Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البيض الإيراني... يمول جماعات مسلحة في العراق

مستثمرون محليون يتكبدون خسائر فادحة بسبب إغراق أسواق البلاد بمنتجات مهربة

   قطاع الدواجن العراقي يعاني ضغط منتجات إيرانية مهربة (صفحة الجمعية العراقية لرعاية الدواجن)

يضطر أصحاب مزارع وشركات لإنتاج بيض المائدة في العراق، إلى بيع منتجهم بأقل من سعر الكلفة، لما يصفونه بـ "الحرب الاقتصادية"، التي تشن على قطاعهم، بعدما حقق معدلات نمو غير مسبوقة منذ 2003.

في بلد مثل العراق، يناهز عدد سكانه الـ40 مليوناً، ويشكل بيض المائدة مكوناً أساسياً في عشرات الأطباق التي تستهلك يومياً، يعتبر هذا القطاع مصدراً لأموال طائلة.

استقرار الأمن يحفز المستثمرين

دفع الاستقرار الأمني النسبي خلال العامين الماضيين، كثيراً من رجال الأعمال العراقيين، إلى استثمار مبالغ كبيرة في قطاعات حيوية، بينها الدواجن، مستغلين تشجيع الحكومة لهذا النوع من الاستثمارات.

وفي ظل انفتاح السوق العراقية على المنتجات المستوردة، واجه قطاع الدواجن منافسة شرسة في منتج بيض المائدة، الذي اعتادت إيران وتركيا على توريد معظم حاجات العراق منه خلال الأعوام السابقة.

مطلع العام الحالي، حققت مزارع وشركات بيض المائدة في العراق، نسبة إنتاج فاقت حاجة البلاد، بنحو 10 في المئة، ما دفع البرلمان والحكومة إلى الاتفاق على إجراءات، قادت في النهاية إلى منع استيراده كلياً.

أدى القرار إلى زيادة نسبية في أسعار البيض بالأسواق المحلية، لكنه شجع المستثمرين في القطاع إلى ضخ مزيد من الأموال، إذ ناهز إنتاج العراق العام الماضي، حاجز سبعة مليارات بيضة، بزيادة قدرها نحو 700 مليون بيضة عن معدل الاستهلاك الطبيعي، وفقاً لأرقام حصلت عليها "اندبندنت عربية" من منتجين رئيسيين.

طلب تركي مرفوض

سعت تركيا، إلى إقناع السلطات العراقية بمراجعة قرار منع استيراد بيض المائدة، لكن جهودها العلنية، باءت بالفشل.

قال وزير الزراعة العراقي صالح الحسني، إن السفير التركي ببغداد، فاتح يلدز، زاره مع وفد اقتصادي متخصص في مجال إنتاج بيض المائدة وتربية الدواجن، "لبحث ملف منع استراد بيض المائدة"، إذ طالب يلدز بـ "فتح الاستيراد وإلغاء قرار المنع الصادر من وزارة الزراعة".

أكد الحسني، أن "المنتج الحالي يكفي الأسواق، وأن قرار منع دخول منتجات البيض يقع ضمن إطار قرارات مجلس النواب الموقر، فضلاً عن أن الوزارة أصدرت قرار المنع بعد مراقبة السوق المحلية لإيجاد توازن بين السلع المستوردة والمحلية بما لا يؤدي إلى إغراق الأسواق بهذه المنتجات".

لكن الوزير العراقي، أقر بأن الأسواق العراقية تتداول بيضاً مستورداً "يدخل بصورة غير رسمية".

البيض الإيراني

يشير الوزير، من دون أن يعلن، إلى "البيض الإيراني" الذي يجري إدخاله بشكل غير مشروع، اعتماداً على نفوذ جماعات مسلحة في منافذ العراق الحدودية.

ويوضح الحسني، أن وزارة الزراعة "لم تمنح إجازات استيراد للبيض"، مشدداً على أنها "ماضية بحماية المنتج المحلي".

ويضيف أن "البيض المستورد الموجود في الأسواق يدخل بصورة غير رسمية، والوزارة غير مسؤولة عن ذلك وأخذت إجراءات عدة لحماية المنتج المحلي منها مخاطبة الجهات ذات العلاقة والمسؤولة عن الحدود بمنع دخول البيض وبعض المنتجات الزراعية الأخرى بسبب وفرتها في الأسواق المحلية".

تباع العلبة الواحدة من البيض الإيراني المهرب إلى العراق (تحتوي على 24 بيضة) بأقل من ثلاثة دولارات، فيما تبلغ كلفة إنتاج العلبة الواحدة داخل العراق نحو خمسة دولارات.

انهيار وشيك لقطاع الدواجن

يقول منتجو البيض في العراق، إنهم مضطرون إلى الاستمرار في تحمل هذه الخسائر الفادحة، من خلال مجاراة سعر بيع البيض الإيراني، لعجزهم عن "منع الدجاج من أن تبيض".

يشير إحجام الوزير العراقي عن تسمية الأطراف التي تهرب البيض الإيراني إلى العراق، أو حتى تحديد الدولة التي يأتي منها هذا البيض، إلى الخشية الكبيرة التي تعتري المسؤولين العراقيين من استفزاز إيران وحلفائها المتنفذين في العراق.

مسؤولون في قطاع الزراعة العراقي أبلغوا "اندبندنت عربية"، أن "نحو 200 شاحنة محملة بالبيض الإيراني، تعبر إلى العراق يومياً، تحت عنوان بضائع أخرى، ومن ثم يوضع على محتواها ختم "صنع في العراق" باللون الأحمر، موضحين أن "مفتشي الجمارك يتعاونون لقاء عمولات، أو يخضعون لتهديد جماعات مسلحة موالية لإيران".

جماعات مسلحة تسيطر على الحدود

يقول رئيس هيئة المنافذ الحدودية في العراق كاظم العقابي، إن "بعض الجماعات المسلحة تهدد وتبتز العاملين في المنافذ الحدودية"، مضيفاً أن "موظفي المنافذ يتعرضون بشكل مستمر للاستهداف والتهديدات من قبل بعض المجاميع المسلحة الخارجة عن القانون".

ويطالب العقابي الحكومة بـ "التدخل لحماية الموظفين وإيقاف تلك الممارسات"، مشيراً إلى "وجود شبهات فساد في بعض المنافذ الحدودية من قبل بعض الجهات المتنفذة".

مصدر بديل للتمويل

تشكل الأموال الناجمة عن تجارة البيض الإيراني غير الشرعية في العراق، مصدر تمويل بديل للمجموعات المسلحة الموالية لطهران، التي لم تعد تحصل على ما يكفيها من الأموال الإيرانية، بعد فرض العقوبات الاقتصادية الصارمة على جارة العراق الشرقية، وفقاً لمصادر مطلعة.

هذه التجارة، هي جزء من أعمال اقتصادية واسعة النطاق، أعد لها مسبقاً، لتكون بديلاً عن المال الإيراني، في حال تعرضت طهران لعقوبات أو تضييق اقتصادي، كما يحدث الآن. وفضلاً عن تجارة البيض، هناك تجارة الأسماك الحية والسياحة الدينية والمجمعات التجارية في مختلف محافظات الوسط والجنوب، إذ تخضع هذه القطاعات إلى سيطرة ميليشيات مسلحة موالية لإيران.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي