Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف ستتحرك "لجان المقاومة" لاستعادة الحكم المدني في السودان؟

تواصل الجهود لتوحيد قوى الثورة وسط استمرار انسداد أفق الحل السياسي مع العسكر

جانب من تحركات شعبية سابقة للجان المقاومة السودانية (اندبندنت عربية - حسن حامد)

يترقب قسم كبير من السودانيين ما تنوي "لجان المقاومة" القيام به من تحركات في الشارع خلال الفترة المقبلة للمطالبة بالحكم المدني وإبعاد المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي في البلاد، وذلك بعد فضها الاعتصامات التي أقامتها في مدن العاصمة السودانية المثلثة (الخرطوم، والخرطوم بحري، وأم درمان) لمدة عشرة أيام، مباشرة بعد تظاهرات 30 يونيو (حزيران) الماضي، والتي قابلتها القوات الأمنية بعنف مفرط راح ضحيته تسعة قتلى من المتظاهرين. كما يُنتظَر أن تعبر "لجان المقاومة" عن رؤيتها للعملية السياسية وآلياتها، في ظل الجهود المبذولة لتوحيد قوى الثورة السودانية التي تشهد انقسامات وخلافات عديدة.

خيارات مفتوحة

في هذا السياق، أشار عضو "لجان مقاومة الخرطوم شرق" هاني أبو قصيصة إلى أن "الاعتصامات التي شهدتها مدن العاصمة المثلثة لم يكن مرتباً لها، إذ فرضتها ظروف دخول ثوار أم درمان والخرطوم بحري إلى الخرطوم للمشاركة في مليونية 30 يونيو وعدم تمكنهم من العودة إلى أهلهم بعد يوم دموي بسبب العنف المفرط، فأقيمت هذه الاعتصامات كوسيلة من وسائل الرفض والاحتجاج على انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 وما تبعه من ممارسات غير إنسانية، وقد حققت أثراً معقولاً ورسالة للسلطة الانقلابية والمجتمع الدولي باعتبارها وسيلة تعبير سلمية، مما يؤكد قدرة المتظاهرين على خلق أساليب عدة من أشكال التعبير الرافض للممارسات الديكتاتورية والوصاية على المجتمع من دون وجه حق". وأضاف أبو قصيصة "بلا شك ستكون الخيارات لمناهضة هذا الانقلاب مفتوحة سواء من خلال تنظيم المواكب والمسيرات، وإقامة الندوات والمخاطبات داخل الأحياء، وذلك لزيادة حشد الجماهير للخروج إلى الشارع والتظاهر من أجل استعادة المسار الديمقراطي من العسكر، لكن حتى الآن لم يتم تحديد الخطوة المقبلة للحراك الثوري، إذ تدرس لجان الميدان المنبثقة من تنسيقيات لجان المقاومة الخيارات المطروحة للخروج بجدول للعمل الثوري للفترة المقبلة".
وأكد أنه "بات هناك قناعة تامة بالعملية السياسية نظراً إلى تأثيرها الكبير في تسريع مسألة استرداد التحول الديمقراطي، لذلك جاء الإعلان عن المجلس الثوري بهدف توحيد قوى الثورة، وهذا الاتجاه مهم جداً لأنه سيكون داعماً وضامناً للعمل الميداني الثوري، وكذلك من ناحية الجاهزية لتسلم السلطة"، لافتاً إلى أن "الشارع السوداني ينتظر حالياً بلورة رؤية سياسية مقنعة يقف خلفها ويساندها، وهذه كانت مسؤولية الأحزاب، لكنها فشلت في ذلك، ما اضطر لجان المقاومة وأجبرها على الدخول في معترك العمل السياسي".
وتابع عضو "لجان مقاومة الخرطوم شرق"، قائلاً "نحن في لجان المقاومة أمام تحدٍّ كبير جداً بالنظر إلى المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقنا والتي من أجلها فقدنا 114 شهيداً، ومع ذلك إذا قامت القوى السياسية الثورية ممثلة في الأحزاب بدورها وخرجت لنا برؤية مختلفة ومقنعة للجميع ستجد منا الدعم اللازم".
 


رؤية جديدة

في سياق متصل، أوضحت الناشطة الحقوقية وعضو "لجان مقاومة أم درمان"، إيمان حسن عبد الرحيم، أن "الاعتصامات جرت بصورة عفوية ومن دون ترتيب مسبق، وعلى الرغم من ذلك حققت أهدافاً إيجابية، فكانت هناك منصة لإقامة الفعاليات التوعوية والتثقيفية المختلفة، فضلاً عن المخاطبات، والبرامج الفنية والثقافية المتنوعة، وبث الأغاني الوطنية والحماسية، لذلك شهدت هذه الاعتصامات تجمعات كبيرة وتفاعلت معها جماهير عدة، وخلقت روحاً من التكاتف والتعاضد وسط جيل الشباب، حيث اتجه الجميع بعد انتهاء فترة الاعتصام إلى تنظيف مواقع هذه الاعتصامات، وأحدث هذا السلوك الحضاري أثراً كبيراً في نفوس السكان الذين يقطنون بالقرب من موقع الاعتصامات".
وزادت عبد الرحيم، "بكل تأكيد أن الثورة ستستمر حتى تنتصر بإقامة الحكم المدني كاملاً، فالمواكب ستكون إحدى الوسائل الفاعلة خلال الفترة المقبلة، وهناك رؤية جديدة للعمل الثوري هي نتاج التجربة الطويلة، حيث تنخرط اللجان في مناقشات لدراسة أفكار عديدة سواء في ما يتعلق بالمواكب أو الاعتصامات وغيرها من الوسائل السلمية، فحتى الآن لم يتم الاتفاق على برنامج محدد، لكن وضح تماماً أن التجربة التراكمية للثورة ستنتج الزخم المطلوب والتغيير المنشود".
وأفادت الناشطة الحقوقية بأنه "أصبحت هناك قناعة بضرورة حدوث توافق وسط قوى الثورة ولو بالحد الأدنى من أجل التقدم خطوة إلى الأمام، وذلك بالابتعاد عن الخلافات والصراعات ما دام الهدف واحداً وهو مواجهة السلطة الانقلابية التي سلبت حقوق الأغلبية من الشعب السوداني، كما أن العملية السياسية باتت توجّهاً مطلوباً خلال هذه المرحلة بعدما حقق حراك الشارع الدور المطلوب منه، في وقت تعرضت الثورة لهزات وإحباطات عنيفة من قبل النظام العسكري الذي سعى بكل جبروته لإفشالها، لكن باءت كل محاولاته بالفشل الذريع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


بالون اختبار

من جهته، قال المتحدث باسم "لجان مقاومة الخرطوم"، حسام علي، "نحن في لجان المقاومة لدينا قضيتان أساسيتان تشكلان لنا محوراً أساسياً في حراكنا الجماهيري، الأولى وهي مناهضة النظام الحالي ورفض كل امتداداته وعدم الاعتراف به، وبالتالي نعمل بكل ما نملك من قوة على إسقاطه، بينما تتمثل القضية الثانية في العدالة وبناء الدولة، ومن أجل تحقيق ذلك نعمل مع كل أصحاب المصلحة لإيجاد مشروع وطني يعبر عن أحلام السودانيين ويكون قابلاً للتطبيق، بخاصة أننا أسسنا ميثاق سلطة الشعب الذي هو بمثابة بذرة طيبة من الممكن أن نجني ثمارها على المدى المتوسط".
ونوه حسام علي بأن "الاعتصامات السابقة كانت خطوة جديدة في اتجاه تنويع أدوات العمل الثوري، فهي تمثل بالونة اختبار لقدراتنا والمشاكل التي يمكن أن تواجهنا في حال قيام اعتصام مركزي موحد".
ومضى قائلاً "بطبيعة الحال فإننا كلجان مقاومة نُعتبر جزءاً مؤثراً وفعالاً في العملية السياسية، وثبت ذلك من خلال تمكننا من قطع الطريق على التسوية التي كانت تنوي القوى السياسية إبرامها مع المجلس الانقلابي، وهذا حدث بفضل الدعم الجماهيري الكبير والمناورة الذكية، وفي الوقت ذاته نرحب بكل الجهود المبذولة لتقريب وجهات النظر وتوحيد القوى الداعية إلى إسقاط الانقلاب، إذ إننا منفتحون على كل ما هو ممكن لإسقاط الانقلاب".


أزمة مستعصية

وما زالت الأزمة السياسية في السودان عصية على الحل، حيث تستمر الاحتجاجات المناهضة لحكم العسكر، فيما حض تحالف مؤلف من 23 حزباً ونقابة مهنية، أخيراً، على تشكيل "مجلس ثوري" يهدف إلى توحيد "قوى الثورة".
أما قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، فأعلن عدم مشاركة المؤسسة العسكرية في مفاوضات الحوار الوطني الجارية حالياً لإفساح المجال لعودة القوى السياسية والثورية إلى السلطة، وتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة تتولى إكمال متطلبات الفترة الانتقالية، فضلاً عن حل مجلس السيادة وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة من الجيش و"قوات الدعم السريع" لتولي القيادة العليا للقوات النظامية ويكون مسؤولاً عن مهمات الأمن والدفاع، وهو ما اعتبرته بعض القوى مناورة سياسية لن تحل الأزمة السياسية في البلاد.
ومارست في وقت سابق كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومجموعة دول شرق ووسط أفريقيا للتنمية "إيغاد" عبر ما يُعرف باسم "الآلية الثلاثية"، ضغوطاً لإجراء حوار مباشر بين العسكريين والمدنيين، إلا أن كتل المعارضة الرئيسة، مثل "قوى الحرية والتغيير" و"حزب الأمة القومي"، رفضت ذلك.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات