Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

درس مايك تايسون... قسوة الانهزام خارج الحلبة

أعادت مأساة الملاكم الفذ ذكرى كلاي ومارادونا وأساطير رياضية أخرى جرفتها حياة الصخب والأزمات

ملاكم أميركي بملامح أفريقية جنى ثروة تجاوزت الـ300 مليون دولار ومع ذلك أشهر إفلاسه (أ ف ب)

لا يتحكم في غضبه وانفعالاته أو تصريحاته، فقد اعتزل مايك تايسون الملاكمة واحترف إثارة الجدل عن جدارة، إنه يعاني مع زوجته ويشعر بأن نهايته اقتربت ويظهر مشوشاً ومضطرباً يشكو المرض من فوق كرسيه المتحرك، لكنه يحرص دائماً على ارتداء ملابس رياضية أنيقة تكشف عن لياقته في عامه الـ56.

ملاكم أميركي بملامح أفريقية جنى ثروة تجاوزت 300 مليون دولار، ومع ذلك أشهر إفلاسه في حين تدور حوله شبكة من الحكايات المتضاربة تليق برياضي استثنائي حقق الشهرة والتميز والمال وقبع في السجن لأعوام وبعدما اعتقد الجميع بأن مشواره انتهى أثبت أنه لا يزال قادراً على خطف الانتباه.

قصة مايك تايسون الذي يبدو حاضراً في وسائل الإعلام هذه الأيام أكثر مما كان في عز مجده الرياضي، تحاكي في تفاصيلها المربكة والمتناقضة "حواديت" أخرى كان نجومها رياضيون لامعون، ومع الوقت انتقلت أخبارهم من مجال الرياضة إلى دنيا المجتمع والمنوعات والحوادث والفضائح كذلك.

الهزيمة خارج الحلبة

مايك تايسون الذي يتنقل بواسطة كرسي متحرك ممسكاً بعصا بسبب معاناته من التهابات في الظهر وصعوبات في الحركة على أثر إصابته بمرض عرق النساء الشائع، شغل العالم مجدداً بالنظر إلى رصيده الهائل لدى الجماهير وغموض حاله العقلية قبل الجسدية إذ تتحدث تقارير عن إصابته بمرض الاضطراب ثنائي القطب، كما شارك قبل عامين في لقاء تلفزيوني عبر الفيديو بدا فيه مشوشاً للغاية تخرج الكلمات من فمه على غير ترتيب، وكذلك كان يتحدث قبل أسابيع قليلة عبر "بودكاست" مع الطبيب شون ماكفارلاند المتخصص في علاج الإدمان، وقال حينها إنه يشعر بأن نهايته اقتربت وإن المال لا يحمي من أخطار الحياة ولا يجلب السعادة بل هو مجرد وسيلة للعيش في أمان مزيف.

حكمة مايك تايسون لم تكن نابعة فقط من تصريحات نسبت إلى زوجته لاكيها سبايسر (45 سنة) وقالت فيها إنها تعتبر حصولها على ثروة تايسون بعد رحيله مصدراً للأمان طويل الأمد، مما جعل صاحب الثروة يعبر عن دهشته، فحياته امتلأت بالتحديات والنجاحات الباهرة وكان يلقب بالرجل الحديدي الذي حقق بطولة العالم للوزن الثقيل للمحترفين وهو في العشرين من عمره، وكان أول بطل في الوزن الثقيل يحوز ألقاب (WBA وWBC وIBF)، كما خاض 58 مباراة احترافية حقق الفوز في خمسين منها، ولديه حضور سينمائي أيضاً في أفلام مثل "Meet the Blacks" و"China Salesman" و"The Hangover" و"Rocky Balboa"، كما شارك في الفيلم المصري "حملة فرعون" مع عمرو سعد عام 2019.

 

في مقابل كل ذلك، يمتلك تايسون رصيداً لا يمكن تجاهله من الأزمات التي تصاحب كل إطلالة له، فأخيراً دعا محبيه إلى مقاطعة شبكة "Hulu" التي تعرض مسلسلاً عن مسيرته يحمل عنوان "مايك" مؤكداً أنهم اختلسوا قصة حياته ولم يمنحوه المقابل المادي، كما أثار ضجة عارمة قبل فترة قصيرة لدى تداول فيديو له وهو يضرب راكباً على متن طائرة بعدما طلب الراكب التقاط صورة معه، وحينها علق بأنه لم يعد يعرف كيف يسيطر على غضبه ويتناول أدوية لعلاج هذا الأمر، بل وطالب بمنعه من استقلال الطائرات مع الجماهير.

التوتر في حياة اللاعب الذي كان قاب قوسين أو أدنى من مضاهاة مسيرة الملاكم التاريخي الأبرز محمد علي كلاي في تلك الرياضة العنيفة، بدأ منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي حينما دخل السجن على أثر اتهامه باغتصاب مراهقة، ثم خرج بعد نصف المدة معتنقاً الإسلام بهدف أن يصبح "نسخة أفضل" بحسب تصريحاته حينها، ثم قضم أذن منافسه إيفاندر هوليفيلد في مباراة أقيمت عام 1997 ومني خلالها بالهزيمة، وعلى الرغم من العلاقة التي ربطته بالملاكم الراحل أستاذه محمد علي كلاي فإنه لم يكمل أسطورته واعتزل قبل 17 عاماً، كما أعلن إفلاسه الغامض عام 2003، وعلى الرغم من ذلك لا يزال يعود من حين لآخر إلى الحلبة وخاض نزالاً قبل عامين أمام روي جونز وأثبت تمكنه وقوته خلال المباراة التي ذهبت أرباحها لأعمال خيرية.

انتصارات وانهيارات

إذاً تايسون أخذ من كلاي بعضاً من مهاراته، لكن نصيبه الأكبر كان من التدهور والانقلابات التي اتسمت بها حياة الملاكم الراحل الذي ولد في يناير (كانون الثاني) عام 1942 باسم كاسيوس مارسيلوس كلاي جونيور قبل أن يشهر إسلامه في وقت لاحق وتوفي عن 74 سنة عام 2016، وما بينهما كانت سنوات من الانطلاقات جنباً إلى جنب مع الأزمات الطاحنة.

إنه الرجل الذي كان يطير كالفراشة ويلسع مثل النحلة كما كان يصف نفسه والحائز لقب رياضي القرن عام 1999، والمؤثر البارز الذي تم سن قانون باسمه لحماية الملاكمين في الولايات المتحدة الأميركية والحاصل على لقب بطولة العالم ثلاث مرات والذي فاز في 37 مباراة بالضربة القاضية، هذه بعض إنجازاته الكبيرة التي شيدها في مسيرة قصيرة إذ اعتزل قبل أن يكمل عامه الأربعين، وبعد أعوام قليلة من تقاعده أصيب بمرض "باركنسون" وظل متعايشاً مع تطورات إصابته، لكن في عام 2005 عاد للانتكاسة بين فترة وأخرى حتى رحيله.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما شهدت حياة كلاي العائلية اضطرابات كبيرة كذلك، فقد تزوج ست مرات وعرف بتعدد علاقاته وكان له تسعة أبناء أحدهم بالتبني، ونشبت الخلافات بينهم قبل أعوام من وفاة الأب، كما انقطع ابنه محمد علي الصغير عن التواصل معه بعدما اشتد عليه المرض وكانت النتيجة أن حرم الابن من الميراث وأصبح يعيش شبه مشرد بحسب تصريحات أدلى بها.

بحر الخلافات العائلية

العلاقات النسائية وخلافات الأبناء أيضاً كانتا عنواناً لحياة دييغو أرماندو مارادونا، فأسطورة كرة القدم العالمية المولود في الأرجنتين عام 1960، لم تقل تصرفاته جنوناً عن تألقه غير المسبوق كلاعب صاحب جماهيرية شاسعة، وفارق مارادونا الحياة في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 بعدما أكمل الـ60 من عمره بأسابيع قليلة.

حقق مارادونا بطولات مهمة ولعب في كأس العالم مرات عدة وقاد منتخب بلاده إلى الفوز على أكبر الفرق وقدم أداءات لا تنسى في البطولات التي خاضها وأبرزها مونديال عام 1986 حين سجل هدفاً شهيراً بيده في مباراة الأرجنتين ضد إنجلترا، كما قاد فرقاً عدة كمدرب عتيد، لكنه كان نزقاً وغاضباً على الدوام، يتناول المنشطات والمواد المخدرة وأصيب في سنواته الأخيرة بمتاعب في المعدة بسبب إدمان الكحول وأدخل المستشفى بصفة متسمرة وظهر مراراً مترهلاً يعاني من صعوبة في المشي، كما خاض صراعات كثيرة بسبب اتهامه بالتهرب الضريبي، كما أن تعدد علاقاته النسائية جعله يدخل في أزمات عدة لإثبات نسب أطفال أنكرهم تماماً، وبعضهم سخر منه في أواخر أيامه وبينهم جيانا التي قالت عن تعدد أبناء والدها غير الشرعيين إن عدد إخوتها يقترب من تشكيل فريق كرة قدم.

نهايات مأساوية

التألق في الملعب لا يكون أصحابه محظوظين في بعض الأوقات، ففي حين يحرص معظم مشاهير الرياضة حالياً على التمتع بحياة صحية بعيداً من التورط في متاعب التعاطي أو حتى الأزمات العائلية مثل ديفيد بيكهام وميسي ورونالدو، فإن البعض الآخر، بخاصة من الجيل السابق، يبدو أنهم كانوا أقل حظاً وتخطيطاً لحياتهم ومن بين تلك القصص ما حدث مع المصري محمد حسن الذي أثبت تفوقاً لافتاً وشارك في بطولات مهمة في رياضة الملاكمة، فكان يلعب باسم ألمانيا التي هاجر إليها صغيراً وصنع حياته ومجده هناك، لكنه لم يعرف كيف يخطط لمسيرته كرياضي إذ توقف وهو لا يزال شاباً على الرغم من تميزه وتشجيع المحيطين له.

 

حكاية حسن جسدها الفنان الراحل أحمد زكي في فيلم "النمر الأسود" عام 1984، وعلى الرغم من التفاؤل والأمل والإلهام التي حملها العمل الذي أخرجه عاطف سالم وشاركت في بطولته الفنانة وفاء سالم، فإن البطل الحقيقي لم تستمر حياته في الصعود إذ ترك الرياضة بعد أن أصبح رجل أعمال ناجحاً في ألمانيا محققاً شهرة وثروة في مجال آخر، لكنه بات حزيناً للغاية بعد وفاة زوجته وعاد إلى مصر وعاش لسنوات مصاباً بمرض "ألزهايمر"، وكانت نهايته مفجعة ففارق الحياة تحت عجلات مترو القاهرة حينما كان متوجهاً لزيارة شقيقته.

النهايات المأساوية كانت عنواناً كذلك لخاتمة حياة كثير من الرياضين البارزين في العالم، من بينهم كوبي براينت لاعب كرة السلة الأميركي الذي أحزنت وفاته وابنته جيانا مطلع عام 2020 العالم، إذ توفيا مع ثمانية آخرين نتيجة تحطم الطائرة التي كانت تقلهم وكان اللاعب الموهوب في الـ42 من عمره، وقبل أيام قليلة حصلت أرملته على تعويض 16 مليون دولار بسبب نشر صور من أشلاء جثمانه من موقع الحادث.

أما لاعب الكرة الأرجنتيني الشاب إيمليانو سالا، فكان مسافراً من فرنسا إلى نادي كارديف سيتي الإنجليزي قبل أن تختفي طائرته ليعثر عليها في ما بعد ويفارق صاحب الـ29 سنة الحياة بكارثة تحطم طائرة، الأمر ذاته بالنسبة إلى الملاكم الفرنسي ألكسي فاستين الذي توفي بعد سقوط طائرة كان على متنها أثناء تصوير أحد البرامج في الأرجنتين.

اقرأ المزيد

المزيد من رياضة