يمكنكم القول إن النار تجري في عروقي، وتذكرُ شهادة ميلادي أن محطة الإطفاء المركزية في برمنغهام هي مكان إقامتي لأن والدي كان رجل إطفاء مقيماً.
بعد 18 عاماً بدأت أنا أيضاً مسيرتي المهنية في مكافحة الحرائق من محطة الإطفاء عينها، وهذا العمل الوحيد الذي أعرفه. أنا أقاوم الحرائق فعلياً واستراتيجياً منذ 37 عاماً.
خلال الـ 15عاماً الأولى من مشواري المهني كانت لدي مهمة واحدة: مكافحة الحرائق. كنت أذهب إلى العمل وأطفئ الحرائق ثم أعود للمنزل وكان هذا كل شيء.
لكن في مطلع الألفية الحالية بدأت الأمور تتغير عندما أدرك القطاع العام أنه ربما من الأفضل العمل معاً لمعالجة مشكلات كانت مشتركة بيننا جميعاً، ويبدو الأمر واضحاً الآن، لكن مبدأ درهم وقاية خير من قنطار علاج لم يكن منتشراً على نطاق واسع في ذلك الوقت. إنه الآن ذو أهمية قصوى.
أولويتنا الرئيسة هي استراتيجيتنا الوقائية، ويتم تقويمنا بناء على ذلك ونحن مسؤولون أمام الجمهور حول طريقة قيادتنا وما إذا كنا نحقق أهداف الأداء الخاصة بنا بينما نعمل على الحفاظ على سلامة الناس.
تعمل خدمات مكافحة الحرائق بجد في طول البلاد وعرضها لتفعيل تلك الخطط وإدارة الأخطار والتخفيف من حدتها والتخطيط للمستقبل، فالعمل المشترك وإشراك مجتمعاتنا أمر أساس.
لم تكن موجة الحر الأخيرة حالاً استثنائية، وكنا نعلم أنها آتية وكانت لدينا خططنا، وقمنا بتعبئة جميع مواردنا لنكون جاهزين، وكنا واثقين في أننا نمتلك كل ما نحتاج للسيطرة على أي طوارئ تواجهنا، الأمر الذي كنا نعلم أنه سيحدث.
ثم جاء يوم الثلاثاء، وفي البداية كانت هناك زيادة قليلة في عدد المكالمات الواردة إلى غرفة التحكم وكان موظفونا ذوو الخبرة العالية يتعاملون بالفعل مع الاتصالات المتزايدة بسبب الحرارة المرتفعة خلال الأيام القليلة السابقة والتي شهدت اندلاع بعض حرائق الغابات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كنا نتوقع أن يكون الوضع مماثلاً بالنظر إلى الأيام الثلاثة الحارة السابقة، لكن مع ارتفاع درجات الحرارة إلى أرقام غير منطقية من منتصف اليوم وصاعداً بدأ سيل جارف من البلاغات فعلياً، وكنت أقف في غرفة التحكم أتابع المكالمات الواحدة تلو الأخرى، ولم يكن لدى الموظفين وقت للتفكير في ما كان يحدث. لقد كانت حالاً فرضت علينا تحديد الأولويات من حيث حجم التهديد أو الخطورة على حياة الناس وبالتالي الاستجابة للبلاغات بهذا الترتيب.
لكننا لم نكن وحدنا، كانت المكالمات الواردة من خدمات الإطفاء الأخرى ترد إلينا لأنها كانت مرهقة تحت الضغط، وبدأ نظام تحويل المكالمات إلى خدمة أخرى للمساعدة المتبادلة. كنا جميعاً نتلقى مكالمات بعضنا بعضاً ونقدم أفضل ما في وسعنا لضمان حماية الأرواح.
مع مرور اليوم لم تهدأ الأوضاع بعد، وبدأ العديد من خدمات الإطفاء والإنقاذ في جميع أنحاء البلاد في الإعلان عن حوادث كبيرة، وفي المجموع تم الإعلان عن 17 حادثة من هذا القبيل، أي لدى حوالى نصف الخدمات بالإجمال، ولم نشهد هذا من قبل ولم يكن شيئاً تخيلت أنني سأختبره في يوم من الأيام.
عندما اندلعت حرائق الغابات بالقرب من عاصمتنا علمنا حينها أننا نشهد ظاهرة جديدة تماماً، وبالطبع كنا على دراية بالحرائق غير العادية في البلدان الأكثر سخونة مثل كاليفورنيا العام الماضي أو أستراليا التي هددت النيران فيها بالتهام سيدني.
شاهدنا الأخبار حينها وقلنا لبعضنا "هذا هو التغير المناخي. الأمور ليست كما ينبغي"، لكننا لم نظن أن هذا سيأتي إلى هنا، وكنا نرى كيف كانت أوروبا تتصرف مع ارتفاع درجات الحرارة، لكن أكرر القول بأن هذا ليس بالأمر الغريب هذه الأيام.
ما حدث يوم الثلاثاء كان دعوة للاستيقاظ فلقد غير قواعد اللعبة، وكنا نشهد شيئاً جديداً بينما نعلم للأسف بأنه ليس أمراً سنشهده مرة واحدة، ولم يكن يوم الثلاثاء ظاهرة تحدث مرة واحدة في العمر، لقد كان لمحة عن المستقبل.
هنا في بريطانيا نحتاج إلى تحول سريع في طريقة تفكيرنا في كيفية الاستعداد لذلك، إذ لا يتعلق الأمر بالمال والموارد فقط، وحتى لو كان لدينا أو لدى غيرنا من خدمات الإطفاء والإنقاذ عدد لا حصر له من سيارات الإطفاء فما زلنا غير قادرين على منع ما حدث هذا الأسبوع.
يجب علينا جميعاً الاستعداد معاً وإلا فسنعاني من العواقب معاً. هذه هي الحقيقة.
ديف والتون هو نائب كبير مسؤولي الإطفاء في خدمة الإطفاء والإنقاذ في غرب يوركشر
© The Independent