Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الروبل يقفز فوق العقوبات ويواصل الارتفاع

سجل 50.61 في مقابل الدولار و54.40 أمام اليورو ومحللون: "قوة العملة الروسية لا تعني فشل قرارات الغرب"

ارتفاع الروبل في اليوم التالي لقمة مجموعة السبع يعني أن الاقتصاد الروسي لم يتأثر بالعقوبات إلى الآن (رويترز)

أصبحت العملة الوطنية الروسية (الروبل) الأفضل أداء في العالم هذا العام بدعم من إجراءات طارئة اتخذتها السلطات لحماية النظام المالي في روسيا من العقوبات الغربية، بعد أن أرسلت موسكو عشرات الآلاف من جنوها إلى أوكرانيا في نهاية فبراير (شباط) الماضي.

ويواصل الروبل الروسي الارتفاع في مقابل الدولار الأميركي واليورو الأوروبي بشكل مطرد، إذ سجل مستوى مرتفعاً جديداً خلال أكثر من سبعة أعوام، الثلاثاء، مع حصوله على دعم من قيود على تحركات رؤوس الأموال ومدفوعات الضرائب، وهو ما غطى على تأثير بيانات غربية بأن روسيا تخلفت عن سداد مدفوعات سندات دولية.

وسجل الروبل 50.61 مقابل الدولار، الثلاثاء، في سوق موسكو للمرة الأولى منذ أواخر مايو (أيار) 2015، وبنسبة ارتفاع ثلاثة في المئة، وقفز إلى 54.40 أمام اليورو، وهو أعلى مستوى منذ أبريل (نيسان) 2015، وبنسبة ارتفاع أكثر من 2.5 في المئة.

وكانت العملة الروسية انهارت قيمتها بشدة مطلع شهر مارس (آذار) الماضي بعد أيام من بدء الحرب في أوكرانيا، وفرض الولايات المتحدة ودول الغرب عقوبات غير مسبوقة على موسكو. ووصل سعر صرف الروبل وقتها إلى 139 أمام الدولار، ولجأ البنك المركزي الروسي إلى مضاعفة سعر الفائدة بأن رفعها من 9.5 إلى 20 في المئة، وفرضت الحكومة إجراءات "تقييد رأسمال" مشددة لوقف انهيار العملة ومقاومة التدهور الاقتصادي عموماً.

العقوبات الجديدة

ومن غير الواضح مدى تأثير العقوبات الجديدة التي اتفق عليها قادة دول مجموعة السبع خلال قمتهم في ألمانيا هذا الأسبوع على سعر صرف الروبل، لكن إذا نجحت الدول الغربية في فرض "سقف سعر" على النفط الروسي فمن شأن ذلك أن يؤدي إلى تراجع عائدات صادرات الطاقة الروسية وبالتالي انخفاض الفائض في الحساب الجاري للحكومة الروسية.

لكن ارتفاع قيمة الروبل في اليوم التالي لقمة مجموعة السبع التي بحثت أيضاً فرض حظر استيراد بعض الدول للذهب من روسيا، إلى جانب عقوبات تحول دون استيراد روسيا التكنولوجيا العسكرية، يعني أن الاقتصاد الروسي لم يتأثر حتى الآن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى الرغم من الإعلان عن تخلف روسيا عن سداد مستحقات خدمة دين سيادي بنحو 100 مليون دولار، انتهت فترة السماح لسدادها، الإثنين، فإن روسيا تصر على أنها لم تتخلف وأن العقوبات الغربية هي التي حالت دون وصول المدفوعات لحملة سندات الدين.

ومع الارتفاع المطرد في قيمة العملة الوطنية توالت صريحات المسؤولين الروس التي تقول إن العقوبات الاقتصادية الغربية غير المسبوقة على روسيا فشلت في تحقيق هدفها، وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمام منتدى الاقتصاد الدولي في سان بطرسبورغ الأسبوع الماضي، "كانت الفكرة واضحة وهي تحطيم الاقتصاد الروسي بقوة وعنف ولم ينجح الأمر، فالواضح أن ذلك لم يحدث".

ومع استمرار ارتفاع قيمة الروبل لجأ البنك المركزي إلى خفض أسعار الفائدة بشدة إلى 11 في المئة نهاية مايو (أيار) الماضي، وبدأت الحكومة في تخفيف إجراءات قيود رأس المال.

وتخشى السلطات الروسية من أن قوة العملة الوطنية قد تجعل صادرات البلاد أقل تنافسية.

أسباب قوة الروبل

يُجمع المحللون في أسواق العملات والمعلقون الاقتصاديون على أن سبب الارتفاع المستمر في سعر صرف الروبل يعود إلى عوامل عدة، منها الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة عالمياً وإجراءات الضبط الرأسمالي من قبل الحكومة في موسكو وحتى العقوبات الاقتصادية على روسيا ذاتها.

وتعد روسيا أكبر دولة مصدرة للغاز الطبيعي في العالم وثاني أكبر دولة مصدرة للنفط، وسوقها الرئيس لتصدير الطاقة هو دول أوروبا.

وتدفع الدول الأوروبية المليارات لروسيا أسبوعياً ثمناً لواردات النفط والغاز، وعلى الرغم من تقليل الدول الأوروبية مشترياتها من الطاقة عبر روسيا، فإن ارتفاع الأسعار جعل عائدات روسيا تزداد، فقد ارتفعت أسعار النفط مثلاً بنسبة 60 في المئة عما كانت عليه قبل عام، أما أسعار الغاز فتضاعفت بنحو أربع مرات.

وبحسب أرقام مؤسسة الأبحاث الفنلندية "مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف"، فإن روسيا حققت خلال الـ 100 يوم الأولى من حرب أوكرانيا عائدات من تصدير الطاقة (غاز ونفط وفحم) بقيمة 98 مليار دولار، منها 60 مليار دولار من مبيعاتها لأوروبا، ويتم دفع ثمن الطاقة لأوروبا بطريقة تحويل اليورو إلى الروبل.

وفي مقابلة مع شبكة "سي إن بي سي" الأميركية يقول الباحث في معهد أبحاث السياسة الخارجية ماكس هيس، إن "سعر الصرف الروبل الذي نراه هو نتيجة تحقيق روسيا فائضاً غير عادي في الحساب الجاري، فعلى الرغم من أن روسيا ربما تبيع كميات أقل من الطاقة للغرب حالياً مع اتجاه الغرب نحو تقليل اعتماده على الواردات من روسيا، فإن العائدات ترتفع بسبب ارتفاع الأسعار مما يؤدي إلى فائض هائل في الحساب الجاري".

وبحسب أرقام البنك المركزي الروسي فقد ارتفع فائض الحساب الجاري للحكومة الروسية خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى مايو (أيار) بأكثر من 3.5 ضعف الفترة ذاتها من العام الماضي ليصل إلى 110 مليارات دولار.

فائدة العقوبات

وإذا كانت القيود على رأس المال حالت دون خروج الأصول الأجنبية من روسيا فإن العقوبات الاقتصادية التي يفرضها الغرب أسهمت أيضاً في زيادة فائض النقد الأجنبي لدى روسيا، إذ أصبح من الصعب الاستيراد من الخارج كما كان الأمر من قبل، وكانت النتيجة زيادة في انسياب الأموال للداخل من التصدير في مقابل تراجع انسياب الأموال للخارج، والنتيجة النهائية زيادة قوة الروبل.

ولأن العقوبات تضمنت حظر روسيا من نظام "سويفت" للرسائل المالية، فهي لا تستطيع التجارة مع الخارج بالدولار أو اليورو، كما أن البنوك وحتى الأفراد لا يمكنهم الشراء من الخارج باستخدام العملة الأجنبية التي تتراكم في روسيا.

ويرى المعلقون الغربيون أنه على الرغم من قوة العملة الوطنية الروسية فإن ذلك يضر بالاقتصاد بشكل عام وبنوعية حياة الشعب الروسي، ويقول رئيس أبحاث العملات في "باركليز" ثيموس فيوتاكيس إن "قوة الروبل ترجع إلى الفائض في ميزان المدفوعات، وهو في قدر كبير منه يعود لعوامل خارجية مرتبطة بالعقوبات وارتفاع أسعار السلع والإجراءات الحكومية، وليس بأساسات الاقتصاد والتوجهات طويلة المدى فيه".

ويرى بعض المحللين أن ارتفاع سعر صرف الروبل لا يعتبر مؤشراً إلى قوة وسلامة الاقتصاد، فعلى الرغم من قوة العملة نتيجة تدخل الحكومة فإن ذلك لا ينعكس إيجاباً على رفاه الشعب الروسي. وبحسب أرقام وبيانات هيئة الإحصاء الروسية، فإن عدد الروس الذين يعيشون في وضع الفقر ارتفع خلال الربع الأول من هذا العام من 12 إلى 21 مليوناً.

وإضافة إلى ذلك، فإن استمرار قوة الروبل ليست أمراً مضموناً، بخاصة أنه يتعلق بالتطورات الجيو-سياسية المحيطة بروسيا، وليس بأساسات الاقتصاد، وكان رئيس أكبر بنك في روسيا "سيرب بنك" قال أمام المنتدى الاقتصادي الدولي في سان بطرسبورغ الأسبوع الماضي، إن الاقتصاد الروسي ربما يحتاج إلى أربع سنوات كي يعود لوضع ما قبل العقوبات، أي مستواه في 2021.

اقرأ المزيد