Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا تعلمنا من حركة #أنا_أيضا؟ الجواب في محاكمة جوني ديب

كان من المفترض أن تبشر بعصر جديد مع زيادة الوعي بفهم ديناميكيات العلاقات المؤذية وسوء معاملة الناجيات من العنف الجنسي

ثم جاءت محاكمة ديب وهيرد - وبات كل ما سبقها كالهباء المنثور (غيتي)

هل تذكرون وسم [هاشتاغ] #أنا_أيضاً (#MeToo)؟ أو #حان_الوقت (#TimeIsUp)؟ أو #طفح الكيل (EnoughisEnough#) #أنصدق نساء؟ #BelieveWomen؟ منذ خمس سنوات فقط، بدا كأننا على شفير تغيير هائل سيقلب الطاولة أخيراً، بعد طول انتظار، على كراهية النساء المتجذرة داخل ثقافتنا. 

بدا أن وسم #أنا_أيضاً يعرض لمحة عن الحجم المهول للعنف والاعتداء والتحرش الجنسي ضد النساء في كل بقاع العالم.

كان من المفترض بحركة #أنا_أيضاً أن تفتتح حقبة جديدة يزداد فيها الوعي بديناميكيّة وسير العلاقات المؤذية وسوء معاملة الناجيات من العنف الجنسي والإطار الاجتماعي والثقافي الذي يدعم مرتكبي هذه الأفعال ويسمح لهم بالاختباء أمام الملأ.

حين حوسب هارفي واينستين عن سنوات طويلة من الاعتداء على النساء، بدا ذلك إشارة إلى أن الكيل طفح في هوليوود، وأن النساء قد يحظين الآن بالاحترام، أو أنه يمكن حتى تصديقهن.

ثم جاءت محاكمة ديب وهيرد بنسختها الجديدة، وبات كل ما سبقها كالهباء المنثور.

هذا الأسبوع، شاهدنا امرأة تنتحب وهي تستذكر عدة اعتداءات جنسية مزعومة ارتكبها بحقها زوجها السابق. ماذا كانت ردة الفعل عليها؟ قوبلت بالسخرية بسبب "المبالغة في التمثيل" و"البكاء بلا دموع". استمعنا إلى سردها لتفاصيل الاعتداءات، إلى التفاصيل الدقيقة التي اضطرت لشرحها أمام محكمة مليئة بالأشخاص وجمهور عالمي. وكيف كانت ردة الفعل؟ أضيفت فلاتر صورة بينوكيو الصبي الكاذب إلى شهادتها المسجلة. تابعناها وهي تهمس، "لا أريد أن أخوض هذا الأمر من جديد… لا أصدق أنني مضطرة لفعل هذا". وكيف جاء الرد على وسائل التواصل الاجتماعي؟ الازدراء وإنشاء ميمز تسخر من تعابير وجهها.

لم تتخذ المحكمة أي إجراءات خاصة. اضطرت لاعتلاء منصة الشهود، والجلوس مباشرة بمواجهة المعتدي عليها المزعوم - الذي ابتسم باستهزاء في إحدى المراحل أثناء إدلائها بشهادتها. وصل الإهمال بالمحكمة إلى حد أنه فيما كانت السيدة تغادر منصة الشهود بسبب بداية الاستراحة الصباحية، أوشكت على الالتقاء بالمعتدي عليها المزعوم أثناء خروجه من القاعة.  

كما لو أن نسب التبليغ عن الاغتصاب ليست ضئيلة بما فيه الكفاية، كم سيدة ستفكر في التبليغ عن تعرضها للتعنيف الجنسي بعد مشاهدتها هذا التعامل؟ كم سيدة شعرت بالغثيان وهي تستمع إلى الشهادة ثم ترى الأحكام والمهانة والازدراء على جميع وسائل التواصل الاجتماعي؟ ما الذي حدث لحركة #أنا_أيضاً بحق السماء؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اتضح أن كل ما كان علينا أن نتعلمه خلال السنوات الخمس منذ انتشار حركة #أنا_أيضاً هو أنها لا تعني أي شيء على الإطلاق إن كان المتهم رجلاً مشهوراً وجذاباً. كم هو مؤلم للغاية ومحبط للروح.

لا تقلقوا، أعرف بالفعل كيف سينظر إلى هذا المقال على الأرجح. لماذا لا يمكن لمناصرات #أنا_أيضاً أن يفهمن بأن الرجال قد يقعوا هم الآخرين ضحية العنف الأسري؟ يا إلهي كم يمكن أن تكون النساء متحيزات جنسياً! وطبعاً، كان جوني ديب يبتسم بسخرية خلال إدلاء زوجته السابقة بشهادتها، ألن تضحكي أنت من الذهول إن كان أحدهم يقص الأكاذيب عنك في المحكمة؟

كما أن جوني قدم أداءً في غاية الظرف في فيلم إدوارد سيزور هاندز، وكان مضحكاً جداً بدور القبطان جاك سبارو. كانت أمبر هيرد محظوظة إلى أبعد الحدود لأنهما ارتبطا، ولا شك في براءته. لا يمكن لأي شخص يتمتع بهذا القدر من اللطف وحس الفكاهة والجاذبية أن يقدم على تصرف بهذه الشناعة.

ولكن هذا ما يميز الشخصيات المشهورة مثل جوني ديب، التي نعرفها منذ عقود من الزمن. فهي تصبح جزءاً من حياتنا، وتلعب دوراً كبيراً في ذكرياتنا عن الماضي. نثريها عن طريق رغبتنا بالتعرف إليها- وربما نتخيل حتى بأنه لدينا علاقة معينة معها-  وهي تدخل منازلنا عبر شاشات التلفاز بانتظام.

ويصبح مظهر المشاهير الجسدي وأصواتهم مألوفاً، لدرجة أننا نخطئ بالاعتقاد بأننا نعرف بالفعل الإنسان الخاص وراء الوجه المشهور، ولكننا لا نعرفه. ولا يمكننا أن نعرفه.

ومع ذلك، يظهر بأن محاكمة التشهير التي رفعها ديب على هيرد قسمت الآراء. يوجه المدافعون الأوفياء عن ديب إلى هيرد إهانات معادية للمرأة، فيما يزعمون بأنهم لا يكرهون النساء، وكثير من فريق ديب هم من النساء، ولكنهم يكرهون أمبر هيرد لأنها دمرت حياة جوني بأكاذيبها.

لدى "مناصري ديب" يقين بأن معبودهم رجل بريء مئة في المئة. وهم ينصرون الحق وينددون بهيرد الخبيثة والحقيرة لأنها تستغل ثقافة الإلفاء التي تلت حركة #أنا_أيضاً لمصلحة مسيرتها المهنية ورصيدها البنكي.

لا يهم أن ديب خسر بالفعل دعوى التشهير التي رفعها على صحيفة "ذا صن" بعد أن قالت إنه "يضرب زوجته"، ولا يهم أن المحكمة العليا قد أصدرت في السابق حكماً بأنه اعتدى على زوجته بالفعل، أو أن دعوى الاستئناف التي رفعها لنقض الحكم ردت. ولا تعيروا انتباهاً للرسائل النصية التي وصف هيرد بها بـ"العاهرة التي تبرعت لها بسائلي المنوي لفترة" إلى جانب قاموس كامل من الألفاظ النابية المسيئة للنساء.

على الرغم من كل ما حصل في السابق وكل ما قدم من إثباتات مسموعة وبصرية، لا تزال الجموع تحتشد وتصفق أو ترفع لافتات كتب عليها #العدالة_لجوني للترحيب بوصول معبودهم إلى بوابة المحكمة. وما إن تفرغ زوجته السابقة من الإدلاء بشهادتها حتى يلوحوا ويبتسموا تشجيعاً له أثناء مغادرته قاعة المحكمة.

يعبر المعجبون عن فرحتهم بكومة السكاكر الموضوعة على طاولته، وتنتشر فيديوهات الرسومات التي يقوم بها على دفتر الرسم المخصص لرسومات المحاكمة. أهي نزوات محببة-  تشهد على غرابة أطوار ديب الجميلة - أم تكتيك للسيطرة على أعراض اضطراب ما بعد الصدمة في ظل وضع يسبب له العصبية والتوتر؟

أو قد تكون تأكيداً إضافياً على براءته: فمن الذي يأكل الحلوى ويرسم رسومات وهو متوتر أو قلق؟ مهما كان معناها، لا بد أنه إيجابي. لأن جوني ألطف الرجال على الإطلاق. حتى بينيلوبي كروز تعتقد ذلك.

هل كانت هيرد لتقابل بالتفهم ذاته لو أحضرت كيس حلوى هاريبو لكي تمرره على الفريق القانوني خلال الإدلاء بشهادات الطرفين؟ أو لو رسمت صور أشخاص على أوراق الملاحظات لكي تحظى بتأييد محاميها؟ كفى. كانت لتتعرض للجلد على وسائل التواصل الاجتماعي بسبب احتقارها لمداولات المحكمة وتسخيفها وإضعافها لشهادات الشهود.

#ارقدي_بسلام _يا_حركة_أنا_أيضاً

*نشر المقال في اندبندنت بتاريخ 27 مايو 2022

© The Independent

المزيد من منوعات