رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سعر سياسته المعيارية بمقدار 0.75 نقطة مئوية للشهر الثاني على التوالي يوم الأربعاء 27 يوليو (تموز) الحالي، فقد ضاعف من نهجه المتشدد لترويض التضخم المتصاعد على الرغم من الإشارات المبكرة على أن الاقتصاد الأميركي بدأ يفقد قوته.
وفي بيان رافق إعلان "الاحتياطي الفيدرالي الأميركي"، قالت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة إنها تتوقع أن "الزيادات المستمرة في النطاق المستهدَف ستكون مناسبة".
وأدى القرار الذي حظي بتأييد بالإجماع، إلى تمديد سلسلة زيادات أسعار الفائدة التي بدأت في مارس (آذار) الماضي، وازداد حجمها مع اشتداد معركة "الاحتياطي الفيدرالي" ضد التضخم.
ويعني ارتفاع سعر الفائدة الحالي أن بنك الاحتياطي الفيدرالي في خضم أشد دورة تشديد نقدي عدوانية منذ عام 1981. ويأتي بعد ارتفاع سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة في مايو (أيار) الماضي، وارتفاع آخر بنسبة 0.75 نقطة مئوية في يونيو (حزيران) الماضي، وهو الأول من هذا الحجم منذ عام 1994 .
ويقع النطاق المُستهدف الجديد الآن قرب ما يراه معظم المسؤولين على أنه "معدل محايد" لا يحفز أو يقيد النمو إذا كان التضخم عند هدف 2 في المئة.
ومع ارتفاع معدل التضخم بأسرع وتيرة له منذ أكثر من أربعة عقود، يُتوقع حدوث مزيد من الارتفاع في أسعار الفائدة في النصف الثاني من عام 2022، لكن وتيرة هذه الزيادات محل نقاش ساخن. وينقسم الاقتصاديون حول ما إذا كان البنك المركزي سيطبق زيادة أخرى في سعر الفائدة بمقدار 0.75 نقطة مئوية في اجتماعه المقبل في سبتمبر (أيلول) أو يختار زيادة أصغر بمقدار نصف نقطة.
وتأثرت الأسواق قليلاً بقرار بنك الاحتياطي الفيدرالي في البداية، لكن الأسهم ارتفعت وهبط عائد الخزانة لأجَل عامين بعد تصريحات رئيس المركزي الأميركي، جيروم باول، إذ أشار إلى أنه لا ينبغي للمستثمرين أن يروا زيادة ثالثة بنسبة 0.75 في المئة.
رهانات السوق و العقود الآجلة
وكان مؤشر "أس آند بي 500" أعلى بنسبة 2.3 في المئة، في حين كان مؤشر "ناسداك" التكنولوجي مرتفعاً بنسبة 3.7 في المئة. وانخفض عائد سندات الخزانة لأجَل عامين الذي يتحرك مع توقعات أسعار الفائدة بنسبة 0.08 نقطة مئوية عند 2.97 في المئة.
وقال آشيش شاه، كبير مسؤولي الاستثمار في "غولدمان ساكس" لإدارة الأصول لصحيفة "فايننشال تايمز"، "كان هذا الرقم كما هو متوقع. يتم عرض كثير من الدراما في هذه المرحلة. لقد تجاوزنا ذروة الصقور... سرعتهم في المستقبل ستكون أبطأ".
وانخفضت الرهانات في سوق العقود الآجلة، وسيكون سعر الفائدة الرئيس للاحتياطي الفيدرالي في نهاية العام من 3.4 في المئة قبل الإعلان، إلى 3.3 في المئة بعده. وتشير الرهانات في هذه السوق أيضاً إلى أن المستثمرين يعتقدون أن شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل سيشكل ذروة معدل سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي.
وأقر البنك المركزي الأميركي بوجود مؤشرات مبكرة على أن الاقتصاد بدأ بالتباطؤ، لكنه أظهر قليلاً من الإشارات على التردد من "التزامه غير المشروط" لاستعادة استقرار الأسعار.
وغير البنك المركزي في بيانه تقييمه للاقتصاد، مشيراً إلى أن "المؤشرات الأخيرة للإنفاق والإنتاج تراجعت"، وهي نظرة أكثر تشاؤماً من الشهر الماضي، عندما قال "يبدو أن النشاط الاقتصادي قد انتعش".
وقال كبار المسؤولين في السابق إن الفشل في السيطرة على التضخم والسماح له بأن يصبح "مترسخاً" سيكون نتيجة أسوأ من التحرك بقوة مفرطة.
ومن المتوقع أن يصل معدل الأموال الفيدرالية إلى حوالى 3.5 في المئة هذا العام، وهو مستوى من شأنه أن يقيد النشاط الاقتصادي بشكل أكثر نشاطاً. ويعتقد معظم المسؤولين أن السياسة يجب أن تصبح "مُقيدة" لكي يصل الطلب الرطب إلى مستوى يكون فيه نمو الأسعار مقيداً.
وأشار المسؤولون سابقاً إلى أنه يجب أن يكون هناك دليل "واضح ومقنع" على أن التضخم بدأ بالتباطؤ قبل أن يخفف بنك الاحتياطي الفيدرالي جهوده لتشديد السياسة النقدية.
ويريد صانعو السياسة في البنك المركزي رؤية سلسلة من القراءات الشهرية المتباطئة للتضخم، لكن الاقتصاديين يحذرون من أن ذلك قد لا يحدث قبل أشهر عدة، على الأقل بالنسبة للقراءات "الأساسية" التي تستبعد المواد المتقلبة مثل الغذاء والطاقة.
وفي يونيو (حزيران) الماضي، سجلت السلع والخدمات الأساسية قفزة مقلقة بنسبة 0.7 في المئة، يقودها ارتفاع حاد في الإيجار والتكاليف الأخرى المتعلقة بالإسكان والنفقات الأخرى التي من المرجح أن تظل مرتفعة في الخريف.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مهمة أكثر صعوبة
ورفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة قبل يوم واحد فقط من إصدار أرقام الناتج المحلي الإجمالي التي يمكن أن تظهر انكماش النمو الاقتصادي في الربع الثاني على التوالي. و من شأن ذلك أن يلبي أحد المعايير المشتركة للركود الفني، لكن المسؤولين أشاروا إلى علامات أخرى على القوة الاقتصادية (بما في ذلك سوق العمل القوية) لتحدي هذا الاقتراح.
وستؤدي نقاط البيانات الاقتصادية المتضاربة إلى جعل مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي أكثر صعوبة حيث يرسم إجراءات سياسية لاحقة مع زيادة الضغط على البنك المركزي لإبطاء وتيرة ارتفاع أسعار الفائدة قريباً.
ولا يزال المسؤولون يرون أن التضخم يمكن أن ينخفض إلى هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المئة دون خسائر مُفرِطة في الوظائف، على الرغم من أنهم أقروا بأن الطريق لتحقيق هذه النتيجة أصبح أضيق.
وقال جيمس نايتلي، كبير الاقتصاديين الدوليين في "آي إن جي" الشركة المالية العالمية، "يظل التضخم الأولوية الأولى بالنسبة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، و هم على استعداد للتضحية بالنمو لتحقيق ذلك".
كما أن التخفيضات في أسعار الفائدة مطروحة بشدة للعام المقبل. وينعكس منحنى العائد لمدة عامين أو 10 أعوام إلى أدنى مستوياته في سنوات عدة، في حين سيكون من الصعب تجنب الركود الكامل.
أربعة بنوك خليجية ترفع أسعار الفائدة لديها
ونظراً لارتباط العملات الخليجية بالدولار الأميركي، وفي خطوة للحفاظ على قوة هذه العملات، قررت أربعة بنوك مركزية خليجية رفع أسعار الفائدة بالتوازي مع قرار الفيدرالي الأميركي اليوم رفع سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية 75 نقطة أساس لتصل إلى 2.5 في المئة في رابع زيادة منذ انطلاقة عام 2022.
وأعلن مصرف الإمارات المركزي رفع سعر الأساس بواقع 75 نقطة أساس.
وقرر بنك الكويت المركزي رفع سعر الخصم بواقع ربع نقطة مئوية إلى 2.50 في المئة من 2.25 في المئة اعتباراً من يوم الخميس 28 يوليو (تموز) الحالي.
وقال محافظ "المركزي الكويتي" باسل الهارون أنه تقرر أيضاً إجراء تعديل بنسب متفاوته في أسعار التدخل في السوق النقدية المطبقة حالياً على جميع آجال هيكل سعر الفائدة وهذا يشمل عمليات إعادة الشراء (الريبو) وسندات وتورق بنك الكويت المركزي ونظام قبول الودائع لأجل وأدوات التدخل المباشر إضافة إلى أدوات الدين العام.
وأعلن مصرف قطر المركزي أيضاً رفع أسعار الفائدة اعتباراً من يوم الخميس، وسيتم رفع سعر فائدة المصرف للإيداع ((QCBDR بمقدار 75 نقطة أساس ليصبح 3.00 في المئة. كما سيتم رفع فائدة الإقراض من المصرف (QCBLR) بمقدار 50 نقطة أساس ليصبح 3.75 في المئة.
كما قرر المركزي القطري أيضاً رفع سعر إعادة الشراء (QCB Repo Rate) بمقدار 75 نقطة أساس ليصبح 3.25 في المئة.
وانضم المركزي البحريني إلى الركب رافعاً سعر الفائدة الأساس على ودائع الأسبوع الواحد من 2.50 في المئة إلى 3.25 في المئة.
كما رفع المركزي البحريني سعر الفائدة على ودائع الليلة الواحدة من2.25 في المئة إلى 3.00 في المئة، ورفع سعر الفائدة على الودائع لفترة أربعة أسابيع من 3.25 في المئة إلى أربعة في المئة.