Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صور سجين إسباني في معسكر اعتقال ساعدت في إدانة النازيين

تحدى فرانسيس بويش الأوامر بإتلاف آلاف الصور وعوضاً عن ذلك قام بتهريبها من معسكر اعتقال ماوتهاوزن، بحسب تقرير غراهام كيلي في برشلونة

صورة فرانسيس بويش وهو يعتمر قبعة بيريه ويحمل كاميرا "لايكا"، (متحف كاتالونيا التاريخي، صندوق أصدقاء فرانسيس بويش كامبو – ماوتهاوزن، تقدمة من عائلة بويش)

حظي المصور الإسباني الذي ساعد في تهريب صور "النيغاتيف" [الصور الفوتوغرافية السالبة] التي تُظهر الفظائع الحقيقية في معسكر الاعتقال النازي، بتكريمٍ في بلده.

في الواقع، تجاهل فرانسيس بويش [أو فرانسيس بوا] Francesc Boix بشجاعة أوامر حراس "فرقة الحماية النازية" (SS) في معتقل ماوتهاوزن في النمسا، بتدمير آلاف الصور التي تشكّل دليل إدانة، وبدلاً من ذلك احتفظ بصور النيغاتيف، حتى يتمكن من الكشف عن فساد نظام هتلر أمام بقية العالم.

ومن خلال العمل مع زملائه المساجين الآخرين، خاطر بحياته لتهريب تلك الصور من معسكر عمل "فرقة الحماية النازية"، وسُلّمت إلى جيوش الحلفاء المنتصرة في نهاية الحرب العالمية الثانية.

في نهاية المطاف، استُعملت الصور التي وثقت وحشية حراس "فرقة الحماية النازية" في المعسكر في النمسا، كدليل في محاكمات نورمبيرغ. وقد ساعدت في إدانة مهندس هتلر المعماري ألبرت شبير، وإرنست كالتنبرونر، أحد كبار مسؤولي "فرقة الحماية النازية" الذي تبين أنه مسؤول عن الهولوكوست.

وتجدر الإشارة إلى أنّ اللوح التذكاري "ستولبرشتاين"، [المخصصة لضحايا الاضطهاد النازي]، قد وُضعت خارج المنزل الذي كان يعيش فيه بويش في برشلونة.   

وكُتب عليه: "عاش هنا فرانسيس بويش كامبو. ولد عام 1920، ونفي عام 1939، ورُحّل إلى ماوتهاوزن عام 1941، ثم تحرر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والجدير بالذكر أنّ مشروع "ستولبرشتاين" [اللوحات التذكارية]، الذي بدأه الفنان الألماني غونتر ديمينغ في عام 1992، يحيي ذكرى الأفراد في آخر مكان أقاموا فيه أو عملوا فيه.

في الحقيقة، إنّ غالبية الذين تم إحياء ذكراهم كانوا ضحايا يهود قُتلوا في الهولوكوست، منهم أيضاً أشخاصاً من ذوي الاحتياجات الخاصة، والغجر [قوم الروما المترحل]، وشهود يهوه، وأعضاء من الحزب الشيوعي بالإضافة إلى جنود الحلفاء.

ووفقاً لأرقام عام 2019، وُضع حوالى 75 ألف ستولبرشتان، ما جعله أكبر مشروع تذكاري لا مركزي في العالم.

وراء الكلمات البسيطة المكتوبة على الحجر التذكاري البرونزي الخاص ببويش، قصة حياة مميزة.

في ذلك الإطار، قال نيك لويد، الخبير البريطاني في الحرب الأهلية الإسبانية الذي ينظم جولات في برشلونة من أجل توثيق الصراع، لصحيفة "اندبندنت": "ساعد بويش في إنقاذ ما أصبح أكبر سجل فوتوغرافي للهمجية النازية".

"شهادته في نورمبرغ تساعد على إدانة شبير وكالتنبرونر، وهو أعلى مسؤول نازي تجري محاكمته".

وأضاف: "لقد كان مجرد رجل عادي قام بتصرّف صائب في الوقت المناسب لإنقاذ صور النيغاتيف تلك".

بويش، وهو ابن خياط، تعلم حرفته لأن والده كان مصوراً مبتدئاً شغوفاً.

بعد اندلاع الحرب الأهلية الإسبانية في عام 1936، انضم للقتال من أجل الحكومة الجمهورية، إذ إنّه كان عضواً في الحزب الشيوعي، على الرغم من أنه كان دون السن القانونية في السادسة عشرة من عمره.

واستطراداً، اكتشفت السلطات خدعته لكنه حصل على وظيفة مصوّرٍ.

في نهاية الحرب الأهلية في عام 1939، عندما انتصرت القوات الوطنية بقيادة الجنرال فرانسيسو فرانكو في الحرب الأهلية، أجبر بويش على الفرار إلى فرنسا حيث تم تجنيده في كتيبة عمالية فرنسية.

في عام 1941، قبض عليه ورُحِّل إلى معسكر اعتقال ماوتهاوزن.

على نحو مماثل، تم إرسال حوالى 10 آلاف جمهوري إسباني إلى معسكرات الاعتقال الألمانية ولكن لم ينجُ منهم سوى 3 آلاف.

 كان عدد كبير من عمال السخرة يعملون حتى الموت، بيد أنّ بويش أُرسِل إلى مكتب معالجة التصوير الفوتوغرافي في المعسكر. لم يلتقط الصور ولكنه عمل في القسم حيث احتفظ النازيون بسجل دقيق لما كان يحدث في المعسكر.

مع تقدم الحلفاء في يناير (كانون الثاني) 1945، تلقى بويش أمراً من حراس "فرقة الحماية النازية" بإتلاف صور وحشيتهم التي وثقوها بعناية شديدة. بدلاً من ذلك، سرق نيغاتيف الصور، وخاطر بحياته.

وجرى تهريب صور النيغاتيف إلى خارج المعتقل على يد مراهقين إسبان كانوا يعملون في مقلع قريب ثم خبأتها امرأة نمساوية شجاعة، آنا بوينتر، في حديقة.

بدأ تشغيل ماوتهاوزن كمعسكر منذ عام 1938، بعد ضم النمسا، حيث استُخدم للمرة الأولى من أجل سجن المعارضين السياسيين، والغجر، والمثليين جنسياً. كان يُنظر إليه على أنه معسكر وحشي بشكل خاص يتضمّن يومياً الأشغال الشاقة والضرب والاكتظاظ وسوء التغذية.

في الواقع، يُعتقد أن حوالى 90 ألف شخص لقوا حتفهم في المعسكر أثناء الحرب. وكان متوسط العمر المتوقع للسجناء الوافدين حديثاً أقل من ثلاثة أشهر بحلول العام الأخير من الحرب العالمية الثانية.

في مايو (أيار) 1945، حرّرته القوات الأميركية، علماً أنّه آخر معسكر جرى تحريره على يد الحلفاء.

وقد أظهرت الصور التي تم تهريبها من المعسكر سجناء جائعين مصطفين عراة، أو عمالاً عبيداً آخرين يجرّون عربات تراب. كل صورة هي شهادة على هوس حراس "فرقة الحماية النازية" بتوثيق الفظائع في المعسكر.

واستطراداً، أدلى بويش بشهادته في محاكمات نورمبرغ وساعد في إدانة شبير وكالتنبرونر.

اتُّهِم كالتنبرونر بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وحُكم عليه بالإعدام وشُنق في عام 1946.

في المقابل، سُجن شبير لمدة 20 عاماً بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

أما بويش الذي ذهب للعمل في الصحيفة الشيوعية الفرنسية "لومانيتي"  (L’Humanité)، فتوفي في عام 1951 بسبب الفشل الكلوي الناجم عن السنوات التي قضاها في المعسكر.

في حفل أقيم في برشلونة قالت آنا ماريا سالومو ابنة أخ(ت) بويش: "هذا مؤثر للغاية بالنسبة لي. نحن فخورون جداً بما فعله فرانسيس. لم يعرفه أي من أفراد العائلة لأننا كنا جميعاً صغاراً في السن آنذاك ولكن هذا يعني الكثير لنا".

وقد قامت المدرسة المحلية، أوليمبيادا الخامس والعشرين (XXV Olimpiada)، بتنظيم الحفل الذي عزفت فيه فرقة موسيقية أغنية حربية جمهورية بعنوان "إل كوينتو ريجيمنت" El Quinto Regimento )الفوج الخامس). 

© The Independent

المزيد من تحقيقات ومطولات