السينما في متناول الجميع، عبارة تلخص مشروع "سينما الشعب"، الذي أطلقته وزارة الثقافة المصرية، الذي ينطلق تزامناً مع عيد الفطر 2022. المبادرة تأخرت طويلاً، فمنذ سنوات يطالب المثقفون والنجوم بضرورة أن تتاح الأعمال السينمائية لجماهير مختلف المحافظات المصرية بأسعار ملائمة، وأن تكون جاذبة لتتمكن الأجيال الأصغر سناً، ومن يسكنون بعيداً عن قلب الصخب الفني من متابعة مايجري، وأن تتاح لهم بعض الفرص التثقيفية والترفيهية.
325 قاعة عرض سينمائي، فيما عدد السينمات نفسها أقل بكثير، في بلد يزيد قوامه على 100 مليون مواطن، فلا يوجد أدنى تناسب بين الرقمين. وبحسب تقرير رسمي للجهاز المركزي للتعبئة العام والإحصاء، فإن محافظات في جنوب مصر لا يوجد فيها دار سينما واحدة، بالتالي فإن مشروع "سينما الشعب" يظهر الآن كضرورة، حتى لو جاء متأخراً كل هذا الوقت.
تراجع عدد دور العرض
من ضمن المحافظات التي لا تمتلك أي دار عرض سينمائي بني سويف، فالبلدة التي تقع على طريق صعيد مصر، محرومة من وجود سينما منذ سنوات طويلة. لكن، بحسب ما أكدت بعض المصادر فإن بني سويف على رأس المحافظات التي سوف تشهد عروض سينما الشعب ضمن خطة وزارة الثقافة هذا العام. وعلى الرغم من أن المرحلة الأولى لا تشملها، لكن قريباً على ما يبدو سوف تنضم إلى الخطة.
واللافت في هذا المشروع يأتي بعد تراجع كبير في عدد دور العرض السينمائي في مصر وصل إلى 75 في المئة، بحسب تقرير صدر قبل سنوات عدة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أيضاً، حيث إن هناك 8 محافظات بلا دور سينما من الأساس.
وفي ظل هذا التراجع كان من الطبيعي أن تلجأ المبادرة إلى قصور وبيوت الثقافة في جميع المحافظات، فهذا هو الحل الملائم الذي سيمكن القائمين عليها من الوصول لأكبر قدر من المناطق في أقل فترة زمنية ممكنة، والانطلاقة مع فيلم أحمد حلمي لموسم عيد الفطر "واحد تاني" وهو العمل الذي يقوم ببطولته إلى جانب روبي ونسرين أمين، الفيلم مصنف رقابياً لمن هم فوق 12 سنة.
وبحسب البيان الرسمي لوزارة الثقافة المصرية برئاسة إيناس عبد الدايم، فالفيلم يعرض ضمن مبادرة سينما الشعب في خمس دور عرض، موزعة على أربع محافظات هي "سينما قصر ثقافة قنا، وسينما السادات، وشبين الكوم بالمنوفية، وقصر ثقافة الأنفوشي في الإسكندرية، ومكتبة البحر الأعظم في الجيزة كمرحلة أولى".
أفلام روائية حديثة ووثائقية
أما المرحلة الثانية فتشمل 4 محافظات أخرى، وهي سينما قصر ثقافة سيوة في محافظة مطروح، وقصرا ثقافة دسوق وكفر الشيخ في محافظة كفر الشيخ، وأيضاً سينما هيبس في الوادي الجديد، وكذلك سينما قصر ثقافة شرم الشيخ في جنوب سيناء.
ومن المقرر كذلك أن تصل المبادرة إلى بورسعيد وأسيوط وغيرهما، وستنضم بعض المؤسسات التابعة لوزارة الثقافة هناك للمشروع قريباً، إضافة إلى أحدث الأفلام الروائية الطويلة الجديدة، هناك أيضاً فرصة لعرض إنتاجات وزارة الثقافة من أفلام روائية قصير وتسجيلية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب ما جاء في البيان الرسمي للإعلان عن المشروع، فسيتعرف الجمهور على بعض الأعمال التي هي من "إنتاج وزارة الثقافة ممثلة في أكاديمية الفنون والمركز القومي للسينما والإدارة العامة للثقافة السينمائية، تعرض قبل بداية الفيلم السينمائي الرئيس، الذي تقدمه شركات التوزيع الكبرى، ما يسهم في إلقاء الضوء على الأعمال المتميزة التي تنتجها وزارة الثقافة، ويسهم في نشر الوعي المجتمعي، وكذلك الأعمال المستقلة المتميزة".
وبين تلك الأعمال الفيلم الوثائقي "التجلي"، الذي يبدأ عرضه قبيل فيلم "واحد تاني"، وهو فيلم مدته 4 دقائق قدمه أوائل الأقسام من خريجي الدراسات السينمائية الحرة بقصر السينما، ومن تأليف السيناريست علاء فرغلي، ويعلق عليه صوتياً الإعلامي مفيد فوزي، ويتحدث العمل عن قصص المقدسات في منطقة سانت كاترين.
ما مصير المناطق النائية؟
كانت وزارة الثقافة قد أشرفت قبل أسابيع على فعاليات وحفلات فنية في محافظة سوهاج في صعيد مصر وسط ترحيب كبير، وهذه المرة جاء موعد السينما، حيث من المقرر أن تكون تذاكر العروض بأسعار بسيطة مقارنة مع أسعار التذاكر المعتادة، فهي بالكاد تتجاوز الدولارين.
الأمر يحمل أبعاداً أخرى أيضاً حرصت وزارة الثقافة على التأكيد عليها، وهي محاولة تحقيق مبدأ العدالة الثقافية، وهو محور مهم تحاول المؤسسة العمل عليه منذ فترة، والتحدي أمام المشروع الآن هو تيسير وصوله إلى مناطق نائية بقدر الإمكان، وليس الاكتفاء بالمدن الرئيسة في المحافظات، في ظل حرمان كثير منها من أي مراكز ثقافية.
وهي نقطة تبدو مهمة للغاية، بخاصة أنه من ضمن هدف المشروع "نشر التنوير والثقافة السينمائية ومجابهة الفكر المتطرف من خلال مواد إبداعية جادة وهادفة"، بحسب تصريحات وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم، بالتالي فإن تحقيق هذا الهدف مرهون بالطبع بالوصول إلى أكبر شريحة من جمهور المحافظات.