Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معارك "نتفليكس": تضاؤل المشتركين وتمرد الموظفين ورغبات ماسك

إيلون ماسك يرحب بتحديثات سياسة المنصة بعد اتهامه لها بتبني خطاب "فيروس الصحوة" المهدد للحضارة وتخمينات برغبته في صفقة

نتفليكس تحتفي بالتنوع والشمولية في بيئة موظفيها ومع ذلك تواجه انتقادات شتى (الموقع الرسمي للمنصة)

ما الذي يجبر مؤسسة بحجم "نتفليكس" أن تفصح عن تعليمات جديدة لموظفيها أشبه بـ "التحذيرات شديدة اللهجة"، ومفادها "إذا لم تكونوا راضين عن المحتوى المقدم فاستقيلوا"، فمنصة البث الرقمي التي بنت سمعتها على الانفتاح والتنوع ولم تأبه أبداً بالاتهامات التي تكال لها، وصل بها الأمر بأن تخير موظفيها بين الاستمرار في العمل ودعم التوجهات المختلفة للمبدعين أو الانسحاب.

التقرير الذي نشرت بعضاً من تفاصيله "وول ستريت جورنال" لا يجيب عن كل التساؤلات التي أثيرت بعد تحديثات المنصة لسياستها التي حرصت أن يعلم بها العاملون الحاليون بالشركة، وأن تكون أيضا إشارة إلى الموظفين المحتملين مستقبلاً، ولعل السؤال الأبرز هل المؤسسة تعيد ترتيب "البيت من الداخل" فقط أم تبعث برسالة حاسمة وإن كانت غير مباشرة لجماعات الصوابية والصحوة؟

إيلون ماسك يشيد

ومن أبرز ما جاء في تلك الإرشادات أن "نتفليكس" تسمح للمشاهدين باختيار المناسب لهم، لكنها لا تضع قيوداً على حرية الإبداع حتى لو كان بعض ما يقدم يتعارض مع القيم الشخصية للمنتمين إلى المؤسسة، وفي حال وجد أي منهم أن قناعاته لا تتوافق مع تلك السياسية فبالطبع لن تكون "نتفليكس" هي المكان الملائم له.

وكان أكبر المرحبين بهذا التغيير إيلون ماسك رجل الأعمال البارز الذي احتفى أخيراً باستحواذه على موقع "تويتر" (الصفقة لا تزال معلقة)، إذ غرد ليدعم تلك القرارات، بينما تشي التكهنات بأنه ربما يلمح إلى رغبته الاستثمار في المنصة بعد أن انتقدها مراراً بسبب سياستها التي تجري وراء إملاءات "فيروس الصحوة" بحسب ما سماه، بل إنه أرجع سبب خسارة "نتفليكس" 200 ألف مستخدم للمرة الأولى منذ 10 سنوات إلى تلك الأفكار التي يعتبرها أكبر مهدد للحضارة، والمقصود هنا هو الجري وراء جماعات الضغط والصوابية السياسية التي تكون آراؤها وقرارتها متخذة على أساس لون البشرة والعرق، بهدف دعم الأقليات.

ويرى منتقدو المنصة أن تلك التوجهات تحمل إحساساً متزايداً ومبالغاً فيه بالفروق في التعامل الذي يتعرض له الملونون والمنحدرون من أصول عرقية ودينية، على اعتبار أن إدراك تلك العنصرية والتمييز بقدر ما هو شيء إيجابي ويسهم ظاهرياً في تحسين المناخ، لكنه أيضاً قد يسجن الناس في هوياتهم التاريخية وأصولهم المنحدرين منها، وبالتالي تتحول الأمور إلى "عنصرية مضادة"، فالاهتمام الزائد بذوي العرقيات هو تمييز في حد ذاته، وهو خطاب يرفضه إيلون ماسك ولا يترك مناسبة إلا ويهاجمه.

وفي إطار ذلك فسر صاحب شركة "تيسلا" ورجل الأعمال الأميركي - الكندي رسالة "نتفليكس" الأخيرة لموظفيها بأنها خطوة على الطريق الصحيح.

اتهامات من الفريقين

وكان عدد من موظفي "نتفليكس" تظاهروا ضد المؤسسة العام الماضي، مطالبين المنصة باتخاذ موقف في شأن تعاملها مع الممثل الكوميدي ديف شبيل الذي انتقد في العرض الخاص بهThe Closer" " المتحولين جنسياً، واعتبر المتظاهرون أنه يتبنى وجهة نظر معادية لهذه الفئة، لكن المؤسسة رفضت الرضوخ وأبقت على العرض ضمن قائمة محتواها، وهذه الاحتجاجات جاءت على الرغم من تعهدات "نتفليكس" بدعم العابرين جنسياً، سواء على الشاشة أو حتى بإتاحة الفرص لهم، بحسب ما ذكره الموقع الرسمي للمنصة، "واصلنا تقديم مزايا شمولية تتضمن إجازة الولادة الشاملة لكل جندر، ورعاية شاملة للمتحولين جندرياً ولغير المنتمين للثنائية الجندرية، في خططنا الصحية في الولايات المتحدة، ودعم تكوين الأسرة لموظفينا بغض النظر عن حالهم الاجتماعية أو جندرهم أو توجههم الجنسي".

تحديثات "نتفليكس" التي بدأت خدمة البث المباشر عبر الإنترنت العام 2007 هي الأولى منذ العام 2017، وتأتي بعد عام ونصف العام من المشاورات مع الموظفين الذين ألقوا في جعبة المسؤولين أكثر من 1000 ملاحظة حول السياسة التي كانت في طور التشكل حينها، وقد شهدت تلك الفترة بدورها كثيراً من الجدل حول المحتوى المقدم، بخلاف انتقادات موظفيها أنفسهم بأنها تسمح ببث محتوى مناهض لبعض الفرق والأقليات، وفي المقابل تتهم من قبل آخرين بأنها تروج لـ "أجندة ما" وتحاول نشر أفكار هدامة ولا تراعي قيماً معينة، إذ واجهت الشركة مثلاً دعاية سلبية مطلع هذا العالم في الشرق الأوسط بعد عرض فيلم "أصحاب ولا أعز"، واللافت أن ممثلي "نتفليكس" في المنطقة امتنعوا من التعليق تماماً أو توضيح موقفهم، فكما هو واضح تواجه المنصة هجوماً من فريقين متعارضين على ما يبدو.

هل يبحث ماسك عن صفقة جديدة؟

ومن هنا يجد إيلون ماسك أن الحل في إلغاء الرقابة والتخلص من الأيديولوجية التي تتخذ مواقفها على أساس الهوية أولاً، إذ أشار في وقت سابق إلى أن المحتوى لم يعد قابلاً للمشاهدة بسبب "فيروس الصحوة"، وأصحاب هذا الرأي يرون أن محاولة دعم أفكار وتوجهات معينة بشكل مبالغ فيه والإلحاح في استعراضها هو رقابة أيضاً، وإن كان الخطاب في ظاهره التحرر.

انتقادات إيلون ماسك في وقت سابق للمنصة فسرها بعضهم بأنها حيلة منه للحصول على صفقة رابحة ليعيد السيناريو نفسه الذي حدث مع موقع "تويتر"، لكن تلك الرؤية لم تثبت عملياً حتى الآن، فالصوابية تسيطر على كثير من المؤسسات الفنية في العالم، حيث المناداة بدعم الأقليات المستبعدة تاريخياً تتواصل، وهو أمر يجعل بعضهم يشكك في عدالة هذا التوجه، بخاصة أن معيار الكفاءة يكون الهوية وليس الاستحقاق ولا الكفاءة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويأتي ذلك فيما تؤكد "نتفليكس" بشكل واضح ومتكرر عبر ملفها التعريفي بموقعها الرسمي أن هناك تمثيلاً واضحاً للأقليات العرقية في قائمة موظفيها البالغ عددهم 10 آلاف "بدوام كامل"، بحسب إحصاءات العام الماضي، ومما جاء فيه، "تشكل النساء الآن 51.7 في المئة من قوانا العاملة عالمياً مقارنة بنسبة 48.7 في المئة عام 2020، ويشمل ذلك زيادة قدرها 6.9 في المئة بمناصب المديرات وما فوق بإجمالي 51.1 في المئة". وأيضاً، "يضم فريق القيادات العليا المكون من 22 قائداً 10 نساء (45.5 في المئة) وخمسة قادة أميركيين (22.7 في المئة) ينتمون إلى واحدة أو أكثر من المجتمعات الإثنية أو العرقية المستبعدة تاريخياً"، كما تفتخر المنصة بإتاحة فرص التوظيف والترقي للملونين بالقول، "وزاد عدد الموظفين من أصحاب البشرة السوداء في الولايات المتحدة من 8.6 في المئة إلى 10.7 في المئة، علاوة على زيادة عدد القياديين من ذوي البشرة السوداء (المديرين فما فوق) من 10.9 في المئة إلى 13.3 في المئة".

غلق باب الاعتراضات وطمأنة للمستثمرين

لكن كل تلك الأمور لم تكن شافية على ما يبدو، فهناك ضغوط من قبل الموظفين بالتدخل بشكل غير مباشر في طبيعة المحتوى من خلال إملاءات معينة، وقد يكون هذا اللغط هو الذي دفع "نتفليكس"، التي تأسست العام 1997 وانطلقت أولاً بتأجير أقراص DVD عبر البريد إلى هذه "الوقفة".

 وعلى الرغم من ذلك لم يكشف المتحدث باسم المؤسسة عن السبب الحقيقي وراء تلك التغييرات، مكتفياً بالقول لـ "وول ستريت جورنال" إن الموظفين المحتملين يمكنهم من خلال تلك المعايير أن يتفهموا الموقف ويتخذوا قرارات مستنيرة حول ما إذا كانت المؤسسة مكاناً مناسباً لهم أم لا، بخاصة أن بعضهم قد يجد المحتوى المقدم "ضاراً" وفقاً لوجهة نظره.

ويبدو أن المسؤولين في المنصة يريدون غلق الباب أمام أي اعتراضات أو إضرابات مستقبلية كي لا تتكرر واقعة الإضراب، بخاصة أنه إذا انفتح الباب لذلك ومن ثم الاستجابة فلن ينغلق. وتحاول "نتفليكس" أن تتمسك بقواعد واضحة تسير عليها في ظل حملات الضغط التي ليس لها سقف، والشركة في النهاية تريد أن تسير على أسس واضحة مع التركيز على طرق لتعويض خسائرها المتلاحقة.

وفي حين كانت تحديثات المذكرة الثقافية حاسمة بالنسبة إلى الموظفين ولا تعطي لهم خياراً، جاءت لهجتها في الحديث مع المستثمرين تحمل تطمينات وتعدهم بأن تنفق أموالهم بحكمة لتشجيعهم على ضخ المزيد، وذلك بعد القلق من الخسائر التي تتعرض لها المنصة، إذ انخفضت أسهمها 25 في المئة، كما من المتوقع أن تخسر على الأقل مليوني مشترك بحلول يونيو (حزيران) المقبل، وسط تصاعد منصات منافسة مثل "ديزني+" و"إتش بي أو" و"أبل تي في" و"أمازون برايم" وغيرها.

تلك المعطيات دفعت "نتفليكس" إلى إعادة حساباتها بتحديثات سريعة، وأيضاً التفكير في خيارات أكثر مرونة من بينها الاتجاه لإتاحة الخدمة بسعر أقل، لكن مع دعم خاصية الإعلانات لمحاولة الحصول على فئات أخرى من المشتركين، ولتحقيق أرباح من المعلنين الذين يستعدون بالفعل لاختراق عالم خدمات البث المدفوعة والوصول إلى جمهور لطالما كان هدفاً ثميناً لهم، وهو أمر كان يرفضه مسؤولوها رفضاً باتاً قبل أشهر قليلة، كما أن كثيراً من المراقبين يرون أن تلك الخطوة ستجعل الخدمة أشبه بشاشات التليفزيون التي تفقد مشاهديها يوماً بعد آخر، لكن على ما يبدو أنه تحول لا بد منه، إذ تتجه منصات أخرى لتفعيله كذلك في ظل ارتفاع التضخم والأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي يشهدها العالم.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات