Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مقتل 450 شخصاً في فيضانات جنوب أفريقيا والسبب التغير المناخي

خلال أبريل وفي 48 ساعة، غُمرت مناطق من مقاطعة كوازولو ناتال، من بينها مدينة ديربان، بأكثر من نصف المعدل السنوي لهطول الأمطار

 أنقاض منزل قُتل فيه طفلان في فيضانات في لينديلاني ديربان جنوب أفريقيا الشهر الماضي (رويترز)

تبيّن أن تغير المناخ قد فاقم بمقدار الضعف تقريباً احتمال حدوث الفيضانات المدمرة والمميتة التي شهدتها جنوب أفريقيا الشهر الماضي، وفق تحليل عاجل قام به فريق دولي من العلماء.

ولقي ما لا يقل عن 450 شخصاً مصرعهم عندما اجتاحت العاصفة شبه الاستوائية "عيسى" مناطق عدة، من بيها مدينة ديربان في مقاطعة كوازولو ناتال، خلال عطلة عيد الفصح الماضي. ووصلت كمية الأمطار في بعض أنحاء المنطقة إلى ارتفاع 14 بوصة [أكثر من 35 سنتمتراً] خلال 48 ساعة، أي حوالى نصف المعدل السنوي للمتساقطات.

وتسببت الأمطار الغزيرة في حدوث فيضانات مفاجئة وانهيارات طينية، مما أسفر عن موت عشرات الأشخاص الذين يعيشون في مدن من أكواخ الصفيح على سفوح التلال، وتعرض 6000 منزل تقريباً للتدمير، ومعهم بنى أساس بالغة الأهمية مثل الطرق السريعة وسدود الطاقة الكهرومائية.

أما حاويات الشحن في "ميناء ديربان"، الأكبر في القارة، فانجرفت وتحولت إلى أكوام من الفوضى مقلوبة رأساً على عقب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وجد البحث الذي نشرته يوم الجمعة مبادرة "وورلد ويذر أتريبيوشن" [إسناد المناخ العالمي]World Weather Attribution (WWA) ، أن هطول الأمطار صار أكثر احتمالاً وأكثر حدة بسبب أزمة المناخ، ويشار إلى أن مبادرة "وورلد ويذر أتريبيوشن" هي تعاون بين خبراء في حقل ناشئ في علوم المناخ يسمى "إسناد الحوادث المناخية الشديدة"Extreme Event Attribution ، يدرس كيفية تأثير وعلاقة التغير المناخي بنشوء العواصف والحرائق وموجات الحرّ والبرد والجفاف.

لمعرفة الأسباب الكامنة وراء فيضانات جنوب أفريقيا حلل العلماء الحد الأقصى من هطول الأمطار على مدى يومين في المنطقة الأكثر تضرراً، مستخدمين بيانات مناخية ومحاكاة حاسوبية لعقد مقارنة بين مناخ اليوم (الذي ارتفعت درجة حرارته بين 1.1 و1.2 درجة مئوية خلال الـ 150 سنة الماضية) من جهة، والمناخ الذي شهدته الأرض في الماضي من جهة أخرى.

 

 

أظهرت النتائج التي خلصت إليها "وورلد ويذر أتريبيوشن" أنه هذه الحادثة من الأمطار الشديدة الغزارة باتت متوقعة الآن مرة واحدة كل 20 عاماً، وفي المقابل لو لم تكن الأرض تواجه احتراراً عالمياً ناجماً عن انبعاثات غازات الدفيئة التي يطلقها الوقود الأحفوري المستخدم في أنشطة البشر، لكان هذا الحدث سيطرأ مرة كل 40 عاماً.

وقال دكتور إيزيدين بينتو، وهو أحد الباحثين في فريق تحليل النظام المناخي في "مركز المناخ التابع للصليب الأحمر والهلال الأحمر" والمدعوم من "جامعة كيب تاون"، إنه في حال عدم خفض مستويات انبعاثات غازات الدفيئة وعدم الإبقاء على الزيادة في درجات الحرارة العالمية في حدود أدنى من 1.5 درجة مئوية [قياساً بمستويات ما قبل العصر الصناعي]، فإن هذه الحوادث المناخية البالغة الشدة "ستغدو أشد تدميراً".

وأضاف دكتور بينتو أنه يجدر بنا أن نحد بشكل كبير من انبعاثات غازات الدفيئة، والتكيف مع الواقع الجديد الذي يشهد فيضانات وموجات حر أكثر شدة وأشد ضرراً".

في الواقع، شكلت الفيضانات التي ضربت جنوب أفريقيا مثالاً مأساوياً آخر على أن نصيب أكثر الفئات حرماناً وضعفاً من الضرر الذي تخلفه الكوارث الناجمة عن المناخ يفوق كثيراً ما تلقاه غيرها من الفئات في المجتمع، وأشارت "وورلد ويذر أتريبيوشن" إلى أن أكثر من 40 ألف شخص تضرروا من الفيضانات والانهيارات الأرضية، وبينما أصدرت "دائرة الأرصاد الجوية في جنوب أفريقيا" والسلطات المحلية إنذارات باكرة، يبدو أن وصول الأخيرة إلى الناس كان محدوداً، وأن بعض الأشخاص الذين تلقوها ربما لم يعرفوا كيف يستجيبون أو عجزوا عن ذلك.

 

 

وتقول الدكتورة فريدريك أوتو من "معهد غرانثام" في "إمبريال كوليدج" في لندن، إن "معظم من لقوا حتفهم في الفيضانات عاشوا في تجمعات سكانية عشوائية، لذا فإننا نرى مرة أخرى كيف أن تغير المناخ يؤثر في فئات السكان الأكثر هشاشة بصورة غير متساوية مع الفئات الأخرى".

ولكن الدكتورة أوتو سلطت الضوء أيضاً على الأضرار الجسيمة للفيضانات في ميناء ديربان الذي يعتبر جزءاً أساساً في سلسلة التوريد العالمية، باعتباره "تذكيراً بأن تأثيرات المناخ لا تعرف حدوداً، وعليه فإن الأحداث الجارية في منطقة محددة يمكن أن تترك عواقب وخيمة في مكان آخر".

وفق العلماء، تؤثر أزمة المناخ في شدة هطول الأمطار ومعدل تكراره، فكلما ارتفعت درجة حرارة المحيطات ازدادت كمية المياه التي تتحول إلى بخار في الهواء، ومع ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي يمكنه أن يحتفظ بكمية أكبر من الرطوبة، مما يفاقم احتمال هطول أمطار غزيرة.

وكانت مبادرة "وورلد ويذر أتريبيوشن" أجرت تحليلاً للحوادث المناخية المتطرفة السابقة في مختلف أنحاء العالم، ففي العام الماضي وجدت المجموعة أنه لولا تغير المناخ لكانت موجة الحر المميتة التي عصفت بمنطقة شمال غربي المحيط الهادئ في الولايات المتحدة "مستحيلة تقريباً"، شأنها شأن الفيضانات التي اجتاحت أوروبا.

وفي أبريل اكتشفت "وورلد ويذر أتريبيوشن" أن تغير المناخ فاقم هطول الأمطار المرتبط بالأعاصير المدارية التي دمرت المجتمعات في مدغشقر وموزمبيق وملاوي.

© The Independent

المزيد من بيئة