Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أين تقف محاولات العراق لاسترداد أمواله المنهوبة؟

تقدر بـ500 مليار دولار والطبقة السياسية الفاسدة أسهمت في عمليات السرقة

تُقدّر الأموال المنهوبة من العراق بـ500 مليار دولار (محمود رؤوف)

يعتبر العراق من بين أكثر دول العالم تضرراً من الفساد والاختلاس وتهريب الأموال العامة إلى الخارج. وفي هذا الصدد، تعمل دائرة الاسترداد في هيئة النزاهة الاتحادية من أجل تحقيق استرداد الأموال المهربة من البلاد.

وهيئة النزاهة الاتحادية هي الجهة المسؤولة عن جمع المعلومات ومتابعة المتهمين المطلوبين بموجب القانون، ووضعت برامج عمل وخططت للتعاون مع الجهات ذات العلاقة داخل العراق وخارجه.

التحرك الدولي

الخبير القانوني علي التميمي يرى أن اتفاقية غسل الأموال لعام 2005 الخاصة باسترجاع الأموال المهربة، خصوصاً المادتين 55 و56 منها، أوضحت طريق استرداد هذه الأموال، التي تُقدّر بـ500 مليار دولار.

وأشار إلى أنه لدى البنك الفيدرالي الأميركي 65 مليار دولار تعود إلى النظام السابق، وهي ملك الشعب العراقي يمكن المطالبة بها وفق المادة 28 من الاتفاقية العراقية الأميركية لعام 2008 الاستراتيجية، التي تتيح للعراق طلب المساعدة الاقتصادية من أميركا.

وأضاف أنه يجوز للدول التي تحارب جهات تحت الفصل السابع، أن تطلب المساعدة الاقتصادية من مجلس الأمن وفق المادة 50 من ميثاق الأمم المتحدة، وقد أعلنت بريطانيا وفرنسا استعدادها للمساعدة، بخاصة أن العراق حارب تنظيم "داعش" الإرهابي تحت الفصل السابع بموجب القرار 2170 لمجلس الأمن.

التأثير المنتظر

من جانبه، بيّن رئيس مؤسسة النهرين لدعم الشفافية والنزاهة محمد رحيم الربيعي أن استرداد الأموال ليس له أي تأثير في الوضع الاقتصادي، لأن هذه المبالغ ستُعاد إلى وزارة المالية، وستدخل ضمن أموال الموازنة العامة للبلد مجدداً، خصوصاً أن إجراءات الاسترداد معقدة نوعاً ما، وتحتاج إلى جهود قانونية ودبلوماسية واتفاقات تعاون دولية، وبالدرجة الأساس تستلزم إرادة سياسية حقيقية لاستعادتها.

وأكد أنه على العراق أن يجد آليات عمل تساعد على تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال برامج تلامس الواقع الاقتصادي المتردي، وتعمل على تحسينه بعد استعادة هذه الأموال، وهذا ممكن من خلال إنشاء صندوق خاص.

أما الأمين العام لـ"حركة كفى" النائب رحيم الدراجي، عضو اللجنة المالية للدورة البرلمانية الثالثة، فيرى أن استرداد هذه الأموال سيسهم بشكل فاعل في تحسين الوضع الاقتصادي، لكن تتوقف إمكانية ذلك على الظرف الحالي، "إذ لا يمكن استرداد أموالنا المنهوبة في ظل طبقة سياسية فاسدة سبق أن أسهمت بشكل واضح في سرقة أموال الشعب العراقي، وهؤلاء السياسيون الفاسدون هم في حقيقة الأمر سفراء الدول الأجنبية، التي منحتهم جوازاتها، وسمحت لهم بتهريب أموال الشعب لصالح بنوكها وأسواقها المحلية".

كيفية الاسترداد

على خلفية الموضوع، أفاد الربيعي بأنه من خلال التعاون الدولي والاتفاقات الثنائية مع البلدان التي توجد فيها هذه الأموال، لا بد من السعي الجاد لحكومة العراق للاستعانة بجميع الأدوات المتاحة من خلال الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد والاستفادة كذلك من عضوية العراق في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

وأضاف، "يجب على العراق تطبيق قانون صندوق استرداد الأموال المنهوبة، أسوة بعدد من البلدان، وصرف الأموال المستردة على مشاريع البنى التحتية في المناطق الفقيرة وليس إعادة الأموال إلى وزارة المالية، من أجل تشجيع المجتمع على الانخراط بعملية مكافحة الفساد ودعم النزاهة".

زوبعة في فنجان

هناك أكثر من سبع لجان تُعنى باسترداد الأموال المنهوبة في دوائر الدولة العراقية، وفيها موظفون يتقاضون رواتب، ومع كل هذه الامتيازات، فهذه اللجان لم تجتمع منذ تأسيسها إلى اليوم، ولم تستطِع أن تسترجع مسمّى الأموال المسروقة أو المنهوبة، بحسب ما أفاد الأمين العام لـ"حركة كفى".

ويرى الدراجي أن هناك صعوبة في استرداد هذه الأموال لأنها تحولت إلى عقارات واستثمارات وأسهم في شركات محلية وعالمية وحسابات في البنوك، علماً أن أغلبها مسجل بأسماء غير أسماء سارقيها، وأي إعلان عن محاربة الفساد من قبل هذه الطبقة السياسية هو زوبعة في فنجان، نسمع بها ولا نراها.

وفي حوار مع الصحافة، أشار رئيس هيئة النزاهة القاضي علاء جواد الساعدي إلى أن المبالغ المحكوم باستردادها تُقدّر بأكثر من مليار و416 مليون دولار. وتلزم محاكم "الجزاء والبداءة" المدان الهارب أداء مبالغ الضرر التي ألحقها بالمال العام، أو التي استولى عليها بغير حق، إلى الجهة المتضررة جراء فعله الإجرامي.

ولفت إلى نجاح هيئة النزاهة في استرداد تسعة ملايين دولار في قضية الموظفة السابقة في أمانة بغداد، المدانة زينة سعود، التي سبق أن هرّبت أموالها إلى الأردن ولبنان.

معوقات تعترض الجهود

أوضح الساعدي أنه على الرغم من العمل المضني الذي تضطلع به الهيئة، ممثلة بدائرة الاسترداد، فإن معوقات عدة تعترض الجهود الوطنية في استرداد الأموال والمدانين من خارج العراق في قضايا الفساد، لافتاً إلى أن هناك تبرماً من الدول التي تؤوي المطلوبين بمختلف صفاتهم، لأسباب تتعلق بحمايتهم بوسائل شتى، كمنحهم الجنسية أو عدم وجود قوانين تسمح بتسليم الموجودين على أراضيهم إلى دول أخرى، فضلاً عن عدم اكتمال ملف التسليم، بحسب وجهة نظرها، على الرغم من إصدار العراق أحكاماً قضائية بحقهم.

وأشاد الساعدي بالجهود غير التقليدية، التي بذلت في سبيل إنجاح عملية استرداد الأموال من خلال العمل على تنفيذ توصيات مؤتمر بغداد الدولي، التي استهلت بالتعاون مع وزارة الخارجية وعدد من دوائر الهيئة، مضيفاً أن الهيئة باشرت بتفعيل الدعم الحكومي في الجانبين السياسي والدبلوماسي لمتابعة ملف استرداد أموال الفساد المهربة إلى خارج العراق.

بدوره، كشف خبير مكافحة الفساد سعيد موسى أن عملية استرداد الأموال المنهوبة واستعادتها هي عملية مضنية، وقد تستغرق أعواماً طويلة، إلى جانب كُلف الملاحقة، لأن هذه الأموال تدخل في اقتصاد دول الملاذ.

وأشار إلى أن "أفضل الممارسات لإنشاء صندوق استرداد الأموال المنهوبة، هو توجيه هذه الأموال المستردة نحو الخدمات العامة في قطاعات تمس حياة الجمهور اليومية، مثل الصحة والبلدية والتعليم وغيرها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

18 توصية

وفي شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2021، احتضن العراق، بالتعاون مع جامعة الدول العربية، مؤتمر الأموال المنهوبة، بمشاركة الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط وعدد من وزراء العدل ورؤساء الهيئات القضائية العربية. وخرج المؤتمر بـ18 توصية، منها الإسراع في تفعيل أحكام الاتفاقيتين الأممية والعربية لمكافحة الفساد، اللتين وُقّعتا عامي2003  و2010 توالياً.

كما أوصى المؤتمر بالعمل على إيجاد وسائل غير تقليدية في مسألة استرداد الأموال ومكافحة الفساد، والاستفادة من آليات التعاون العربي، ووضّح أهمية بناء الثقة بين الدول الطالبة والدول متلقية طلبات استرداد الموجودات، باعتبار أن بناء الثقة هو وسيلة لتعزيز الإرادة السياسية.

وأشار إلى أهمية "التشجيع على إبرام اتفاقيات ثنائية بين الدول، كاتفاقيات تعاون في مجال استرداد الأموال ومكافحة الفساد، ودعوة المركز العربي إلى إعداد نماذج استرشادية لهذه الاتفاقيات، كما أوصى بالاستفادة من أعمال الفرق الحكومية وأصحاب الخبرات المهنية التي توفرها الأمم المتحدة عبر مكاتبها المتخصصة لاسترداد الأموال، وكذلك وكالات الأمم المتحدة المتخصصة.

وأكد المؤتمر مبدأ حسن النية في تنفيذ الالتزامات القانونية الدولية في مجال استرداد الأموال المنهوبة، وما يقتضيه من إعادة الأموال والأصول المتحصلة بطرق غير مشروعة.

في سبيل الإصلاح

وذكر الدراجي خطوات إصلاحية عدة لاسترداد الأموال المنهوبة ومكافحة الفساد، التي عمّت مختلف دوائر الحكومة ومؤسساتها خلال الأعوام الماضية، بدءاً من وجود حكومة عراقية وطنية تنفذ القانون، وتفعيل قانون من أين لك هذا؟ وإطلاق العنان لهيئة النزاهة، بشرط أن تكون وطنية وغير خاضعة للأحزاب، لفتح ملفات الفساد وتمكين السلطة القضائية من محاكمة المتهمين.

كما أشار إلى أهمية تفعيل الاتفاقيات الدولية الثنائية لمعرفة حجم مالية أصحاب رؤوس الأموال من السياسيين العراقيين، الذين أسهموا في إدارة الدولة العراقية بعد عام 2003، فضلاً عن الاتفاق مع شركات دولية رصينة لمتابعة الأموال المنهوبة.

ويقترح الدراجي وجود حكومة عراقية وطنية تمثل إرادة الشعب لا إرادة الأحزاب الفاسدة والبدء بملاحقة ومحاسبة الرؤوس الكبيرة من الفاسدين من أجل استرجاع الأموال المنهوبة من قبلهم بغير وجه حق، إضافة إلى تقييم أداء المسؤولين في الحكومة الوطنية على أساس مهني وموضوعي، واستبدال الذين ليسوا قادرين على أداء مهماتهم بآخرين يتم اختيارهم على أساس الكفاءة والنزاهة والحرص على مصالح الشعب، لا مصالح الدول الإقليمية والدولية.

وقال الأمين العام لـ"حركة كفى" إن "الكل يعلم ويقرّ بأن المشكلات التي يعانيها شعبنا وبلدنا كثيرة، بسبب تفاقم الفساد لعقدين من الزمن، ولا يمكن رفع المعاناة بسبب عجز السلطات عن مواجهة الأحزاب الحالية المتنفذة والمتوغلة في السلطة".

واعتبر أن "هذه الأحزاب التي وثقنا بها، فشلت في إدارة الدولة منذ عام 2003، والعراق حالياً مدين للمجتمع الدولي، ومؤسساته متهالكة وكثير من أبنائه يعيشون تحت خط الفقر".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير