Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"المحامي المحتال" يصل محطته الأخيرة بعد أعوام من التلاعب

إشادات متوالية بمسلسل "Better Call Saul" المنشق عن "اختلال ضال" وحفاوة كبيرة ببطل عادي بلا طموح

قصة حب في عالم المحاماة والجريمة جسدها نجما مسلسل "من الأفضل الاتصال بسول"   (الحساب الرسمي للمسلسل على إنستغرام)

رحلة الـ13 عاماً وصلت إلى محطتها الأخيرة، فكيف لشخصية خالية من أي سحر أن تعيش كل هذا الوقت وتبقى عالقة في الأذهان وتحظى بكل تلك المتابعة؟

إنه ليس شريراً ونابغة ومغامراً مثل والتر وايت، أو عقلية داهية هادئة مثل جيس فرينج، ولا نزق وخفيف الظل مثل جيسي، ولا حتى لا مبالي وشجاع وغامض مثل مايك، إنه الشرير بالمصادفة الذي لا يمتلك في نظر كثيرين أي ميزة درامية معتادة خلافاً لبقية نجوم مسلسل الجريمة والتشويق الأميركي "Breaking Bad" الذي شهد منذ موسمه الأول 2008 ظهور جيمي ماكغيل أو سول غودمان، وبعد عامين من انتهاء المواسم الخمسة للعمل الملحمي حاصد الجوائز الذي قام ببطولته بريان كرانستون، بدأ جيمي حكايته في "Better Call Saul من الأفضل الاتصال بسول" إذ ودع الجمهور موسمه السادس قبل أيام ليصل المحامي المحتال شديد الجبن إلى نهاية مسيرته.

سر الشخصيات "العادية"

أين يكمن سر سول؟ هل العادية المفرطة، أم لمحات الخير التي تومض بين حين وآخر، أم قربه من البسطاء ورفضه للوجاهة الاجتماعية وتعامله باستخفاف ساذج مع الوظائف المهمة التي عرضت عليه وتفضيله العيش كـ"صعلوك" عاشق للمقالب على الرغم من رغبته الدائمة في الحصول على المال وفي التميز كمحام ناجح انتقاماً ممن نبذوه وطردوه من فردوس المهنة، وأبرزهم شقيقه تشاك، أم لإخلاصه الكامل لحبيبة تبدو ظاهرياً مناقضة تماماً لشخصيته ومعتقداته، أم اهتمامه وشغفه بمساعدة "صغار" الخارجين عن القانون؟

الجمهور تمسك بمتابعة الشخصية بشدة وليس شرطاً أن يكون أحبها، ربما يكون تعاطفاً معها في بعض اللحظات، لكن على الأغلب لم يحظ سول بالتقدير كبطل ينظر إليه بإعجاب، فهو محام ذكي بلا طموح كبير سوى المال حتى لو اضطر إلى بيع الهواتف، يتورط مع عصابة كبرى لتصنيع وبيع المخدرات، ويتطور الأمر من غسل الأموال إلى الدخول في جميع تفاصيل عملياتهم، بحيث يصبح طوق النجاة لهم ووسيلتهم للابتعاد من جدران السجن ولو موقتاً.

وعلى الرغم من تميزه كمحام حصل على درجته العلمية بعد معاناة، لكن يبدو أنه أكثر من يجيد القفز على القوانين والبحث عن الطرق الصعبة والملتوية التي تبدو فكاهية وساذجة في بعض الأوقات لتحقيق مراده، حتى لو كان هناك طريق ممهد أكثر يسراً. ستة مواسم مشوقة من شخصية ظن كثيرون أنها لا تستحق كل هذا العناء، لكن مرورها لم يكن عابراً أبداً مع مؤلف مثل فينس غيليغان الذي أسهم أيضاً في إخراج كثير من الحلقات.

 

سنوات من الإخلاص الدرامي

الكاتب اللامع أظهر مشاهد وتفصيلات صغيرة في مسلسل "بريكنغ باد" من بداية انطلاقه وحتى نهاية حلقاته في 2013 بدت غير مكتملة حينها، فلم تكن مفسرة ولا مفهومة بشكل كامل، ولكن بناءه الدرامي المتين والمتشعب جعل الجمهور المدقق يصفق بحرارة مع التبريرات التي ظهرت في ما بعد خلال حلقات متقدمة من "سول تحت الطلب" الذي شهد موسمه السادس ظهور شخصيتي والتر وايت وجيسي، فاحتفى بهما محبو القصة وعبروا عن سعادتهم بمستوى الدراما إذ ظل مؤلفها مخلصاً كل تلك الأعوام لبضعة لقطات غامضة كان مديناً بتوضيحها، وأخيراً حان الوقت من خلال الموسم الأخير لـ"من الأفضل الاتصال بسول"، وعلى الرغم من أن المؤلف فينس غيليغان (55 سنة) قدم عملاً متواضعاً هو فيلم "الكامينو" الذي ركز على مصير شخصية جيسي "آرون بول"، مساعد والتر وايت في تحضير المواد المخدرة، لكنه عاد بالموسم الأخير من "Better Call Saul" من بطولة بوب أودنكيرك ليجمع شمل محبي مجموعة الشخصيات التي ابتكرها منذ أعوام وأنشأ رابطاً لا ينقطع بينها وبين الجمهور، وعلى الرغم من أن التوقعات كانت أن الأدوار التي تستحق أن تنبثق من "Breaking Bad" في عمل مستقل ربما تكون "غوستافيو" (جيانكارلو إسبوسيتو)، أو "مايك" (جوناثان بانكس)، أو حتى "هيكتور سلامنكا" (مارك مارغوليس)، فهم مجرمون مخضرمون لديهم صراعات ومؤامرات وخطط واضحة للانتقام باعتبارهم رؤساء عصابات لترويج المخدرات بين المكسيك والولايات المتحدة الأميركية، لكن فكرة اختيار المحامي الذي يرتعد من صوت الرصاص، ويقفز هنا وهناك من دون استقرار على هدف محدد ويرغب دوماً في ممارسة "التحايل" والألاعيب الصبيانية في تعاملاته مع المحكمة ومع مديريه ومع زملائه أتت ثمارها وهو ما بدا واضحاً من ردود الأفعال عبر مواقع التواصل الاجتماعي عقب انتهاء الموسم الأخير من "بيتر كول سول"، إذ حفلت التغريدات بإشادات لم تنقطع منذ عرض الحلقة رقم 63 في السلسلة والـ13 في الموسم السادس الذي جاء على مرحلتين، بحيث حملت الحلقة الأخيرة عنوان " Saul Gone"، وتجاوزت تقييمات العمل عبر بعض المواقع المعنية الـ97 في المئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا يشبه الأبطال!

هو الموسم الذي زادت فيه جرعة لعبة الأبيض والأسود، فتلك المشاهد رافقت متابعي العمل منذ لقطاته الأولى حينما انطلق عرضه في 2015، وبعد مواسم عدة اكتشف الجمهور أخيراً أنها تشير إلى حياة البطل حينما كان يعيش متخفياً بهوية مزيفة خوفاً من الملاحقة الأمنية، إذ إنه بعدها ترك أمانه مع الشخصية الوهمية وعاد إلى استئناف نشاطه كمحام يهتم بالتلاعب وبتحقيق أهدافه بطرق ملتوية رافضاً الوسائل المأمونة، بخاصة أنه حقق شعبيته بدعاية مبالغ فيها يخاطب من خلالها شريحة معينة من الباحثين عن مخرج من الحبس، حتى إن دعايته الشعبية هذه لنفسه كمحام عبر إعلانات تلفزيونية ركيكة ولافتات تثير السخرية، هي التي جعلت البعض يتعرف عليه حينما كان يعمل متخفياً في محل مخبوزات، فلقطات الأبيض والأسود ترافقه مجدداً في الموسم النهائي كذلك للتعبير عن فترة الهروب التي لم تستمر طويلاً.

 وعلى الرغم من أن القانون يأخذ مجراه ويحاسب المحامي الذي كان يتفنن في العبث ببنوده، لكن العقاب جاء كما يليق بشخصية لا تسعى إلى البطولة ولا إلى المواقف الحاسمة الشجاعة المتفردة، فهو مجرد سجين يعمل بوظيفة في محبسه تناسب رجلاً عرف كيف يؤمن نفسه جيداً على الرغم من تورطه بلا شك في الجرائم وفي حماية مرتكبيها ومعاونتهم على التدليس، فيما النهايات المأساوية الصاخبة كانت من نصيب أدوار أخرى أقل رمادية وتذبذباً من المحامي العابث الذي رمى أرضاً كل الفرص التي جاءته ليصنع مجداً في مهنته ويحقق ثروته التي يحلم بها، ويصبح اسماً لامعاً وليس نصيراً للمجرمين الصغار والكبار.

 

 

بوب أودنكيرك (59 عاما) الممثل والمخرج والكاتب والمنتج قدم الدور ببراعة وغاص في تفاصيل الشخصية حتى إنها التصقت به تماماً، فيما البطلة الموازية ريا سيهورن التي تعتبر شخصية كيم ويكسلر من أبرز ما قدمته على مدار مشوارها ومن أكثرها شهرة وانتشاراً، فالمحامية الموهوبة والملتزمة التي تحاول تناسي ماضيها وتجاوز أخطائها وتجاهل عقد الطفولة، تبدو امرأة حادة وجامدة وبلا بصمة خاصة تظهر في كل وقت بالهيئة ذاتها وتتحدث بنبرة الصوت ذاتها وتؤدي عملها مثل آلة، لكن حينما يتعلق الأمر بسول شريك حياتها غير المثالي بالمرة، تكشف عن صفاتها التي تشبهه كثيراً.

 إنها قصة حب غير تقليدية بالمرة لم تتضمن تقريباً أي عبارات رومانسية تقليدية طوال عشرات الحلقات التي سردت فيها حكايات متشعبة بحبكة شديدة الاستثنائية، فيما الجماهير تطالب بمزيد من الأعمال المشتقة لبقية شخصيات "بركينغ باد" المؤثرة في الأحداث.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة