Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تباطؤ أم انهيار؟... حال سوق العقارات في بريطانيا

توقعات باستمرار ارتفاع أسعار البيوت لكن بمعدلات أقل

أظهرت أرقام وبيانات صدرت مطلع هذا الأسبوع أن سوق العقارات البريطانية أخذت في التباطؤ (أ ف ب)

حافظ القطاع العقاري في بريطانيا على قوته خلال شهر مايو (أيار) على الرغم من بدء ظهور أول علامات تباطؤ نمو القطاع، لكن غالبية المحللين والعاملين فيه لا يتوقعون انهيار الأسعار، مرجحين تباطأ النمو في الفترة المقبلة نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة كلفة المعيشة، ما سيضغط قليلاً على الطلب، لكن مع استمرار العرض محدوداً لن تشهد أسعار البيوت انهياراً وإن تباطأ نشاط البيع والشراء.

هذا ما أظهرته أحدث الأرقام والبيانات الصادرة عن أكبر شركة عقارية في بريطانيا "نيشن وايد" نهاية هذا الأسبوع، إذ ارتفعت أسعار البيوت بنسبة 0.9 في المئة الشهر الماضي مايو، بالمقارنة مع زيادة بنسبة 0.4 في المئة خلال الشهر السابق أبريل (نيسان). وتراجع معدل نمو أسعار البيوت بشكل سنوي قليلاً في شهر مايو إلى نسبة 11.2 في المئة من شهر أبريل حين بلغ نسبة 12.1 في المئة.

وكان تأثير الوضع الاقتصادي المتراجع وانخفاض القيمة الحقيقية لدخل الأسر البريطانية واضحاً في أرقام بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) الصادرة هذا الأسبوع حول عدد قروض الرهن العقاري لشهر أبريل، فقد انخفض العدد الذي تمت الموافقة عليه الشهر قبل الماضي إلى 65 ألفاً و974 قرضاً عقارياً، مقابل 69 ألفاً و531 قرضاً في شهر مارس (آذار).

صعوبة البيع

كما أظهرت أرقام وبيانات صدرت مطلع هذا الأسبوع أن سوق العقارات البريطانية أخذت في التباطؤ ولم يعُد ارتفاع أسعار البيوت بالمعدل الذي شهده في العامين الأخيرين. فبحسب بيانات موقع "زوبلا" للسمسرة العقارية، من يعرضون بيوتهم للبيع بدأوا خفض السعر المعروض بنسب كبيرة، بينما أصبحت صفقات البيع تأخذ وقتاً أطول من المعتاد في الفترة الأخيرة.

ووفق أرقام شهر أبريل الماضي، فإن أكثر من 20 في المئة من البيوت المعروضة للبيع في بريطانيا شهدت تخفيضاً لسعر البيع المعروض بنسبة 9 في المئة في المتوسط، وذلك أعلى معدل تخفيض لسعر البيع في مدة 18 شهراً.

وقالت رئيسة قسم الأبحاث في الشركة غرين غيلمور في مقابلة مع "فايننشال تايمز"، "نشهد المؤشرات الأولية إلى أن الأوضاع بدأت تهدأ"، في إشارة إلى ارتفاع أسعار البيوت خلال الفترة الماضية. وتوقعت الشركة صعود أسعار البيوت في بريطانيا بنسبة 3 في المئة بالمتوسط هذا العام، مع ملاحظة أن الأسعار بدأت تتوقف عن الارتفاع في بعض المناطق.

طبقاً لآخر بيانات المكتب الوطني للإحصاء ومصلحة الضرائب وأرقام الشركات العقارية، فإن أسعار البيوت ارتفعت بنسبة 18 في المئة منذ مايو 2020 وحتى شهر مارس الماضي، ذلك مع انتعاش سوق العقارات عقب فترة الإغلاق في بداية أزمة وباء كورونا العام قبل الماضي. ووصل متوسط سعر البيت في بريطانيا في الشهر قبل الماضي إلى مستوى غير مسبوق عند أكثر من 278 ألف جنيه استرليني (351 ألف دولار).

أسباب التباطؤ

من المؤشرات المهمة أيضاً إلى بدء تباطؤ نمو أسعار العقارات في بريطانيا ما يتضح من بيانات موقع "زوبلا" حول طول المدة التي يحتاج إليها إتمام صفقة البيع. مثال على ذلك، كانت البيوت خارج لندن تشهد زيادة هائلة في الطلب جعل بيعها أسرع كثيراً من العقارات الأخرى. وبحسب بيانات الشهر الماضي، أصبح الاتفاق على بيع بيت من ثلاث غرف خارج العاصمة يأخذ 18 يوماً، مقابل 16 يوماً في الشهر السابق.

وفي ظل ارتفاع كُلف المعيشة، ما يضغط سلبياً على دخل الأسر البريطانية، وكذلك زيادة كلفة الاقتراض مع رفع بنك إنجلترا (المركزي) أسعار الفائدة، لم يعُد الطلب على العقار كما كان قبل شهرين، ما يدفع البائعين إلى خفض سعر البيع وطول مدة إتمام الصفقات.

وتضيف شركة "زوبلا": "تشير البيانات إلى أن الضغط الصعودي للطلب بدأ بالتراجع بسبب العوامل الاقتصادية من ارتفاع كلفة المعيشة والتضخم، وبدأ تأثير ذلك يظهر في البائعين"، لكن أرقام الشركة تلفت أيضاً إلى تغيّر في توجهات المشترين يؤثر في معادلة العرض والطلب في السوق العقارية.

ففي فترة وباء كورونا، كان الطلب كبيراً على البيوت أكثر من الشقق السكنية مع حاجة المشترين لمساحات أوسع. كذلك زاد الطلب على العقارات حول المدن وخارجها أكثر من داخل المدن الرئيسة، لكن الواضح أن تلك التوجهات بدأت بالتغير الآن، إذ عاد الطلب على الشقق وعلى السكن في المدن بالقرب من أماكن العمل.

الرئيس التنفيذي لشركة "وينكوورث" العقارية دومينيك أغاسي قال "تباطأ خروج الناس من المدن بكثافة، بل ربما بدأ العكس يحدث، فالناس الذين أسرعوا للخروج بحثاً عن مساحات أوسع، أصبحوا الآن يفكرون في السكن بالقرب من عملهم".

ومن الأسباب التي تدفع البائعين إلى خفض أسعار البيوت أيضاً المخاوف من هبوط الأسعار في الفترة المقبلة مع صعود أسعار الفائدة الأساسية أكثر، بالتالي زيادة كلفة القروض العقارية، وكذلك المخاوف من أن تؤدي معدلات التضخم المرتفعة واحتمالات الركود الاقتصادي إلى شبه شلل في السوق العقارية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

توقف الدعم

مما يحافظ على السوق العقاري في حال نشاط، على الرغم من تلك المؤشرات، هو تعجل البائعين (جانب العرض) الاستفادة من الوضع الحالي في ظل مخاوف من ركود السوق في المستقبل القريب. كما أن فترة الربيع وبداية الصيف هي فترة نشاط في السوق العقارية بشكل موسمي.

أما في جانب الطلب، فهناك أيضاً عجلة من قبل المشترين لإتمام صفقات عقارية، خصوصاً من يشترون بيتاً للمرة الأولى ويستفيدون من الدعم الحكومي، الذي أُعلن عنه قبل نحو عشرة أعوام لتشجيع الشباب على شراء مساكنهم، إذ قررت الحكومة البريطانية التعجيل بإنجاز برنامج الدعم العقاري للمشترين الجدد، الذي تقدم بموجبه الحكومة قرضاً ميسراً للمشتري للمرة الأولى يمثل جزءاً من ثمن العقار.

وكان من المفترض أن ينتهي البرنامج بعد عام، لكن الحكومة قررت تقديم الموعد بنحو شهرين، ما يعني أن بضعة آلاف من المشترين الذين كانوا يأملون الاستفادة من التسهيل الائتماني لن يتمكنوا من ذلك. وأصبح الآن على المشتري للمرة الأولى الذي يريد الاستفادة من الدعم الحكومي حجز السكن الذي سيشتريه قبل شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل وليس بنهاية العام، كما كان مقرراً من قبل، وذلك تمهيداً لتوقف برنامج الدعم الحكومي في مارس 2023.

كما أن القرار يؤثر سلباً في المطورين العقاريين، الذين كانوا يعتمدون على زيادة الطلب نتيجة الدعم الحكومي. ومنذ بدأ البرنامج عام 2013، أسهم في شراء الداخلين الجدد إلى دائرة تملّك العقارات نحو 350 ألف عقار. وحصل هؤلاء على تمويل بشروط ميسرة بلغ 22 مليار جنيه استرليني (ما يقارب 28 مليار دولار). وهي في شكل قروض تمثل ما نسبته 20 إلى 40 في المئة من قيمة العقار وبفترة سماح لمدة الأعوام الخمسة الأولى.