لا تختلف سيدرا عن أي فتاة أخرى في الثالثة عشرة من عمرها، لديها شغف بالعلم. هي تحب المدرسة، وتحلم بأن تصبح محامية... "فور وصولي إلى المنزل، أنهي واجباتي المدرسية لكي آتي إلى المدرسة متمكنة تماماً من الدروس التي تعلمتها. أفرح جداً بالذهاب إلى المدرسة لأنني أرى أساتذتي وأصدقائي".
لكن مدرسة سيدرا في خطر. فالطفلة تعيش في خيمة داخل مخيم للنازحين في إدلب، الواقعة في شمال شرقي سوريا، وليست مدرستها فعلياً سوى خيمة أكبر من تلك التي تسكن فيها. هي من حماه، لكنها غادرت مسقط رأسها بسبب "القصف والقذائف – لقد دمرت كل منازلنا ومدرستنا".
ونحن في "أكشن فور هيومانتي" (Action For Humanity)، المنظمة الخيرية الأم التي تتبع لها هيئة الإغاثة السورية (Syria Relief) المسؤولون عن إدارة مدرسة سيدرا، ولكن بسبب تخفيض المبلغ الذي يقدمه المانحون على غرار الحكومة البريطانية، أصبحت مدرستها واحدة من مئات المدارس التي تواجه خطر الزوال.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في هذا الوقت من العام الماضي، كنا نُدير 306 مدارس تقدم خدمات تعليمية لأكثر من مئة ألف طفل. وإن لم نتمكن من تأمين التمويل الكافي للاستمرار بتشغيل مئات المدارس التي تواجه عدم استقرار مالي شديد، لن نتمكن من تشغيل سوى 24 مدرسة لـ3600 طفل. وفي أغسطس (آب) القريب، قد يصل عدد مدارسنا إلى صفر بسبب تراجع التمويل الذي يخصصه عدد من المانحين لسوريا.
وفي حين لم تعد سوريا ملفاً ساخناً يتداوله الإعلام، على الرغم من استمرار الحرب فيها، يسحب المانحون تمويلهم وتغلق المدارس أبوابها. وتكون نتيجة ذلك أن يقع الأطفال ضحية حياة داخل منطقة الحرب، ولكن خارج التعليم بدوام كامل.
فور توليها منصب وزيرة الخارجية البريطانية، كتبت ليز تراس، التي تتقلد كذلك منصب وزيرة النساء والمساواة، قائلةً: "إن النساء والفتيات في صلب العالم الأكثر حرية وعدالة الذي أرغب أن أراه يتحقق. وهن يحتجن للحرية لكي يعشن الحياة التي يستحقنها، ومع ذلك كثيرات منهن يتعرضن للتجريد من إنسانيتهن ويعاملن كما لو كن مواطنات من الدرجة الثانية ويحرمن من الفرص المقدمة للرجال ويتعرضن لأعمال العنف أو يقتلن".
"أنا أحارب من موقعي كوزيرة للشؤون الخارجية ووزيرة المرأة والمساواة لتغيير هذا الواقع عبر السعي لتحقيق أولوياتي: تمكين عدد أكبر من النساء والفتيات عن طريق الفرصة التي يمنحها التعليم الجيد والعمل، ووضع حد للعنف الذي يُعانينه".
ومع ذلك، من أصل 40160 طفلاً قد يخرجون من المدرسة، 20605 منهم فتيات. حتى فيما تفتح المدارس أبوابها، تفيد 22 في المئة من المجتمعات التي استطلع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية آراءها، بأن عمالة الأطفال أمر يحدث فيها بشكل متكرر فيما تفيد 18 في المئة من بينها بأن زواج الأطفال شائع جداً. أخرجت 28 في المئة من العائلات أبناءها من المدرسة لكي يدخلوا سوق العمل أو يعقدوا زواجاً مبكراً أو يهاجروا بسبب نقص الطعام.
ويجد تقرير أطلقته منظمة الإغاثة السورية/ أكشن فور هيومانيتي، أنه إن كان تخفيض المملكة المتحدة ميزانيتها من 0.7 في المئة من إجمالي الناتج المحلي إلى 0.5 في المئة منه يعني تخفيض عدد الفتيات في المدارس - فهو يعني أيضاً ارتفاع عدد حالات زواج القاصرات والحمل المبكر وعمالة الأطفال والاتجار بالأطفال واستغلالهن. كما سنشاهد التحاق عدد أكبر من الصبية بالقوى العسكرية أو الجماعات المسلحة.
معظم الفتيات اللاتي نتحدث معهن داخل مدارسنا يرغبن بأن يصبحن طبيبات ومحاميات ومهندسات ومعلمات. قليلات من يحلمن بالتحول إلى عروس طفلة وأم، ولكن ميزانية الإغاثة البريطانية تهدد بالحكم على كثيرات منهن بعيش هذا المستقبل.
قد تبدو المدارس مثل تلك التي ترتادها سيدرا مجرد مجموعة من الأقمشة المشمعة والأعمدة، ولكن بالنسبة للعائلات الموجودة هنا، هذا أفضل الآمال المتاحة لها بمستقبل أفضل. يقول أبو خالد الذي يرتاد أولاده الثلاثة المدرسة، إن أطفاله حرموا من التعليم لمدة خمس سنوات بسبب النزوح... "لقد نسوا كل شيء تعلموه قبلاً، ولكن بفضل هذه المدرسة، هم قادرون على التعلم من جديد. نحتاج أن تبقى المدرسة مفتوحة".
لا يقتصر الأمر على سوريا. ففي أي مكان في الدول النامية أو ذات الوضع الهش يخفض فيه المانحون، مثل حكومة المملكة المتحدة، التمويل سيضطر العائلات إلى اللجوء لآليات تأقلم سيئة، وسوف يذهب كل التقدم المحرز في مجال تحقيق المساواة للفتيات أدراج الريح.
جسيكا آدمز هي رئيسة قسم التواصل في منظمة "أكشن فور هيومانتي".
© The Independent