Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تقرير ينبه لمخاطر انفصال لندن عن بروكسل في تبادل البيانات الشخصية

حصري: المقترحات المطروحة "تنم عن رغبة في إبراز فوائد اتفاق بريكست"

تم تحذير حكومة المملكة المتحدة من عدم تعريض تدفق البيانات مع الاتحاد الأوروبي للخطر (أ ف ب/غيتي)

أيّدت وزيرة سابقة للداخلية البريطانية من حزب المحافظين المطالبات الموجهة إلى خلف بوريس جونسون بضرورة التخلي عن خطة هذا الأخير في إطار "بريكست"، المتعلقة بالانفصال عن الاتحاد الأوروبي في مسألة تنظيم البيانات ووضع قواعد لها، وسط تحذيرات من أنها ستكلف الشركات مليارات عدة.

وينبه تقرير جديد وضعه لورد تيموثي كيركوب الزعيم السابق لـ"نواب حزب المحافظين البريطاني في البرلمان الأوروبي"، إلى أن خطة جونسون الساعية إلى سن منظومة جديدة من التشريعات الخاصة بالمملكة المتحدة في شأن حماية البيانات وأمنها، يمكن أن تعزل بريطانيا عن عمليات التبادل الحر للمعلومات المتدفقة داخل أوروبا، وقد تقوض تدابير حمايتها من الجريمة الدولية والإرهاب.

وحذر التقرير من احتمال مواجهة بعض الشركات صعوبات في دخول أسواق مربحة، واضطرارها إلى الانتقال خارج المملكة المتحدة، كي تتجنب أي عوائق إضافية أمام ممارسة أعمالها التجارية، في حين أن أجهزة الشرطة والوكالات الأمنية قد تفقد القدرة على الوصول إلى المعلومات الحيوية المتعلقة بالسجلات الجنائية للأفراد المشتبه فيهم، وبصمات الأصابع الرقمية، وبيانات الحمض النووي، أو ملفات تسجيل السيارات.

واضع التقرير اللورد كيركوب، الذي قاد مجموعة النواب "المحافظين" في البرلمان الأوروبي لمدة ستة أعوام، واضطلع بدور رئيس في صياغة نظام أمن بيانات "اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي" قال لـ"اندبندنت"، "يبدو أن مقترحات جونسون (الأيديولوجية) تهدف في الصميم إلى إبراز الفوائد من (بريكست)".

ورأى أن "قيام بريطانيا بالتفرد بمثل هذه الخطوة" لمجرد رغبتها في القيام بذلك فحسب، قد يوجه ضربةً قاصمة إلى قطاع الشركات الخدمية التي تستخدم البيانات الشخصية، ويلحق أضراراً بصادراتها من المملكة المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي التي بلغت في عام 2018 نحو 85 مليار جنيه استرليني (نحو 103 مليارات دولار أميركي)، وبالواردات من دول الاتحاد التي وصلت في العام نفسه إلى 42 مليار جنيه استرليني (نحو 51 مليار دولار).

وحذر كيركوب من أن المنظومة التشريعية مخففة القيود التي يقترحها بوريس جونسون، من شأنها أن تؤدي إلى وضع البيانات الشخصية في قبضة بعض الشركات من دون موافقة المواطنين، وهذا ما تحول دونه، بطريقة ما، "اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي".

وكانت وزيرة الداخلية البريطانية السابقة أمبر رود قد نبهت إلى خطورة حرمان وكالات إنفاذ القانون البريطانية، من الترتيبات الأمنية على مستوى الاتحاد الأوروبي، مثل "اتفاقية بروم" المتعلقة بتكثيف التعاون عبر الحدود، ولا سيما في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، والتي تعتمد على اتفاقات تشتمل على شرط "كفاية البيانات" الذي يسهل التجارة بين لندن وبروكسل (وضع تمنحه "المفوضية الأوروبية" للدول خارج "المنطقة الاقتصادية الأوروبية"، التي لديها مستوى من حماية البيانات الشخصية يوازي ذلك الذي ينص عليه القانون الأوروبي).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقالت رود في إطار دعمها للتقرير إنه "انطلاقاً من حرصنا على سلامة الأمن القومي، سواء بالنسبة إلى المملكة المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، يتعين علينا أن نسعى إلى الحفاظ على وتيرة التدفق الحر للبيانات".

وأضافت، "انطلاقاً من موقعي السابق وزيرةً للداخلية، فقد تحققت بنفسي من مدى أهمية الوصول إلى بيانات "بروم" Prüm، وهو نظام معلومات السجلات الجنائية الأوروبية"، وقواعد البيانات الأخرى، في مجال التعاون المتبادل في التعامل مع الجرائم الخطرة".

يشار إلى أن مسألة تبادل البيانات، شكلت جزءاً مهماً من المفاوضات المتعلقة بصفقة "بريكست" التي أبرمها بوريس جونسون، بحيث أكدت "المفوضية الأوروبية" رسمياً في يونيو (حزيران) من عام 2021، أن قانون المملكة المتحدة يوفر معايير موازية للتوجيهات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي في ما يتعلق بحماية البيانات في المنطقة وتبادلها.

نائبة رئيس المفوضية آنذاك فيرا جوروفا، أكدت أنه يمكن سحب هذا الاتفاق في أي وقت تشعر فيه بروكسل بأن بريطانيا تخل ببنود المعايير الأوروبية. وقالت، "إذا قامت المملكة المتحدة بتغيير أي شيء، فسنتدخل".

لكن بعد أكثر من شهرين بقليل، أجرت "وزارة الرقمية والثقافة والإعلام والرياضة" البريطانية، استشارةً في شأن طريقة قيام المملكة المتحدة "بإعادة تشكيل" منظومتها التشريعية خارج الاتحاد الأوروبي، من خلال اعتماد قوانين حماية البيانات "المرنة والقابلة للتكيف". وقد عقب ذلك في شهر يناير (كانون الثاني) صدور بحث بعنوان "فوائد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي"، يضع خططاً لـ"نظام حماية بيانات لدعم النمو والابتكار".

وأبدى بوريس جونسون تفاخراً بأن هذا المنحى يمكن أن يسهم بنحو 11 مليار جنيه استرليني (نحو 13 مليار دولار) في تعزيز تحرير الاقتصاد البريطاني من القيود نتيجة "بريكست".

لكن تقرير اليوم الذي نشره المنتدى الأوروبي المحافظ وتمكنت "اندبندنت" من الاطلاع عليه، يحذر من أن الخسارة المحتملة لتدفق البيانات، ستكلف الشركات البريطانية أكثر بكثير.

واعتبر اللورد كيركوب في تقريره أن "من الضروري" بالنسبة إلى ليز تراس (وزيرة الخارجية) أو ريشي سوناك (وزير الخزانة السابق) لدى تقلدهما منصب رئاسة الوزراء في "10 داونينغ ستريت"، "أن يعاودا النظر في السياسة الراهنة لحكومة المملكة المتحدة وعكس مسارها".

وقال لـ"اندبندنت" إن "الحكومة تبلغ الناخبين بأن من الصواب أن تفعل بريطانيا ما تريده بعد (بريكست). قد يثير ذلك إعجاب معظم الناس ويلقى ردود فعل إيجابية، لكن حقيقة الأمر هي أنه ما أن تنأى البلاد بنفسها عن هذه المعايير الدولية، ستترتب على المملكة المتحدة حتماً كلفة باهظة، وسيتعرض قطاع الأعمال التجارية لتهديدات هائلة".

يشار إلى أن من دون تدفق حر للبيانات، قد يواجه الأفراد في بريطانيا صعوبات في حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، أو في عمليات الشراء عبر الإنترنت، أو في تحويل أموال إلى الخارج. وقد تجد الشركات نفسها مضطرةً إلى إعادة التفاوض على العقود التي تنص في الوقت الراهن على الامتثال لـ"اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي".

 

التقرير نبه إلى أن البعض قد يحاول العمل في ظل أنظمة موازية في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، في حين أن البعض الآخر قد ينقل أنشطته إلى دول الكتلة الأوروبية لتجنب تكبد أعباء إدارية إضافية.

اللورد كيركوب أكد أنه لا ينحاز إلى أي طرف في السباق الجاري على زعامة حزب "المحافظين"، وأعرب عن أمله في أن يعتمد كلا المتنافسين "البراغماتية"، وأن يفضلاها على التعهد قطع العلاقات مع بروكسل.

لكنه أردف قائلاً، "سمعت أن ليز تراس تحدثت عن أننا قادرون على التخلص من جميع هذه القواعد التي يمليها علينا الاتحاد الأوروبي في ما يتصل بالبيانات. إن ذلك من شأنه أن يلحق ضرراً شديداً بأعمالنا التجارية. وعلى المستوى الدولي سنبدو غرباء عن محيطنا إزاء هذا الواقع، وسنكون أقل جذباً في نظر المستثمرين".

تحذير اللورد كيركوب حظي بدعم "معهد المديرين" البريطاني [منظمة لمديري الشركات ورجال الأعمال في المملكة المتحدة] الذي قال مدير السياسات لديه روجر باركر: "إن السعي إلى التخلي عن القواعد التنظيمية للاتحاد الأوروبي بشكل عبثي، ليس بالتصرف المنطقي والمفيد للأعمال التجارية".

وأضاف، "إن الحفاظ على مستوى عال من التكافؤ بين أنظمة حماية البيانات في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، هو أمر مطلوب للغاية بالنسبة إلى الشركات العاملة في المملكة المتحدة، نظراً إلى الحجم الهائل للواردات والصادرات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، التي تعتمد على التدفق الحر للبيانات. وحتى الآن، لم توضح الحكومة كيف سيعود الاختلاف التنظيمي في شأن حماية البيانات، بالنفع على الشركات في المملكة المتحدة لناحية تحقيق فوائد صافية لها".

غرف التجارة البريطانية أشارت إلى أن اتفاق "كفاية البيانات" الذي تم التوصل إليه مع الاتحاد الأوروبي في عام 2021، يوفر "قاعدةً حيوية لضمان استمرار تدفق البيانات بين كلتا السوقين"، وأنه يتعين على حكومة المملكة المتحدة أن تحرص على عدم تعريض هذه البيانات للخطر.

أما رئيس السياسة التجارية ويليام باين فقال لـ"اندبندنت" إنه "يتعين على الشركات النظر بإمعان في الأثر المحتمل الذي يمكن أن ينشأ عن الضرب بهذا الاتفاق عرض الحائط. ويتوجب عليها أيضاً التدقيق في التفاصيل المقترحة لمراحل التنفيذ التدريجي المحتمل، والتأكد من الضمانات القانونية بأن أي خطط للتباعد التنظيمي، ستكون متناسبةً مع الحفاظ على علاقاتنا المشتركة، في ما يتعلق بكفاية البيانات مع الاتحاد الأوروبي".

وفيما أقر اللورد كيركوب بمحنة قطاع الأعمال لجهة أن "شروط اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي باتت تقييدية بشكل مفرط"، رأى أن القطاع لا يبدي رغبة في إضافة نظام منافس آخر لإنفاذ القوانين".

وقال، "لا أرى في حال أردنا أن نتولى زمام الأمور بأنفسنا، أننا سنكون أقل صرامةً لجهة التزام القوانين ذات الصلة، وربما قد نكون أقل مرونة في شأنها مما نحن عليه الآن". ولفت إلى أن "أي شيء قد يكون له تأثير سلبي على تجارتنا في ظل المناخ الاقتصادي الراهن، سيكون غير مقبول على الإطلاق".

وأيده في ذلك دومينيك غريف المدعي العام السابق التابع لحزب "المحافظين"، الذي حض كلاً من سوناك وتراس في حال تقلدهما منصب الرئيس المقبل للوزراء، على التخلي عن نهج بوريس جونسون.

ورأى غريف أن "التدفق الحر للبيانات يشكل ضرورةً أساسية لاقتصادنا وأمننا القومي، ولمستقبل العلاقة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي".

وحض أخيراً الحكومة البريطانية العتيدة على تغيير مسارها في هذا الشأن، من خلال وضع البراغماتية والمصلحة الوطنية قبل الأيديولوجية"، معتبراً أن "تقرير اللورد كيركوب يمثل فرصةً للتعاون بشكل وثيق مع شركائنا الأوروبيين، وإعادة بناء الثقة، والحيلولة دون إحداث مزيد من الأضرار".

نُشر في اندبندنت بتاريخ 7 أغسطس 2022

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات