Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يخفف انخفاض اليورو كتلة الديون التونسية؟

سددت الحكومة بعض التزاماتها بالعملة الأوروبية لكن التحدي مستمر مع تقلبات الدولار والعملات الصعبة

بلغ سعر اليورو 3.13 دينار تونسي يوم الخميس 21 يوليو الحالي (أ ف ب)

يرتد الانخفاض المسجَل في سعر اليورو على المعاملات التجارية بين تونس والاتحاد الأوروبي بتأثيرها المباشر في القيمة المالية للصادرات والواردات، ما يمثل انعكاسات إيجابية في جوانب وسلبية في أخرى، كما هي الحال في قطاعات اقتصادية أخرى بحكم أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك الاقتصادي الأول لتونس ويستأثر بمفرده بـ 63 في المئة من حجم المبادلات التجارية، لكنه يمثل أيضاً الدائن الأول للحكومة التونسية حيث يشكل اليورو 55 في المئة من مجمل الدين العمومي الذي يتنوع بين ديون متأتية من قروض من طريق اتفاقيات ثنائية وأخرى متعددة الأطراف.

وبلغ سعر اليورو، 3.13 دينار تونسي، يوم الخميس 21 يوليو (تموز) الحالي إثر انحداره بعدما بلغ 3.46 دينار في عام 2019 و3.30 في يوليو 2021، مما ينبئ بانعكاس مباشر على الدين العمومي في تونس ويُدخل تغييرات على توقعات نسبة الدين من الناتج الوطني الخام.

نسبة اليورو الأرفع لدى قروض العملات

وتتوزع هيكلة الدين الخارجي العمومي لتونس حسب العملات الرئيسة بين 55 في المئة من اليورو و 17.5 في المئة بالدولار و 9.3 في المئة بالين الياباني و14.4 في المئة لحقوق السحب الخاصة و3.8 في المئة عملات أخرى.

وبلغ قائم الدين العمومي لتونس 107.8 مليار دينار (34.77 مليار دولار)، أي ما يساوي 85.5 في المئة من الناتج المحلي الخام حتى نهاية عام 2021 وفق وزارة المالية. وارتفع بنسبة 16 في المئة مقارنةً مع عام 2020 حين ناهز 93 مليار دينار (30 مليار دولار) أي 77.8 في المئة من الناتج الداخلي الخام، وزاد بنسبة 30 في المئة مقارنةً مع عام 2019 حين بلغ 83.3 مليار دينار (26.87 مليار دولار) ما يساوي 68 في المئة من الناتج الداخلي الخام.
ويمثل حجم الدين الخارجي 62.8 في المئة من إجمالي قائم الدين، بـ 67.7 مليار دينار (21.83 مليار دولار) ويتكون من ديون متوسطة وطويلة الأجل بنسبة 100 في المئة، وأغلبها قروض من ديون متعددة الأطراف وتساوي 36 مليار دينار (11.6 مليار دولار)، بينما لا تتجاوز الديون الثنائية 13.8 مليار دينار (4.45 مليار دولار). ويتكون الدين العام الخارجي من 48.8 في المئة من القروض متعددة الأطراف و35.6 في المئة من القروض المتأتية من الأسواق الدولية و15.7 في المئة من القروض الثنائية.

ويعود 15.7 في المئة من الدين العام الخارجي إلى دول معينة بشكل مباشر. وتُعد كل من فرنسا والسعودية أكبر دائني تونس.

وتشكل الديون التي حصلت عليها تونس بالعملات الأجنبية 64.5 في المئة من مجمل الدين قابل 69.6 في المئة في عام 2020 ونسبة 72.3 في المئة في عام 2019، منها 55 في المئة باليورو.
في المقابل يمثل الدين الداخلي 37 في المئة من إجمالي الديون ويتكون بـ 96 في المئة من ديون متوسطة وطويلة الأمد. وتتوزع هذه الديون على سندات خزينة بقيمة 19.7 مليار دينار (6.35 مليار دولار) وإيداعات في الخزينة العامة بقيمة 10.9 مليار دينار (3.5 مليار دولار ) وقروض بقيمة 7.7 مليار دينار (2.48 مليار دولار) ومنها قروض بالعملة الأجنبية حصلت عليها الدولة من البنوك التونسية تُقدر قيمتها بـ 4.7 مليار دينار تقريباً (1.51 مليار دولار).

تأثير الصرف

ويُتوقع أن تنخفض خدمة الدين متوسط وطويل المدى للعام الحالي بنسبة 8.3 في المئة مقارنةً مع عام 2021، أي بما يعادل 560 مليون دينار (180.6 مليون دولار) لتبلغ حوالى 14.3 مليار دينار (4.61 مليار دولار) مقابل 14.9 مليار دينار (4.8 مليار دولار) العام الماضي. وتتوزع  بين خدمة الدين الخارجي 6.08 مليار دينار (1.96 مليار دولار) بتراجع 21 في المئة مقارنةً مع عام 2021، مقابل 8.2 مليار دينار (2.64 مليار دولار) دين داخلي. وهو ما يساوي 10.3 في المئة من الناتج لمحلي في المجمل.

ويترتب عن الزيادة في أسعار الصرف بـ 0.01 دينار للدولار ولليورو و0.1 دينار لـ 1000 ين ياباني زيادة في خدمة دين الدولة لسنة 2022 بـ 12.7 مليون دينار (4.09 مليون دولار) بالنسبة لليورو و8 ملايين دينار (2.5 مليون دولار) بالنسبة للدولار و 3.7 مليون دينار (1.19 مليون دولار) للين الياباني.

وتتمثل أهم التسديدات لسنة 2022 لأصل الدين المتوسط والطويل الأمد القسط الأخير للاكتتاب القطري وقدره 250 مليون دولار وسُدد في أبريل (نيسان) الماضي، إضافة إلى قرض صندوق النقد الدولي ويساوي 127 مليون دولار موزعة بين مايو (أيار) ويونيو (حزيران) وسبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) وقرض المملكة العربية السعودية ويساوي 100 مليون دولار سُدد منه جزء في يناير (كانون الثاني) و يُنتظر تسديد البقية في يوليو الحالي. يُضاف إلى ما سبق قرض "صندوق النقد العربي" وقدره 78 مليون دولار موزعة بين أبريل ويونيو وأكتوبر وديسمبر. وقرض داخلي يساوي 300 مليون يورو (306 مليون دولار) سُدد في مارس (آذار) الماضي، و145 مليون يورو (147.9 مليون دولار) سُدد في مايو 2022، و123 مليون  يورو (125.4 مليون دولار) في يونيو. وسندات خزينة بقيمة 808 مليون دينار (260.6 مليون دولار) سُددت في فبراير (شباط) و 810 مليون دينار (261.2 مليون دولار) في مايو و894 مليون دينار (288.3 مليون دولار) تُدفع في أغسطس (آب) المقبل، وقسط من التسبقة الاستثنائية للبنك المركزي يساوي 910 مليون دينار (293.5 مليون دولار) في ديسمبر المقبل.

ويتسبب ارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الدينار التونسي بــ 1 في المئة مقارنةً مع ما هو متوقع، بزيادة في حجم الدين العمومي بـحوالى 766 مليون دينار (247 مليون دولار) أي 0.55 من إجمالي الناتج المحلي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


انعكاس ظرفي
اعتبر الباحث الاقتصادي جمال بن جميع أن "قائم الدين في تونس يتأثر إيجاباً بنزول اليورو مقابل العملة الوطنية، فهو يؤدي حتماً إلى انخفاض قائم الدين في المجمل أي كتلة الديون وليس بالضرورة على خدمة الدين فهي تتفاوت بحسب الاستحقاقات التي خضعت لها تونس في الأشهر الثلاثة الأخيرة التي تدحرج فيها اليورو. لكنه تأثير نسبي ومحدود وغير مرشح للاستقرار بحكم خضوعه لتطورات الحرب التي ألقت بظلالها على العملة الأوروبية، فهي لا تعدو غير كونها انعكاساً ظرفياً لا يؤدي وزنه إلى تخفيف كتلة الديون على المدى القصير وهو ما يهم مباشرة المالية العمومية في تونس التي تشكو من مصاعب تؤدي إلى عسر في تسديد الديون راهناً في فترة حرجة تنتظر فيها البلاد رد صندوق النقد الدولي على طلبها لقرض جديد قدره أربعة مليارات دولار حتى تتمكن من الخروج إلى السوق العالمية لتعبئة موارد قدرهها 10 مليارات دينار (3.22 مليار دولار) لتسديد ديون سابقة خلال عام 2022 على الرغم من أنها سددت جزءاً منها حتى اليوم باللجوء إلى السوق الداخلية للاقتراض".

من ناحية ثانية رأى محمد صالح سويلم المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي أن "المنحى الإيجابي لانعكاسات انخفاض اليورو مقابل الدينار التونسي بحوالى 3 في المئة بخصوص قائم الدين يقابله مساوئ صعود الدولار عليه، وبذلك تنتفي الأرباح التي من المفترض جنيها في حال تسديد قروض بسعر الصرف الجديد بحكم تنوعها. وفي حال ارتفاع نصيب اليورو من مجمل الدين وهو يحوز على الثلثين منه، فهو يخضع لتاريخ التسديد ونوعية الإصدارات ومدى ارتفاع الاستحقاقات باليورو، والحال أن تونس سددت قروضاً داخلية بالفعل باليورو تساوي 300 مليون يورو (306 مليون دولار) في مارس و145 مليون يورو (147.9 مليون دولار) في مايو و123 مليون يورو (125.4 مليون دولار) في يونيو، لكن بالتوازي مع ذلك سددت قروضاً بالدولار وكانت أرفع من التوقعات بسبب صعود سعر الدولار الذي يعادل 3.14 دينار تونسي، مقابل 2.8 دينار بحساب الانزلاق السنوي. ولدى تونس إصدارات بالدولار قابلة للارتفاع علاوةً على عملات أخرى تعرف انتعاشة بحكم ارتباطها بسوق النفط والدولار وأهمها الريال السعودي، بينما يشهد الين الياباني انخفاضاً مقابل الدينار التونسي قُدر بـ 8 في المئة". وأضاف سويلم "لكن هذا لا يمنع انعكاس انخفاض اليورو بالإيجاب على قائم الدين في المجمل وأن الاقتراض في تونس خضع في السابق لاستراتيجية تراعي عملات التداين وتعمل على الاقتراض بالعملات التي تتوفر منها موارد بالنظر إلى المعاملات التجارية وعلى هذا الأساس تبدو كتلة اليورو من مجمل قائم الدين مرتفعة بسبب موارد الصادرات إلى بلدان الاتحاد الأوروبي والسياحة وتحويلات الشغل. وهي استراتيجية معتمدة للتخفيض من مخاطر الصرف ولتوفير "التغطية الطبيعية"، إضافة إلى دراسة نسب الفائدة والآجال. لكن تونس حادت في السنوات الأخيرة عن هذه الاستراتيجية مما أدى إلى التداين العشوائي الذي مثل أحد أهم عوامل الصعوبات المالية التي تمر بها البلاد".