يحذر مسؤولون أميركيون من تحقيق الصين "اختراقاً استراتيجياً" لقدرات الردع النووي لواشنطن، وشهدت جلسة استماع نادرة بمجلس الشيوخ قبل أيام عدة مناقشات ساخنة بحضور رئيس القيادة الاستراتيجية الأميركية التي تشرف على الترسانة النووية، تشارلز ريتشارد.
ريتشارد قال إن بلاده تمر بتحد لم تشهده سوى مرات قليلة في تاريخها، وأن واشنطن تواجه خطر ردع نووي متزايد عندما يتعلق الأمر بروسيا والصين، مؤكداً أن بكين ضاعفت مخزونها النووي في غضون عامين، على الرغم من التوقعات بأن هذا الأمر كان سيستغرق حتى نهاية العقد الحالي.
وعلى الرغم من مرور ثلاثة عقود على تلاشي "الكابوس النووي" للحرب الباردة مع انهيار الاتحاد السوفياتي، فإن الحرب الروسية على أوكرانيا أعادت شبح التهديد مجدداً عندما لوّحت موسكو باستخدام السلاح النووي لردع الولايات المتحدة والقوى الغربية عن التدخل لدعم أوكرانيا.
لكن الأهم هو طموح الصين إلى مضاعفة قدراتها النووية وسط تحذيرات أميركية من سعي بكين إلى امتلاك "قوة نووية عظمى"، بعد أن كشف الـ "بنتاغون" بناءها مئات من صوامع الصواريخ الباليستية النووية التي تعتقد واشنطن أن لها "توجهاً هجومياً" قد يجعل من خيارات الصين خوض حرب نووية محدودة.
العقيدة النووية الصينية
ظلت الصين طوال تاريخ برنامجها النووي العسكري الذي يعود إلى الستينيات، مكتفية بالاحتفاظ بقدرة نووية متواضعة تزيد قليلاً على 200 رأس حربي نووي، بهدف الاحتفاظ بالردع المحدود الذي يمكنها من الرد على تعرضها لضربة نووية أولى أو عند الإنذار المؤكد بضربة وشيكة.
وكانت الصين تعلن التزامها بما تصفه بأنه "استراتيجية نووية للدفاع عن النفس"، لكن مع تعهدها بتحديث قدراتها النووية تكررت التحذيرات الأميركية والغربية من أنها تمارس سياسة "الغموض النووي" في ما يتعلق بعدد الرؤوس النووية ووسائل إطلاقها من الصواريخ الباليستية والغواصات والصواريخ الفرط صوتية، بل ووجود خطط لاستخدام القطارات فائقة السرعة لنقل ونشر الأسلحة النووية، مما دفع مراقبين إلى ترجيح تغير العقيدة النووية الصينية نحو تبنيها استراتيجية نووية أكثر عدوانية.
كتاب "علم الاستراتيجية العسكرية" لعام 2013 الصادر عن وزارة الدفاع الصينية أشار إلى أن على بكين إدراك أن "القوات النووية تلعب دوراً مهماً في ضمان مكانة الصين كقوة عظمى غير خاضعة، وحماية المصالح الجوهرية للأمة من أي انتهاك، وخلق بيئة آمنة لتنمية السلمية"، كما شدد على ضرورة تطوير قوة نووية محدودة ولكن فعالة، بوصفها الدعامة الأساس لنظام الردع الشامل في جيش التحرير الشعبي الصيني.
مجاراة المحاولات الأميركية
الباحثة المتخصصة في الشؤون الصينية، هدير طلعت، قالت لـ "اندبندنت عربية" إن الصين حافظت باستمرار على سياسة علنية ومبدأ عدم المبادأة باستخدام السلاح النووي، وبقاء قدراتها النووية عند "الحد الأدنى من الردع الذي يقتضيه أمنها الوطني"، كما تنفي وزارة الخارجية الصينية رسمياً إجراء أي توسع كبير في أسلحتها النووية.
وأضافت أن حديث أميركا المتكرر عن التوسع النووي مجرد تكهنات تهدف إلى الضغط على بكين عسكرياً من أجل تشجيع تايوان على تبني سياسات عدائية خطرة ضد الصين التي تعتبرها جزءاً من أراضيها، كما تؤكد الصين أنها الدولة النووية الوحيدة التي أخذت عهداً على نفسها بألا تبدأ باستخدام الأسلحة النووية ضد أعدائها، وأنها لن تستخدم السلاح النووي في ردع الدول غير النووية في المنطقة، وأنها لا تنخرط في سباق نووي مع الولايات المتحدة، كما أنها لن تسعى إلى بناء ترسانة تساوي نظيرتها الأميركية.
وأوضحت الباحثة أن الصين التي أعلنت أخيراً سياسة التحديث النووي، وتشمل بحسب الرئيس الصيني شي جينبينغ، خلال الفترة من 2021 إلى 2025، "تقوية القوة الاستراتيجية وتسريع إنشاء قوة ردع استراتيجية على مستوى عال"، في ضوء طموحات الصين لبناء "قوة عسكرية عالمية الطراز" بحلول منتصف القرن الحالي، بإمكانها "خوض الحروب وتحقيق النصر فيها"، ولكي تفعل ذلك تحتاج إلى قوة نووية على مستوى عالمي، لكن تلك التطورات تثير قلق الولايات المتحدة وحلفائها بطبيعة الحال.
وتابعت، "الصين تسعى إلى مجاراة المحاولات الأميركية، لترقية قدرات الضربة الأولى في إطار برنامج الضربة العالمية السريعة التقليدية طويلة الأمد على سبيل المثال، والهدف الأساس لتحديث الثالوث النووي الصيني (الجوي والبحري والبري) هو بلا شك تأمين قدرات الضربة الثانية، على الرغم من التحديث النووي الأميركي، وبالتالي الحفاظ على صدقية الردع الصيني".
وأشارت إلى أن الأسلحة النووية الأكثر فاعلية "تهدف أيضاً إلى إجبار الولايات المتحدة على التعامل مع الصين على قدم المساواة، كما أن تنويع الترسانة النووية لبكين لتشمل الأنظمة الأرضية والجوية والبحرية يمكن أن يساعد في ردع الولايات المتحدة عن التدخل مثلاً في نزاع تقليدي على تايوان".
وترى الباحثة أنه من غير المرجح أن تلغي الصين سياسة "عدم الاستخدام الأول" التي تتعهد بكين بموجبها بألا تستخدم أبداً الأسلحة النووية أولاً في أي صراع، ومن غير المرجح أيضاً أن تتوقف عن السعي وراء ترسانة نووية أكثر قابلية للبقاء، حتى لو كانت أهدافها الاستراتيجية محدودة وعقيدتها النووية ثابتة، إذ ستتمسك بكين أكثر بالرادع النووي، ومن ثم السعي إلى تعزيزه، فلا يستبعد الإقدام على تجارب نووية جديدة جنباً إلى جنب مع الاستمرار في تطوير القدرات الصاروخية، بما في ذلك تلك الصواريخ التى تفوق سرعة الصوت (الفرط صوتية)، إضافة إلى كل جوانب دعم القوة العسكرية.
الورقة البيضاء
في العام 2019 أكدت الوثيقة الخاصة بالاستراتيجية الدفاعية الصينية التي تحمل اسم "الورقة البيضاء" الاستخدام الدفاعي للأسلحة النووية، وأن الصين لن تعتمد على سياسة التصعيد النووي لإنهاء الحروب التقليدية في المستقبل.
وكشفت الوثيقة أن "الصين ليست مستعدة لخوض حرب نووية ضد أميركا، فهي لا تمتلك قنابل نووية تكتيكية أو قنابل صغيرة يمكن استخدامها لتنفيذ هجمات محدودة ضد قوات تقليدية".
من جهتها، تشير الباحثة إلى أن الأزمة الأوكرانية وما برهنته حول القيمة الاستراتيجية للأسلحة النووية وجدوى امتلاكها كرادع والضمانات الأمنية كإحدى شروط التخلي عنها، وكذلك زيادة أخطار التصعيد النووي من قبل كوريا الشمالية التي كثفت خلال الفترة الأخيرة سلسلة تجاربها الصاروخية، والتي ترافقت مع التصعيد الذي يحدث في شرق أوروبا، جميعها أمور من شأنها إبقاء القناعات الصينية على حالها بخصوص تسريع تحديث قدراتها النووية.
اختراق استراتيجي
تحتل الصين المرتبة الثالثة عالمياً من حيث عدد الرؤوس الحربية النووية التي تتراوح بين 200 و350 رأساً حربياً، وتوقعت وزارة الدفاع الأميركية في أحدث تقرير سنوي أن "المعدل المتسارع للتوسع النووي الصيني قد يمكّن بكين من امتلاك ما يصل إلى 700 رأس حربي بحلول العام 2027، ومن المحتمل أن تعتزم الصين امتلاك 1000 رأس حربي على الأقل بحلول العام 2030، مما يفوق المعدل والحجم الذي توقعته وزارة الدفاع الأمريكية في 2020".
ولا تتوقف الاستراتيجية الصينية على زيادة عدد الرؤوس الحربية، بل نجحت بكين الصيف الماضي في أن تختبر أول سلاح صيني أسرع من الصوت، كما يشير تقرير الـ "بنتاغون" إلى تشييد "البنية التحتية الضرورية لدعم هذا التوسع في القوة، بما في ذلك قدرتها على إنتاج البلوتونيوم وفصله بإقامة مفاعلات توليد سريعة ومنشآت لإعادة المعالجة، مع بناء المئات من الصوامع الجديدة للصواريخ العابرة للقارات".
وتمتلك الصين مجموعة واسعة من أنظمة الصواريخ الباليستية المتوسطة والعابرة للقارات، كما بنت ما لا يقل عن 250 صومعة للصواريخ الباليستية العابرة للقارات، وأطلقت قمراً اصطناعياً في فبراير (شباط) 2021، يعتقد أنه بداية نظام استشعار للصواريخ في الفضاء، كما تعمل على تطوير الأنظمة التي تفوق سرعة الصوت (فرط الصوتية).
وفي ما يتعلق بالأنظمة الجوية، تمتلك الصين مجموعة من القاذفات التي يمكنها نقل وإطلاق صواريخ كروز، كما تمتلك أكبر عدد من السفن والغواصات في العالم، وتشمل الغواصات العاملة بالطاقة النووية من فئة "جين 094" والتي يمكنها حمل وإطلاق ما يصل إلى 12 صاروخاً باليستياً من طراز JL-02 وكل منها مزود برأس حربي نووي.
كما تعمل الصين على تطوير جيلها القادم من غواصات "جين- كلاس 096" والصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات "JL-03"، وتتمثل الميزة الرئيسة للغواصات التي تعمل بالطاقة النووية عن الأنظمة التقليدية في أنها أكثر قدرة على التخفي ويمكن نشرها لفترات أطول بكثير، بالتالي سيكون من الصعب على الولايات المتحدة تحديد موقع الأسلحة النووية في مثل هذه الغواصات وتعقبها، كما يمكن نشرها بسرعة نسبية لشن ضربات انتقامية.
تطوير سبل الحرب الذكية
المتخصصة في الشؤون الصينية والآسيوية نادية حلمي ترى أن الصين تلتزم حالياً بشكل كامل بتطوير ما يعرف بـ"سبل الحرب الذكية أو الأساليب العسكرية المستقبلية"، وهي تلك الأساليب التي تعتمد على التقنيات التكنولوجية المتقدمة وبخاصة تقنيات الذكاء الاصطناعي، ومنحت بكين الأكاديمية الصينية للعلوم العسكرية تفويضاً لضمان تحقيق ذلك من خلال "الدمج بين القطاعات العسكرية والمدنية"، للاستفادة من تقنيات شركات القطاع الخاص المتطورة في الصناعات العسكرية.
وقالت حلمي إنه علاوة على ذلك جاء تعهد الرئيس الصيني بتحديث القوات المسلحة بشكل كامل بحلول العام 2035، مع تأكيده التزام قوات بلاده المسلحة بأن تصبح قوة عسكرية "متفوقة عالمياً"، وتوجه الصين نفسها انتقادات إلى مستوى المخزون النووي الأميركي الذي يحتوي على 5500 رأس نووي، في الوقت الذي يُنظر فيه إلى تسارع وتيرة التسلح النووي الصيني على أنه أحد أخطر التهديدات للتفوق العسكري الغربي.
وتحاول الصين في هذا المجال العمل على تطوير سرعة الصواريخ الفائقة للصوت إلى خمسة أضعاف سرعة الصوت، لتتفوق على سرعات الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، مما يزيد صعوبة رصدها أثناء تحليقها ويجعها أحد أهم أنظمة الدفاع الجوي الصينية المتقدمة في التصدي لأي انتهاكات أميركية لحدودها الإقليمية المجاورة والمباشرة في المستقبل.
ويستهدف "جيش التحرير الشعبي الصيني"، بحسب الباحثة، إزالة كل القواعد العسكرية وحاملات الطائرات الأميركية في منطقة "الإندو–باسيفيك" بين المحيطين الهندي والهادئ، وعلى ضفتي مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي والشرقي، مع تأكيد القوة الرادعة للترسانة النووية الصينية وقدرتها نووياً على صد هجمات الولايات المتحدة الأميركية كافة في البر الرئيس للصين.
يأتي ذلك في ضوء اعتقاد العسكريين والاستراتيجيين الأميركيين أن ضرب قواعد البر الصيني نووياً عند اندلاع أي صراع أمراً مهم، ظناً منهم بأن تفوق القوة النووية الأميركية سيردع الصين عن الاستجابة أو الرد بالمثل.
لكن تشير التوقعات العسكرية للجانبين الأميركي والصيني إلى أن استخدام الأسلحة النووية من قبل أي طرف أو الطرفين الصيني والأميركي معاً، قد يتسبب في اندلاع حرب واسعة النطاق بدلاً من أن تحول دون وقوعها.
نظام نووي عالمي ثلاثي القطبية
ظل العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في وضعية التوازن والردع النووي الثنائي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق، لكن سعي الصين إلى الصعود إلى مكانة القوة النووية العظمى سيمثل انقلاباً في التوازن النووي العالمي ثنائي القطبية الذي استمر نحو 73 عاماً، بخاصة في ظل رفض الصين الانخراط في محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية.
ويرى محلل السياسات الدفاعية الأميركي، أندرو كريبينفيتش، أن استراتيجية الصين لبناء جيش عالمي بحلول العام 2049 مع التوسع في ترسانتها النووية ستدفع باتجاه نظام نووي ثلاثي القطبية من خلال اختراق حاجز التفوق النووي للقطبين الحاليين الولايات المتحدة وروسيا، مما سيؤدي إلى تصدع استراتيجية الردع النووي التي ظلت قائمة منذ الحرب الباردة.
وقال المحلل الأميركي إن التوجه الصيني الراهن بالتحول من وضعية الدولة النووية الثانوية إلى المنافس النووي العالمي الثالث إلى جانب واشنطن وموسكو، يعد نقطة تحول غير مسبوقة في ميزان القوة النووية العالمية، مشيراً في تحليله المنشور بمجلة "فورين أفيرز" الأميركية إلى أنه منذ يونيو (حزيران) العام الماضي، أظهرت صور الأقمار الاصطناعية بناء 120 صومعة للصواريخ الباليستية على حافة صحراء جوبي و110 صوامع صواريخ أخرى قيد الإنشاء في هامي بمقاطعة شينجيانغ، وهو ما سيجعل لدى الصين القدرة على مضاعفة ترسانتها لنحو يقرب من أربعة أضعاف بمقدار 1000 سلاح نووي خلال العام 2030، وسيجعل الصين أعلى بكثير من أي قوة نووية أخرى، باستثناء روسيا والولايات المتحدة.
والأسبوع الماضي، قال رئيس وكالة استخبارات الدفاع الأميركية وليام بيرنز، إن القدرات النووية الروسية والصينية تمثل مشكلة للقيادة الاستراتيجية في الولايات المتحدة.
وتذهب الباحثة المتخصصة في الشؤون الصينية ومدرس العلوم السياسية بجامعة القاهرة، منى هاني، إلى أن العالم يشهد واحدة من أكبر التحولات في القوة العالمية والجيو-استراتيجية.
وقالت هاني إن العالم يتجه بخطى ثابتة نحو التعددية القطبية، وبخاصة تجاه "عالم نووي ثلاثي الأقطاب"، إذ تعمل بكين على توسيع قوتها النووية بشكل أسرع بكثير مما توقعه المسؤولون الأميركيون قبل عام واحد فقط، ليسلط الضوء على تراكم واسع ومتسارع للقدرات العسكرية المصممة لتمكين الصين من مواكبة أو تجاوز القوة العالمية للولايات المتحدة بحلول منتصف القرن.
وترى الولايات المتحدة بناء على تقارير عدة صادرة عن الـ "بنتاغون"، أن عدد الرؤوس الحربية النووية الصينية يمكن أن يرتفع إلى 700 في غضون ست سنوات، وقد يصل إلى 1000 بحلول العام 2030، وتشير أميركا أيضاً إلى نية جيش التحرير الشعبي تحديها في جميع مجالات الحرب الجوية والأرضية والبحرية والفضائية والفضاء الإلكتروني.
وبناء على هذا تشعر الولايات المتحدة بالقلق من طموحات الصين العسكرية، ولذلك فإن وعود الـ "بنتاغون" المتكررة تركز بشكل أكبر على مواجهة الصين وخطرها المتنامي، إذ يسير التحديث العسكري الصيني على جبهة واسعة، لكن تقدمها النووي ملحوظ بشكل خاص.
وقالت هاني إن تقارير صادرة عن الـ "بنتاغون" أشارت إلى أن الصينيين ربما يكونون قد أنشأوا بالفعل ما يعرف بـ "الثالوث النووي"، وهو مزيج من الصواريخ الأرضية والبحرية والجوية التي تمتلكها الولايات المتحدة وروسيا منذ عقود، وتضيف الصين إلى قواتها النووية الموجودة في البر والبحر صاروخاً باليستياً يطلق من الجو.
وأكدت التقارير أيضاً أن الصين بدأت في بناء ما لا يقل عن ثلاثة حقول صواريخ جديدة "تحتوي بشكل تراكمي على مئات الصوامع تحت الأرض يمكن إطلاق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات منها".
شبح الحرب وسباق التسلح
يرى مراقبون أن تحديث الترسانة النووية الصينية سيؤثر في التفوق العسكري الأميركي بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ وفعالية المظلة النووية الأميركية، مما يهدد بإشعال شرارة سباق تسلح نووي إقليمي، بخاصة من جانب حلفاء واشنطن، مثل الهند واليابان وتايوان وكوريا الجنوبية، وسيزيد خطر وقوع حرب تقليدية على تايوان أو تصاعده إلى صراع نووي.
وقال وزير الدفاع الأسترالي بيتر داتون، الجمعة، إن إبحار سفينة استخبارات صينية قبالة الساحل الغربي للبلاد "عمل عدواني" من بكين، وأضاف خلال مؤتمر صحافي أنها "كانت على مقربة شديدة من منشآت عسكرية واستخباراتية على الساحل الغربي لأستراليا".
ويأتي ذلك بعد أسبوع من تعقب أستراليا سفينة التجسس أثناء إبحارها عبر محطة هارولد إي هولت للاتصالات البحرية في إكسماوث التي تستخدمها الغواصات الأسترالية والأميركية وغواصات الحلفاء.
ويعتقد الباحث المتخصص في الشؤون الصينية ومدير مركز الحوار للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة عماد الأزرق، أن احتمالات الصدام بين الصين والولايات المتحدة قائمة نتيجة التدخلات الأميركية المتكررة في الشأن الصيني، سواء في الداخل الصيني المباشر من خلال تأجيج الاحتجاجات في هونغ كونغ أو تشجيع الانفصاليين المسلمين في إقليم شينجيانغ أو تايوان، أو في محيطها الإقليمي سواء بإثارة المشكلات في بحر الصين الجنوبي أو الشرقي أو الدخول في تحالفات مثل تحالف "أوكوس" الذي يضم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا، ومجموعة "كواد" للحوار الأمني الرباعي التي تضم الولايات المتحدة وأستراليا والهند واليابان، وغيرها من التحركات الأميركية التي تستهدف في المقام الأول خنق الصين ومحاصرتها وعرقلة تقدمها وتقويض علاقاتها الدولية التي تتسع يوما بعد يوم، وبما يطيل أمد قيادة الولايات المتحدة للنظام الدولي باعتبارها القوى العظمى الوحيدة في العالم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الصدام أمر وارد بقوة
وتابع الأزرق أنه "على الرغم من محاولات الصين لأن يكون التحول في النظام الدولي وتغيير قيادته سلمياً وسياسياً، إلا أن احتمالات وقوع أي صراع أو صدام أميركي – صيني أو شرقي – غربي أمر وارد بقوة، على الرغم من الترابط والتداخل الاقتصادي الكبير بين الجانبين، وهو ما يدفع القيادة الصينية بلا شك للتأكيد دائماً على أهمية الابتكار والتكنولوجيا العسكرية باعتبارها مسألة حياة أو موت، وهو ما يفسر التقارب الكبير بين بكين وموسكو خلال السنوات الأخيرة، ورفع مستوى العلاقات بينهما إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة وتوقيع وثيقة التعاون الاستراتيجي بين البلدين في فبراير الماضي، وهو ما يسبب قلقاً بالغاً لدى الغرب عموماً والولايات المتحدة بخاصة".
وعلى الرغم من ذلك دأبت الصين عبر عدد من مسؤوليها، ومن بينهم المدير العام لإدارة ضبط التسلح بوزارة الخارجية الصينية فو تسونغ، على تأكيد ضرورة أن تتمكن الدول الخمس النووية (الصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة) من التخلي عن سياسات الردع النووي القائم على أساس الاستخدام الأول للأسلحة النووية، وأن تلتزم بعدم البدء المتبادل باستخدام الأسلحة النووية، وأن "الحرب النووية لا يمكن الفوز بها ويجب ألا تقوم أبداً"، وأن تلك الأسلحة يجب أن تخدم في الأغراض الدفاعية وردع العدوان ومنع الحرب.
وفي يناير (كانون الأول) الماضي، أصدرت القوى الخمس النووية صاحبة العضوية الدائمة في مجلس الأمن بياناً مشتركاً نادراً تتعهد فيه بالعمل على منع انتشار الأسلحة النووية في العالم، والحيلولة دون اندلاع صراع تستخدم فيه هذه الأسلحة.