Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صيف "متطرف" في العراق... وبلا كهرباء

معدلات قياسية في درجات الحرارة تسجل في العاصمة بغداد وسكانها يبتكرون أساليب لمواجهة الحر

يستخدم البغداديون مصطلح "التطرف" في وصف درجات الحرارة المرتفعة (أ. ف. ب)

تسجل العاصمة العراقية بغداد معدلات قياسية في درجات الحرارة هذه الأيام. إذ تقترب من نصف درجة الغليان في الظل، بعد انتصاف النهار، ما يحول حياة السكان اليومية إلى معاناة كبيرة.

ولا تقف معاناة البغداديين عند معضلة ارتفاع درجات الحرارة في الصيف، بل تتعداها إلى أزمة التيار الكهربائي، الذي يقول العديد من سكان العاصمة العراقية إنه "يلعب بأعصابهم"، نظراً إلى تذبذبه، وغيابه الطويل في بعض الأحيان.

صيف قاس

ومنذ نحو ست سنوات، يقتحم طقس الصيف في العراق حدود التطرف. إذ تحافظ درجات الحرارة على معدلات تفوق الـ40 درجة مئوية في معظم المحافظات، وتتجاوز حاجز الـ50 في مناطق عدة من الجنوب.

وعلى سبيل المثال، سجلت إحدى مناطق مدينة العمارة، في الجنوب، 52 درجة مئوية، الأسبوع قبل الماضي، فيما تناهز درجة الحرارة في البصرة، اليوم الأربعاء، الـ50 درجة مئوية.

وفي بغداد، بلغت درجة الحرارة العظمى اليوم الأربعاء 48 درجة مئوية، فيما تتوقع الأرصاد الجوية أن ترتفع الحرارة درجة واحدة يوم غد الخميس في العاصمة العراقية.

ويسخر البغداديون من استخدام مصطلح "التطرف" في وصف درجات الحرارة المرتفعة في مدينتهم. إذ اعتادوا سماع هذا المصطلح في نشرات الأخبار مرتبطاً بصعود الجماعات المتشددة، التي أسهمت في تدمير مناطق واسعة من البلاد، عبر أعمال عنف همجية.

لا سفر بسبب الامتحانات

وبالنظر إلى تزامن موجة الحر هذه مع الامتحانات النهائية لعدد من المراحل الدراسية في المدارس والجامعات، يبدو خيار السفر بعيد المنال بالنسبة إلى العائلات التي لديها طلبة.

ولهذا السبب، تكتظ شوارع بغداد صباحاً وظهراً بالطلبة الذاهبين إلى مدارسهم وجامعاتهم والعائدين منها، فضلاً عن الموظفين، الذي يشكلون جزءاً كبيراً من سكان العاصمة العراقية.

ويعاني الطلبة الأمرين، وهم يؤدون امتحاناتهم في قاعات خالية من كل وسائل التكييف، سوى مراوح سقفية متوقفة عن العمل، بانتظار تيار كهربائي لا أحد يعرف موعد وصوله.

سيارات ترفع أغطية المحركات

وفي معظم الأحيان، يصادف تعطل أجهزة التكييف في كثير من السيارات وسط الشوارع، بسبب عجزها عن تحمل ضغط ارتفاع درجات الحرارة. وبات من المألوف مشاهدة العديد من السيارات متوقفة تحت الشمس اللاهبة، وهي ترفع أغطية محركاتها، فيما يجتهد سائقوها في وضع المياه على جهاز تدوير المياه، أملاً في خفض حرارة المحرك.

وفي الأسواق العامة، حيث يضطر الأجراء والعتالون إلى العمل، يضع بعض التجار حمامات عامة، يتضمن كل منها "دوشاً" مفتوحاً، يستخدمه المارة لترطيب أجسادهم، خشية الجفاف الذي قد يؤدي إلى الموت.

ويقول عتالون إنهم مضطرون للعمل حتى تحت درجات الحرارة هذه، لأن مصير عائلاتهم معلق بما يحصلون عليهم يوماً بيوم.

طوابير عند الحمامات العامة

وفي سوق الشورجة، أكبر أماكن البيع بالجملة في العاصمة العراقية، يمكن مشاهدة العشرات من الأشخاص في طابور، ينتظرون دورهم للوقوف لدقائق معدودة تحت "دوش" هنا أو هناك، فيما استبدل العشرات من الباعة الجوالين مختلف البضائع التي اعتادوا ترويجها في أيام سابقة، بقناني المياه الباردة، التي تباع الواحدة منها بنحو ربع دولار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشكو مرتادو وسائط النقل العام في بغداد، من تهالك السيارات التي تقلهم، وافتقارها إلى وسائل التكييف، فيما ابتكر سائقو هذه الوسائط حيلة جديدة، تتمثل في ربط مروحة هواء صغيرة، بالدائرة الكهربائية للسيارة، وتوجيهها نحو وجوههم فحسب. وعلى الرغم من أن هذه المراوح لا تجلب سوى "السموم"، وهي صفة الهواء الحار، إلا أن السائقين يحرصون على تشغيلها، لعل صوتها يواسيهم أمام درجات الحرارة المرتفعة.

معاناة في الشارع وأخرى في المنزل

وما إن تنتهي معاناة البغداديين في الشوارع، حتى تبدأ معاناة أخرى عندما يعودون إلى منازلهم. إذ لن يجدوا فيها سوى الظلام بسبب غياب التيار الكهربائي الحكومي، ما يدفع معظمهم إلى الاعتماد على الطاقة التي توفرها مولدات كهرباء أهلية، تكلف الكثير، ولا توفر ما يُشغّل أكثر من المراوح السقفية والعمودية، نظراً إلى حاجة أجهزة التكييف الأخرى إلى كثير من الطاقة.

ويشتري البغداديون معظم حاجتهم من الطاقة من متعهدي المولدات الأهلية، لقاء مبلغ يصل في الصيف إلى 20 دولاراً مقابل كل "أمبير" شهرياً. وبالنظر إلى أن المعدل المتدني لتشغيل أجهزة المنزل الرئيسية يبلغ 10 أمبيرات، فإن العائلة عليها أن تدفع نحو 200 دولار لأصحاب المولدات الأهلية، شهرياً، وهو مبلغ لا يتاح للجميع في بلد تشكل فيه البطالة أرقاماً قياسية.

وعجزت الحكومات المتوالية منذ عام 2003، عن إيجاد حل لأزمة الكهرباء الوطنية في العراق، وسط إجماع على أن الفساد الإداري، الذي تورطت فيه أحزاب وساسة متنفذون، هو الذي يعيق بناء شبكة طاقة تلبي حاجات السكان.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي