Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"منتدى شانغريلا"... أمن العالم تحت المجهر الآسيوي

أجواء مضطربة بين واشنطن وبكين ومراقبون يرون تحولاً ملحوظاً مقارنة بالأعوام الماضية

تطرق المنتدى إلى أزمة ميانمار والأمن البحري ورؤية الصين للنظام الإقليمي والتحديات المشتركة بين دول آسيا (أ ف ب)

احتضنت سنغافورة، خلال الفترة من العاشر وحتى الثاني عشر من يونيو (حزيران) الجاري، منتدى حوار "شانغريلا الدفاعي"، الذي يقام سنوياً منذ عام 2002. بحضور وزراء الدفاع وكبار مسؤولي الأمن والدفاع من 40 دولة.

وشهدت سنغافورة إقامة المؤتمر حضورياً بعد إغلاق دام عامين كاملين، فيما أقيم المؤتمر في أجواء مضطربة بين واشنطن وبكين بحضور وزيري الدفاع الأميركي والصيني، اللذين تراشقا بالتصريحات والخطابات عن سياسات بلديهما، فيما تسعى الولايات المتحدة لتحسين علاقتها بحلفائها الآسيويين لمجابهة التمدد الصيني، ودعوات يابانية لزيادة الميزانيات الدفاعية وانقسام الرؤى الدولية عن الحرب الروسية - الأوكرانية.

ملتقى لوزراء الدفاع

على مدار عقدين، ينظم مركز الأبحاث البريطاني والمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، بالتعاون مع الحكومة السنغافورية، منتدى حوار "شانغريلا الدفاعي"، أما اسمه فيأخذه من الفندق الذي تنظَم فيه جلسات المؤتمر.

وتصف صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" الصينية المؤتمر بالمهم والجامع لوزراء الدفاع والمهتمين بالأمن الاستراتيجي من أقوى البلدان في العالم، لمناقشة القضايا الأمنية والدفاعية الملحة والبارزة. كما يعد المنتدى الحواري فرصة لعقد لقاءات ثنائية بين وزراء الدفاع على هامش المنتدى، ويشكل منصة لتطوير السياسات العامة والنقاشات عن قضايا الأمن والدفاع في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

وتضمن برنامج المنتدى هذا العام خطاب وزير الدفاع الأميركي عن استراتيجية بلاده في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، وماهية إدارة التنافس الجيوسياسي في منطقة متعددة الأقطاب، وكيفية تطوير التعاون الدفاعي إلى جانب تناول قضية التحديث العسكري والقدرات الدفاعية الجديدة.

كما تطرق المنتدى الحواري إلى أزمة ميانمار والأمن البحري ورؤية الصين للنظام الإقليمي والتحديات المشتركة بين منطقة آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا والأفكار الجديدة لتحقيق الاستقرار الأمني الإقليمي.

تراشق أميركي صيني

وجمع المنتدى وزيري الدفاع الأميركي والصيني اللذين تراشقا بالتصريحات والخطابات عن سياسات الدولتين. ويقول مراقبون إن خطاب وزير الدفاع الأميركي يرسم الخطوط العريضة لرؤية الولايات المتحدة لمنطقة المحيطين الهادئ والهندي وأزمة تايوان، وهي الخطوة التي تمرر رسالة لكل من تايبيه وبكين عن أهمية بقاء الوضع كما هو عليه في مضيق تايوان. 

وتحدث وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، في خطابه عن التزام واشنطن سياسة الصين الواحدة في علاقتها مع تايوان، ونفى دعمها لاستقلال الجزيرة الصغيرة، مشيراً إلى عدم التزام بكين هذه السياسة من خلال الإقدام على أنشطة استفزازية مزعزعة للاستقرار، بحسب قوله، موضحاً أن هناك اختراقاً للمجال الجوي التايواني من قبل الصين أخيراً بعدد غير مسبوق، مؤكداً التزام الإدارة الأميركية الحالية بمركزية منطقة المحيطين الهندي والهادئ للأمن القومي الأميركي، معرضاً بالتحركات الصينية في المنطقة والسعي لفرض سيطرتها من خلال توسعة الأنشطة العسكرية.

 من جانب آخر، دعا وزير الدفاع الصيني، ويي فينجي، واشنطن إلى وقف التدخل في الشؤون الداخلية للصين، مؤكداً أنه من الخطأ التعامل مع الصين باعتبارها خطراً أو عدواً.

وفي خطابه، أكد على تبعية تايوان للبر الصيني، وأن أي محاولات للانفصال ستسبب قتالاً، مشيراً إلى أن بعض الدول أخلت بالتزامها بسياسة الصين الواحدة بشأن تايوان، فيما يرجح مراقبون أنه يلمح للولايات المتحدة الأميركية.

وعلى هامش المنتدى، انتقد مسؤول في وزارة الدفاع الصينية التصريحات المتكررة من الولايات المتحدة عن ربط الاجتياح الروسي لأوكرانيا بالوضع في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، مؤكداً أن استمرار حديث واشنطن عن علاقة الصين بجيرانها يعد أمراً استفزازياً.

وظهرت وجهة النظر الصينية المناهضة للإطار الاقتصادي، الذي طرحته واشنطن لتعزيز علاقتها مع دول منطقة آسيا والمحيطين الهادئ والهندي خلال المنتدى، حيث ذكر مسؤول دفاعي صيني كبير، أن الإطار يعد نهجاً استفزازياً ويمكنه أن يسبب انقساماً وتوترات بين بلدان المنطقة، وأن المبادرة الاقتصادية الأميركية تسعى إلى الإبقاء على الهيمنة الأميركية.

قضايا إقليمية ودولية

اتسم المؤتمر بمناقشة عدد من القضايا المهمة لدول المنطقة إلى جانب القضايا الدولية. ومن بين القضايا ذات الحضور الطاغي أزمة تايوان والصين، حيث أكد عدد من مسؤولي الدفاع، على رأسهم وزراء الدفاع الأميركي والياباني والصيني، على ضرورة استقرار الأوضاع في مضيق تايوان، والإبقاء على الوضع الحالي من دون اللجوء للقوة في تغيير الأوضاع.

وأشار وزير الدفاع السابق لتايوان إلى أن أوستن انتهز الفرصة لتأكيد أن السياسة الأميركية بشأن تايوان ظلت من دون تغيير، مما منع بكين من الشك في أن واشنطن تساعد تايوان سراً.

فيما استغلت أستراليا المنتدى الحالي لتسجل اعتراضها على أنشطة الصين، التي تسببت في بعض التوترات بين البلدين، كان آخرها انتقاد رئيس الوزراء الأسترالي لاعتراض مقاتلة صينية إحدى طائرات المراقبة البحرية الأسترالية فوق بحر الصين الجنوبي.

وخلال المؤتمر، هاجم وزير الدفاع الأسترالي، ريتشارد مارليس، التوسعات العسكرية الصينية، ووصفها بالأكبر والأكثر طموحاً منذ الحرب العالمية الثانية، وأنها تدفع بقية البلدان إلى تطوير قواتهم المسلحة.

وكشف رئيس الوزراء الياباني، في خطابه، الذي افتتح المنتدى الدفاعي، عن رؤيته لتحقيق الانفتاح والحرية في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، وذلك من خلال مساعدة اليابان في تدريب مئات من العسكريين في البحرية في 20 دولة خلال السنوات الثلاث المقبلة، إلى جانب زيادة القدرات الدفاعية للدول في المنطقة. 

وفي أعقاب التقارير التي اتهمت كمبوديا ببناء قاعدة بحرية صينية على أراضيها، تحدث وزير الدفاع الكمبودي، تي بانه، في خطابه خلال المنتدى الدفاعي عن قاعدة ريام البحرية، مؤكداً أنها لن تقتصر على استخدام الصين لها. ووصف الاتهامات الأخيرة بالمهينة للسلطات وحكومة كمبوديا، مشدداً على ملكية كمبوديا للقاعدة البحرية الجديدة، وأن تطويرها لن يشكل خطراً لأي بلد أو للإقليم كله.

كما كان للحرب الأوكرانية الروسية النصيب الأكبر في خطابات وزراء الدفاع، إذ أوضح وزير الدفاع السنغافوري أن ما حدث في أوكرانيا يجب أن يصبح درساً لآسيا لاستمرار تقوية السلام والتعاون والاعتماد الاقتصادي المتبادل لتجنب وقوع أي كارثة في هذا الوقت الحرج من التاريخ.

كما ألقى رئيس أوكرانيا، فولوديمير زيلينسكي، خطاباً في المنتدى حث فيه على تشديد العقوبات على الرئيس الروسي، مؤكداً على ضرورة احترام القوانين الدولية وزيادة القدرات الدفاعية للدول الصغيرة حتى لا تتعرض للعدوان من الدول الكبرى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اجتماعات هامشية

وأجريت اجتماعات ثنائية عدة بين وزراء دفاع عدد من الدول الحاضرين على هامش المنتدى الحواري. كان أبرزها اجتماع وزيري دفاع الولايات المتحدة والصين للمرة الأولى وجهاً لوجه. خلال الاجتماع، ظهر اختلاف الآراء في عدد من القضايا الأمنية منها سيادة تايوان والنشاط العسكري للصين في منطقة بحر الصين الجنوبي والحرب الروسية - الأوكرانية. وأعرب الوزيران بعد الاجتماع عن فتح الباب لمزيد من الاتصالات بين الجيشين.

تعليقاً على الاجتماع، أوضح وزير الدفاع السنغافوري، نج إنغ هين، أن دول آسيان تشعر بالارتياح بسبب اجتناب الولايات المتحدة والصين دول المنطقة على الاختيار بين الجانبين. وذكر أن لقاء وزيري الدفاع الأميركي والصيني في سنغافورة يمنح دول المنطقة شعوراً بالارتياح. وفي السياق نفسه، أكد أن اللقاء لا يعني تحسن العلاقات بين الجانبين، ولكنه يمنح فرصة لإمكانية عمل الجانبين معاً.

ومن بين أهم اللقاءات، الاجتماع الذي جمع وزراء دفاع اليابان والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، الذين دانوا بشدة كوريا الشمالية على أنشطتها النووية وتجاربها المتكررة لإطلاق الصواريخ الباليستية، كما أكدوا تشاركهم القلق بشأن تطوير بيونج يانج لأسلحة الدمار. واتفق الوزراء على إجراء تدريبات عسكرية مشتركة، التي أوقفت منذ ديسمبر (كانون الأول) عام 2017، وللمرة الأولى تحدث الوزراء الثلاثة عن قضية تايوان، حيث ألمحوا إلى رفضهم أي محاولات لتغير الوضع القائم بالقوة، مما يرفع التوترات في المنطقة.

كما التقى مساعد وزير الدفاع للشؤون التنفيذية السعودي خالد بن حسين البياري، وزير الدفاع الصيني ويي فينج، على هامش حضورهما لمنتدى حوار شانغريلا. وناقش الجانبان العلاقات الثنائية في قطاعي الدفاع والجيش إلى جانب عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك. 

وتأكيداً لاهتمام الإدارة الأميركية بمنطقة جنوب شرقي آسيا، اجتمع وزير الدفاع الأميركي مع نظرائه من رابطة آسيان. وأكد أوستن أن واشنطن تواصل تعميق التعاون مع المنطقة، خصوصاً في مجال الأمن البحري.

ويقول مراقبون، إن الشرق الآسيوي في تحول ملحوظ مقارنة مع الأعوام الماضية، إذ مر بتحولات اقتصادية جعلت الولايات المتحدة والصين تتسابقان في ساحته، والتأثير في الدول الآسيوية بطريقة أو بأخرى.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات