ملخص
في حواره مع "اندبندنت عربية" أكد الرئيس التنفيذي لمجموعة شركة الدرعية جيري إنزيريلو أن هناك رغبة سعودية في جعل الدرعية نموذجاً عالمياً يجمع بين التراث والحداثة، بطريقة تضمن المحافظة على هويتها التاريخية، مع تقديم فرص لافتة في مجال السياحة الفاخرة والاستثمار، لافتاً إلى أن ما تشهده المدينة من تطور غير مسبوق يمكن مقارنته بنماذج عالمية عدة تمتزج فيها التنمية الحديثة بالحفاظ على التراث الثقافي.
عقدت شركة الدرعية، وهي إحدى المشاريع الكبرى لصندوق الاستثمارات السعودية (PIF)، , أول من أمس الأربعاء مؤتمرها الصحافي السنوي الثاني بعنوان "بشاير الدرعية" للإعلان عن المشاريع التطويرية في المدينة التي تقع شمال غربي العاصمة السعودية الرياض، حيث اصطحب الرئيس التنفيذي لمجموعة شركة الدرعية جيري إنزيريلو ضيوف المؤتمر في جولة عبر طائرة مروحية في سماء الأعمال الإنشائية لمشاهدة التقدم في المشاريع التطويرية.
"اندبندنت عربية" التقت الرئيس التنفيذي لمجموعة شركة الدرعية الذي أكد أن "بشاير" تعني "الأخبار السارة"، لافتاً إلى أن المشروع مرتبط بـ "رؤية 2030"، واعتقد بعضهم أن الدرعية لن تشهد تطوراً قبل عام 2030، ولكن "بدأنا في افتتاح المعالم تباعاً منذ 2021"، وأصبحت "بشاير" احتفالاً سنوياً بافتتاح معالم جديدة، وصولاً إلى أن تكون الدرعية التاريخية جاهزة لاستقبال ضيوف معرض "إكسبو الدولي 2030".
وأعلن الرئيس التنفيذي لشركة الدرعية افتتاح فندق "باب سمحان" ضمن "مجموعة ماريوت" للفنادق الفاخرة، وستقيم وزارة الثقافة أول معرض لها في مركز الدرعية لفنون المستقبل، وإضافة إلى ذلك بدأ مشروع الدرعية بيع الوحدات السكنية من علامات مرموقة مثل "ريتز كارلتون" و"ريتز كارلتون ريزيرف" و"أوبروي" و"ورافلز" وبيعت بسرعة كبيرة.
وفي حوارنا مع جيري إنزيريلو كان الحديث عن جودة الحياة حاضراً، مشيراً إلى أن هناك تسعة كيلومترات من الحدائق في وادي صفار بالدرعية تعيد الوادي لما كان عليه قبل 300 عام، إذ أصبح الآن بإمكانك ممارسة رياضة الركض وركوب الدراجات والاستمتاع بركوب الخيل والتنزه مع العائلة، منوهاً باهتمام ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ببرنامج جودة الحياة، لذا يضع المشروع في وادي صفار اللمسات الأخيرة على "ملعب غريغ نورمان" للغولف المكون من 27 حفرة، وبناء النادي الريفي يتقدم بسرعة كبيرة، كما بدأ بناء "مركز البولو والفروسية الملكي"، وبيعت بالفعل 50 من مزارع المشروع في وادي صفار، حيث بدأ العمل في كثير من منتجعات الوادي العام الماضي، بما في ذلك "أوبيروي" و"سكس سنسز"و"فاينا"، والآن يبدأ العمل في سبعة فنادق أخرى منها "أورينت إكسبريس" و"كورنثيا" و"باكارات" و"رافلز"، وفق المتحدث.
إجازة مؤجلة لعام 2030
وعند سؤاله عن حياته الشخصية أجاب إنزيريلو قائلاً "نشأت في عائلة رائعة في نيويورك لكنها كانت فقيرة جداً، ولمساعدتها بدأت العمل في الفنادق ليلاً وأنا ابن الـ 13 سنة، إذ كنت أنظف طاولات قسم الولائم، وأحببت عملي لأن فيه رعاية الناس وخدمتهم، لذا قررت أنه عندما سألتحق بالجامعة وأنا في الـ 18 من عمري سأدرس إدارة الفنادق، وهو ما فعلته في لاس فيغاس، وقد أحببت عملي حقاً وكرست 50 عاماً من عمري للعمل في قطاع الضيافة".
ويبدو الرئيس التنفيذي لمجموعة شركة الدرعية غير متفرغ لشيء آخر سوى العمل، وبسؤاله أفادنا ضاحكاً "لا يوجد لدي وقت لإجازات أو عطلات، حتى إن آخر إجازة أمضيتها كانت في يناير (كانون الثاني) 2018، أما الإجازة التي أتطلع إليها فهي في يناير 2030، وربما لا أحصل عليها قبل 2040".
التقاعد مفهوم غائب
وبالنسبة إلى جيري إنزيريلو فإن التقاعد ليس سوى كلمة غامضة لا تعني شيئاً في حياته، ويقول ممازحاً "ما هو تعريف كلمة التقاعد؟ كيف يمكن قولها باللغة العربية؟ لا أظن أنني أعرف هذا المفهوم"، مضيفاً "وحتى بعد التقاعد سأبقى في الدرعية لأنني أعتبرها موطني، فزوجتي تحبها جداً وكذلك ابنتي، وبالفعل اشتريت أحد المنازل في وادي صفار لأعيش في الدرعية".
شغف وإلهام
وسرد إنزيريلو قصة عمله في الدرعية قائلاً "أعرف المنطقة جيداً، ودرست الدرعية عام 1998، أي قبل 26 عاماً، وكان لدي صورة عنها، وعندما قرأت 'رؤية 2030' قلت إن هذا الأمر مذهل وأود المشاركة فيه، ولذلك عندما قابلت ولي العهد قال لي 'جيري أنت أحد أبرز خبراء السياحة في العالم، هل يمكنك مساعدتنا بينما نستعد لفتح المملكة للسياحة؟' كان الاختيار شرفاً لي، وخلال الأعوام الست الماضية عملت مع جميع الشباب السعودي الرائع".
وعن القدوة أو الشخص الملهم في حياته قال إنزيريلو إن "الزعيم الجنوب أفريقي الراحل نيلسون مانديلا كان قدوة كبيرة جداً، بل بمثابة أب ثان لي"، مضيفاً أن لديه قدوة أخرى، وللأسف توفي قبل أسبوعين عن عمر يناهز 91 سنة، وهو الملحن الأميركي الأسطوري كوينسي جونز، إذ ساعده في التعرف على عالم الاستعراض والترفيه عن الناس والموسيقى والثقافة، لكنني أعتبر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ملهمي على رغم أنني أكبر منه سناً".
وتذكر الرئيس التنفيذي لشركة الدرعية معالمها وتحدث عنها قائلاً "أحب الدرعية كثيراً لأنها مهد المملكة وموطن آل سعود، إنها منطقة ثقافية أصيلة، لها موسيقاها ورقصتها الخاصة، ففيها ظهرت رقصة العرضة السعودية الشهيرة، ولديها الخط الخاص الذي كتب به أئمة الدولة السعودية الأولى القرآن الكريم قبل 300 عام، وكذلك الطعام والأكلات النجدية، فالأصالة تظهر في الطعام والأزياء والرقص والغناء والخط العربي والشعر، وكل شيء فريد من نوعه، وتسجيل 'يونيسكو' الدرعية في قائمة التراث العالمي هو اعتراف تحقق بفضل جهود الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عام 2010، وبناء خطة عن نمط نجد الأصيل".
ولا يخلو كلام إنزيريلو من الشغف بالمدينة التاريخية، وهو ما يفسره بقوله وهو مبتسم "لقد عملت في كثير من المدن حول العالم، والدرعية هي المفضلة لدي، فعلى مدى 50 عاماً من العمل كانت لدي حياة شخصية وأخرى مهنية، بينما هنا 100 في المئة من وقتي هو للدرعية فقط".
تجربة سياحية
ويعد إنزيريلو أحد أهم الناشطين العالميين في مجال السياحة، ولديه تصور عن المعالم السياحية في السعودية، وقد كشف لنا عنها قائلاً إن "السعودية بلد كبير جداً وجميل ومتنوع، وشعبها مضياف يرحب بالجميع، ويمكن للسائح أن يخطط لرحلة زيارة السعودية بدءاً من الدرعية العاصمة القديمة، إذ يقضي بضعة أيام وسط التراث الثقافي، ثم ينتقل إلى البحر الأحمر ورؤية 45 في المئة من البيئة البحرية فيه، ومشاهدة سبعة مواقع أخرى مدرجة على قائمة التراث العالمي ومنها جدة التاريخية على البحر الأحمر"، مضيفاً أن "هناك وجهات سياحية أخرى، حيث يمكن الذهاب إلى أكبر صحراء رملية في العالم، وكذلك أكبر بساتين النخيل في الأحساء، ومدينة نيوم التي تمثل مدن المستقبل، وهناك كثير من الأشياء الرائعة التي يمكن القيام بها، وبخلاف الضيافة السعودية الأصيلة والدافئة والكريمة فهناك كثير من الناس لا يعرفون أن الثلوج تتساقط على السعودية، لكن عندما يشاهدونها وهي تنظم دورة الألعاب الآسيوية الشتوية عام 2029 سيتأكدون من تنوع بيئتها وجمال معالمها".
مستقبل الدرعية يبدو واضح المعالم، ويؤكد إنزيريلو أن هناك رغبة سعودية مع إمكان جعل الدرعية نموذجاً عالمياً يجمع بين التراث والحداثة بطريقة تضمن المحافظة على هويتها التاريخية، مع تقديم فرص لافتة في مجال السياحة الفاخرة والاستثمار، لافتاً إلى أن ما تشهده المدينة من تطور غير مسبوق يمكن مقارنته بنماذج عالمية عدة، إذ تمتزج التنمية الحديثة مع الحفاظ على التراث الثقافي.
مدن الحداثة
وتحدث إنزيريلو في حواره مع "اندبندنت عربية" عن أشهر المدن العالمية التي تجمع الأصالة بالحداثة، "ومنها مدينة كيوتو في اليابان، والتي كانت عاصمة الإمبراطورية اليابانية لأكثر من 1000 عام ومركزاً ثقافياً وتاريخياً رئيساً، إذ طورت بطريقة تحافظ على تقاليدها ومعالمها التاريخية، مع إدخال عناصر حديثة لخدمة السكان والزوار، حتى باتت كيوتو اليوم مثالاً على كيفية تحقيق توازن بين الأصالة والتطور، إذ يمكن للزائرين الاستمتاع بزيارة المعالم القديمة فيها جنباً إلى جنب مع البنية التحتية الحديثة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار الرئيس التنفيذي لمجموعة شركة الدرعية إلى مدينة كولوسيوم في إيطاليا أو المدرج الفلافي كما يطلق عليه أحياناً، فهي واحدة من أبرز المعالم التاريخية في العالم، وتعد مثالاً في الحفاظ على التراث الثقافي مع جذب عدد كبير من السياح من مختلف أنحاء العالم، وتستمر في تقديم نفسها كوجهة فاخرة، بينما تظل محافظة على معالمها التاريخية.
وتابع إنزيريلو أنه "بالتأكيد لا ننسى أن نذكر سور الصين العظيم وما حوله، فهو أيضاً يعد مثالاً رائعاً على التزاوج بين الأصالة والمعاصرة، إذ يجمع بين تاريخ عريق وحضارة عريقة وبين التطورات الحديثة والابتكارات المعاصرة، وهو ما يجعله وجهة سياحية جذابة ويضمن حمايته للأجيال المقبلة".
وأقيمت في الدرعية خلال الأعوام الأخيرة كثير من الفعاليات العالمية والدولية، كما استقبلت ملايين الزوار، وهو ما أكده إنزيريلو الذي تحدث عن نظرة السائحين لها قائلاً "لقد رأينا بالفعل القوة الهائلة التي تتمتع بها الدرعية في عيون زوارها من شتى أرجاء العالم، فهم يتحدثون دائماً عن تمسكها بأصالتها مع مواكبة التطور الجديد، فمن القواعد التي نحرص عليها عدم المساس بأي شكل من الأشكال بالطابع التاريخي والأثري للدرعية، بل نعمل على الحفاظ على الإرث الثري والكبير لعاصمة الدولة السعودية الأولى".
ولا ننسى أن "الدرعية لفتت أنظار العالم خلال فترة قصيرة جداً، واستقطبت مليوني زائر في فترة لا تتجاوز عامين منذ افتتاح أول أصول المدينة التاريخية، حي الطريف التاريخي ومطل البجيري"، وفق المتحدث الذي أشار إلى أنه "في المستقبل سيكون هناك أكثر من 30 معلماً ثقافياً تعبر عن أصالة المدينة، بما في ذلك المتاحف والأكاديميات التي تستكشف وتروي قصص وتاريخ السعودية الغني"، مشدداً على أن "الدرعية لم تفقد هويتها ولم تتحول إلى مدينة حديثة بمفهوم الحداثة الفج، بل لا تزال تشعر الزوار بروح الماضي وأصالته، والمؤكد بأنه يمكنك أن تسأل أي زائر من حول العالم عندما يزور الدرعية عن شعوره".
خصوصية معمارية
ولأن الدرعية كانت عاصمة الدولة السعودية الأولى وذات قيمة تاريخية عريقة وخصوصية معمارية فريدة، فإن هناك مخاوف من أن يشكل التطوير تهديداً لإرثها التاريخي، لكن إنزيريلو يبدد هذه الهواجس بقوله إن "مشروع التطوير يهدف إلى تعزيز وحماية الإرث التاريخي للدرعية للحفاظ على الأصالة التاريخية والمعمارية لها، مع استعادة وترميم المواقع الأثرية بعناية فائقة"، مستطرداً "تعمل مجموعة شركة الدرعية على تقديم المدينة التاريخية كمثال حي على التوازن بين الحفاظ على التراث والتطوير، وكرمز تاريخي وثقافي يسهم في سرد قصة نجاح السعودية، كما تلتزم شركة الدرعية بمعايير عالية في تصميم وبناء الأصول للحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي للمدينة، مع ضمان توفير تجربة زائر مميزة، حيث تستخدم المواد التقليدية التي استخدمت في بناء الدرعية قديماً، والتصميم المستوحى من العمارة النجدية".
وشدد الرئيس التنفيذي لمجموعة شركة الدرعية على أن التحضير لمثل هذه المشاريع الضخمة يتطلب تنسيقاً وثيقاً مع الجهات المعنية مثل وزارة الثقافة السعودية ومنظمة "يونيسكو" لضمان حماية المواقع التراثية المصنفة ضمن قائمتها للتراث العالمي، ومنها حي الطريف التاريخي الواقع في الدرعية، كما أن "أعمال التطوير تؤكد احترام المعايير الدولية للحفاظ على التراث، إذ إن المخطط العام يأخذ في الاعتبار ضرورة الحفاظ على الطابع التاريخي للدرعية مع توظيف الهندسة المعمارية الحديثة بطريقة لا تتعارض مع القيمة التاريخية للموقع، وهذا التنسيق يضمن أن أعمال البناء الحديثة لن تهدد تصنيفها على قائمة التراث العالمي، بل ستعزز قيمة الموقع من خلال إبراز تاريخ المنطقة بصورة أكثر حيوية وجذباً للزوار من جميع أنحاء العالم، مع مواكبة تطوير حي الطريف التاريخي، وهو أحد مواقع التراث العالمي لـ 'يونيسكو' بصورة مستقلة، حيث لا تجري أعمال البناء الجارية حالياً داخل الحي بل خارجه".
حياة استثنائية
وقال إنزيريلو إن مشروع الدرعية "تجربة فريدة للسكان والزوار من داخل السعودية وخارجها عبر مدينة متعددة الاستخدامات تتميز بالفخامة وجودة الحياة، وستكون اسماً بارزاً على خريطة السياحة العالمية، إذ توفر بيئة مميزة ومستدامة ورفاهية عالية وحياة استثنائية، وكذلك سهولة الوصول وقضاء وقت ممتع ضمن نسيج اجتماعي قوي يتميز بالأصالة".
وأوضح أن الأرقام وحدها تقدم وصفاً دقيقاً للدرعية التي ستكون بمثابة وجهة عالمية على بعد ثماني ساعات من 70 في المئة من سكان العالم، وأربع ساعات من 30 في المئة منهم، فهي تقام على مساحة 14 كيلومتراً مربعاً مطورة، و"ستكون مؤهلة ليعيش فيها أكثر من 100 ألف نسمة بحلول عام 2030، من خلال أكثر من 18 ألف وحدة سكنية نجدية فاخرة، كما سيكون هناك أكثر من 40 فندقاً ومنتجعاً فاخراً، وما يزيد على 1.6 مليون متر مربع من مساحة الأماكن التجارية والمكاتب يقدمون الخدمات لأكثر من 25 مليون زائر سنوياً".
ولم تغب الخدمات في مدينة الدرعية عن حديث الرئيس التنفيذي، فأشار إلى أن "المدينة ستضم أكثر من 566 ألف متر مربع من مساحة البيع بالتجزئة، وأربع محطات مترو وتسعة متاحف، وكذلك أكثر من ثمان حدائق عامة و31 مسجداً، وما يزيد على 10 معالم أيقونية و60 ألف موقف للسيارات، إضافة إلى جامعة واحدة و16 مدرسة وأكثر من 17 كيلومتراً من مسارات ركوب الخيل والدراجات، ومسار على جرف الوادي يمتد لمسافة ثلاث كيلومترات يطل على وادي حنيفة".
ونوه بأن الدرعية مكان للجميع تتلاقى فيها كل الثقافات، مضيفاً "نحن هنا اليوم لنبني مدينة متعددة الاستخدامات تستهدف كل فئات المجتمع، مع العلم بأن المشروع يحوي18 ألف وحدة سكنية تشكل الفاخرة منها نحو 300 وحدة فقط، بما يعادل 1.68 في المئة فقط من كل مشاريع السكن"، مؤكداً أنها ستكون "مدينة متعددة الاستخدامات ترحب بمختلف فئات المجتمع".
"الدرعية ستكون أنموذجاً فريداً للعيش في موقع تاريخي مميز غني بالثقافة والتراث، ويوافر في الوقت نفسه جميع وسائل الراحة العصرية والفخامة، وإلى جانب ذلك يجذب مشروع الدرعية بصفته وجهة عالمية للسياحة والثقافة اهتمام الأثرياء الذين يرون فيه فرصة استثمارية فريدة، ووسيلة لتعزيز مكانتهم الاجتماعية من خلال تملك عقارات في موقع استثنائي"، هذا ما أكده الرئيس التنفيذي للمشروع.
ولن تكون الدرعية الجديدة عكس القديمة أو "مدينة الأثرياء"، بل مدينة تاريخية ذات طابع أثري خاص منفتحة على العالم تجمع كل الثقافات، وفق إنزيريلو، الذي أشار إلى أنها تخطط لاستقبال 50 مليون زيارة من جميع الطبقات، ضمن أهداف "رؤية السعودية 2030" لجعل الدرعية الوجهة العالمية الأولى للتراث والثقافة، وأن سكانها من المتوقع أن يتجاوزوا 100 ألف ساكن من الضيوف والطلاب والعمال.
"إكسبو 2030"
ووفق المتحدث فإن التحدي الأكبر في شركة الدرعية هو كيفية توفير البنية التحتية والخدمات المتقدمة وسهولة الوصول لخدمة هذا العدد الهائل من الناس في هذه المدينة القديمة، من دون التأثير على طبيعتها التاريخية والبيئية، لافتاً إلى أن الدرعية مثل غيرها من المدن السعودية تطمح للاستفادة من استضافة المملكة لـ "معرض إكسبو الدولي 2030" كونه أحد أشهر الفعاليات العالمية الحية، ومن المهم أن نؤكد لكل رواد المعرض حول العالم بأن الدرعية بأصولها المتنوعة ستكون جاهزة عام 2030، وستستقبل زوار "الرياض إكسبو 2030 "، متوقعاً أن يقيم 10 في المئة من زوار المعرض داخل فنادقها التي ستزيد في هذا الموعد على 40 فندقاً بسعة أكثر من 6650 غرفة.
وشرح الرئيس التنفيذي القيمة المضافة لمدينة الدرعية، موضحاً أنها ستسهم الدرعية بمواقعها الفريدة وإرثها الغني في تعزيز مكانة وصورة السعودية أمام العالم، وتفتح آفاقاً جديدة في استقطاب الزوار حول العالم للتعرف على تراث وثقافة وهوية السعودية وتعزيز الشراكات الدولية، وتنفيذ مستهدفات البلاد المستقبلية، كما سيقدم المشروع الذي يقع على بعد 15 دقيقة فقط من العاصمة السعودية، إضافة كبيرة ليس للرياض والسعودية وحسب بل للعالم أجمع، فهو أحد أهم الوجهات السياحية والثقافية الواعدة التي ستجذب الزوار من كل بقاع الأرض، فهي جزء من مشروع السعودية الكبير المتمثل في "رؤية 2030" والهادف إلى تعزيز الهوية الوطنية وتنمية السياحة وتحسين جودة الحياة، ويمكن أن يمثل المشروع إضافة للعاصمة الرياض من نواح عدة، أهمها أنه سيعزز ارتباط السكان والزوار بتاريخ السعودية وهويتها، إذ ستصبح الدرعية مركزاً ثقافياً عالمياً يعزز الحوار الثقافي بين الرياض ودول العالم من خلال المتاحف والمعارض الفنية والفعاليات الثقافية والمعيشة.
وتطرق إنزيريلو إلى تفاصيل مشروع الدرعية، مشيراً إلى أنه يوفر 178 ألف فرصة عمل جديدة في مجالات عدة مثل الضيافة والإرشاد السياحي والتجارة، إضافة إلى تشجيع الاستثمارات، فمخطط المشروع يتضمن مشاريع ضخمة في البنية التحتية، إذ يوفر 60 ألف موقف سيارة لخدمة الدرعية، وقد تم العمل بالفعل على إنشاء 10500 موقف ضمن ثلاثة أدوار تحت الأرض لخدمة ميدان الدرعية، كما أنجزت البنية التحتية لنفق الدرعية الجديد الذي يمثل حلقة وصل بين الرياض والدرعية التاريخية، واستغرق إنجازه 7 ملايين ساعة عمل ليسمح بمرور 10280 مركبة في الساعة، مما يسهم في تسهيل الوصول إلى المواقع التاريخية والتراثية في الدرعية.
روزنامة واضحة
وحول الانتهاء من أعمال التطوير قال إنزيريلو إن "هناك خطة عمل طموحة وروزنامة واضحة لجميع المشاريع تجعل الرافعات تدور في كل المواقع داخل الدرعية التي تحولت إلى ورشة عمل كبيرة، إذ يشهد المشروع تطورات إيجابية كل يوم، فهناك أكثر من 21 ألف عامل يحتشدون في مواقع عدة لإنجاز العمل في الوقت المحدد، وتوجد 1590 آلة في قلب المشروع، بينها 160 رافعة بناء برجية، كما تم حفر 10 ملايين متر مكعب واستخدام 520 ألف متر مكعب من الخرسانة المسلحة، وجرى تركيب 123 ألف طن من الفولاذ الإنشائي، وإنشاء تسعة كيلومترات من الأنفاق المحورية والخدمية، فيما انتهي من الأنفاق في يونيو (حزيران) الماضي، ويتوقع أن يكتمل المشروع وتتوقف آخر رافعة فيه بحلول عام 2030".
وعبر الرئيس التنفيذي لشركة الدرعية عن الالتزام أمام العالم بالحفاظ على روح هذه المدينة التاريخية العريقة، مع تقديمها في حلة جديدة تعكس تراثها الغني وأصالتها، بينما نواكب العصر، مضيفاً "نعدكم بأن تكون الدرعية مكاناً يجمع بين الماضي والحاضر، حيث يمكنكم أن تتجولوا بين أروقة التاريخ وتستمتعوا برؤية المستقبل، وسنبقى ملتزمين بتطوير الدرعية بأسلوب يحترم هويتها الفريدة لتمنح زوارها تجربة عيش فريدة لمنطقة أصيلة يمتد عمرها لأكثر من 600 عام، مع توفير تجارب ثقافية وسياحية استثنائية تليق بمكانتها".
وتابع، "نعدكم بأن تظل الدرعية رمزاً للتراث السعودي وقصة نجاحه، ولكل من يرغب في اكتشاف جمالها والتعرف على تاريخها، ولن ندخر جهداً حتى تصبح وجهة عالمية تحتفي بالتنوع الثقافي وترحب بالزوار من جميع أنحاء العالم، ليكونوا جزءاً من هذه القصة المميزة".