Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حوار سوداني محكوم بـ"الخرس" والسبب غياب الجيش

الحركات المسلحة تشترط مشاركته ومراقبون: "تشعر باليتم بعد فقدان حليفها الأقوى"

غياب الجيش عن الحوار يعمق الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد بحسب رأي الجبهة الثورية (اندبندنت عربية - حسن حامد)

أعلنت الجبهة الثورية السودانية التي تضم عدداً من الحركات المسلحة الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام مع الحكومة السودانية مطلع أكتوبر (تشرين الأول) 2020، أنها لن تشارك في أي حوار يغيب عنه المكون العسكري.

وبحسب رأي الجبهة، فإن غياب الجيش عن الحوار يعمق الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد منذ انقلاب قائده عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر الماضي، الذي عطل الشراكة مع المكون المدني. فما مآلات هذا القرار وأثره في العملية السياسية واستقرار السودان في ظل إعلان المكون العسكري انسحابه من الحوار الذي تقوده الآلية الثلاثية المتمثلة في بعثة الأمم المتحدة في الخرطوم والاتحاد الأفريقي ومنظمة "إيقاد"؟

شعوب الهامش

وقال الناطق الرسمي باسم الجبهة الثورية أسامة سعيد "في تقديرنا أن الصيغة المطروحة للحوار السوداني أصبحت لا جدوى منها باعتبار أن هذا الحوار بات مدنياً - مدنياً، بيد أن الجبهة الثورية لم تكُن في الأساس طرفاً في هذا الحوار بهذا المفهوم، إذ طرحت في وقت سابق مبادرة لحل الأزمة السياسية عبر مؤتمر عقدته في مدينة الدمازين بمنطقة النيل الأزرق، وخرج برؤية مفادها بأنه يجب حل هذه الأزمة عن طريق الحوار، وذلك عبر مرحلتين، الأولى بتسمية رئيس الوزراء وإعلان الحكومة وبرنامجها، على أن يكون أطراف الحوار من الذين كانوا يشكلون مؤسسات الفترة الانتقالية وهم قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري وأطراف السلام، على أن تناقش المرحلة الثانية القضايا القومية ممثلة بنظام الحكم والدستور والانتخابات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أضاف سعيد، "من هذا المنطلق، فإن الجبهة الثورية ترى أن خروج المؤسسة العسكرية من الحوار يتناقض مع مبادرتها لحل الأزمة السياسية في البلاد، وبالتالي، لن تكون الأطراف المعنية بالحوار موجودة فيه، وكما يعلم الجميع أن الجبهة الثورية لديها اتفاق ومشروع سياسي تضمنته اتفاقية جوبا للسلام، إذ تحوي استحقاقات لشعوب الهامش تتعلق بالتنمية والخدمات واقتسام السلطة والثروة وغيرها من القضايا والبروتوكولات التي أنتجتها هذه الاتفاقية التي أوقفت الحرب في البلاد".

وتابع، "نحن حريصون على هذه الاتفاقية ولن نقبل أن تكون ضمن مواضيع الحوار، لذلك أعلنت الجبهة الثورية موقفها بوضوح، وهو ألا تكون طرفاً في الحوار الذي تقوده الآلية الثلاثية بهذا الشكل، لكننا في الوقت ذاته سنبذل جهداً لاستعادة عملية الحوار عبر هذه الآلية مع عودة المكون العسكري، فهذا هو الطريق الصحيح الذي نحن الآن بصدد الذهاب فيه لكي نعيد إلى العملية السياسية حيويتها، فضلاً عن السير في الطريق الذي يمكن أن يوصلنا إلى نتائج تنهي هذه الأزمة وتحقق الأمن والاستقرار في بلادنا".

سياسة الإقصاء

في المقابل، قال القيادي في الجبهة الناطق الرسمي باسم حركة "العدل والمساواة" محمد زكريا، "يجب أن يكون الحوار شاملاً لا يستثني أحداً ما عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول وأن يعقد من دون اشتراطات مسبقة، على أن يتم التوصل إلى برنامج تتفق عليه جميع المكونات السياسية والمدنية وأن يشرع بأسرع وقت في تشكيل الهياكل السيادية والتنفيذية، فضلاً عن الاتفاق على رئيس الوزراء ومهماته وكذلك التدابير ذات الصلة بالانتخابات".

وزاد زكريا، "في رأيي أن الأزمة التي تعصف بالبلاد حالياً مدنية – مدنية، ويتطلب حلها حواراً مدنياً – مدنياً، وانسحاب المكون العسكري من الحوار يأتي في إطار تلبية الدعوات التي أطلقتها قوى مدنية وشعبية بعودة العسكر إلى الثكنات، وبالتالي، نأى المكون العسكري بنفسه عن هذا الصراع ورمى الكرة في ملعب المدنيين، ويجب أن يعمل الجميع على استئناف الحوار السوداني - السوداني الذي ابتدرته الآلية الثلاثية في الخرطوم مطلع يونيو (حزيران) الماضي".

وتابع، "بحسب تقديرنا، فإن هناك بعض الأطراف تسعى إلى السلطة بأية وسيلة وتريد أن يكون المكون العسكري مطية لتمرير أجندتها بإعادة المشهد إلى ما قبل 25 أكتوبر، الذي تأسس على سياسة الإقصاء، وهو أمر مرفوض بتاتاً، فمن الصعب عودة عقارب الساعة إلى الوراء وحدوث أية انتكاسة سيعيد مشهد الاحتجاجات الاجتماعية السابقة، بالتالي لا بد من تقديم تنازلات من الأطراف جميعها حفاظاً على وحدة السودان واستقراره".

اتهام صريح

من جانبه، أشار الكاتب السوداني الجميل الفاضل إلى أنه "من الواضح أن مستقبل علاقة الجبهة الثورية بالحكم خلال الفترة الانتقالية أصبح محل أخذ ورد من مختلف الجهات، إذ تتهم الجبهة الثورية من قبل القوى الثورية بأنها شريك أصيل في انقلاب 25 أكتوبر، وأنها جزء من المهددات في أية عملية سياسية، وبالتالي، فإن موقفها بعدم المشاركة في الحوار في ظل غياب المكون العسكري يأتي في سياق الارتباط الوثيق الذي يجمعها بالعسكر، بخاصة أن هناك اتفاقيات سرية وقعت تحت الطاولة بين الطرفين، وانسحاب المكون العسكري من المفاوضات سيفقد الجبهة الثورية نسبة كبيرة من الالتزامات التي أبرمتها مع هؤلاء الجنرالات".

أضاف الفاضل، "في ظل هذه المعطيات، نجد أن الجبهة الثورية تشعر باليتم لأنها ستفقد حليفاً وضامناً كانت تستقوي به في الحكم، وهذا هو السبب الرئيس الذي يجعلها تتمسك بوجود المكون العسكري في الحوار، في وقت أصبح لدى المكونات المدنية رأي في اتفاقية جوبا للسلام، فضلاً عن تشككها في مواقف بعض قيادات الجبهة الثورية، لكن في اعتقادي أن الحوار من دون حضور الطرف الرئيس ممثلاً بقادة الانقلاب لن تكون له جدوى".

والجبهة الثورية السودانية هي تحالف بين مجموعة فصائل مسلحة سودانية، تشمل حركة "العدل والمساواة" وحركة "جيش تحرير السودان" و"الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال"، إذ تشكلت لمعارضة حكومة الرئيس السوداني السابق عمر البشير. وأعلن عن تأليفها في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 بعد أشهر من دعم الجماعات الدارفورية المتمردة لـ"الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال" ضمن نزاعها مع الحكومة السودانية في جنوب كردفان والنيل الأزرق.

ووقعت الجبهة في عاصمة جنوب السودان جوبا اتفاقاً للسلام مع الحكومة السودانية، يهدف إلى وقف الحرب والدخول ضمن العملية السياسية بعد عقود من الحرب في دارفور خلفت نحو 300 ألف قتيل وشرّدت أكثر من مليوني مواطن بحسب إحصاءات للأمم المتحدة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي