Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تلحق بعض الصحف المتحيزة الأذى بديمقراطيتنا؟

طالما بقيت مجموعة كافية من صحفنا تتصرف كما لو كانت وكيل سياسي فاعلاً فلن يكون هناك دافع كبير للسياسيين من أجل وضع أنفسهم بمحض إرادتهم تحت تصرف أي تدقيق ما

لم يحظَ بوريس جونسون بالشعبية لدى الناس لفترة طويلة، ويجب على أنصاره في كل من البرلمان وقطاع الصحافة أن يأخذوا ذلك في الحسبان (غيتي)

غردت نادين دوريس، وهي عضو في مجلس الوزراء، يوم الأحد حول التحقيق الذي يجريه البرلمان في شأن [فضيحة] "بارتي غيت" معتبرةً أنه يرقى "إلى مطاردة الساحرات" [اضطهاد]، وهو "أفظع إساءة استخدام للسلطة يشهدها البرلمان". ورأت أن التحقيق الذي تُجريه مجموعة من النواب، ونادراً ما يكون من أجل التخفيف من فداحة شيء، "لن يجعل فقط سمعة النواب من أعضاء اللجنة موضع شك جدي، بل أيضاً [يطعن في ]سير عمليات البرلمان والديمقراطية نفسها".

في هذه الأثناء، وصف زميلها زاك غولدسميث، وهو وزير الدولة، والنائب الذي تحول إلى عضو لمجلس اللوردات، التحقيق بأنه "تم التلاعب فيه بشكل واضح"، وأنه "إساءة استخدام فاحشة للسلطة". يا ليتهم أخبرونا فقط كيف يشعرون حقاً.

وللتذكير، ستجري التحقيق لجنة الامتيازات التابعة لمجلس العموم والمؤلفة من سبعة نواب، بمن فيهم أربعة من المحافظين. وكان مجلس العموم قد أقر في أبريل (نيسان) مذكرة يطلب فيها النظر في ما إذا كان بوريس جونسون قد ضلل البرلمان بما يتعلق بالمزاعم التي وردت في "بارتي غيت".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وصادق على المذكرة أعضاء المجلس من دون الحاجة إلى انقسامهم بين فريق معارض وآخر موافق [حسب طريقة التصويت التقليدية]. وقال وزير الدولة مايكل إليس في ذلك الوقت، "نحن سعداء بأن مذكرة حزب العمال قد تم إقرارها، إذا كانت هذه هي إرادة مجلس العموم". هذه حقائق. وإذا  كانت دوريس وسميث غير راضيين عن هذه الحقائق فقد كان بإمكانهما التعبير عن قلقهما منها في وقت سابق. وعلى أي حال، فإنه كان بوسعهما أن يختارا دعم رئيس وزراء [آخر] لم تُؤدِّ عيوبه الأخلاقية إلى استقالته، لكن ربما كان ذلك يعني الطلب منهما أكثر مما ينبغي.

ومع ذلك، كان من المزعج مراقبة الوزيرين يتفإعلان على نحو هستيري للغاية مع مجرد احتمال إجراء تدقيق ومساءلة أساسيين. ألا يستطيعان رؤية كم يبدو كل منهما سخيفاً ينقصه الوقار؟ من الواضح أنهما غير قادرين على رؤية نفسيهما هكذا، ويجدر التساؤل عن سبب ذلك.

ولحسن الحظ، من السهل للغاية المجازفة بالتخمين أنه ليس على المرء إلا أن يقرأ الصحف، فقد قالت صحيفة "ميل أون صانداي"، في عمود (مقال) بارز يجادل من أجل إلغاء التحقيق "لعلك ظننت بأن أعداء رئيس الوزراء كانوا سيكتفون بطرده من داونينغ ستريت على الرغم من تفويضه الانتخابي الضخم، وشعبيته الكبيرة ولائحة الإنجازات القوية الطويلة [التي حققها وهو] في منصبه".

وأضافت الصحيفة "نحن نحث النواب، وخصوصاً المحافظين منهم الذين لديهم أسباب أكثر لكي يعرفوا [كيف يتصرفون] بشكل أفضل، على التخلي عن هذه المحكمة غير المجدية التي أسيء إعدادها، ومن ثم وضع حد نهائي لها".

وحرصاً منها على عدم السماح لأحد بأن يسبقها، ذكرت صحيفة "دايلي إكسبريس" اليوم أن "إزاحة بوريس سينظر إليها كنقطة تحول تاريخية على قدم المساواة مع بيع تشيكوسلوفاكيا في عام 1938، أو هزيمة السويس في عام 1956، أو التوقيع الكارثي على قانون المجتمعات الأوروبية لعام 1972".

تتوفر صحف أخرى، بالطبع، لكن ذلك لا يهم في هذا السياق. فطالما تبقى مجموعة كافية من صحفنا تتصرف كما لو كانت وكيل سياسي فاعلاً، لن يكون هناك دافع كبير للسياسيين من أجل وضع أنفسهم بمحض إرادتهم تحت تصرف تدقيق ما.

ينبغي أن تكون هناك مسائل يمكن الحكم فيها على الصواب أو الخطأ بصورة موضوعية، غير أن الأمر ليس هكذا في الوقت الراهن. إن صحفاً، مثل صحيفة "ميل" و"إكسبريس"، هي منحازة قبل أن تكون منصفة، والأشخاص الذين تقوم هذه الصحف بتغطيتهم يدركون ذلك. هكذا يمكن لدوريس وغولدسميث يمكنهما أن يزعقا [كما يشاءان] لأنهما يعلمان أن بعض رؤساء التحرير، في الأقل، سيكونون مستعدين لحمايتهما.

إن لهم مصلحة مشتركة، وهي في هذه الحالة حماية إرث جونسون، وسيقاتلون مع بعضهم بعضاً للدفاع عنه، لكن ذلك يمثل مشكلة للبلاد بأكملها، باعتبار أن محاسبة السياسيين بشكل مناسب هي أمر حاسم في ديمقراطية تقوم بوظيفتها، ولكن ربما يكون الأمر أسوأ بالنسبة إلى هؤلاء السياسيين أنفسهم.

ومثلما تحتاج الصداقات الوثيقة من وقت إلى آخر إلى بعض الحب الذي يشتمل على التعامل بصرامة مع المحبوب حتى يصبح كل من الطرفين بصورة تدريجية شخصاً أفضل، فحين يتحول النواب والصحف إلى أصدقاء موالين بشيء من العبودية لبعضهما البعض فإن هذا يلحق الضرر بكليهما.

لم يحظَ بوريس جونسون بالشعبية لدى الناس لفترة طويلة، ويجب على أنصاره في كل من البرلمان وقطاع الصحافة أن يأخذوا ذلك في الحسبان. إن من المحبط رؤيتهم وهم يعملون على إبقاء بعضهم بعضاً في حالة إنكار، لكن الوضع لن يستمر على هذه الشاكلة لفترة طويلة.

قد لا يكونون مستعدين للمضي إلى الأمام [وتجاوز ما حصل لجونسون] غير أن البلاد جاهزة لذلك. ينبغي أن تكون الفقاعة التي يتشاركونها مريحة في الوقت الحالي، ولكن ستنفجر يوماً ما ولا يوجد شيء يمكنهم أن يفعلوه لمنع ذلك.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل