Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عندما لا يشكل الأثاث تهديدا للكوكب

أطلقت عليه تسميات عدة منها الأثاث الصديق للبيئة والأثاث الذكي بيئياً والأثاث الأخضر

بدأ مصممو ومصنعو الأثاث يضعون الاستدامة كأولوية قصوى جنباً إلى جنب مع الراحة والجمال والوظيفة (بينترست)

أُعلن على نطاق واسع، منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أن حوالى 40 في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على كوكب الأرض مسؤولة عنه صناعة البناء، وكانت للتصميمات الداخلية وأثاث المشروع وتجهيزاته ومعداته حصة لا تتجاوز الـ 10 في المئة من هذه النسبة، مما قلّص أهميتها وهمّش تأثيرها، لكن الأبحاث الحديثة أشارت إلى أن البصمة الكربونية (الكمية الإجمالية من انبعاثات ثنائي أكسيد الكربون) للتصميمات الداخلية، ستساوي، إن لم تتجاوز أيضاً، نسبة الانبعاثات الصادرة عن التشييد والإكساء الخارجي.

كما بينت الإحصائيات بأن أكثر من 9.8 مليون طن من الأثاث التقليدي يدخل إلى مكب النفايات كل عام، بالتالي يمكن للتصميم الداخلي أن يؤثر بشكل كبير في المناخ، ويزيد من الأزمة الحالية إذا ما استمر الوضع على هذه الوتيرة، الأمر الذي وسّع إطار التعامل مع أزمة المناخ في موضوع البناء، ليشمل تصميم العناصر الديكورية والمفروشات أيضاً.

أولوية قصوى

ونتيجةً لذلك، بدأ مصممو ومصنعو الأثاث يضعون الاستدامة كأولوية قصوى، جنباً إلى جنب مع الراحة والجمال والوظيفة، فاختارت اتجاهات معمارية وتصميمية عدة توجهاً جديداً ينصبّ على الرقابة في ما يخص الحفاظ على البيئة، سواء كان ذلك من خلال التصنيع الذكي بيئياً والتنبه إلى المواد المستخدَمة في التصنيع أو استخدام المواد المعاد تدويرها أو تصنيع منتجات عالية الجودة مع عمر افتراضي أطول، الأمر الذي قاد المتابعين والمهتمين بالشأن البيئي إلى القول إننا في منتصف الطريق إلى نهضة بيئية.

فقد أدى الاهتمام بالقضايا البيئية وزيادة الوعي العام بالكوكب وبدورة حياة المنتَج، إلى اهتمام شركات كبرى بصنع أثاث لا يشكل تهديداً للكوكب، وشهد عالم التصميم تحولاً واضحاً نحو الإنتاج المستدام بكافة أنواعه وأشكاله، فبدأت بعض شركات الأثاث تستجيب لرغبات بعض المهتمين بالبيئة، وتنتج أثاثاً أُطلق عليه تسميات عدة، منها الأثاث الصديق للبيئة Furniture Eco-Friendly والأثاث الذكي بيئياً Furniture  Climate-Smart والأثاث المستدام Furniture Sustainable والأثاث الأخضرGreen Furniture ، وكلها تؤدي مهمة واحدة تقليل التأثير في البيئة.

الجودة والمرونة والديمومة

غالباً ما يُصنع هذا النوع من المفروشات بمواد متينة وعالية الجودة، تعطيها صفة الديمومة والمقاومة عبر الزمن، فالأثاث المستدام الصديق للبيئة صُمم ليدوم بقطعة واحدة ذات عمر طويل ومنافع متعددة. ولأن الاعتماد غالباً ما يكون على خامات محلية ستوفر من تكاليف الشحن والنقل، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على التكلفة النهائية للمنتَج، بالإضافة إلى زيادة العمر الافتراضي لقطع الأثاث بسبب ابتكار تصاميم قابلة للفك والإصلاح بسهولة والتجميع ثانيةً، مع إمكانية إعادة تدويره بيُسر بعد انتهاء فترة استخدامه، وعلى الرغم من أن المفروشات المستدامة يمكن أن تنكسر، مثل أي شيء آخر، إلا أنه ليس بالضرورة إتلافها، فالاحتمالات كثيرة ومفتوحة في هذه الحالة.

كما يتميز الأثاث المستدام بالمرونة والحجم الصغير مقارنةً بالأثاث التقليدي، تلبيةً لحاجة المجتمع المعاصر الذي ينحو تدريجاً نحو مبدأ "الأقل هو الأكثر"، والقضية هنا هي: كيف يمكن للمصمم الدمج بين الوظيفة والحد الأدنى من الحجم أو حتى قابلية طي القطعة وتخزينها بسهولة في حال عدم الحاجة لها؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دورة الحلقة المغلقة

يعتمد الأثاث المستدام على ما يسمى "إعادة التدوير مغلقة الحلقة" closed-loop cycle of recycling، وهي عملية يتم من خلالها استخدام المنتَج وإعادة تدويره ثم تحويله إلى منتَج جديد، بالتالي ضمان عدم دخوله مكب النفايات على الإطلاق، فالهدف النهائي هو تصميم أثاث يمكن إعادة استخدامه بشكل مستمر وتفكيكه ثم إعادة استخدامه مرة أخرى، وتركّز هذه الصناعة على تقليل التأثير البيئي للعناصر المستخدَمة في الإنتاج، مثل استخدام المواد المستصلَحة أو الألوان غير السامة، فتتبع مواد الأثاث المستدامة مجموعة متنوعة من المصادر، ويُعد كل من نوع المادة وكيفية الحصول عليها عاملان مهمان في تصنيفها المستدام، فتستخدم بعض الشركات في إنشاء الأثاث المستدام، المواد المعاد تدويرها والمستصلَحة، مثل الخشب والزجاج والحديد وغيرها، كما يُعاد تدوير كل من المعادن والبلاستيك والأقمشة، وغالباً ما يكون الأثاث القديم مصدراً للعناصر المستصلحة.

ويُعتبر الخشب خياراً شائعاً لدى المصنّعين نظراً لمتانته وقوة تحمله، ونظراً لكونه يمثل الخامة الرئيسة في صناعة الأثاث بوجه عام، فقد بدأ البحث عن طرق يمكن من خلالها خلق الاستدامة للغابات، وأصبحت هنالك شهادة عالمية (شهادة فورست (Forest تضع معايير وطرق للتعامل مع الغابات واستخراج الأخشاب منها بأفضل شكل ممكن، بحيث لا يؤدي ذلك النشاط إلى خلل في النظام البيئي.

ويُستخدَم اليوم في تركيب عمليات تشطيب الأثاث المستدام خشب الصنوبر المستصلَح بشكل خاص، بالإضافة إلى المواد الخام المتجدِدة كالخيزران والفلين، وكذلك ظهرت إلى الواجهة حديثاً الطحالب كواحدة من الموارد المتجددة.

مواد غير سامة

كما يُستخدم في التشطيبات الأخيرة للأثاث المستدام مواد طبيعية غير سامة، على عكس الصناعات التقليدية، فغالباً ما تكون الرائحة المألوفة المنبعثة من المنتجات الجديدة، كالسيارات والأثاث والعناصر الأخرى، ناتجةً من استخدام مواد غير طبيعية وأحياناً سامة لمعالجة أو تشطيب المنتَج، مثل الورنيش المذاب، وهو مادة شفافة تدخل في خامات التنجيد والأصباغ والدهانات والمواد اللاصقة المستخدَمة في صناعة الأثاث وتُصمَم لحماية طبقات الدهان من الأتربة والأوساخ، فيساهم هذا النوع من المواد في تلوث المساحة عن طريق إطلاق مركّبات عضوية متطايرة، يُطلق عليها اختصاراً تسمية "في أو سيز"(VOCs) ، مثل الفورمالدهيد القابل للاشتعال.

أما في الأثاث الخشبي المستدام، يستخدم عوضاً عن الورنيش المذاب، الورنيش المائي غير السام، كبديل صديق للبيئة، وكذلك تُستخدم نوعية من المواد القابلة للتحلل البيولوجي التي تشمل المنتجات النباتية والخشب والورق، وتُعتبر مناسبة جداً للأثاث الذي يُتلف بسهولة ويبلى مع الزمن والاستخدام المتكرر، مثل المراتب، فعادة ما تدوم المراتب من 5 إلى 10 سنوات كحد أقصى، وبعدها توضع في مقالب القمامة، أما المراتب القابلة للتحلل الحيوي تتحلل وتعود للبيئة مرة ثانية. إن الأثاث الجيد الصنع هو استثمار طويل الأجل، وهو المستقبل الذي سيسهم في خلق نمط حياة صديق للبيئة.

المزيد من منوعات