Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تنامي ظاهرة العنف ضد المرأة في الجزائر يثير مخاوف المجتمع

مطالب بمراجعة قانون الأسرة وفتح نقاش واسع حول غموض فيه يعطل أهدافه

العنف ضد المرأة الجزائرية يطال مختلف الفئات العمرية مهما كانت ظروفها الاجتماعية  (التواصل الاجتماعي)

صدمت أرقام قدمها المعهد الوطني للصحة العامة حول ظاهرة العنف ضد المرأة المجتمع الجزائري، ففي وقت تم التشديد على العقوبات وما تبعها من ارتياح، أشارت الإحصاءات إلى أن امرأة واحدة من بين 10 نساء تتعرض إلى العنف ست مرات على الأقل في العام.

نتائج صادمة

وأبرزت نتائج تحقيق أجراه المعهد حديثاً أن المستوى التعليمي لم يقف حائلاً أمام الميل إلى استعمال العنف، فمعظم المعتدين تبين أنهم متعلمون.

وشددت أن العنف ضد المرأة يتنامى بشكل مخيف عبر جميع دول العالم، ويأخذ منحى أخطر في المجتمعات العربية، حيث لم تكن الجزائر بمنأى عن هذه الظاهرة.

وأضاف المعهد أن "المشرع الجزائري وضع منذ العام 2014 ترسانة قانونية لحماية المرأة من جميع أنواع التجاوزات، لكن تظل هذه القوانين حبراً على ورق ما لم تبلغ المرأة عن العنف الممارس ضدها"، موضحاً أن "فئة واسعة داخل المجتمع ترفض المساواة بين الرجل والمرأة، وترفض أن يكون لها كلمة داخل الأسرة، وتنظر إلى القوانين والتشريعات من زاوية قاصرة تسيطر عليها العادات والتقاليد والأعراف والفهم الخاطئ للدين".

اهتمام قانوني

وخصص التعديل الدستوري الأخير المادة (40) لإدانة العنف ضد المرأة وإلزام الدولة بحمايتها في كل الظروف والأمكنة، إذ إنه للمرة الأولى في تاريخ الدساتير العربية والإسلامية يتضمن الدستور الجزائري مادة صريحة تلتزم الدولة بموجبها بحماية النساء المعنفات من طريق التشريعات والإجراءات الرادعة.

من جانبه، يشدد المجلس الجزائري لحقوق الإنسان على أن "مهمة حماية المرأة لا تقتصر على جهة معينة، بل لا بد من تضافر جهود كل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني بهدف التأسيس لمنظومة تشريعية قوية تحد من الظاهرة وتجعل من الجزائر مثالاً في هذا المجال"، ومبرزاً أن "هذا المسعى يتأتى قبل كل شيء عبر محاربة الأفكار والتقاليد البالية التي تجيز الاعتداء على المرأة، وكذا تغيير أنماط التفكير التمييزية تجاهها".

وأشار إلى "أن الدين يجب ألا يستخدم كحاجز لتبرير ممارسة العنف ضد المرأة والمساس بكرامتها، مستدلاً في هذا السياق بآخر وصايا النبي عليه الصلاة والسلام (استوصوا بالنساء خيراً)".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى الرغم من حزمة القوانين التي وضعها المشرع للقضاء على هذه الظاهرة إلا أنها تستمر في منحى متزايد، ولا تزال الأرقام المقدمة من مختلف الجهات الرسمية حول حالات العنف ضد المرأة تفزع الجزائريين، على الرغم من أنها لا تمثل الواقع، وهو ما يطرح تساؤلات حول من يتحمل مسؤولية هذا الوضع إن كان متعلقا بالقوانين أو بإخفاق المجتمع ككل في الحد من سلوك عنيف صار مرادفاً للتخلف وانتهاك حقوق الإنسان.

معاناة "صامتة" مستمرة

وفي السياق، يرى أستاذ القانون العام الحقوقي أبو الفضل بهلولي "أن الدستور الجزائري حمّل في محتواه الإرادة السياسية القوية من خلال نصه على حماية المرأة وتوفير الحقوق والحريات عبر تطبيق مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، لا سيما في مجال المشاركة السياسية، إذ نص قانون الانتخابات على مبدأ المناصفة بدلاً من المحاصصة، وهذا في إطار القانون العضوي للانتخابات يسمح للمرأة بالترشح والانتخاب على غرار الرجل إلى جانب الإطار التشريعي الذي فتح المجال للمرأة لتقلد مناصب عليا في الدولة، إضافة إلى الحماية الاجتماعية من جميع أشكال العنف".

لكن هناك بعض المعاناة الصامتة التي لا تزال مستمرة في كثير من المجالات. ويشير بهلولي إلى "ظاهرة التحرش في مكان العمل الذي يصعب من الناحية العملية إثباته في مقابل ضعف الثقافة القانونية لدى المرأة العاملة المعنية"، داعياً إلى "إعادة النظر في إجرائية مثل هذه الجرائم ومراجعة قانون الأسرة وفتح نقاش واسع حول القواعد القانونية التي هي محل غموض ولم تحقق أهدافها داخل المجتمع، وغيرها من الخطوات".

أرقام لا تقتصر على العائلات الغنية أو الفقيرة

وقدم المسؤول في جهاز الدرك وليد رياض بوقبو إحصاءات حول العنف المسجل ضد المرأة خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2021 التي تشير إلى "مصالحة ما لا يقل عن 7994 قضية حول الظاهرة، بارتفاع بلغ 0.56 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من 2020، تتوزع بين 51 في المئة منها تتعلق بأفعال الإهانة والتهديد، و38 في المئة تتمثل في اعتداءات جسدية، وأربعة في المئة تخص المساس بالحياة الشخصية للضحايا، واثنين في المئة تتعلق بخطف البنات، إضافة إلى اثنين في المئة من الحالات المسجلة تتعلق بأفعال غير أخلاقية وتحريض، ومثلها تخص أفعالاً جنسية، وواحداً في المئة تتعلق بالتعرض للتحرش الجنسي".

وأظهرت الإحصاءات وفق مؤشر السن أن "31 في المئة من النساء ضحايا العنف تزيد أعمارهن على 42 سنة، و28 في المئة تتراوح أعمارهن بين 30 و42 سنة، و24 في المئة تتراوح أعمارهن بين 18 و30 سنة، و17 في المئة من الفئة العمرية أقل من 18 سنة، أي قاصرات".

ووفق المسؤول الأمني فإن "العنف ضد المرأة يسجل لدى مختلف الفئات العمرية مهما كانت ظروفها الاجتماعية، ولا يقتصر على العائلات الغنية أو الفقيرة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير