Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تتخطى الأسهم السعودية موجات التقلبات؟

تداعيات الأزمات العالمية تثير مخاوف لدى المستثمرين مع الخيارات الصعبة للبنوك المركزية

يتوقع مراقبون أن السوق بصدد موجة هابطة قد تشمل مختلف أسواق المال العالمية بسبب الإجراءات المترتبة على رفع الفائدة (أ ف ب)

أمام كل دولة تحدياتها الخاصة، إضافة إلى المشكلات العالمية التي تتشارك فيها مع الدول الأخرى، وأمام البنوك المركزية في الفترة المقبلة خيارات صعبة تدفعها إلى تشديد السياسة النقدية، والذعر إلى حد ما، فإن احتمالية حدوث ركود في اقتصاد الولايات المتحدة وفي منطقة اليورو بحلول نهاية العام، ازدادت بشكل واضح، مما يفتح الباب أمام تأثيرات على الاقتصاد السعودي والخليجي والعالمي بشكل أعم، في ظل موجات متتالية من التشاؤم تجتاح الأسواق المالية العالمية.
ورأى الرئيس التنفيذي لمركز التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية علي بوخمسين، أنه "الإعلان عن بيانات النشاط التجاري الأميركي الهزيلة الأخيرة وما تضمنته قراءة مؤشر مديري المشتريات الأميركية، دلالة على استمرار معاناة الاقتصاد الأميركي وتزايد هذه المعاناة مع ارتفاع معدلات التضخم، وفضلاً عن رفع أسعار الفائدة الأخير الذي أتى بشكل أكبر مما توقعه الباحثون الاقتصاديون، إذ بلغ معدل 75 نقطة أساس".

رفع الفائدة المتكرر

وتابع بوخمسين، "مع ذلك لم تفلح هذه الإجراءات كثيراً في كبح جماح ارتفاع معدلات التضخم، حيث ما زالت في اتجاهات تصاعدية متتالية، وهذا الأمر ترك مؤشرات سلبية على أداء أسواق المال والبورصات العالمية، حيث سعرت هذه الأسواق أخبار استمرار رفع معدلات الفائدة مسبقاً، وبدأت بالظهور في سلسلة تراجعات في أسواق المال الأميركية والعالمية، ووصلت إلينا في البورصات الخليجية نتيجة قيام البنوك الخليجية برفع أسعار الفائدة بشكل متسق للرفع الذي قام به الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، ونتيجةً للتوقعات فإن الرفع سيضر حتماً بنتائج مؤشرات أسواق المال العالمية والخليجية على حد سواء، وهذا ما يبرر عدم وجود تحسن ملحوظ ومستمر في أداء "التاسي السعودي" (مؤشر السوق الرئيسة)، مع وجود توجهات رغبة قوية لدى المؤشر في امتصاص هذه الموجة السلبية وعكس أدائه إلى الاتجاه التصاعدي الإيجابي، إلا أنه ومع استمرار موجة رفع أسعار الفائدة ظل "التاسي" يعاني وبقوة، ولم يستطع كسر الموجة الهابطة إلا الأسبوع الماضي، مع أنه ظل متماسكاً أكثر من غيره، مدعوماً بقوة، لأسباب عدة داخلية نابعة من قوه الاقتصاد السعودي الذي شهد تحسناً كبيراً في أدائه نظراً إلى تحسن إيرادات النفط بسبب الحرب في أوكرانيا وما خلفته من أزمات في إمدادات الطاقة العالمية، مسببةً ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار النفط في الأسواق العالمية". 

دخول السيولة العالية

أضاف الرئيس التنفيذي لمركز التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية أن "الأمر الآخر هو الارتفاع الجيد في أرباح الشركات الداعمة لـ(التاسي)، مثل (أرامكو السعودية) و(سابك) و(الراجحي) ومختلف البنوك السعودية، ومعظم الشركات الكبرى"، مبيناً أن "ثالث مؤشر داعم للسوق هو وجود سيولة عالية متاحة للدخول اتضح حجمها ودورها في تغطية الاكتتابات المتتالية التي شهدتها السوق السعودية، فضلاً عن التطورات الكبرى التي شهدتها السوق من حيث البنية التنظيمية والتوسع في الأدوات المتاحة للتداول، وهذا كله صبّ في تقييمات السوق المالية من قبل الهيئات المالية الدولية كـ(الفوتسي) وغيرها، مما أدى إلى تحسن قدرة السوق على استقطاب مزيد من التدفقات الاستثمارية له، وهذا ما يفسر لنا أسباب تماسك التاسي وعدم تراجعه بقوة وقدرته على التوازن، واستيعاب المتغيرات على الأسواق المالية العالمية والمحلية. ومن جانب آخر فان اتجاهات رفع أسعار الفائدة المستمر سيخلق مزيداً من الصعوبات على كثير من الشركات المالية العاملة في السوق، بالذات تلك التي لديها قروض ضخمة بما سيرفع من كلفة سداد هذه القروض، وسيرفع من كلفة الاقتراض المستقبلية، وهذا سيحد من أرباح هذه الشركات، وسينعكس سلباً على قيمة أسهمها في السوق. وأيضاً تمتد آثار رفع أسعار الفائدة، من جانب آخر، على المتعاملين في السوق ممن يعتمدون على القروض في نشاطهم الاستثماري، بما سيرفع الكلفة عليهم وبما ينتج عنه خفض قيمه التداولات، وأيضاً يؤدي في النهاية إلى انخفاض السيولة بما سيؤثر كثيراً على نمو أسواق المال، ويقلص من مكاسبها". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الأزمات العالمية المستمرة

وأشار بوخمسين إلى أن "السوق بصدد موجة هابطة متوقعة قد تشمل مختلف أسواق المال العالمية، بسبب الإجراءات المترتبة على رفع الفائدة، والتي سيزيد من أضرارها أيضاً استمرار الأزمة الجيوسياسية بسبب الحرب الروسية - الأوكرانية، التي تؤثر في اتجاهات عدة على تعافي الاقتصاد العالمي ومن بينها ارتفاع في معدلات التضخم بما يسبب استمرار رفع أسعار الفائدة مرات جديدة، وبما يسبب استمرار موجة الهبوط في الأسواق والبورصات العالمية، لذلك نحن إزاء دائرة مقفلة من التأثر والتأثير المتبادل لن تنكسر ما لم تتغير الأزمات العالمية، وأهمها الحرب الروسية - الأوكرانية، وأن تخف المواجهات السياسية بين الولايات المتحدة والصين، وتحسن سلاسل الإمداد العالمية، وبالتأكيد زوال آثار جائحة كورونا نهائياً، حينها سيتنفس الاقتصاد العالمي الصعداء وستتحسن معدلات نموه، وسيتعافى الاقتصاد الأميركي تلقائياً، وستزول الحاجة إلى رفع أسعار الفائدة بما يعيد التفاؤل إلى البورصات العالمية".

عناصر القوة في الاقتصاد السعودي

من جانبه، أوضح أستاذ الاقتصاد محمد القحطاني، أنه "بينما يبدو الركود العالمي أكثر احتمالية للحدوث، إلا أن هناك إرهاصات تشي بتخطي الاقتصاد السعودي والخليجي التأثر بدائرة هذا الركود"، مبيناً أن "الاقتصادات لا تزال تعتمد بشكل رئيس على عائدات النفط المرتفعة، والتي تضمن دخلاً عالياً من الإيرادات عليها حتى نهاية العام، أما على مستوى الشركات فالأرباح المحققة في الربعين الأولين تفوق المتوقعة، مما يدفع بالتوقعات إلى مزيد من التفاؤل في الأرباح خلال النصف المتبقي". وأشار القحطاني إلى أنه "مع كل اجتماع للفيدرالي الأميركي تحبس أسواق المال العالمية الأنفاس، حيث إن الغالب احتمالية إجبار بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى على رفع أسعار الفائدة بقوة أكبر من أجل كبح جماح التضخم في وقت يتباطأ فيه النمو في معظم الاقتصادات الكبرى، مما يضعنا في دائرة حدوث أزمة عالمية متموجة". 

نمو الناتج المحلي

وحول التحديات المقبلة، أكد الباحث الاقتصادي سامي الديني، أن "التحديات تتمثل في ارتفاع تكاليف التمويل، وتقلبات الأسواق المالية المتزايدة، ومخاطر التضخم التي يقودها النمو المرتد، واختناقات سلسلة التوريد، والنقص المستمر في العمالة، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الطاقة"، مبيناً أن الاقتصاد السعودي قد يكون متجاوزاً لبعضها، حيث تشير بيانات وزارة المالية إلى أنه من المتوقع أن يبدأ عجز الميزانية السعودية بالتراجع بدءاً من العام المقبل حتى يصل إلى 13 مليار ريال (3.46 مليار دولار) فقط في 2023، تمثل 0.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بإيرادات متوقعة تبلغ 928 مليار ريال (247.06 مليار دولار) مقابل مصروفات بـ941 مليار ريال (250.52 مليار دولار)". ولفت إلى أنه "في ضوء ما شهده الاقتصاد العالمي من آثار سلبية، ألقت الأخيرة بآثارها على النمو الاقتصادي والمالية العامة خلال السنة الحالية في مختلف دول العالم، ومن ضمنها السعودية".