Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انتقادات "سخيفة" لرئيسة وزراء فنلندا بسبب حضورها حفلة

هناك أمور أسوأ يقوم بها القادة السياسيون كغزو دولة أخرى على سبيل المثال

حين يدعي سوناك أنه يستمتع بتناول فطور لفائف "ماكدونالدز" التي لم تعد مدرجة على القائمة منذ قرون! تظهر سانا مارين كم أنها إنسانة طبيعية (أ ف ب عبر غيتي)

سانا مارين رئيسة وزراء فنلندا البالغة من العمر 36 سنة، التي وصفتها صحيفة التابلويد الألمانية "بيلد" بأنها "أكثر رؤساء الوزراء في العالم روعة"، ضبطت تحتفل الأسبوع الماضي.

ففي فيديو مسرب مؤلف من مقاطع عدة نشرت على "إنستغرام" قبل أن تحذف، إلا أن صحيفة التابلويد "إيلتاليهتي" Iltalehti الفنلندية عمدت إلى نشره، شوهدت مارين وهي تشرب الكحول وتغني وترقص وتعانق صديقاتها وتستمتع بوقتها.

أقول "ضبطت"، لأن ذلك أثار فضول بعض الناس في شأن ما حصل فعلاً، فاستناداً إلى وسائل إعلام فنلندية أمكن سماع شخص ما في خلفية أحد المقاطع وهو يهتف "عصابة الدقيق!"، وهو تعبير بالعامية في ما يبدو للإشارة إلى مخدرات الكوكايين أو الأمفيتامين، لكن سانا مارين تنفي أن يكون أحدهم قد صاح بذلك، وتقول إنها على أية حال لا تعرف معنى تلك العبارة، ربما أضافت أيضاً أنه ليس من الغرابة أن يتلفظ أشخاص بصوت عال بعبارات لا معنى لها تحت تأثير الكحول، كما نعلم جميعاً.

أحد كتاب الرأي في "إيلتاليهتي" لم يتوان عن الإشارة إلى أنه "غني عن القول" إن رئيسة وزراء فنلندا لا يمكن أن تشارك في حفلات يتم خلالها تعاطي المخدرات المحظورة بصورة علنية، وفي تغريدة على "تويتر" رأى ميكو كارنا، وهو نائب عن "حزب الوسط" الفنلندي Centre Party، أنه يتعين على رئيسة الوزراء أن تخضع لاختبار تعاطي المخدرات، وصدرت تصريحات مماثلة عن السياسية ريكا بورا من "حزب الفنلنديين Finns Party" [حزب سياسي يميني شعبوي في فنلندا].

إلا أن سانا مارين تغاضت عن تلك الملاحظات والاعتراضات، مؤكدة استعدادها لإجراء الاختبار، لكنها تساءلت عما إذا كان مثل هذا الأمر ضرورياً، طبعاً تهافت المتشددون للإدلاء بدلوهم هم أيضاً في الموضوع عبر "تويتر"، فكتب آليكسي فالافوري وهو أحد مقدمي البرنامج الحوارية متوجهاً لرئيسة الوزراء بعبارات مثل: "أنت عديمة الأهلية"، "جاهلة إلى أبعد حد"، "تنحي عن منصبك".

في المقابل، ربما يكفي أن نلقي نظرة خاطفة اليوم على سلوكيات قادة البلدان الأوروبية الأخرى، لنصل إلى استنتاج مفاده أن هناك أموراً أسوأ وقضايا أساسية أكثر أهمية من الاحتفال مع أصدقائك، سواء كان شخص ما في الخلفية يصيح بعبارات ما أم لا، (منها على سبيل المثال غزو دولة أخرى)، حتى لو افترضنا أن سانا مارين ارتكبت خطأ يذكر، إلام يجب أن يلمح ذلك؟ هل يتعين عليها أن تمضي جميع أوقات فراغها قابعة في السرير، تحتسي شراب "لونكيرو" الفنلندي، وأن تستغرق في التأمل بمآسي العالم؟ حري بكم التروي وضبط النفس.

بدا أن هناك مبالغة في رد الفعل، إلى درجة أنه لا يمكن إلا أن نتساءل عما إذا كان هناك دافع آخر لهذا الغضب من جانب منتقديها، فبطبيعة الحال تطغى أحياناً الانتهازية السياسية التي يمكن توقعها ولا مفر منها، لكن ربما يشعر هؤلاء ببعض الاستياء وخيبة الأمل، لأنه لم تتم دعوتهم إلى حفلة سانا مارين، لقد بدت الحفلة ممتعة وربما يحسدها هؤلاء على تجرؤها أكثر منهم على الرقص واللهو والاستمتاع بأوقاتها.

بصراحة، إن رؤية سياسي يتصرف كإنسان عادي أمر يبعث على البهجة، ففيما يدعي [وزير الخزانة البريطاني السابق المرشح لرئاسة الوزراء] ريشي سوناك أنه يستمتع بتناول فطور لفائف "ماكدونالدز" التي لم تعد مدرجة على القائمة منذ قرون! تظهر سانا مارين وليس للمرة الأولى كم أنها إنسانة طبيعية تتصرف على سجيتها، من دون تخطيط مسبق من فريق علاقاتها العامة لذلك.

الجدل القائم الآن لا يختلف كثيراً عن الضجة التي حدثت عندما تم تصويرها لمجلة "تراندي" Trendi وهي ترتدي سترة بلا قميص تحتها، وتم وصف ذلك بأنه سلوك لا يليق بمنصبها، وبأنه ما كان عليها أن تفعل ذلك في الوقت الذي كانت تتفشى فيه الموجة الثانية من وباء "كوفيد" في فنلندا.

إن ذاك التصرف ينم في الحقيقة عن سوء تقدير للأمور، فما يجدر ذكره هنا في نهاية المطاف، أن سانا مارين التي كانت حكومتها في معظمها من النساء، قد تعرضت للسخرية من قبل، وبعدما نعتت بأنها "خزانة أحمر الشفاة" و"سبايس غيرلز"The Spice Girls  [نسبة إلى فرقة فتيات بوب بريطانية]، لكنها حظيت بثناء دولي على طريقة تعاملها مع جائحة "كوفيد". إذ إنه بعد ثلاثة أشهر من توليها المنصب الأول في البلاد حلت الجائحة، فقامت باتخاذ إجراءات سريعة، ومع حلول شهر إبريل (نيسان) أظهر نحو 85 في المئة من الشعب الفنلندي دعمهم لسياستها، واعتباراً من نهاية شهر أبريل هذه السنة حازت حكومتها أعلى 5 درجات موافقة [تأييد شعبي] منذ إطلاق مقياس اتجاه الناخبين، وهو مسح نصف سنوي يجرى في فنلندا منذ عام 1991 (لمعرفة موقف الناخبين من أداء مختلف الأحزاب السياسية في البلاد).

لا بد من الإشارة طبعاً إلى أن هذه المرأة تقود البلاد التي توجت في شهر مارس (آذار) الماضي بلقب "الدولة الأكثر سعادة" في العالم، للسنة الخامسة على التوالي.

من هنا، إذا أرادت سانا مارين أو أي سياسي آخر الاحتفال في هذا الصدد، فإنني أقول لهم قوموا بذلك، لكن رجاء ليس في أوقات الإغلاق.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء