يصدر النقاد أحكامهم على فيلم "الرجل الرمادي" من "نتفليكس" في شكل متواصل ومفاجئ.
كان من شأن تقييم بواقع 50 في المئة على موقع "روتن توماتوز" وتقييم مماثل بنسبة 51 في المئة على موقع "ميتاكريتيك" أن يكونا أسوأ، لكن تفاقماً للتقييم الذي يصفه الموقع الثاني بأنه "مختلط أو متوسط" ليس ما كانت تتمناه خدمة البث المتعثرة، نظراً إلى ميزانية الفيلم وطاقمه الحافل بالنجوم بقيادة ريان غوسلينغ وكريس إيفانز.
صحيح أن قرار الجمهور هو الذي يهم، وكثيراً ما تكون آراء النقاد السينمائيين بعيدة في شكل جامح من آراء المشاهدين اليوميين، وكثيراً جداً ما تتضمن قوائم الأفلام الـ10 الأفضل لدى "نتفليكس" أفلاماً يصنفها النقاد المحترفون سيئة، فسلسلة "العالم السفلي" – المتوفرة الآن للمشتركين – قد تكون امتيازاً يستحق نجمتين، لكن ذلك لم يمنعها من إنتاج مجموعة من الأفلام المربحة في شكل يُعتمَد عليه.
لكن رد الفعل على "الرجل الرمادي" لا يبشر بخير في هذه المحاولة لإنتاج "امتياز" مربح يستطيع توليد تتمات وتفرعات متعددة تجتذب المشتركين، فالناس يهتمون فعلاً بشركات تجميع المحتوى، وسيرى بعضهم الأرقام ويقررون أن الأمر لا يستحق التفكير في الاشتراك.
وعلى صعيد الاشتراك، كان تحديث "نتفليكس" الأخير سيئاً بقدر ما كان مرهوباً، فقد خسرت خدمة البث نحو مليون مشترك، وهو أمر بغيض، لكن إذا علمنا أنها كانت تتوقع ضعف عدد الانسحابات، يكاد ما حصل يكون بمثابة فوز.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ما هو أحد الأسباب المحتملة؟ الموسم الرابع البارع من "أشياء غريبة"، هذا امتياز حقاً. عمل ناجح بنية حسنة، وأنتج تفرعات شملت الشرائط المصورة والألعاب والروايات وكمية ضخمة من البضائع، فقد نفدت قمصان "نادي هلفاير" من "بريمارك" – المصممة وفق القمصان التي يرتديها أعضاء نادي "أقبية وتنانين"، وتعطي اسمها للحلقة الأولى من الموسم، ثم ظهرت في عالم موقع "إي باي" الموازي في مقابل 10 أضعاف السعر، وأكثر في بعض الأحيان.
لا عجب أن يكون تفرع قيد التطوير، مع موسم آخر فقط سيُعرَض من العرض الأساسي.
الفكرة هي أن "أشياء غريبة" لم يكن حلاً موثوقاً منذ بدايته، فقد كشف مبدعاه الأخوان دافر، أنهما تلقيا 15 إلى 20 رفضاً قبل أن تقبل الفكرة "نتفليكس"، التي ما كانت لتتوقع حجم نجاح العمل الذي كان بين يديها.
ويصح الأمر نفسه على "لعبة الحبار"، وهو عمل حقق نجاحاً عالمياً مفاجئاً، يعرض الترجمة التي أثبتت الجماهير الناطقة بالإنجليزي مقاومتها لها في السابق، على رغم أن أفلاماً مثل فيلم بونغ جون-هو "الطفيلي" ساعد الناس على فهم ما وصفه مخرجه عن حق بأنه حاجز "علوه نصف إنش (1.27 سنتيمتر)" [حاجز لغوي بسيط].
جدير بالذكر أن جورج لوكاس كافح للحصول على موافقة لإنتاج جد هذه الأفلام كلها "حرب النجوم". وفي نهاية المطاف، اضطر لوكاس، وهو الآن من أبرز مصادر الثروة لدى "ديزني"، إلى أن يقبل من "فوكس" ميزانية تقل عما رغب فيه لتجاوز مرحلة التطوير إلى مرحلة الإنتاج، فأي أحد في القطاع لم يستطع أن يتوقع للفيلم النجاح الذي حققه، وليست الميزانيات المشكلة لأولئك المشاركين اليوم في العمل، وتفرعاته الكثيرة على "ديزني بلاس".
ضخ الأموال في مشروع ما على أمل إنشاء عمل ناجح جداً من بداية جامدة، يعد لعبة خطيرة، لكن الأمر نفسه يصح على إطلاق عرض بعد عرض عادي – وهو ذنب آخر ترتكبه "نتفليكس".
من الأفضل بكثير المخاطرة ومنح المبدعين بعض المساحة، كما فعلت خدمة البث مع "أشياء غريبة".
فالتحلي بقدر ضئيل من الصبر لا يضر، صحيح أن لدى "نتفليكس" من الصبر أكثر من الشبكات الأميركية الكبيرة، لكنها تخلت عن عروض شعبية، مثل "توهج" و"الحاسة الثامنة" ولاسيما "الملاك الأصلي"، بسرعة أكبر مما ينبغي.
من الواضح أن الأرقام خيبت آمال المسؤولين التنفيذيين في خدمة البث. وبخلاف ذلك، كان على إنتاج هذه الأعمال أن يتواصل، لكن هذه هي الأعمال التي تجتذب قاعدة من المشجعين الأوفياء، التي يمكن الاعتماد على عودتهم ما دامت العروض المحبوبة من قبلهم تعود، ويمكن إغضابهم في شكل مماثل بإلغاءات مبكرة، ولاسيما إذا توقف العمل عند موقف دراماتيكي (كما يحصل حتماً). من هذا المنظور، كان منح "الحاسة الثامنة" حلقة خاصة ختامية ذكياً.
وليس من دون هدف قورن في شكل سلبي بين ناتج "نتفليكس" وناتج "أبل تي في بلاس"، الذي تقل تكلفة الاشتراك فيه فور الانتهاء من الفترة المجانية على الجهاز.
ومع ذلك، يُعد "أبل تي في بلاس" إضافة أكثر منه اشتراكاً رئيساً، وتملك شركته الأم مالاً تحرقه. تستطيع "أبل" أن تعطي خدمة البث خاصتها وعروضها مقدار ما تحتاج إليه من وقت، وتستطيع ركوب مقدار ما تريد من المخاطر.
لم يعط التحديث الأخير من "نتفليكس" إياها سوى قليل من المتنفس في وول ستريت، لكن الصبر ليس شيئاً اشتُهِر به المسؤولون في شارع الأحلام [وول ستريت]، إذ يفقد المستثمرون ثقتهم في خدمة البث.
قد يشعر المسؤولون التنفيذيون في المجموعة بأنهم لا يملكون الوقت أو الحيز الكافيين لتبني شيء أشبه بنموذج "أبل"، فهم يحتاجون إلى إيجاد الإجابات بسرعة، حتى لو تحدى "الرجل الرمادي" النقاد وأفضى إلى سلسلة من الأفلام التي تعزز عدد المشتركين، نادراً ما ينتهي ذلك في شكل جيد.
© The Independent