Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وزير السياحة التونسي: طريق تعافي القطاع ما زال طويلا

المعز بلحسين يؤكد لـ"اندبندنت عربية" أن المديونية باتت عالية بعد اضطراب الأسواق والمراهنة على مليون زائر جزائري خلال العام الحالي

وزير السياحة التونسي محمد المعز بلحسين (اندبندنت عربية)

تشهد مختلف المناطق السياحية والفنادق التونسية، خلال هذه الفترة من السنة، نسبة امتلاء كبيرة إلى حدود تسجيل ضغط كبير على الفنادق من التونسيين والسياح الأجانب على حد سواء على الرغم من ارتفاع الأسعار وتواضع الخدمات المقدمة، وتوضح الأرقام والبيانات الإحصائية الرسمية أن القطاع السياحي في البلاد يشهد انتعاشاً لافتاً ترجمته الحجوزات وعدد السياح الوافدين إلى تونس، ووفق المعطيات الإحصائية المستقاة من وزارة السياحة التونسية، فقد زار البلاد من يناير (كانون الثاني) من هذا العام وإلى حدود 20 يوليو (تموز) الماضي مليونان و626 ألف سائح بزيادة بنسبة 113 في المئة بالمقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2021، وفي الليالي المقضاة تم تحقيق 6.2 مليون ليلة بزيادة بنسبة 146 في المئة بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، وبالنسبة إلى العائدات السياحية تم تسجيل إلى غاية يوم 10 يوليو ارتفاعاً بنسبة 58 في المئة بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، لتبلغ قيمة العائدات 1578 مليون دينار (526 مليون دولار).

احتراز وواقعية

لكن وزير السياحة التونسي محمد المعز بلحسين قلل من أهمية هذه الأرقام والمعطيات، واعتبرها مجرد بداية مشجعة وأنها لا تحجب حجم الرهانات التي تنتظر القطاع السياحي في تونس، وفي حوار مع "اندبندنت عربية" شدد الوزير التونسي على أن طريق تعافي القطاع السياحي في تونس لا تزال طويلة ومليئة بالصعوبات والرهانات الكبيرة إلى حين التخلص نهائياً من تداعيات الأزمة الصحية التي عصفت بالقطاع.

وتأثر القطاع السياحي بأزمة كورونا، ولا سيما أنه يشكل إحدى أهم رافعات الاقتصاد التونسي من حيث عدد مواطن الشغل (أكثر من مليون موطن شغل مباشر وغير مباشر)، وجذب النقد الأجنبي (معدل ملياري دولار سنوياً)، وخلال عامي 2020 و2021، شهد القطاع أزمة وصفها أهل المهنة بأنها أعنف أزمة يعرفها القطاع في العقود الخمسة الأخيرة تسببت في موجة تسريح عمال وغلق عشرات الوحدات السياحية وبخاصة فقدان تمويل خزانة البلاد بالنقد الأجنبي جراء القيود الوقائية التي اتخذتها معظم الدول وغلق الحدود.

50 في المئة من نتائج 2019

وكشف الوزير المعز بلحسين عن أن عدد الوافدين المسجلين منذ بداية العام الحالي وإلى غاية يوم 20 يوليو الماضي سجل تراجعاً بنسبة 42 في المئة مقارنة بنتائج عام 2019. وأكد أن الوزارة حددت هدفاً في كامل عام 2022 يتمثل في تحقيق نتائج في القطاع ما بين 50 و60 في المئة من نتائج سنة 2019 أي ما قبل حدوث أزمة "كوفيد-19"، وتوقع إمكانية تحقيق الهدف المنشود في ظل وجود تحديات كبيرة يتعين رفعها، من أهمها التحديات البيئية والصحية والاجتماعية والجيو استراتيجية بسبب تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية. وشدد على أهمية رفع التحديات الاجتماعية "من أجل الحفاظ على ديمومة القطاع على مستوى الحفاظ على مواطن الشغل بالتالي الحفاظ على الرأس المال البشري"، وبالنسبة إلى العائدات السياحية، ذكر أنها تراجعت بنسبة 31 في المئة بالمقارنة مع نتائج 2019. وكشف عن أن العائدات المالية للقطاع بلغت في كامل سنة 2019 ما قيمته 5.6 مليار دينار (1866 مليون دولار)، وفي الليالي المقضاة، أفاد وزير السياحة بأنه تم تحقيق 6.2 مليون ليلة بزيادة بنسبة 146 في المئة بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، ولكن بنقص بنسبة سلبية بـ48 في المئة بالمقارنة مع نتائج سنة 2019.

مشكلات هيكلية عويصة

وأقر بأن نتائج شهر أو شهرين وتحسن المؤشرات نسبياً لا يمكن أن تصنع ربيع القطاع الذي مر بكارثة حقيقية في العامين الأخيرين، مضيفاً، "هذه النتائج الظرفية لا يمكن أن تحجب المشكلات الهيكلية للقطاع في مقدمتها المديونية العالية ومشكلات النقل الجوي وموسمية القطاع، والسياحة التونسية تكاد تكون مقتصرة على السياحة الشاطئية".

ويعاني القطاع مشكلات بيئية مهمة من خلال عدم الاعتناء بالنظافة والبيئة في عدد من المدن السياحية معلناً، في هذا الإطار، عن قرار منع استعمال الأكياس البلاستيكية في البلديات السياحية من أجل التقليص من حجم التلوث.

إخلالات أدت إلى غلق المؤسسات السياحية

وكشفت زيارات لعدد من الوحدات السياحية قام بها وزير السياحة عن أن هذه الوحدات قامت بتجاوزات وإخلالات عدة تتعلق بجودة المنتج من المؤسسات السياحية المصنفة (من نجمة إلى خمس نجوم) ولا سيما في ما يخص غياب المعدات والتجهيزات المتوفرة، وأفرزت الزيارات الرقابية شكاوى من جودة الطعام في المؤسسات السياحية وأخرى متعلقة بارتفاع الأسعار وتواضع التنشيط السياحي وتدهور المحيط البيئي، كما تم غلق عدد من المؤسسات السياحية لتكون عبرة في سياق ضرورة الاعتناء بجودة المنتج.

المهنة تتذمر

وأصدر المجلس الوطني للجامعة التونسية للنزل، الذي انعقد في 30 يونيو (حزيران) الماضي بياناً شديد اللهجة أكد فيه أنه "لا وجود لموسم سياحي في 2022 في ظل تواصل إغلاق الحدود الجزائرية وغياب السياح الروس وضعف إمكانات النقل الجوي".

وتذمر القطاع من الوضع الحرج جداً الذي تعيشه المؤسسات الفندقية وما تعانيه من مصاعب على مختلف المستويات، في ظل عدم إيفاء الدولة بتعهداتها تجاه هذه المؤسسات وشح السيولة جراء عدم استجابة البنوك لتمويل القطاع وعدم وجود خطوط تمويل استثنائية تتماشى والظرف الحالي الصعب وغير المسبوق، ما حال دون إعادة فتح أكثر من 30 في المئة من النزل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتعليقاً على ذلك فند وزير السياحة التونسي هذه الادعاءات مستغرباً من مواقف كهذه، ومؤكداً أن القطاع السياحي كان من أكثر القطاعات التي تمتعت بمساعدات من الدولة التونسية خلال أزمة كورونا من خلال إقرار ترسانة من الإجراءات والقرارات ذات الطابع المالي والاجتماعي، وذكَّر في هذا الصدد بتوفير قرض "كوفيد" للقطاع بقيمة 500 مليون دينار (166 مليون دولار)، وتكفل الدولة بالمساهمة في أنظمة الضمان الاجتماعي للعمال إلى جانب إقرار منحة بـ200 دينار (66 دولاراً) شهرياً للعاملين في القطاع السياحي، كما تكفلت الدولة بعمليات التكوين و"الرسكلة" للعاملين، فضلاً عن تدخل وزارة السياحة مع شركتي الكهرباء والمياه لعدم قطع الكهرباء والماء عن المؤسسات السياحية نظراً إلى ارتفاع فاتورة استهلاك الوحدات السياحية للماء والكهرباء، ومن الإجراءات الأخرى المتخذة العمل على جعل تونس وجهة سياحية آمنة في ظل الأزمة الصحية العالمية وتكثيف الحملات الترويجية داخلياً وخارجياً، ولئن اعترف الوزير التونسي بأن مجمل الإجراءات لم تعطِ النتائج المرجوة منها، لكنها حافظت على ديمومة القطاع والوقوف أمام ما وصفه بالكارثة الصحية التي حلت به وقارب على الاندثار.

ارتفاع الأسعار وتذمر التونسيين

ولئن أسهمت السياحة الداخلية في تنشيط القطاع خلال ذروة كورونا في 2020 و2021 في ظل غياب شبه كلي للسياح الأجانب، فإنه بمجرد عودة النشاط، في هذه السنة، تنكر القطاع للتونسيين بفرض أسعار جد مرتفعة وتفضيل السائح الأجنبي، ورداً على هذه المسألة، أقر المعز بلحسين بوجود شكاوى من الارتفاع المهم في الأسعار المعتمدة، مرجعاً ذلك إلى قاعدة العرض والطلب بخاصة في شهري يوليو وأغسطس (آب) اللذين يمثلان ذروة الموسم السياحي، إذ من الطبيعي أن تشهد الوحدات السياحية ضغطاً كبيراً. وشدد على أن الأسعار حرة في الفنادق ووكالات السفر توفر العروض السياحية. ودعا التونسيين إلى تبني ثقافة الحجز المسبق منذ الربيع للحصول على أسعار مناسبة ومعقولة، كما أوصى التونسيين بالتوجه نحو وكالات السفر المعتمدة.

معالجة مديونية القطاع

ولفت وزير السياحة في ما يخص ملف معالجة مديونية القطاع التي تناهز أربعة مليارات دينار (1333 مليون دولار)، إلى أن هناك برنامجاً وطنياً لإعادة الهيكلة المالية للقطاع السياحي في تونس، ملاحظاً أن الحكومة بصدد الاشتغال عليه عبر جملة من الحلول التي لم يفصح عنها.

وتمتد الإجراءات والحلول على المدى القريب في أفق عام 2024 وإجراءات أخرى تمتد إلى سنة 2030، مؤكداً أن المؤسسات السياحية تستعيد ثقة المؤسسات البنكية والمالية لتجنب إشكالية تصنيف مؤسسات القطاع بأنها ذات مخاطر مالية عالية في البنك المركزي التونسي. ودعا المؤسسات السياحية إلى تنويع مصادر تمويلها عبر رفع موارد مالية من البورصة أو التوجه نحو التمويل التشاركي.

وأعلن وزير السياحة والصناعات التقليدية المعز بلحسين أن تونس تستهدف استقطاب أكثر من مليون جزائري مع نهاية 2022. وأكد أهمية هؤلاء السياح في تنشيط القطاع السياحي في تونس وإدخال حركية تجارية مهمة في البلاد. وأشار إلى أن في 2019 زار تونس قرابة ثلاثة ملايين جزائري، وأيضاً تحول قرابة 1.5 مليون تونسي إلى الجزائر، ولكن بسبب الأزمة الصحية، تم غلق الحدود مدة سنتين بين البلدين من باب الوقاية الصحية فقط، وأفاد وزير السياحة بأنه، على أثر تحسن الوضع الصحي، استؤنفت الرحلات الجوية بين البلدين، ثم تم فتح الحدود البرية بصفة جزئية بخاصة للمقيمين، وفي 15 يوليو الماضي تم الفتح الكلي للحدود البرية على أثر قرار مشترك اتخذه الرئيسان التونسي قيس سعيد ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون.

واعتبر وزير السياحة التونسي أن الفتح الكلي للحدود البرية بين البلدين سيعطي دفعاً مهماً للتدفق السياحي للأشقاء الجزائريين مشيراً إلى استبشار المهنيين بهذا القرار. وكشف عن أنه منذ الإعلان عن فتح الحدود البرية كلياً في 15 يوليو، وإلى أواخر الشهر المنقضي، دخل أكثر من 60 ألف جزائري التراب التونسي عبر الممر الحدودي "ملولة" (محافظة جندوبة في الشمال الغربي) والممر الحدودي "حزوة" (محافظة توزر بالجنوب الغربي)، ورجح أن يرتفع هذا العدد خلال شهر أغسطس الحالي، مفسراً ذلك بأن عديداً من الجزائريين يدخلون في عطلة مع بداية هذا الشهر، فضلاً عن تزامن نهاية شهر يوليو مع انتهاء السنة الدراسية.

استراتيجية للنهوض بالسياحة الرياضية

وعن استراتيجية الوزارة لتطوير السياحة الرياضية واستقطاب حتى فرق أوروبية لتدعم المنتج السياحي التونسي، قال المعز بلحسين إن السياحة الرياضية لها قدرة إنفاقية عالية وتنشط المناطق والجهات الداخلية وتروج للوجهة السياحية التونسية، وتشهد تونس خلال هذه الفترة توافد عديد من الأندية الرياضية الجزائرية والفرق الخليجية.

وخلص وزير السياحة التونسية، في هذا الصدد، إلى أن الوزارة بالتعاون مع الديوان الوطني التونسي للسياحة وضعا استراتيجية لدفع السياحة الرياضية، من خلال العمل على استقطاب مزيد من الفرق الرياضية ومنها الأوروبية والتعريف بالوجهة السياحية التونسية من طرف التمثيليات السياحية لتونس في الخارج.

حركية استثمارية

وبلغت نوايا الاستثمار في النصف الأول من هذا العام قيمة 500 مليون دينار (166 مليون دولار) منها 14 مليون دينار (4.5 مليون دولار) في مجال السياحة البديلة، وتعكس هذه الاستثمارات، وفق الوزير التونسي، ديناميكية استثمارية مهمة في القطاع وثقة متواصلة على الرغم من الهزات، مستدلاً في ذلك على أن هناك عديداً من العلامات التجارية العالمية بصدد فتح وحدات سياحية في تونس.

المزيد من حوارات