Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الآلية الثلاثية" تعيد ترتيب الأوراق لتخطي مطبات الحوار السوداني

قوى الحرية والتغيير تودع رؤيتها للحل وتتمسك بإنهاء الانقلاب

تمسكت قوى الحرية والتغيير بضرورة أن يكون الحوار سودانياً - سودانياً بمشاركة كافة الأطراف (أ ف ب)

بينما تواصل الآلية الثلاثية المشتركة بين بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان والاتحاد الأفريقي ومنظمة دول شرق ووسط أفريقيا للتنمية (إيغاد)، مشاوراتها المكثفة لإعادة ترتيب أوراق الحوار السوداني المباشر بين الأطراف السياسية بما يضمن استئناف جلساته المعلقة، تصطدم الوساطات والجهود بتحديات عدة وتعقيدات تكتنف العملية أبرزها عقدة إنهاء انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) الذي تعتبره الفصائل الثورية الرئيسة المقاطعة للحوار (قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي وحزب الأمة ولجان المقاومة وأحزاب وكيانات ثورية أخرى)، مدخلاً وشرطاً أساساً لتهيئة بيئة الحوار.

فكيف تتصور الأطراف الأخرى الإجراءات العملية لإنهاء الانقلاب في وقت تعكف فيه الآلية الثلاثية على دراسة مذكرة تحالف قوى الحرية والتغيير حول مطالبها للمشاركة في الحوار التي تتضمن رؤيتها وتصورها لإنهاء الانقلاب والتأسيس لانتقال سياسي جديد تنقل فيه السلطة كاملة للمدنيين من دون شراكة المكون العسكري؟ وهل من المتوقع موافقة المكون العسكري على هذا المطلب وبأي سيناريو؟

جهود وضغوط

في السياق، اعتبر نورالدين بابكر، القيادي بالحرية والتغيير المجلس المركزي، والمتحدث باسم حزب المؤتمر السوداني، قرار تعليق فعاليات الحوار خطوة إيجابية في انتظار وفاء الآلية بوعدها إعادة تصميم العملية السياسية، التي من المفترض أن يشارك التحالف فيها ويكون جزءاً منها، بخاصة في ما يخص طبيعة المشاركين وتحديد الفاعلين المعنيين بالمشاركة في العملية السياسية، مشيراً إلى أنهم يؤمنون بمبدأ توسيع المشاركة المشروط بعيداً من القوى التي كانت جزءاً من النظام السابق.

وأوضح بابكر، أن التحالف ما زال ينتظر رد الآلية على المذكرة والتصور المكتوب الخاص برؤية المجلس المركزي، التي يمكن من خلال الجلسات المقبلة المرتقبة النظر في تحويلها إلى خريطة طريق بشأن كيفية إنهاء الانقلاب، وما يترتب عليه من إجراءات، إلى جانب الخطوات المطلوبة للتأسيس لتحول ديمقراطي حقيقي.

ورفض القيادي بالمجلس المركزي، أي حديث عن العودة إلى ما قبل انقلاب 25 أكتوبر، لأنها ببساطة تعني العودة للشراكة والوثيقة الدستورية 2019 التي أنتجت الشراكة مع العسكريين نفسها، وكلاهما مرفوض حالياً.

وفي سياق التطورات الجارية قالت السفارة الأميركية في الخرطوم، إن مساعدة وزير الخارجية الأميركي، المبعوثة مولي في، تضغط على المكون العسكري بشأن إجراءات تعزيز الثقة، وأبلغته ضرورة تقديم تنازلات ملحة، فحواها تسليم السلطة لحكومة انتقالية بقيادة مدنية.

بحسب بيان السفارة على "تويتر"، فإن المبعوثة شددت على أن استئناف المساعدات للسودان لن يتم إلا في ظل حكم مدني وعلى ضرورة وقف العنف ومحاسبة المتورطين في قتل المتظاهرين.

اتهامات الميثاق

في المقابل، تمسكت قوى الحرية والتغيير (ميثاق التوافق الوطني)، بضرورة أن يكون الحوار (سودانياً - سودانياً) بمشاركة كافة الأطراف من قوى سياسية ومدنية وعسكرية تمهيداً لانتقال ديمقراطي.

وقال مبارك أردول، الأمين العام لميثاق التوافق، في مؤتمر صحافي، إن "منهجهم الأساس هو الحوار الشامل الذي يمهد لإجراءات الانتقال وإشراك جميع القوى السياسية باستثناء القوى التي شاركت في النظام البائد".

واتهم أردول، الأطراف التي تمتنع عن الحوار حالياً سبق وأن جلس البعض منهم مرات عدة مع المكون العسكري، وأن اللقاء الأخير المعلن ليس هو الأول ولن يكون الأخير، مشيراً إلى أن القوى التي تعمل على إقصاء الآخرين لا تستطيع أن تحقق ديمقراطية في البلاد، مقللاً من قدرة قوى الحرية والتغيير "المجلس المركزي" على التحول الديمقراطي، لكونهم منفصلين عن الشارع العام، ولا يتواصلون بشكل كاف مع أحزابهم السياسية.

وأشار أمين الميثاق الوطني، إلى أن منهجهم ودعواتهم تنصب حول توسيع قاعدة المشاركة، وفتح حوارات مع جهات متعددة، بحيث ينفتح على الولايات، ويجب ألا يحصر الحوار في قاعات العاصمة الخرطوم فقط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حزب الأمة و"لجان المقاومة"

على صعيد متصل، اعتبر محمد جاد السيد، عضو "لجان مقاومة" مدينة الخرطوم بحري، خطوة المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، بالتفاوض مع المكون العسكري، بأنها كسر لشعار اللاءات الثلاث المرفوعة ضمن شعار، (لا تفاوض، لا شراكة، لا مساومة) والردة مستحيلة، ما يجعل التفاوض يتعارض مع مطالب الشارع، مؤكداً أن لجان المقاومة لا تعتبر نفسها جزءاً من التفاوض وماضية على طريق إسقاط انقلاب 25 أكتوبر. 

وشكك عضو "لجان مقاومة"، في أن يؤدي أي تفاوض لقوى الحرية والتغيير مع المكون العسكري إلى إنهاء الانقلاب، لأن العسكريين غير مستعدين لذلك، كونه يتعارض مع مصلحتهم، فضلاً عن أنه لن يفضي إلى تأسيس دولة مدنية حقيقية أو جيش وطني موحد.

إلى ذلك أشاد حزب الأمة القومي، بالتقدم الذي حدث في مجمل العملية السياسية مطالباً بالاجتهاد أكثر من أجل بلوغ أهدافها بإنهاء الانقلاب وإعادة مسار التحول المدني الديمقراطي في أقصر فترة ممكنة.

وأكد الحزب في بيان له، عقب اجتماع لمكتبه السياسي، موقفه الثابت الداعم لمساعي قوى الحرية والتغيير في إكمال الحل السياسي النهائي بمشاركة جميع مكونات القوى الثورية، مطالباً الآلية الثلاثية بأهمية التوافق مع الأطراف المعارضة للانقلاب عبر المراحل المقترحة لإنهائه وكل ما ترتب عليه.

وكان ياسر عرمان، القيادي بتحالف الحرية والتغيير، نائب رئيس الحركة الشعبية / شمال، اعتبر أن اللقاء الأخير بين وفد التحالف مع المكون العسكري، يمثل خطوة لإنهاء الانقلاب وإنهاء الشراكة مع العسكر، وبناء علاقة جديدة مع القوات النظامية وقيام سلطة مدنية حقيقية، غير أن عرمان أشار إلى أن العسكريين لم يصرحوا أو يظهروا خلال اللقاء بأي رغبة في إنهاء الانقلاب، بينما أكد لهم وفد التحالف جاهزيته لمناقشة إجراءات إنهاء الانقلاب متى أظهروا إرادة حقيقية لتحقيق ذلك. 

على صعيد متصل، وصف حزب البعث العربي الاشتراكي، أن الحوار الذي انطلق الأربعاء الماضي، بأنه :ولد ميتاً، ولن يكون لتعليقه أي أثر سوى التأكيد بأن الحل هو فقط في سقوط الانقلاب سلمياً"، مشيراً إلى أن الشراكة مع المكون العسكري أصبحت من مخلفات الماضي لا يرغب فيها أي من مكونات الحراك السلمي. 

رؤية التغيير للتحول الديمقراطي

إلى ذلك، أكدت رؤية الحرية والتغيير لإنهاء الانقلاب والتأسيس الجديد للمسار المدني الديمقراطي، التي تم تسليمها إلى الآلية الثلاثية وينتظر تسليمها للمكون العسكري، حصلت "اندبندنت عربية" على نسخة منها، على ضرورة شمول وتمثيل أوسع قاعدة من السودانيين في العملية السياسية، لكنها طالبت في الوقت نفسه بأهمية تعريف الأطراف المستهدفة بتلك العملية.

وتناولت الورقة تصور الحرية والتغيير للحل السياسي الذي يؤدي إلى إنهاء الانقلاب ويفضي للسلطة المدنية الكاملة، محددة آليات إنهاء الانقلاب في الثورة الشعبية السلمية كوسيلة يعتمدها الشعب وقوى الثورة والتغيير، إلى جانب التضامن الدولي والإقليمي الداعم لحق الشعب السوداني في إقامة حكم مدني ديمقراطي، أما الوسيلة الثالثة فهي تسليم السلطة لقوى الثورة المدنية عبر حل سياسي. 

إلى جانب تشخيصها للوضع الراهن وطبيعة الأزمة، اقترحت الورقة تقسيم العملية السياسية إلى ثلاث مراحل، الأولى هي إنهاء الانقلاب وتكون أطرافها قوى الثورة المعارضة للانقلاب والمكون العسكري، ثم مرحلة ثانية للتأسيس الدستوري الجديد، تشمل قوى الثورة العسكريين وحركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاق جوبا، أما المرحلة الثالثة فتكون للتأسيس الجديد للمسار المدني الديمقراطي، وتمثل فيها أوسع قاعدة من الأطراف السودانية، تنتهي بالحوار الدستوري الذي يقود لمؤتمر دستوري بنهاية الفترة الانتقالية.

مجلس سيادة محدود

وحول الترتيبات الدستورية الجديدة ومؤسسات السلطة الانتقالية، رأت الورقة تكوين مجلس سيادة مدني محدود العدد يعبر عن التنوع ولا تكون له أي مهام تنفيذية أو تشريعية، ورئيس مجلس وزراء من الكفاءات الوطنية له سلطات النظام البرلماني يتم اختياره بواسطة قوى الثورة المناهضة للانقلاب كافة وفقاً لمعايير محددة.

كذلك تضمنت رؤية الحرية والتغيير، قيام مجلس تشريعي محدد العدد مع تمثيل المرأة بنسبة لا تقل عن 40 في المئة، وتمثيل منصف للقوى السياسية والشباب ولجان المقاومة، بما يضمن تمثيل قوى الثورة وتنوع وتعدد السودان، فضلاً عن تكوين مجالس محلية في كافة محليات السودان خلال الفترة الانتقالية، وإصلاح الجهاز القضائي والنيابة العامة والمحكمة الدستورية بما يتوافق مع النظام المدني الديمقراطي. 

وأكدت الرؤية على نظام حكم فيدرالي لا مركزي ومراجعة عيوب قانون الحكم اللامركزي لتحقيق لامركزية حقيقية وتكوين فوري للمجالس المحلية والولائية لترسيخ الديمقراطية القاعدية، وإنشاء سريع لمجلس المفوضيات لتحديد المفوضيات المطلوبة ومهامها والإشراف عليها، مع تكوين مجلس الأمن والدفاع برئاسة رئيس الوزراء وعضوية قادة القوات النظامية والحركات المسلحة والحكومة المدنية لتنفيذ سياسات الحكومة بخاصة الإصلاح الأمني والعسكري.

في ما يتعلق بقضايا المرحلة الانتقالية، أفردت الرؤية 10 محاور، قدمت فيها شرحاً مفصلاً لطبيعة العلاقة بين الحكم المدني والمؤسسة العسكرية، متناولة بالتفصيل مسائل الإصلاح العسكري والأمني وخطواته، العدالة، والسلام، والوضع الاقتصادي والمعيشي، وإزالة التمكين وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو (حزيران)، ومفوضية مكافحة الفساد، والعلاقات الخارجية، والمؤتمر الدستوري والانتخابات العامة.

ليس سهلاً

بدوره يرى، أمين إسماعيل مجذوب، متخصص إدارة الأزمات والتفاوض بمركز الدراسات القومية بالخرطوم، أن الحديث عن إجراءات إنهاء الانقلاب قد يمكن فهمه في سياق المواقف التفاوضية للضغط على الطرف الآخر، لأن المطلب ليس سهلاً، وقد يتعارض مع كثير من الحقائق التي أصبحت واقعاً قد يصعب التخلص منه، بخاصة أن الإجراءات التي تمت منذ 25 أكتوبر حتى اليوم كثير منها محمي بحالة الطوارئ وما تبعها من حصانات وضمانات.

ويضيف أن "إنهاء كل القرارات والوقائع التي تمت منذ 25 أكتوبر يحتاج فعلاً إلى معالجات سياسية واقتصادية وأمنية كبيرة، ما يعني ضرورة استمرار تفاوض الطرفين لاستيعاب تلك المعالجات". 

وكانت "الآلية الثلاثية" بدأت العمل في مارس (آذار) الماضي، بالتشاور غير المباشر مع الأطراف المختلفة، وعقدت الأربعاء 8 يونيو، اجتماعاً تقنياً، لمناقشة تفاصيل التحضير، إلا أن قوى الحرية والتغيير وحزب الأمة ولجان المقاومة وعدد من القوى الثورية المؤثرة قاطعت الجلسات، ما دفع بالآلية إلى تعليق الجلسات لإفساح الفرصة لالتحاق الجميع بفعاليات الحوار.

المزيد من تقارير