Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عسل مصر الأسود... "فيتامين الغلابة"

صناعة شعبية تحت وطأة الوسائل البدائية وتعاني غياب الدعم الرسمي ومطالب بإدخال الوسائل التكنولوجية

تتزين أغلب الموائد العربية بأطباق من العسل الأسود المصري، ذي القيمة الغذائية العالية، الذي يمر بمراحل تصنيع معقدة، في المصانع الشعبية المنتشرة بإقليم الصعيد (جنوب مصر)، حيث تنتشر زراعة قصب السكر الذي يدخل في صناعته، الأمر الذي دفع وزارة التنمية المحلية إلى إطلاق مشروع لتطوير تلك الصناعة المربحة بمحافظة قنا الأكثر إنتاجاً وتصديراً للعسل الأسود كمرحلة أولى، لتعظيم حجم الإنتاج والتصدير. "اندبندنت عربية" زارت عصارات العسل للتعرف على مراحل تلك الصناعة الشاقة ومراحلها.

صناعة شاقة

على الرغم من انتشار صناعة العسل الأسود في مصر فإن الوسائل التقليدية البدائية البسيطة ما زالت تسيطر على عملية إنتاجه، مما يجعله "صناعة شعبية"، تحتاج إلى عمالة كثيفة لمراحله المتنوعة، التي تغيب عن أغلبها وسائل السلامة والصحة المهنية.

وعن مراحل صناعة العسل الأسود. يقول محمد البهجوري، صاحب مصنع "عصارة" لإنتاج العسل بقنا، "في البداية يجري التعاقد مع بعض المزارع لتوريد أطنان محصول قصب السكر للمعصرة، بشرط جودة قصب تلك المزارع، وبعدها تبدأ عملية تجهيز القصب عبر تنظيفه من الأوراق، وتكسيره إلى قطع صغيرة في حجم الذراع، ثم يعرض القصب مكشوفاً لأشعة الشمس عدة أيام، لتسهيل عملية عصره عبر تروس الماكينات البدائية ليتحول القصب بعدها إلى سائل خام ينقل مباشرة عن طريق مواسير متصلة من تلك التروس إلى الحلل النحاسية".

وأضاف البهجوري، "يجري تسخين العصير الخام داخل الحلل النحاسية على درجة حرارة عالية تقارب الألف درجة مئوية، وتستمر عملية التسخين للكمية الموضوعة داخل الحلل النحاسية من أربع إلى سبع ساعات، في ثلاث أوانٍ نحاسية ضخمة تصل سعة الواحدة منها 15 قنطاراً من العسل، وتجري عملية التقليب الشاقة خلال التسخين بالمعالق العملاقة، وبعد ذلك يتحول خام القصب إلى العسل الأسود".

 

وأشار البهجوري إلى أنه عقب تحول خام القصب إلى سائل العسل، "تبدأ عملية تسخين سائل العسل جيداً، ثم ينقل سائل العسل الذي يطلق عليه (المساس) إلى أحواض صغيرة متصلة ببعضها، لتبدأ مراحل التبريد، وتأتي المرحلة النهائية والأسهل الخاصة بالتعبئة داخل الأواني البلاستيكية أو الصفائح أو الفخار".

ويبلغ سعر كيلو العسل الأسود بنظام الجملة سبعة جنيهات و30 قرشاً (38 سنتاً أميركياً)، وللمستهلك 12 جنيهاً (64 سنتاً أميركياً) من العصارات المنتجة، في حين المصانع تضعه داخل علب تزن 350 غراماً بسعر 13 جنيهاً (69 سنتاً أميركياً)، وتوجد جراكن وعبوات بلاستيكية، وكذلك صفائح تتراوح بين اثنين إلى 20 كيلوغراماً، بينما يبلغ سعر كيلو العسل الأسود في التصدير إلى الخارج عشرة دولارات أميركية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وينتج فدان القصب قرابة 100 قنطار من العسل الأسود، ويباع من 20 إلى 30 ألف جنيه (1000: 1600 دولار) للعصارات، وحسب موسم المحصول، بينما قنطار العسل الأسود يزن 45 كيلوغراماً، ويباع بـ330 جنيهاً للتاجر (17 دولاراً أميركياً).

يقول عادل رؤوف، صاحب عصارة لإنتاج العسل الأسود، "طبق العسل الأسود هو الرئيس على مائدة الفقراء والبسطاء في ظل أزمات الغلاء الاقتصادي، بخاصة خلال فصل الشتاء، فهو الأرخص على الرغم من موجات الغلاء التي لحقت بجميع المنتجات الغذائية، كما يطلق عليه بعض الأهالي (فيتامين الغلابة)، ومع ذلك فهو معشوق على موائد إفطار وعشاء لدى الطبقات المصرية المرفهة، ويعتبر وجبة تراثية للسائحين بفنادق الأقصر وأسوان مع العيش البلدي والفطير".

مشكلات الصناعة

وذكر علي محمد سيد، رئيس جمعية تطوير العسل الأسود بالمنيا (جنوب مصر)، أن صناعة العسل الأسود "تحتاج إلى إدخال الوسائل التكنولوجية بها عبر خطة مدروسة وسريعة من وزارة الصناعة، لتعظيم حجم وجودة الإنتاج، لأن الوسائل البدائية ما زالت تسيطر على صناعته"، مؤكداً أن الوسائل التكنولوجية "ستعزز جودة المنتج ومطابقته شروط التصدير لدول الاتحاد الأوروبي، مع ضرورة تقديم تدريب علمي للعمالة القائمة على صناعة العسل".

وأضاف أن صناعة العسل الأسود "تحتاج إلى مزيد من الدعم الحكومي السريع قبل تسريح عمالتها جراء الأزمات الاقتصادية الجسام التي تعانيها أغلب الصناعات الشعبية".

تكتل اقتصادي للعسل

ويستهدف برنامج التنمية المحلية الحكومي بالشراكة مع البنك الدولي تفعيل مشروع لإقامة "تكتل اقتصادي لصناعة العسل الأسود في محافظة قنا (جنوب مصر)، المحافظة الأولى في إنتاج محصول قصب السكر، لتعظيم حجم الإنتاج والتصدير خلال عام 2022".

 

ويشير السكرتير العام لمحافظة قنا، نبيل الطيبي، إلى أن المشروع "بدأ في إجراء حصر شامل للعصارات الشعبية، والتأكد من سلامة إنتاجها، وجودتها لإصدار تراخيص مجانية لتلك المصانع وتقديم جميع أوجه الدعم الفني والإداري للعصارات، في ما يخص تعظيم القيمة التنافسية لمنتج العسل وتسهيل عمليات تصديره للخارج".

وبدأت المرحلة الأولى من المشروع بتطوير 200 عصارة لإنتاج العسل الأسود في شمال المحافظة، عبر تحديث معداتها وتدريب عمالتها وتسويق إنتاجها محلياً وخارجياً، لتبدأ خلال أشهر قليلة مراحل تطوير عصارات إنتاج العسل الأسود في أغلب المحافظات المصرية.

فوائد ومضاعفات

يذكر عبد الوهاب يوسف، أستاذ التغذية بكلية الطب جامعة جنوب الوادي، أن للعسل الأسود "فوائد صحية عديدة ومتنوعة، فهو من الأغذية المحفزة للطاقة، لاحتوائه على كمية كبيرة من السعرات الحرارية، وكذلك هو من الأغذية المقوية للجهاز المناعي للجسم لاحتوائه على فيتامينات متنوعة، كما أنه يقي من الإصابة بهشاشة العظام لاحتوائه على الكالسيوم".

ويضيف يوسف أن العسل من الأغذية الغنية بالحديد، لذلك "يوصف للأشخاص المصابين بالأنيميا وفقر الدم وهشاشة العظام، ويحتوي على مضادات للالتهاب، ولذلك ينصح به لمرضى التهاب المفاصل والعظام على وجه التحديد، ويعد العسل الأسود مصدراً مهماً لنضارة البشرة، لأنه من الأغذية الغنية بالمغنسيوم".

ويحذر عبد الله كشك، استشاري التغذية من تناول العسل الأسود يومياً بكثرة، لأن له مضاعفات وآثاراً سلبية متمثلة في "تشنجات المعدة وعسر الهضم وآلام المعدة والإسهال، كما أن تناول العسل الأسود بكميات كبيرة يتسبب في زيادة الوزن، لاحتوائه على سعرات حرارية عالية، كما أنه لا ينصح بتناوله إلا بكميات بسيطة بعد استشارة الطبيب لمرضى السكر".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات