية" إن "عدداً من السيارات وصل إلى منطقة المنصور مساء الخميس، وكانت محملة بعشرات الأشخاص، ترافقها سيارات تقل أشخاصاً يحملون أسلحة متوسطة، ما يشير إلى أنها ربما تكون رسمية".

وأضاف الشهود أن الأشخاص ترجلوا من السيارات التي تقلهم إلى أحد المجمعات القريبة من السفارة البحرينية، وتناولوا طعام العشاء فيه، قبل أن يهاجموا مبنى السفارة، حيث هرب الحرس المكلفون بحمايته فوراً.

وتشير هذه الوقائع إلى أن عملية الاعتداء على السفارة البحرينية أعد لها جيداً من قبل جهات يمكنها تحريك سيارات تحمل مسلحين في أهم أحياء العاصمة العراقية، وهي مطمئنة إلى أن أحداً لن يجرؤ على التعرض لها.

وحظي الاعتداء على السفارة البحرينية بدعم غير مباشر من رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، الحليف العراقي الوثيق لإيران، الذي دعا "شعوب الأمة الإسلامية إلى التحرك الجاد وتنظيم مواقفها لرفض هذه الخطوة المتقدمة من حالة الانبطاح والتسليم على طريق صفقة القرن".

الأجهزة الأمنية تنتظر الجهات العليا

كما درجت العادة في بغداد، لم يكن التدخل الأمني في مثل هذه الحالات ليحدث، إلا إذ صدرت الأوامر من جهات عليا، مثل وزير الداخلية أو رئيس الوزراء شخصياً. وهذا ما حدث بالفعل، إذ تدخلت قوة خاصة لتفريق المحتجين المفترضين، وأمنت محيط مبنى السفارة البحرينية، قبل أن يحضر وزير الداخلية شخصياً إلى موقع الحدث، للاطمئنان على البعثة الديبلوماسية البحرينية.

وأعربت الحكومة العراقية في بيان، عن "أسفها الشديد لقيام عدد من المتظاهرين بالتجاوز على مبنى سفارة مملكة البحرين الشقيقة... والقيام بأعمال تخريبية مخالفة للقانون وسلطة الدولة وحصانة البعثات الدبلوماسية"، مؤكدة أن الأجهزة الأمنية اتخذت "الإجراءات الحازمة والفورية لإخراجهم من السفارة وكذلك لإعادة النظام وتوفير الحماية اللازمة واعتقال المتسببين تمهيداً لتقديمهم إلى القضاء".

وقال البيان إن "الحكومة العراقية جادة في منع خرق النظام والقانون ولن تتسامح مطلقاً مع مثل هذه الأعمال".

ملك البحرين يقدر موقف العراق

في غضون ذلك، عبّر ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة عن تقديره موقف العراق الرافض الاعتداء على سفارة بلاده في بغداد، خلال اتصال أجراه مع الرئيس العراقي برهم صالح.

وأكد ملك البحرين، وفق البيان، "اعتزاز بلاده بعمق العلاقات الأخوية مع جمهورية العراق وشعبها، والعمل المشترك لأجل المضي بتلك العلاقات إلى آفاق أرحب على مختلف الصعد وعلى المستويات كافة بما يدعم مصالحهما وردع كل من يحاول الإساءة إليها".

في المقابل، أكد صالح حرص العراق "على كل ما فيه خير وتعزيز العلاقات الأخوية والتاريخية بين مملكة البحرين وجمهورية العراق"، مشدداً على أن "العراق لا يمكن أن يسمح أبداً بالنيل من تلك العلاقات الوثيقة".

وكان وزير الداخلية العراقي ياسين طاهر أعلن اعتقال 54 شخصاً من المتورطين في حادثة الاعتداء على السفارة، مؤكداً إحالتهم على الجهات القضائية المتخصّصة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقرأ المراقبون في إشارة الوزير العراقي إلى إحالة المتورطين على القضاء، تلميحاً إلى نية الحكومة اتخاذ إجراء رادع ضد المعتدين، فيما وصفوا توجه طاهر شخصياً إلى مبنى السفارة بأنه إجراء "فوق العادة لتهدئة الخواطر واحتواء التداعيات"، على الرغم من أن وزارة الخارجية البحرينية استدعت سفيرها في العراق إلى المنامة للتشاور.

ولم تقف إجراءات الاحتواء العراقية على التدخل الأمني وبيانات الرفض الرسمية، إذ أجرى وزير الخارجية العراقي محمد الحكيم اتصالاً هاتفياً مع نظيره البحريني خالد بن أحمد آل خليفة.

وقال أحمد الجبوري، وهو مشرّع عراقي، إن "التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي مكفول دستورياً وعالمياً، لكن اقتحام السفارات وإنزال إعلام الدول مرفوض ومستنكر جداً".

ودعا الجبوري الحكومة العراقية إلى "تقديم الاعتذار إلى الحكومة البحرينية، ومحاسبة الذين اقتحموا سفارة البحرين وتوفير الحماية اللازمة للسفارات".

رسالة الميليشيات

يقول مراقبون إن تنفيذ الاعتداء على السفارة البحرينية في هذا التوقيت، ينطوي على رسالة واضحة، بأن الميليشيات العراقية الموالية لإيران، يمكنها التحرك في بغداد بلا رادع.

وسخر مدونون عراقيون من محاولات تسويق الاعتداء على أنه نصرة للشعب الفلسطيني، مؤكدين أن الأصابع الإيرانية التي تقف خلفه واضحة.

ويقول مراقبون إن هذه التطور يعكس جرأة الميليشيات العراقية الموالية لإيران، واستعدادها للذهاب بعيداً حتى إلى تفجير الوضع الداخلي، إذ ما اقتضت مصالح طهران ذلك.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي