Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هلع وخسائر وركود يتهادى... أسواق العالم في 6 أشهر

فقدت 13 تريليون دولار في أسوأ بداية عام منذ نصف قرن وتدخل البنوك المركزية للإنقاذ "لم يعد وارداً"

يخيم التوتر الشديد على المستثمرين في أسواق الأسهم، ويلجأ كثير منهم إلى تسييل استثماراته (أ ف ب)

أنهت أسواق الأسهم الرئيسة حول العالم الأشهر الستة الأولى من هذا العام بأكبر خسائر نصف سنوية على الإطلاق. وتبخرت نحو 13 تريليون دولار من قيمة الأسهم العالمية، تكبدت الأسواق الأميركية منها ما يزيد على 9 تريليونات دولار، أي أكثر من ثلثي خسائر الأسهم العالمية في النصف الأول من 2022. وكانت الخسارة الأكبر في مؤشر "ناسداك" لشركات التكنولوجيا، الذي خسر وحده ما قيمته 5.4 تريليون دولار، هابطاً بنسبة تزيد على 30 في المئة في نصف العام.

ذعر وخسائر وركود منتظر

المؤشر العالمي للأسهم "أم أس سي آي" خسر أكثر من 20 في المئة من قيمته في أسوأ خسائر نصف سنوية منذ إطلاقه. وكانت أسهم شركات التكنولوجيا الأكثر هبوطاً وتدهوراً في قيمتها، مع ذعر المستثمرين حيال نهاية مرحلة "الأموال السهلة"، وسط استمرار معدلات التضخم في الارتفاع، وبدء البنوك المركزية حول العالم تشديد السياسة النقدية (رفع أسعار الفائدة، وسحب السيولة من السوق بوقف برامج شراء السندات)، إضافة إلى المؤشرات المتتالية على ضعف النشاط الاقتصادي، بالتالي زيادة احتمالات الركود الاقتصادي.

ولم تشهد الأسواق الأميركية مثل هذه الخسائر في النصف الأول من العام منذ 1970، إذ فقد مؤشر "أس أند بي" القياسي 20.6 في المئة من قيمته خلال الأشهر الستة الماضية، في أكبر خسارة ببداية العام منذ نحو نصف قرن. وباستثناء أسهم شركات الطاقة، التي شهدت ارتفاعاً في نصف العام بأكثر من 30 في المئة، تراجعت أسهم الشركات في كل القطاعات، بخاصة شركات خدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتقريباً كل شركات التعامل المباشر مع المستهلكين.

تشاؤم على أكثر من صعيد

حسب تحليل بيانات "بلومبيرغ" للأسواق الرئيسة، فإن موجات البيع الهائلة أثرت سلباً على أسهم الشركات في كل القطاعات، مع تخوف المستثمرين من استمرار زيادة أسعار الفائدة لمواجهة ارتفاع التضخم، وأيضاً انهيار الإنفاق الاستهلاكي مع حذر المستهلكين حيال المستقبل، وتراجع القيمة الفعلية للدخول.

وتشير مجموعة من البيانات في الاقتصادات الرئيسة إلى تباطؤ النشاط الصناعي، ما ينذر بتوقف نمو الناتج المحلي الإجمالي، وربما ينكمش أسرع مما كان مقدراً من قبل. ويرى بعض المحللين والاقتصاديين أن خسائر السوق، بخاصة في الولايات المتحدة، تماثل إلى حد كبير ما حدث في سبيعينات القرن الماضي من هبوط الأسواق بشدة بعد أطول فترة صعود مطرد، مع موجة الركود الاقتصادي الشهيرة وقتها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي ظل تبخر الانتعاش قصير الأمد من أزمة وباء كورونا ثم الحرب في أوكرانيا، التي أدت إلى ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة حول العالم، يخيم التوتر الشديد على المستثمرين في أسواق الأسهم، ويلجأ كثير منهم إلى تسييل استثماراته ببيع كميات كبيرة من الأسهم. ويقول باستيان دروت، من شركة "سي بي آر" لإدارة الأصول بباريس في مقابلة مع صحيفة "فاينانشيال تايمز"، "الحالة المسيطرة على مزاج السوق هي احتمالات الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة وأوروبا"، مشيراً إلى أن التوقعات "سلبية جداً" وسط قناعة بأن انتظار السوق لتدخل البنوك المركزية لدعم النمو الاقتصادي "لم يعد وارداً".

وتنتظر الأسواق قرار الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي، هذا الشهر، إذ من المتوقع أن يرفع الفائدة بنسبة 0.75 في المئة، لتصل إلى ما بين 2.20 و2.5 في المئة. وتتحسب الأسواق لرفع الفائدة الأميركية مرة أخرى، ما يجعلها تتجاوز نسبة 3 في المئة بنهاية العام.

الفائدة والنمو والتضخم

كذلك، من المتوقع أن يحذو بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) حذو الاحتياطي الفيدرالي برفع سعر الفائدة للمرة الخامسة منذ نهاية العام الماضي. وينتظر أن يبدأ البنك المركزي الأوروبي، الذي يضع السياسة النقدية لدول منطقة اليورو، في رفع سعر الفائدة هذا الشهر للمرة الأولى منذ 2011.

ومن شأن استمرار الزيادة في سعر الفائدة أن يضغط أكثر على النشاط الاقتصادي، بالتالي يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات الرئيسة، ربما إلى حد النمو السلبي (الانكماش). ويزيد ذلك من تشاؤم المحللين والمتعاملين في السوق من أن الركود في الولايات المتحدة وبريطانيا وأوروبا ربما يحدث بنهاية هذا العام وليس العام المقبل 2023، كما كانت التقديرات تفيد سابقاً.

يقول محلل الأسهم في "سيتي غروب"، سكوت كرونرت، "أسهمت القراءات المتتالية لمعدلات التضخم في تشدد رد فعل الاحتياطي الفيدرالي، ليتجه أكثر نحو استهداف وقف ارتفاع التضخم من دون تركيز على التبعات الاقتصادية لذلك، بالتالي نجد المستثمرين يترددون في الشراء (للأسهم) قبل قرار رفع الفائدة مع احتمال تراجع العائدات".

ويزيد من موجة التشاؤم حول العالم أن رفع سعر الفائدة قد يضر بالنمو الاقتصادي أكثر من تأثيره في وقف ارتفاع معدلات التضخم. وفي ظل استمرار الحرب في أوكرانيا، وتصعيد العقوبات الغربية على روسيا، لا يبدو أن التبعات الاقتصادية لذلك ظهرت كاملة بعد. وحسب تقرير لوكالة "بلومبيرغ"، توقع بنك "جيه بي مورغان" الاستثماري أن تصل أسعار النفط إلى 380 دولاراً للبرميل، في أسوأ سيناريو في حال أدت العقوبات إلى توقف تصدير النفط الروسي للسوق العالمية.

اقرأ المزيد