Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصر تجري تغييرا تكتيكيا في طرح شركاتها العامة بالبورصة

الاتجاه إلى مستثمرين استراتيجيين وصناديق سيادية عربية ومحللون: "خطوة إيجابية بشرط إعادة تدوير حصيلة البيع"

يؤكد المدير التنفيذي لصندوق مصر السيادي أن الوقت الحالي ليس الأنسب لطرح الشركات العامة في البورصة (أ ف ب)

دفع الأداء السلبي لسوق المال المصرية القاهرة إلى إجراء تغيرات فنية في خطة إدارة الأصول والشركات العامة لتتجه إلى المستثمرين الاستراتيجيين والصناديق الاستثمارية العربية، عوضاً عن طرح الشركات المملوكة للدولة في البورصة المصرية، بشكل مؤقت.

وأعلنت الحكومة المصرية ممثلة في وزارة قطاع الأعمال العام، الأسبوع الماضي، اعتزامها بيع 25 في المئة من حصتها في شركة "مصر للألمونيوم" إلى مستثمر رئيس لتدشين خط إنتاج جديد، قبل أن يؤكد المدير التنفيذي لصندوق مصر السيادي، أيمن سليمان، أن الوقت الحالي ليس الأنسب لطرح الشركات العامة في البورصة، وفقاً لتصريحات نقلتها وكالة "بلومبيرغ"، مساء الأحد الماضي.

الأجواء ليست محفزة للطرح

سليمان أكد أن تداعيات رفع معدلات الفائدة العالمية انعكس على الوضع المحلي لترتفع أسعار الفائدة في القاهرة بنحو 300 نقطة أساس، أو ما يعادل 3 في المئة منذ مارس (آذار) الماضي قائلاً، "الأجواء ليست محفزة لطرح شركات الدولة في البورصة للاكتتاب العام"، لأن سوق المال "ليست في أفضل أحوالها الآن، وهو ما يمنح الفرصة لطرح حصص لمستثمرين استراتيجيين".

وأضاف، أن اتجاه الحكومة المصرية للتخارج من عدد من الأصول المملوكة للدولة، تبعه اتجاه جميع الوزارات لدراسة الأصول القابلة للطرح لمستثمرين استراتيجيين، وهو ما أسفر عن اتفاق مبدئي مع وزارة قطاع الأعمال العام في مصر لتأسيس كيان يضم عدداً يتراوح بين 7 و8 فنادق تابعة للشركة القابضة للسياحة والفنادق، بهدف طرحه لمساهمين استراتيجيين.

تلميحات المدير التنفيذي للصندوق السيادي تزامنت مع تصريحات لوزير قطاع الأعمال، هشام توفيق، على هامش مؤتمر اقتصادي عقد بالقاهرة قبل أسبوع، إذ قال إن وزارته تعتزم بيع نحو 25 في المئة من رأسمال شركة "مصر للألمونيوم" إلى مستثمر استراتيجي أو لأحد الصناديق العربية الاستثمارية لإجراء أعمال تطوير وتدشين خط إنتاج للشركة المملوكة للدولة.

وباعت مصر حصصاً في 5 شركات حكومية خلال أبريل (نيسان) الماضي للصندوق السيادي بأبو ظبي، مقابل ملياري دولار أميركي، فيما تخطط لطرح مزيد من الشركات على صناديق سيادية عربية بينها صندوق الاستثمارات العامة السعودي. وستطرح مصر حصصاً في شركات أخرى يجري تقييمها على الصناديق السيادية العربية، بينها شركة ستؤسس لتضم عدداً من الفنادق الحكومية، وكذلك الموانئ، وغيرها.

تكليفات من رئيس الحكومة للوزراء

توجهات القاهرة نحو تغيير سياسة برنامج الطروحات العامة أكدتها تكليفات رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال اجتماع "اللجنة العليا الوزارية للأداء الاقتصادي" مساء الأحد الماضي، إذ طالب حكومته بالإعلان عن برنامج لمشاركة القطاع الخاص في الأصول المملوكة للدولة في البورصة المصرية والنهوض بها، وإطلاق مبادرة لدعم وتوطين الصناعات الوطنية للاعتماد على المنتج المحلي من خلال تعزيز دور القطاع الخاص في توسيع القاعدة الصناعية للصناعات الكبرى والمتوسطة، فضلاً عن تكليف الحكومة بالإعلان عن برنامج لمشاركة القطاع الخاص في الأصول المملوكة للدولة بمستهدف 10 مليارات دولار سنوياً ولمدة أربع سنوات.

كما كلف مدبولي وزارة المالية بإعداد تصور محدّث لبرنامج الطروحات، مع إدراج شركات الخدمة الوطنية التابعة للجيش المصري ضمن البرنامج، فضلاً عن إعداد البرنامج الزمني للطروحات الحكومية المتوافق عليها.

وأكد  مدبولي أن كل وزارة سيتم تكليفها بتحقيق مهام محددة، وسيكون كل وزير مسؤولاً عن الوفاء بإنجاز هذه المستهدفات"، مشدداً على متابعته تلك الملفات أولاً فأولاً. وفي الأول من يونيو (حزيران) الحالي وافق مجلس الوزراء على صياغة قانونية لتفويضات تتيح نقل تبعية الشركات العامة للصندوق السيادي.

في أغسطس (آب) 2018، أعلنت الحكومة المصرية عن برنامج الطروحات العامة الذي ضم قائمة تزيد على 20 شركة وبنكاً تستهدف طرحها في البورصة قبل أن يتعثر البرنامج لمدة عام، لتطرح الدولة حصة لا تزيد على 4.5 في المئة من أسهم شركة الشرقية للدخان "إيسترن كومباني" في فبراير (شباط) 2019، ثم تستأنف البرنامج من جديد في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) 2021، عندما طرحت شركة "إي فاينانس" التي تعمل في قطاع الخدمات الرقمية وتكنولوجيا المعلومات، وأخيراً طرحت ما لا يزيد على 10 في المئة من أسهم شركة "أبو قير للأسمدة" في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

البورصة تفقد 16 في المئة من قيمتها في 2022

وتعاني البورصة المصرية منذ الجائحة العالمية من ضعف التداولات، وتراجع رأس المال السوقي لأسهم الشركات المدرجة التي لا يزيد عددها على 220 شركة، وزادت معاناة سوق المال منذ بداية العام الحالي، إذ فقدت نحو 16 في المئة من قيمتها مع نهاية أول 5 أشهر، وهو ما يعادل 75 مليار جنيه (4 مليارات دولار) من رأسمالها، بعد أن هوى رأس المال السوقي لأسهم الشركات المقيدة بالسوق من 740 مليار جنيه (39.66 مليار دولار) في جلسة الخميس، 29 ديسمبر، آخر جلسات عام 2021، إلى نحو 666 مليار جنيه (35.62 مليار دولار) في نهاية تعاملات مايو (أيار) الماضي.

وعلى مدى الأشهر الخمسة هبط مؤشر البورصة المصرية الرئيس "إيجي أكس 30" بنحو 16 في المئة، بينما فقد "إيجي أكس 100" نحو 13 في المئة من قيمته في الوقت الذي هبط مؤشر "إيجي أكس 100 (متساوي الأوزان) بنحو 11 في المئة.

ووفقاً لتقارير البورصة المصرية، بلغت قيمة التداول في السوق خلال الربع الأول من العام الحالي (حتى نهاية مارس الماضي نحو 447.2 مليار جنيه (23.95 مليار دولار) في حين بلغت كمية التداول نحو 22.11 مليون ورقة منفذة على 2.326 ألف عملية، مقارنة بإجمالي قيمة تداول قدرها 266.5 مليار جنيه (14.25 مليار دولار) وكمية تداول بلغت 31.979 مليون ورقة منفذة على 2.623 ألف عملية خلال الربع المناظر من العام الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعتبر المحللون في حديثهم لـ"اندبندنت عربية" التغير النوعي في إدارة الأصول المملوكة للدولة، أو طرح الشركات العامة في البورصة المصرية، خطوة إيجابية تتحايل بها الحكومة على الأجواء السلبية التي تحاصر الاقتصاد المحلي بشكل عام وسوق المال، مؤكدين أن الشركات العامة يجب تهيئتها بالشكل الكافي قبل الطرح العام.

قالت عضو مجلس إدارة الصندوق السيادي، نيفين الطاهري، إن برنامج الطروحات العامة لن ولم يتوقف، مؤكدة أن عدم استمرارية البرنامج على مدار الفترات الماضية، خصوصاً منذ الجائحة العالمية، ثم الحرب الروسية - الأوكرانية، أحد معوقات الطرح.

وأشارت إلى أن إدارة الأصول المملوكة للدولة ليس بالأمر الهين، إذ إنها مقدرات الأجيال القادمة من المصريين، وهو ما يستدعي التريث، ولفتت إلى أن الأجواء الحالية لا تساعد على تحقيق مردود جيد للطرح، ولذلك يرغب "السيادي" في إجراء خطوة تمهيدية قبل الطرح العام، وهي أن يدخل مستثمر استراتيجي للتطوير وإعادة الهيكلة، إلى أن تكون الشركات العامة على أتم الاستعداد لدخول سوق الأوراق المالية.

طرح الشركات حالياً إهدار للمال العام

على نفس المنوال، قال المتخصص في الاقتصاد الكلي، هاني توفيق، إن البورصة في الوقت الحالي تحقق أداء سلبياً لم يسبق له مثيل، معتبراً طرح الشركات العامة في سوق المال حالياً بمثابة إهدار للمال العام يجب محاسبة المسؤولين عليه من أعضاء الصندوق السيادي المصري، ومشيراً إلى أن القرار الصحيح هو بيع جزء أو حصة لمستثمر استراتيجي، وعند تحسن الأجواء تستكمل عمليات الطرح في سوق المال من جديد.

في المقابل، ثمن المتخصص في أسواق المال، وائل النحاس، خطوة الصندوق السيادي المصري في الشراكة مع مستثمر استراتيجي لتطوير وإعادة هيكلة الشركات العامة في ظل الأداء السلبي للبورصة، التي من المؤكد أنها ستبتلع الشركات المملوكة للدولة في ظل الأمواج السلبية الحالية بها، واستدرك، "لكن يجب على الدولة الحذر من البيع والتخارج من الشركات العامة من دون إعادة تدوير حصيلة البيع لمستثمرين استراتيجيين في استثمارات حكومية أخرى"، متابعاً، "سنخسر كل شيء لو استخدمت الحصيلة في سداد الديون فحسب"، وأكد أن الخزانة العامة للدولة ستتقلص إيراداتها بشكل كبير عند البيع لسداد الديون مع عدم إعادة تدوير الأموال.

فتح باب الاكتتاب على أسهم "غزل المحلة"

في سياق قريب الصلة، أعلنت وزارة قطاع الأعمال العام المالكة لشركة نادي غزل المحلة لكرة القدم فتح باب الاكتتاب العام في أسهم شركة "غزل المحلة لكرة القدم" كأول شركة كرة قدم تطرح أسهمها في البورصة المصرية في الفترة من 12 يونيو حتى أول يوليو (تموز) المقبل.

وأوضحت الوزارة، في بيان رسمي، أن الاكتتاب العام بغرض زيادة رأس مال الشركة بمقدار 98 مليون جنيه (5.2 مليون دولار) ليصبح رأس المال 200 مليون جنيه (10.7 مليون دولار) بعد الزيادة، مشيرة إلى أن الحد الأدنى للاكتتاب هو 1000 سهم بقيمة اسمية 1.02 جنيه (0.054 دولار) للسهم الواحد.

وتأسست شركة غزل نادي المحلة في يناير (كانون الثاني) 2021، لتكون أول شركة مساهمة مصرية متخصصة في نشاط كرة القدم، بعد فصل نشاط الكرة بنادي غزل المحلة، التابع لشركة "مصر للغزل والنسيج" بالمحلة الكبرى، إحدى شركات وزارة قطاع الأعمال العام، في كيان مستقل يحمل اسم شركة "غزل المحلة لكرة القدم".

اقرأ المزيد