Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بين الجن والجنس... تونسي "متحايل" عاشر مئات النساء

ادعى الجاني واسمه "بلقاسم" أنه روحاني يستطيع شفاء المرأة من أي مرض مهما كان نوعه

برنامج تلفزيوني عرض تحقيقاً أجراه مع إحدى ضحايا الجاني (الصفحة الرسمية لمقدم البرنامج حمزة البلومي)

كشف برنامج تحقيقات في إحدى القنوات الخاصة عن قضية صدمت الرأي العام التونسي، تمثلت بوجود متحايل قال إنه عاشر أكثر من 900 امرأة بدعوى "علاجهم من الجن والسحر وتأخر الإنجاب".

وادعى الجاني واسمه "بلقاسم" أنه روحاني يستطيع علاج أي مرض مهما كان نوعه، مثل الجن والسحر وتأخر الإنجاب من طريق ما يسميه "المني الطاهر". وقال إنه عالج 900 فتاة بحسب شهادته، بحسب تحقيق تلفزيوني ظهر فيه وهو يحاول إقناع فتاة تعمل لإنجاز التحقيق.

"العلاج لديه"

ويطلب الجاني من ضحاياه أن تقمن بتوفير المكان وأن يجلبن ملابس النوم والفواكه الجافة، وأن تكون لديهن الرغبة ليستطيع تطبيق العلاج، ثم يقوم بتصويرهن وابتزازهن، وقد كشفت إحدى الفتيات التي وقعت في فخه خلال شهادتها في التحقيق عن تجربتها المريرة معه.

وشكك بعضهم في عدد الضحايا اللاتي سقطن في شراكه، بخاصة وأن الجاني هو من كشف عن العدد الذي فيه مبالغة وذلك بهدف إقناع الضحية. ويشار إلى أنه من الصعب إثبات الرقم الصحيح لأن الضحية من هذا النوع عادة لا تستطيع فضح نفسها.

معالجة روحانية

وجاء في بلاغ للإدارة العامة للأمن الوطني أنه توافرت معلومات مفادها أن هناك شخصاً تعمد استغلال عدد من الفتيات جنسياً بعد إقناعهن بأنهن مريضات، وأن العلاج يستوجب "حصص جماع"، كما تفيد المعلومات ذاتها بأنه من بين الضحايا توجد شقيقتان تقدمتا إلى معد أحد البرامج الخاصة قصد تسجيل حلقة حول الموضوع.

وبحسب الأمن التونسي فقد تم للغرض تنشيط شبكة مخبرين والتعريف بالضحايا اللاتي أبدين رغبة في تتبع الإجراء العدلي، وعليه تمكنوا من معرفة الجاني الذي تبين أنه قاطن بجهة أريانة ومن مواليد سنة 1969.

وبالتنسيق مع النيابة العمومية وبعد استصدار إذن في الغرض، تم تفتيش مكان إقامته حيث ألقي القبض عليه، وحجزت ثلاثة هواتف جوالة وجهاز كاميرا تابعت للمعني، تحوي صوراً ومقاطع فيديو له تظهر أفعاله المخلة مع الضحايا، بحسب بلاغ الأمن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبعد التعمق في البحث والاستجواب اعترف المتهم بما نسب إليه، مؤكداً تعمده إيهام ضحاياه باتباع طريقة المعالجة الروحانية لإشباع رغباته الجنسية.

وأذنت النيابة العمومية في أريانة بإبقائه محتجزاً رهن التحقيق في مسعى إلى معرفة هوية باقي الضحايا.

شلل ذهني

ولتفسير هذه الحادثة من جانب علم النفس الاجتماعي، أفاد المتخصص في علم الجريمة الباحث سامي نصر بأنه "يوجد اختصاص في علم النفس اسمه سوسيولوجيا التحايل، وفي هذا الاختصاص لا بد من التركيز على ثلاث خصوصيات، وهي خصوصية الجاني ثم خصوصية الصحة ثم المناخ العام".

ويوضح في تصريحه أن "الجاني عادة كما في هذه القضية، يتمتع بدرجة عالية من الذكاء ومتمكن من الاتصال، أي أنه قادر على التأثير في ضحيته".

ويضيف الباحث، "عملية التحايل هي عبارة عن عملية شلل ذهني مؤقت يستغلها المتحايل ضد فريسته".

ويواصل سامي نصر أنه "من المعروف أن المتحايل يعتمد على علم الفراسة"، موضحاً أن "أي شخص قادر على درس أي شخصية تقف أمامه لمعرفة نقاط الضعف والقوة ليتمكن منها".

أما بالنسبة إلى الضحية بحسب نصر، فهي "عادة تكون ساذجة ومن صفاتها الطمع وتغليب العاطفة على العقل وسرعة التأثر".

وبخصوص المناخ العام يبين الباحث في علم النفس أن هذه القضية "تظهر مدى انتشار ثقافة الوهم في تونس"، مضيفاً أنه "عادة تكون الحاجة من أهم الأسباب وراء ذلك، مثل الحاجة للبنين والمال والعمل والزواج وغيرها، إضافة إلى ضغط المجتمع".

ويتابع نصر، "في تونس لدينا معطى إيجابي وآخر سلبي في تحليل شخصية التونسي في علاقته بعمليات التحايل"، مفسراً أن "المعطى السلبي يتمثل في انتشار ثقافة الوهم على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال برامج الربح المادي السريع"، أما النقطة الإيجابية فإن التونسي محصن ضد التحايل لأنه بطبعه لا يثق بسهولة في الآخر".

وأظهرت دراسة للباحث في علم الاجتماع محمود الذوادي حول شخصية التونسي التي وصفها بـ "المستنفرة"، أن المواطن التونسي لا يظهر ارتياحاً فورياً للغير، والتحايل هو نتيجة إعطاء الثقة لمن لا يستحق.

لكن بحسب سامي نصر، فإن "ثقافة الوهم انتصرت على شخصية التونسي المستنفرة في هذه القضية بالذات".

ثقافة الوهم

ومن خلال دراسة قام بها الباحث سامي بن نصر بعنوان "سوسيولوجيا الإشهار"، استنتج انتشار ظاهرة العرافين في أكبر الجرائد التونسية، وباتت أسماء العرافات تنتشر إلكترونياً وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى تطبيقات على غرار "اعرف شكلك بعد عشر سنوات"، و"اعرف جنس مولودك وشكله"، وغيرها من التطبيقات التي تزيد من غرس ثقافة الوهم لدى مستخدمي هذه الوسائل، بحسب بن نصر.

ومن الناحية السوسيولوجية يفيد بأنه في فترة التحولات العميقة التي تحصل في المجتمع، لا سيما كلما تعقدت ظروف الحياة وازدادت صعوبة وتنامت مشاعر عدم الاستقرار، ازداد انتشار الخرافات، وبمعنى آخر فإن الخرافات تنتشر أكثر من ازدياد حالات القلق والاضطراب والشعور بالضعف والعجز عن مواجهة مشكلات الحياة وأخطارها، وفي هذا الإطار تصبح الشعوذة والخرافة عبارة عن متنفس وملجأ لفئة كبيرة من المجتمع لتقوم بتهدئة المخاوف الناجمة عن الاضطرابات التي تسود زمن التحولات الراهن.

المزيد من متابعات