خفضت مؤسسة التصنيف الائتماني "موديز" تصنيفها لتركيا بسبب تزايد الضغط على ميزان المدفوعات التركي ومخاطر مزيد من التدهور في احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية. وخفضت "موديز" تصنيف تركيا السيادي من B2 إلى B3 وعدلت توقعاتها المستقبلية من سلبية إلى مستقرة. وذكرت الوكالة في تقرير لها: "من المحتمل أن يتجاوز عجز ميزان المدفوعات توقعاتنا السابقة بشكل كبير، مما يزيد من الحاجة إلى التمويل الأجنبي في وقت تعاني الأوضاع المالية عالمياً من الضغوط بالفعل".
وهكذا تكون مؤسسة التصنيف الدولية وضعت تركيا دون مستوى الاستثمار بست نقاط. وكانت مؤسسة "فيتش" للتصنيف الائتماني سبقت "موديز" بخفض تصنيفها للدين السيادي التركي إلى B مع توقع مستقبلي سلبي، أي وضعت البلاد دون مستوى الاستثمار بخمس نقاط. أما مؤسسة "ستاندرد أند بورز" للتصنيف الائتماني فسبق وخفضت تصنيفها لتركيا إلى B+ مع توقع مستقبلي سلبي، أي من مستوى الاستثمار بأربع نقاط.
وفي تقريرها المصاحب لقرار خفض تصنيف تركيا قالت مؤسسة موديز: "السلطات مضطرة للجوء إلى إجراءات غير تقليدية في محاولة لاستقرار العملة الوطنية واستعادة مستويات الاحتياطي الأجنبي الآمنة. كما ارتفعت معدلات التضخم إلى أعلى مستوياتها في غضون عقدين من الزمن، وعلى الأرجح ستواصل الارتفاع أكثر في الأشهر المقبلة، مع استمرار ارتفاع اسعار الطاقة والغذاء وعدم استعداد البنك المركزي التركي لرفع أسعار الفائدة. ومن وجهة نظر موديز أنه ممن غير المحتمل أن تكون مجموعة الاجراءات المالية والتنظيمية التي تتخذها الحكومة فعالة لاستعادة بعض الاستقرار الاقتصادي".
الرهان على الخارج
سبق قرار مؤسسة "موديز" تكهنات بنجاح محاولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإيجاد مخرج من أزمة البلاد الاقتصادية، بخاصة مع قرب الانتخابات العامة في البلاد، على الأرجح في يونيو (حزيران) من العام المقبل 2023. وتوالت التقارير الإعلامية التركية بعد زيارة أردوغان إلى روسيا ولقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في منتجع سوتشي تتحدث عن أن موسكو ستضخ المليارات في الاقتصاد التركي. بالإضافة إلى عشرات المليارات من دول الخليج العربية. بل إن بعض التقارير في الإعلام التركي تحدثت عن "مئات مليارات الدولارت التي ستأتي من الإمارات" كما ذكر موقع "إنتل نيوز".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت وكالة "بلومبيرغ" ذكرت مطلع هذا الشهر، نقلاً عن مصادر تركية قولها إن روسيا ستضخ 15 مليار دولار في تركيا على دفعات. كما تحدثت تقارير أخرى عن ضخ السعودية 20 مليار دولار في الاقتصاد التركي. كان سبقت وتعهدت قطر بعدة مليارات على دفعات لدعم الاقتصاد التركي، ثم تلتها الإمارات بخطط استثمار نحو 10 مليارات دولار في تركيا. ومن المتوقع أن تزيد في الفترة المقبلة وتيرة التقارير التي تتحدث عن استثمارات بالمليارات من الخارج ستأتي إلى تركيا، وذاك بعد تخفيض وكالات التصنيف الائتماني الثلاث الرئيسية في العالم تصنيفها لتركيا إلى أسوأ وضع.
الدعم الخارجي
لكن بعض المحللين يشككون في إمكانية أن تسهم المساعدات والدعم الخارجي بضخ الأموال في الاقتصاد التركي باتجاه حل مشكلة الاقتصاد. ويرجح موقع إنتل نيوز أن كل التعهدات المعلنة وما تتحدث عنه التقارير الإعلامية من عشرات ومئات المليارات الآتية من الخارج يمكن ألا يتحقق، أو على الأقل ليس بحجم التعهدات.
وفي تقريرها المشار إليه، قالت وكالة التصنيف الائتماني هذا الأسبوع: "تتوقع موديز ضعفاً حقيقياً في المالية العامة لتركيا هذا العام. وعلى رغم أن المالية العامة للحكومة ظلت جيدة في النصف الأول من العام بفضل تضاعف عائدات الدول نتيجة الارتفاع الهائل في معدلات التضخم إلا أن الضغوط على الميزانية ستزيد في الأشهر المتبقية من العام. فكلفة برنامج حماية الودائع يزيد على الخزانة العامة، وتتوقع موديز أن يصل حجم كلفة البرنامج إلى نسبة 2.2 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي طبقاً لتوقعاتنا لسعر الصرف. كما أن كلفة خدمة الديون المرتبطة بمؤشر التضخم التي يملك أغلبها النظام المصرفي في البلاد ارتفعت بشدة، وتتوقع موديز أن ترتفع خدمة الدين بنسبة 1.2 في المئة إضافية بسبب التضخم مقارنة مع العام الماضي 2021. كما نتوقع عجزاً في الميزانية بنسبة 4.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي نتيجة تباطؤ النشاط الاقتصادي".