حثت الحكومة البريطانية على ضرورة التصدي للإعراض عن تلقي اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، إذ تظهر البيانات أن ملايين السكان الذين تخطوا 50 عاماً لم يتلقوا بعد الجرعات المعززة ضد "كوفيد-19".
في أعقاب إعلان الحكومة البريطانية عن تقديم الجرعات التحصينية المعززة من لقاح "كوفيد" في الخريف لجميع الأشخاص الذين تخطوا 50 عاماً، حذر عدد من العلماء في المملكة المتحدة من أن مجموعات صغيرة من المسنين كانت فعلاً عرضة أكثر للإصابة بـ"كوفيد" لأنها لم تحصل على الجرعات التحصينية المطلوبة كافة التي تؤمن لها الحماية اللازمة من الفيروس.
كذلك انتقد الخبراء عدداً من الوزراء لأنهم وجهوا "رسائل متناقضة"، متهمين إياهم بإذكاء "التراخي الخطير" بين الناس عبر إصرارهم على أن الجائحة قد ولت.
تظهر أرقام أصدرتها "وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة" UKHSA أن 16 في المئة ممن تجاوزوا الخمسين من العمر (ويبلغون 3724722 شخصاً) لم يتلقوا بعد الجرعة المعززة الأولى أو الثانية. يبدو الإقبال على الجرعات المعززة أقل في صفوف الفئة العمرية بين 50 و70 عاماً، ذلك أن 20 في المئة من هذه المجموعة (أي 3070359 شخصاً) لم يأخذوا الجرعات المعززة بعد، وفق البيانات.
الأشخاص الذين يبلغون 50 عاماً فما فوق كانوا مؤهلين لتلقي جرعة ثالثة من اللقاح منذ سبتمبر (أيلول) 2021.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في الحقيقة، يشكل هذا الواقع "مصدر قلق كبيراً على مستويات عدة: نخسر حالياً سباق التسلح ضد "بي أي 5"، المتحورة المتفرعة من "أوميكرون"، مع الارتفاع المدمر في أعداد الإصابات وحالات الدخول إلى المستشفيات، خصوصاً في صفوف كبار السن"، قال البروفيسور داني ألتمان، اختصاصي في المناعة في "إمبريال كوليدج لندن".
"أخشى أن الرسائل المتناقضة والسلبية التي أصدرتها الحكومة البريطانية وحتى "اللجنة المشتركة للتطعيم والتحصين" JCVI [الهيئة المعنية بمراقبة اللقاحات] قد غذت شعوراً زائفاً وخطيراً بالرضا [الطمأنينة] يفيد بأن "المشكلة قد انتهت، لقد تغلبنا على الجائحة، و"كوفيد" ليس أسوأ من نزلة برد". لقد أدى هذا لا ريب إلى تقويض الإقبال على اللقاحات، ويتركنا في موقف صعب لفصل الخريف".
تظهر بيانات "وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة" أن الإقبال على اللقاحات قد توقف بين عدد من الفئات العمرية الأكبر سناً. بقيت النسبة المئوية من الفئة العمرية بين 60 و65 عاماً الذين لم يتلقوا الجرعتين المعززتين الأولى أو الثانية، وكانوا مؤهلين لها، عند 17 في المئة تقريباً منذ 3 أبريل (نيسان).
وبالمثل، بقيت النسبة المئوية للفئة العمرية بين 65 و70 عاماً الذين لم يأخذوا جرعات معززة خلال هذه الفترة عند 13 في المئة.
وقالت الدكتورة ماري رامزي، مديرة البرامج السريرية في "وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة"، إن من يستوفون شروط تلقي الجرعات المعززة "ولم يستجيبوا بعد للدعوة إلى أخذ الجرعة المعززة الخاصة بفصل الربيع يعرضون أنفسهم لخطر الإصابة بأمراض خطيرة".
"نحث كل المؤهلين للجرعة المعززة الخاصة بموسم الربيع على التقدم في أقرب وقت ممكن لأخذها. على كل شخص لم يحصل بعد على جرعته المعززة الأولى أو الثانية مواكبة كل جديد بالنسبة إلى جرعاته كي يمنح نفسه أفضل حماية ممكنة"، أضافت الدكتورة رامزي.
على الرغم من تعثر الإقبال على الجرعات المعززة، أعلنت الحكومة البريطانية يوم الجمعة أن كل شخص يبلغ من العمر 50 عاماً فما فوق سيكون مؤهلاً لتلقي جرعة معززة ضد "كوفيد-19" ولقاح الإنفلونزا الموسمية هذا الخريف.
وقالت "اللجنة المشتركة للتطعيم والتحصين" إن القدرة العالية على العدوى التي تتسم بها "بي أي 4" و"بي أي 5"، المتحورتان المتفرعتان من "أوميكرون"، دفعتها إلى خفض عتبة الأهلية المبنية [الفئة العمرية المخولة تلقي اللقاح على وجه السرعة] على السن من 65 عاماً إلى 50 عاماً".
وبالنسبة إلى الفئة العمرية فوق 75 عاماً، ستكون هذه المرة الخامسة التي يأخذون فيها جرعة "كوفيد" إذا كانوا قد تلقوا فعلاً جرعة موسم الربيع. وبالنسبة إلى من تخطوا الخمسين من العمر، ستكون جرعتهم الرابعة.
ومع ذلك، أعرب العلماء عن قلق يعتريهم جراء عدم إقبال عدد كافٍ من كبار السن على تلقي أول جرعة معززة.
وقال أريس كاتزوركيس، بروفيسور في التطور وعلم الجينوم في "جامعة أكسفورد"، إن أشخاصاً كثراً مقبلون على الخريف والشتاء وقد تلقوا جرعتين فقط "سيكونون عرضة للخطر حقاً".
وأضاف البروفيسور كاتزوركيس إنه "يتعين علينا حقاً أن نضع تصوراً للقاحات "كوفيد" يقضي بوجود دورات من ثلاث جرعات. جرعتان اثنتان لا تكفيان، خصوصاً بعد مرور ستة أشهر على تلقي الجرعة الثانية".
على المنوال نفسه، قال الدكتور ستيف غريفين، عالم في الفيروسات في "جامعة ليدز"، إن الإقبال "الضعيف" على الجرعات المعززة كان "نتيجة شبه مؤكدة للرسائل التي تنادي بزوال الجائحة".
في رأي الدكتور غريفين "علينا أن نبث رسائل صحيحة في أقرب وقت ممكن كي نتفادى أي زيادة محتملة في الإصابة بأشكال خطيرة من المرض".
وقالت البروفيسورة إيرين بيترسن، عالمة في الأوبئة في "جامعة كوليدج لندن"، إن بعض الناس قد يفترضون خطأ أن "اللقاحات لا تجدي نفعاً لأن كثيرين الآن يلتقطون العدوى مع أنهم تلقوا جرعات تحصينية".
على الرغم من التراجع الكبير في الحصانة من العدوى المصحوبة بأعراض بعد مضي 20 أسبوعاً أو نحو ذلك على أخذ الجرعة المعززة، يبقى التطعيم فاعلاً جداً في حماية الناس من دخول المستشفى وخفض معدلات الوفيات.
"ما زلت أشجع الناس بشدة على قبول الدعوة إلى تلقي جرعات معززة"، أضافت البروفيسورة بيترسن.
في سياق متصل، ذكرت "وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية" البريطانية إن كون المرء ضمن الفئة العمرية 50 عاماً فما فوق لا يعني بالضرورة أنه مؤهل للحصول على أول جرعة معززة، ذلك أنه ربما أخذ في وقت قريب جرعة ثانية.
وأضاف متحدث باسم "وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية" قائلاً، "لسنا متساهلين في شأن "كوفيد". لقد أنقذ برنامج التطعيم الخاص بنا الرائد عالمياً عدداً لا يحصى من الأرواح وما زال يحول دون وفيات كثيرة، مع حصول 85 في المئة ممن تبلغ أعمارهم 75 عاماً فما فوق الذين كانوا مؤهلين للجرعات في نهاية شهر مايو (أيار) على لقاحاتهم المعززة الخاصة المقررة لموسم الربيع".
"نعمل جاهدين بشتى الوسائل من أجل الوصول إلى الأشخاص غير المحصنين ضد "كوفيد"، من بينها الاستعانة بعيادات لا يقتضي التطعيم فيها الحصول على موعد مسبق وعيادات متنقلة من أجل تعزيز إمكانية الحصول على الجرعات بسهولة ويسر"، ختم المتحدث.
© The Independent