Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مجموعة العشرين تجتمع في أوساكا وسط عواصف الحروب التجارية

المنتدى يمثل نحو 80٪ من الناتج الاقتصادي العالمي و75٪ من إجمالي التجارة الدولية

يرحب رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي بقادة العالم في أوساكا لحضور القمة السنوية لمجموعة العشرين (G20). حيث يحتلّ هذا النادي الذي يضمّ اقتصادات كبرى موقع الصدارة في الحكم العالمي منذ نوفمبر (تشرين الأول) 2008، عندما دعا الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش لجنة الطوارئ للمساعدة في إنقاذ عالم ينهار ويتجه نحو الهاوية المالية والاقتصادية.

واتّسع نطاق مجموعة العشرين منذ ذلك الحين ليشمل مجموعة متزايدة من القضايا العالمية. وتكمن أهمية مجموعة العشرين في كون أن دولها مجتمعة تمثل نحو 80٪ من الناتج الاقتصادي العالمي، ونحو 75٪ من إجمالي التجارة العالمية، ونحو ثلثي سكان العالم. بقيت هذه الأرقام مستقرة نسبياً بينما تقلّصت المعدلات المقابلة لدول مجموعة السبع (G7).

وتوفّر مجموعة العشرين فرصاً فريدة لمواجهة مختلف التحديات العالمية. وسيكون الاجتماع الثنائي الأكثر أهمية في أوساكا بين  الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الصيني شي جين بينغ، حيث يسعى الرئيسان إلى إنهاء الحرب التجارية العميقة بين الولايات المتحدة والصين، ومن المرجّح أن تضغط الولايات المتحدة من أجل خلق جبهة موحدة ضد تهديدات الانتشار النووي من كوريا الشمالية وإيران.

ويخطط ترمب أيضاً للاجتماع الثنائي مع قادة روسيا والهند والدولة المضيفة، من بين آخرين.

الإعلام الأميركي تحديداً سيراقب تلك اللقاءات لمعرفة ما إذا كان ترمب، بعد اجتماعاته المثيرة للجدل مع فلاديمير بوتين في مؤتمرات قمة مجموعة العشرين السابقة في هامبورغ وبوينس آيرس، وكذلك في هلسنكي العام الماضي، سيقرر استخدام مترجم أو كاتب ملاحظات أميركي في محاضرته في جلسته المرتقبة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ويتوقع أن يشيد ترمب ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، بالشراكة الاستراتيجية المتعمقة بين بلديهما، بما في ذلك توسيع التعاون الدفاعي. كما سينضمان إلى شينزو آبي رئيس الوزراء الياباني في اجتماع ثلاثي يهدف إلى إعادة تأكيد رؤيتهم المشتركة حول "المحيط الهندي الهادئ المنفتح"، وهو مفهوم استراتيجي يهدف إلى احتواء طموحات الصين الجيوسياسية. في الوقت نفسه، سيتعرض "مودي" لضغط محلي مكثف لمواجهة ترمب بشأن الرسوم التي فرضتها إدارته أخيرا على الواردات من الهند.

أجندة القمة

اليابان وضعت أجندة طموحة لرئاسة مجموعة العشرين، تشمل الموضوعات الرئيسة إزالة العوائق الهيكلية أمام النمو، وإصلاح النظام التجاري العالمي، وتكييف الاقتصاد العالمي مع ثورة البيانات، ومكافحة تغير المناخ والتلوث البلاستيكي، وتعديل سياسة التوظيف لتعكس المجتمعات المسنة، وتمكين المرأة في القوى العاملة، ودفع التنمية المستدامة وتحقيق التنمية المستدامة تغطية صحية شاملة. ويعكس هذا البرنامج المترامي الأطراف مركزية مجموعة العشرين المتصورة كمجموعة توجيه عالمية، وكذلك الإغراء المستمر للدول المضيفة المتعاقبة لإضافة مبادرات توقيع إلى أولويات مجموعة العشرين السابقة.

السفير الياباني في مصر : تحديات مهمة تواجه القمة

وبحسب السفير الياباني بالقاهرة، ماساكي نوكي، فإن قمة "مجموعة العشرين" هذا العام تمثل مناسبة مهمة لنقاشات جماعية ومباحثات ثنائية حول مستقبل القضايا العالمية، التي تمثل أهمية ضرورية لأغلب اقتصادات العالم.

نوكي أوضح، في إتصال مع "اندبندنت عربية"، أن "القمة التي تترأسها بلاده هذا العام، وتضم أكبر 20 اقتصاداً عالمياً بواقع 85% من الناتج الإجمالي العالمي، ستركز على 3 ملفات رئيسية متعلقة بالتجارة الدولية والتنمية الاقتصادية المستدامة، فضلا عن ملف الابتكار".

ووفق حديثه، فإن "واحداً من أهم التحديات التي تواجه القمة هو إعادة الثقة بالنظام التجاري الدولي متعدد الأطراف، إذ يتصاعد التوتر التجاري بين دول العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة والصين، الذي بدأ يؤثر سلباً في معدلات النمو"، مشدداً على أن "حركة التجارة الدولية ومستقبل حريتها مهمان وضروريان للجميع".

وتابع السفير الياباني بالقاهرة، "فيما يتعلق بالملف الثاني، فإن قادة الدول المجتمعين سيناقشون بعض القضايا المتعلقة بالاقتصاد الرقمي وخدمته لتحقيق التنمية المستدامة، كما سيتباحثون أيضاً بشأن موضوع الابتكار، وذلك من خلال مناقشة أهداف التنمية المستدامة، التي هي عبارة عن إطار لتعزيز التنمية بالعالم، إذ ستلعب خلاله التكنولوجيا الابتكارية دوراً كبيراً لمناقشة قضايا مثل التغيرات المناخية وغيرها".

 وأضاف، "رغم أن الوصول إلى توافق أو إجماع بشأن حرية التجارة الدولية في الوقت الراهن يحتاج إلى مجهود كبير، فإننا نأمل أن تحل اللقاءات الثنائية المقرر عقدها على هامش القمة بعضاً من القضايا العالقة، أو أن تصل إلى درجة من التفاهم".

وذكر نوكي، "هناك موضوعات أخرى ستناقش في القمة، من بينها مستقبل البنية التحتية، وقضايا الصحة العالمية والنفايات"، مشيراً إلى لقاءات "ثنائية مهمة" مقرر عقدها بين أغلب قادة الدول المجتمعين خلال القمة.

يقول السفير الياباني بالقاهرة، "إنه في خضم الحرب التجارية المتصاعدة بين بكين وواشنطن، أبلغت طوكيو مراراً قادة البلدين بأن تقييد حرية التجارة لن يفيد أحداً في العالم، ومن ثمَّ سيكون هناك نقاش مهم في هذا الصدد على هامش القمة".

وتشكلت مجموعة العشرين في عام 1999، في أعقاب الأزمة المالية الآسيوية من أجل توحيد وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية من 20 من أكبر الاقتصادات الناشئة في العالم، في ذلك الوقت وافقت دول مجموعة العشرين على إجراءات إنفاق بقيمة 4 تريليونات دولار لإنعاش اقتصادياتها، ورفضت حواجز التجارة وعمدت إلى تنفيذ إصلاحات بعيدة المدى للنظام المالي.

واليوم تضع الولايات المتحدة ضغوطا على المنتدى، حيث يتعارض الموقف الأميركي مع التزام المجموعة التقليدي نظاما تجاريا دوليا تدعمه انخفاض التعريفات الجمركية ومنظمة التجارة العالمية. ومنذ عام 2018، أصدر الرئيس ترمب أو هدّد بفرض رسوم جمركية أعلى على الأرجنتين، وأستراليا، والبرازيل، وكندا، والصين، والهند، واليابان، والمكسيك، وكوريا الجنوبية، وتركيا، والاتحاد الأوروبي، متحديا أعضاء مجموعة العشرين الذين يمثلون أكثر من نصف اقتصاد العالم.

حروب التعريفات التجارية بين كبرى اقتصادات العالم والتحديات الجيوسياسية، والأخرى المرتبطة بالحوكمة العالمية وتعزيز كفاءتها، ستهيمن على أجواء اللقاءات بين قادة دول العشرين والذين يحتاجون أكثر من أي وقت مضى إلى اعتماد تدابير، ليس فقط لمواجهة الأزمات الحالية التي تعصف بالعالم، ولكن أيضا لمواجهة التحديات الهيكلية، وبالتالي منع  نشوب أزمات جديدة كتلك التي شهدناها في عام 2008 ونشهدها اليوم والمتمثلة في الحرب التجارية القائمة.

في الفترة التي تسبق انعقاد قمة مجموعة العشرين في أوساكا غدا في 28 من يونيو (حزيران) الحالي، تنعقد العديد من الاجتماعات ذات الصلة بما يعرف باسم مجموعات المشاركة في طوكيو وحول البلاد. واحدة من مجموعات المشاركة الأكثر تأثيراً هي مجموعة التفكير لدول العشرين (T20، أو Think 20)، والتي تضم ضمن عضويتها مؤسسات فكرية مؤثرة من مختلف الدول الأعضاء في مجموعة العشرين. تلك المجموعات تهدف إلى تزويد القادة بمشورة سياسية متخصصة حول التحديات والقضايا العالمية.

الخطر المحدق بمستقبل مجموعة العشرين يتزايد مع نمو مستويات الحمائية وتزايد عدم المساواة الاقتصادية بين العديد من البلدان الأعضاء في المجموعة والتي ولدت في الأساس من أجل تمهيد الطريق لنظام اقتصادي عالمي جديد من خلال تنسيق سياسات الاقتصاد الكلي التي توفر الاستقرار للأسواق، وتضمن تدفقات السيولة، وتعزيز انتعاش الاقتصاد العالمي وضمان النمو الاقتصادي والرفاه في كل بلد من بلدان العالم، ولعل أكثر إنجازات المجموعة إثارة للإعجاب منذ تأسيسها في عام 1999 استجابتها القوية للأزمة المالية لعام 2008، لكن بعض المحللين يقولون إن تماسكها تلاشى منذ ذلك الحين.

ترمب والملفات الساخنة

ولا يمكن التنبؤ بالشعور الذي سيخيم على اجتماعات  قادة دول مجموعة العشرين، والتي تضمّ تسعة عشر بلداً تضم بعضاً من أكبر الاقتصاديات في العالم، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي. الدول هي الأرجنتين، وأستراليا، والبرازيل، وكندا، والصين، وفرنسا، وألمانيا، والهند، وإندونيسيا، وإيطاليا، واليابان، والمكسيك، وروسيا، والسعودية، وجنوب أفريقيا، وكوريا الجنوبية، وتركيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأميركية، وبخاصة أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب كان قد اشتبك مع العديد من أعضاء المجموعة حول سياسة التجارة والمناخ والهجرة. ومع ذلك، تواصل بلدان مجموعة العشرين دعم التعاون على عدة جبهات أخرى، تتراوح بين مكافحة الإرهاب وجلب المزيد من النساء إلى القوى العاملة.

هذا العام تنعقد قمة مجموعة العشرين في أوساكا في وقت تعصف الحروب التجارية والخلافات السياسة بالعالم، فاليوم تواجه مجموعة العشرين والتي تجمع أكبر عشرين اقتصاد في العالم تحت مظلة واحدة، بعض أكثر التحديات إلحاحاً تلك المتمثلة في الحفاظ على النظام الدولي للتجارة الحرة والنزيهة وتعزيزه، وهي القضية التي تتصدر جدول مناقشات مجموعة العشرين في أوساكا، وهذا يعني صياغة الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية RCEP))، وهي اتفاقية متقدمة للتجارة الحرة بين الدول العشر الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، ودول الهند والمحيط الهادئ الست (أستراليا، والصين، والهند، واليابان، وكوريا الجنوبية، ونيوزيلندا).

ويحتل الاقتصاد الرقمي أيضا موقعاً مهما على جدول أعمال تلك المناقشات، حيث مكنت رقمنة الاقتصاد نماذج أعمال فريدة وغير مسبوقة، ولكنها جلبت أيضاً تحديات جديدة، مثل ازدواجية الضرائب المفروضة على الشركات متعددة الجنسيات، وهي قضايا لا يمكن إيجاد حلول لها  إلا من خلال التعاون الدولي.

القضية الثالثة التي ستناقشها قمة أوساكا هي أهمية الابتكار في مواجهة التحديات البيئية العالمية، فالأهداف المحددة في "تقرير 1.5 درجة مئوية" الصادر عن الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ لا يمكن تحقيقها من خلال التنظيم وحده، وبالتالي  سيكون الابتكار هو المفتاح لتحقيق أهداف المناخ في العالم.

رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي سيحرص خلال استضافة بلاده لمجموعة العشرين على عنونة الدفاع الياباني عن ما أسماه بنظام "Data Free Flow with Trust"، وهو نهج يحاول السماح بالتدفق الحر للبيانات بموجب القواعد التي يمكن لجميع الناس الاعتماد عليها، حيث يرى رئيس الوزراء الياباني أن التأثير الاقتصادي والاجتماعي للبيانات التي تنتقل بشكل فوري في جميع أنحاء العالم غير مبالية بالحدود بين الدول من شأنها أن تنافس، بل وتفوق الأدوار التي لعبها النفط ومحرك الاحتراق الداخلي في القرن العشرين.

تهديدات توجه النظام التجاري العالمي

اليابان تسعى من خلال استضافة قادة العشرين إلى التركيز على "الاختلالات الهيكلية" في الاقتصاد العالمي، فضلاً عن التهديدات التي تواجه "نظام تجاري متعدد الأطراف قائم على القواعد". ومع ذلك، فإنهم يتخوفون بشأن طبيعة هذه المشاكل، بل وأكثر من ذلك حول كيفية إيجاد حلول لها. 

ومن المهم الإشارة إلى أنه لم تشر وثائق ما قبل القمة إلى الحمائية أو الأحادية أو الحرب التجارية الجارية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب. وبالمثل، دعت اليابان إلى تعزيز "زخم" الإصلاح في منظمة التجارة العالمية، لكنها صامتة حول كيفية ذلك. هذا يحجب الاختلافات بين المهتمين بالإصلاح الحقيقي، مثل اليابان وكندا والاتحاد الأوروبي، وأولئك الذين يستخدمون الإصلاح كـ"ورقة تين" لتفكيك منظمة التجارة العالمية، أي الولايات المتحدة تحت رئاسة ترمب.

تدعم الحكومة اليابانية بشكل لا لبس فيه اتفاق باريس والانتقال العالمي إلى الطاقة الخضراء. من أهم هذه الأهداف المناخية تمويل النمو الأخضر في الاقتصادات الناشئة والابتكار في مجال احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه، وستحاول اليابان أيضاً الفوز بالتزامات مجموعة العشرين لتخفيض الكميات المذهلة من فضلات البلاستيك التي تلوث المحيطات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وستعمد قمة أوساكا إلى تنفيذ التزامات مجموعة العشرين السابقة لتوسيع مشاركة المرأة في القوى العاملة، لا سيّما تعهد "25 في 25"، الذي تم التعهد به في عام 2014 في قمة مجموعة العشرين في بريسبان بأستراليا، والذي يسعى إلى تخفيض الفجوة بين الجنسين بنسبة 25% بحلول عام 2025. ستصادق مجموعة العشرين أيضاً على منهج تعليمي للنساء والفتيات حول العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات أواستكشاف طرق لدعم قادة الأعمال ورجال الأعمال.

وتكمن إحدى نقاط قوة مجموعة العشرين في قدرتها على تعبئة الثقل الاقتصادي والسياسي الجماعي لأعضائها لدفع عمل المزيد من الهيئات غير العاملة مثل الأمم المتحدة. مع ترقبها لأول منتدى سياسي رفيع المستوى للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي حول أهداف التنمية المستدامة، والذي تم الكشف عنه في عام 2015، وتسعى اليابان إلى تعزيز خطط مجموعة العشرين الأطول أجلاً لما يسمى بجدول أعمال 2030، مع تركيز خاص على البنية التحتية واستثمار رأس المال البشري في البلدان النامية.

وأخيراً، ستضم قمة أوساكا جلسة مشتركة لوزراء المالية والصحة في مجموعة العشرين، بالإضافة إلى مناقشات على مستوى القادة، حول ثلاث أولويات للصحة العالمية: تحقيق تغطية صحية شاملة في جميع الدول، وتعزيز "الشيخوخة الصحية والنشطة". وتحسين إدارة الطوارئ الصحية العالمية، بما في ذلك تلك الناجمة عن ارتفاع المقاومة المضادة للميكروبات.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد