Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بايدن يلجأ إلى نهج الأسلاف في التعاطي مع السعودية

سبقتها مؤشرات إيجابية ومسؤولون في الإدارة أكدوا ترتيب زيارة إلى الرياض

أشاد بايدن بدور السعودية في دعم بنود الهدنة باليمن (أ ف ب)

بعد مرور ما يربو على عام ونصف العام على دخوله البيت الأبيض متسلحاً بشعار تحويل السعودية إلى "دولة منبوذة"، عزّز الرئيس الأميركي جو بايدن، يوم الخميس، 2 يونيو (حزيران) الحالي، سجلّ خطواته التصالحية المتزايدة أخيراً تجاه الرياض، عبر الترحيب بتمديد الهدنة في اليمن، والتنويه بدور السعودية في إنجاحها، قائلاً إنها "أظهرت قيادة شجاعة باتخاذها مبادرات مبكرة لدعم وتنفيذ بنود الهدنة الأممية".
وجاء تغير لهجة إدارة الرئيس بايدن تجاه السعودية، في وقت ذكرت فيه وسائل إعلام أميركية، وتحديداً الخميس، أن بايدن سيزور السعودية بحلول نهاية هذا الشهر، حيث يتوقع أن يلتقي ولي عهد البلاد الأمير محمد بن سلمان.
وأشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن الرئيس الأميركي قرر التوجه إلى الرياض هذا الشهر لإعادة بناء العلاقات مع السعودية، فيما يسعى إلى خفض أسعار المحروقات في الداخل وعزل روسيا دولياً. وذكرت أنه إضافة إلى لقائه ولي العهد السعودي، سيلتقي بايدن خلال زيارته قادة دول عربية أخرى، من بينها مصر، والأردن، والعراق، والإمارات.

وفيما لا تزال التفاصيل اللوجيستية والجدول الزمني للزيارة غير مؤكدين، تحدثت صحيفة "واشنطن بوست" عن هذه الزيارة المرتقبة، ونقلت عن مسؤولين لم تسمهم أن لقاء بايدن المباشر مع ولي العهد السعودي سيأتي بعد زيارات عدة "غير معلنة" في السعودية أجراها منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بريت ماكغورك، ومبعوث شؤون الطاقة عاموس هوكستاين، بهدف إقناع المسؤولين السعوديين بزيادة إنتاج النفط.
من جانبها، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير، إن إحاطتها الصحافية لا تشمل الإعلان عن أي زيارة، لكنها أضافت أن "الرئيس سيبحث عن فرص للتواصل مع قادة من منطقة الشرق الأوسط".
ومن المقرر أن يسافر بايدن لحضور قمة حلف شمال الأطلسي في إسبانيا وقمة مجموعة السبع في ألمانيا، ومن المتوقع أيضاً على نطاق واسع أن يجري زيارة إلى إسرائيل.

خطوات تصالحية

ولا يعد انفتاح الرئيس بايدن على زيارة السعودية وليد اللحظة، بل سبق ذلك خطوات تصالحية عدة اتخذتها إدارته، من أبرزها دعوته الكونغرس إلى دعم صفقات الأسلحة للسعودية في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، بعد تجميده مبيعات السلاح مؤقتاً. وقالت الإدارة الأميركية في خطابها للكونغرس آنذاك، إنها "تعارض بشدة" القرار الذي يحول دون إتمام صفقة بيع الأسلحة إلى السعودية، محذرةً من أن تمرير القرار "من شأنه أن يقوض التزام الرئيس المساعدة في دعم دفاعات شريكتنا في وقت تتزايد هجمات الصواريخ والطائرات المسيّرة على المدنيين في السعودية".
على صعيد أحياء الاتفاق النووي الإيراني الذي يمثل نقطة خلاف بين السعودية والولايات المتحدة، اتخذ بايدن في أواخر مايو (أيار) الماضي، قراراً بإبقاء "الحرس الثوري" في قائمة الإرهاب الأميركية على الرغم من مطالبات طهران بشطبه، ما أدى إلى تعقيد الموقف في مفاوضات فيينا، وفق المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران روبرت مالي، الذي قال الأسبوع الماضي، إن فرص أحياء الصفقة النووية أصبحت "ضعيفة في أحسن الأحوال"، ملوحاً بتشديد العقوبات على طهران والرد على "أي تصعيد إيراني" مع إسرائيل وحلفاء آخرين إذا لم يتم إنقاذ الاتفاق.
أما على صعيد التنسيق في شؤون الطاقة، فاستغنت إدارة الرئيس بايدن عن التصعيد الإعلامي ضد السعودية، بتفعيل دبلوماسيتها النفطية الهادئة، من خلال زيارات متعددة أجراها المسؤولان البارزان في الإدارة الأميركية بريت ماكغورك وعاموس هوكستاين، لبحث إمكانية زيادة إنتاج النفط، بهدف احتواء أسعار الطاقة عالمياً، وخصوصاً في الولايات المتحدة، حيث بات ارتفاع أسعار البنزين تحدياً للرئيس بايدن وحزبه في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس.
كما دفع سيد البيت الأبيض في أبريل (نيسان) الماضي، بمايكل راتني كمرشح لمنصب سفير الولايات المتحدة إلى السعودية، بعد تأخر إدارته في ترشيح سفراء إلى بلدان عدة منها دول خليجية، تسود خلافات معها في شأن إيران وروسيا والحرب في اليمن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تمديد هدنة اليمن

وكان الرئيس الأميركي رحب بتمديد الهدنة الأممية في اليمن بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، مشيراً إلى أن "الشهرين الأخيرين في اليمن، بفضل الهدنة التي أعلنت في أبريل، كانتا من الفترات الأكثر هدوءاً منذ بدء الحرب قبل سبعة أعوام".

وأشاد بايدن بدور السعودية قائلاً إنها أظهرت "قيادة شجاعة" من خلال دعم بنود الهدنة، مؤكداً أن "الولايات المتحدة ستظل مشاركة في هذه العملية على مدى الأسابيع والأشهر المقبلة"، وستركز على ردع التهديدات عن الأصدقاء والشركاء.

وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، أعلن الخميس (2 يونيو)، الاتفاق على تمديد الهدنة الحالية لشهرين قبل ساعات من انتهائها. وقال في بيان، إن أطراف النزاع استجابت "بشكل إيجابي" لاقتراح الأمم المتحدة تجديد الهدنة السارية.
وأوضح المبعوث الأممي أن "تمديد الهدنة سيجري وفق ذات أحكام الاتفاقية الأصلية التي دخلت حيز التنفيذ في الثاني من أبريل الماضي". وقال، "لقد شهد اليمنيون الفوائد الملموسة للهدنة خلال الشهرين الماضيين، إذ انخفض عدد الضحايا المدنيين بشكل كبير، ودخل المزيد من الوقود إلى اليمن عبر ميناء الحديدة، واستؤنفت الرحلات التجارية من وإلى مطار صنعاء الدولي، بعد نحو ست سنوات على الإغلاق. إضافة إلى ذلك، اجتمعت الأطراف وجهاً لوجه، تحت رعاية الأمم المتحدة، للمرة الأولى منذ سنوات لإحراز تقدم نحو فتح الطرق في تعز وفي محافظات أخرى، ولتنفيذ آليات خفض التصعيد العسكري على مستوى البلاد".
وشدد غروندبرغ على أهمية اتخاذ خطوات إضافية لكي تحقق الهدنة إمكاناتها بالكامل، لا سيما في ما يتعلق "بفتح الطرق وتشغيل الرحلات التجارية" وهي الخطوات التي ستتطلب "قيادة ورؤية لليمن كله" على حد قوله. وأضاف، "سأستمر بالعمل مع الأطراف لتنفيذ وترسيخ عناصر الهدنة كاملةً، والتوجه نحو حل سياسي مستدام لهذا النزاع يلبي تطلعات ومطالب اليمنيين المشروعة رجالاً ونساءً".

انفراجة "أوبك+"

في سياق متصل، شهد الخلاف النفطي بين الولايات المتحدة والسعودية، الخميس، انفراجة بعد اتفاق كبار منتجي النفط بقيادة الرياض على زيادة في الإنتاج أكبر من المتوقع، وهو أمر إيجابي لبايدن الذي تراجعت شعبيته في استطلاعات الرأي جزئياً بسبب الارتفاع الكبير في أسعار الوقود في أعقاب الحرب الروسية – الأوكرانية.

ورحبت الولايات المتحدة بقرار تحالف "أوبك+" زيادة الإنتاج في شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب) المقبلين. وأوضحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، في بيان، أن الولايات المتحدة تدرك دور السعودية، كرئيس لمنظمة "(أوبك+) وأكبر منتج للنفط، في تحقيق هذا الإجماع بين أعضاء التحالف النفطي".

تواصل يومي

وعلى الرغم من توتر العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية لأسباب أبرزها توجه إدارة بايدن لإحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، فإن مسؤولاً في السفارة السعودية في واشنطن أكد في أبريل الماضي، أن علاقة بلاده مع الولايات المتحدة لا تزال "قوية"، ودحض التقارير الإعلامية التي تحدثت عن وصول العلاقات الأميركية – السعودية إلى "مرحلة الانهيار"، قائلاً إن "البلدين على تواصل يومي وتنسيق مكثف حيال قضايا تشمل الأمن والدفاع ومكافحة الإرهاب، إضافة إلى التعاون الاقتصادي والعمل المشترك لمكافحة تغير المناخ وتحقيق أمن الطاقة".
وفي وقت سابق، أكد مسؤولون من الشرق الأوسط والولايات المتحدة، أن البيت الأبيض حاول من دون جدوى ترتيب مكالمات بين بايدن وزعماء سعوديين وإماراتيين، ضمن مساعٍ أميركية لحشد دعم دولي لأوكرانيا واحتواء ارتفاع أسعار النفط.
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين قولهم، إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي (آنذاك) الشيخ محمد بن زايد، رفضا طلبات الولايات المتحدة التحدث إلى بايدن، حيث أصبح المسؤولون السعوديون والإماراتيون أكثر صراحةً في الأسابيع الأخيرة في انتقادهم السياسة الأميركية في الخليج.

إلا أن الأيام والأسابيع الأخيرة شهدت تحولات مهمة في مسار العلاقات الأميركية – السعودية، من أهمها الهدنة في اليمن، وتبني تحالف "أوبك+" للدول المنتجة للنفط الذي تقوده السعودية زيادةً أكبر مما كان متوقعاً في إنتاجها من النفط الخام، وسط توقعات بأن يجري الرئيس بايدن الشهر الحالي زيارة إلى السعودية، يلتقي خلالها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد.

المزيد من تقارير