أعلن العاملون في شركة الخطوط الجوية البريطانية "بريتيش إيرويز" أنهم سيضربون عن العمل خلال الصيف وعطلة المدارس، في خطوة ستزيد من فوضى السفر الجوي في بريطانيا التي لم يسبق لها مثيل. وتعاني المطارات البريطانية وشركات الطيران من نقص كبير في العمالة في مختلف جوانب السفر، من أمن المطارات إلى عمال مناولة الحقائب وأطقم خدمات الطيران، أدت إلى تأخير وإلغاء آلاف الرحلات الجوية في الأسابيع الأخيرة. ويلقي رؤساء شركات الطيرات اللوم على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست" في مشكلة نقص العمالة، فيما اضطرت بعض الشركات إلى تأجير طائرات أوروبية بطواقمها لتتمكن من الوفاء ببعض التزاماتها.
وأنهت نقابة العمال الأكبر في بريطانيا "جي أم بي" تصويت موظفي الخطوط البريطانية في مطار هيثرو لتعلن بعد ذلك أن نسبة 95 في المئة من العاملين صوتوا لصالح الإضراب. وهناك تصويت آخر تجريه نقابة "يونايت" لأعضائها من العاملين في الخطوط البريطانية في مطار هيثرو وستعلن نتيجته، الاثنين، ويرجح أن تأتي أيضاً لصالح الإضراب.
ويشمل الإضراب المتوقع مشاركة 700 من العاملين في الخطوط البريطانية من موظفي التسجيل لدخول المطار ومناولي الحقائب في أكبر مطارات بريطانيا. ولم تحدد أيام الإضراب بعد، لكن النقابة أشارت إلى أن مواعيده ستعلن خلال الأيام المقبلة، ويرجح أن تكون في ذروة السفر الجوي خلال عطلة الصيف.
انهيار مفاوضات الأجور
يأتي إضراب العاملين في قطاع السفر الجوي في الوقت الذي تعاني فيه بريطانيا من مشكلة سفر وتنقل خانقة مع إضراب عمال السكك الحديدية ومترو الأنفاق بسبب الخلاف على الأجور. ويطالب العاملون بزيادة أجورهم بما يوازي معدلات التضخم، بينما تصر إدارات الشركات على أن الزيادة التي عرضتها بأقل من نسبة التضخم كافية.
وتتهم النقابات وزراء الحكومة بتشجيع الشركات على التصلب في موقفها وعدم الاستجابة لطلبات زيادة الأجور، بينما تنفي الحكومة ذلك بشدة. ويتوقع أن تتكرر إضرابات العاملين في شركات القطارات ومترو الأنفاق في الفترة المقبلة أيضاً ما لم يتم التوصل إلى صفقة حول الأجور.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما العاملون في قطاع الطيران فتطالب النقابة الرئيسة "جي أم بي" الشركات بإعادة نسبة الخصم التي فرضتها الشركات على الرواتب على خلفية أزمة كورونا. وكانت الخطوط البريطانية خفضت رواتب العاملين فيها بنسبة 10 في المئة خلال تلك الفترة، وتطالب النقابة بالعودة إلى الرواتب من دون خصم. وتقول إدارة الشركة إنها عرضت دفع مكافأة لمرة واحدة بقيمة نسبة الـ10 في المئة لكن من دون العودة للرواتب السابقة غير المخصوم منها.
وقالت متحدثة باسم النقابة: "للأسف الشديد سيواجه من ينوون قضاء عطلاتهم مشاكل هائلة في السفر بفضل عناد شركة بريتيش إيرويز... لقد عانى العاملون في هيثرو ما لا يمكن وصفه في تعاملهم مع الفوضى الناجمة عن نقص العمالة ومشاكل الفشل التقني. وفي الوقت نفسه تعرضوا لخفض رواتبهم ضمن سياسة الفصل والطرد للشركة".
مزيد من الإضرابات
ويهدد العاملون في شركات النقل بالقطارات والمترو وغيرها، وعددهم 40 ألفاً، بمزيد من التصعيد- أي إضرابات أخرى غير الإضراب الحالي- ما لم يتم التوصل لاتفاق مع إدارات الشركات على الأجور. كما يهدد عشرات آلاف المدرسين في بريطانيا بالتصويت على الإضراب ما لم يتم الاتفاق على زيادة الرواتب بنسبة معقولة تمكنهم من مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة.
وتواصل الأسعار في بريطانيا بالارتفاع بشكل يومي تقريباً، وزاد معدل التضخم على نسبة 9 في المئة للمرة الأولى منذ 40 عاماً. وتعارض وزارة الخزانة والحكومة البريطانية طلبات زيادة الأجور لمواجهة أعباء المعيشة. والمبرر الاقتصادي أن ارتفاع الأجور يزيد من احتمالات الركود التضخمي الذي يمكن أن يقود الاقتصاد البريطاني إلى أزمة أسوأ من تلك التي شهدها في سبعينيات القرن الماضي.
ويراهن وزراء الحكومة على تحويل غضب المواطنين تجاه النقابات والعاملين في القطاعات المختلفة باعتبارهم السبب في ما تواجهه الجماهير من متاعب بدلاً من انتقاد الحكومة على أنها "لا تعمل أي شيء" لمساعدة الناس على مواجهة الارتفاع الصارخ في تكاليف المعيشة. ويعد الارتفاع في كلفة المعيشة في بريطانيا الأسوأ بين الدول الغربية المماثلة لها بحسب الأرقام والإحصائيات الأخيرة.